السودان الان السودان عاجل

جريدة لندنية : مصر تدخل على خط التوتّرات في السودان

مصدر الخبر / المشهد السوداني

القاهرة تدعّم الجهود الرامية للتوصل إلى دمج جيوش الحركات والميليشيات المسلحة في السودان داخل جيش موحّد لديه عقيدة عسكرية وطنية.

العرب اللندنية – تثير التوترات الجارية بين أقطاب السلطة الانتقالية في السودان قلق القاهرة، في ظل مخاوف من استغلال بعض الجهات هذه الأوضاع لزيادة تعقيدات المشهد السوداني وهو الأمر الذي ستكون له انعكاسات على مصر.

وعقد رئيس أركان الجيش المصري الفريق محمد فريد حجازي الخميس في الخرطوم مباحثات مع الفريق أول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، ورئيس أركان الجيش السوداني الفريق أول محمد عثمان الحسين، ناقشت كيفية مجابهة البلدين لمحاولات زعزعة استقرار الأمن القومي السوداني وتأثيرات ذلك على نظيره المصري.

وكان رئيس أركان الجيش المصري وصل إلى السودان الأربعاء قادما من الكونغو الديمقراطية.

وأصبح السودان مقبلا على توترات سياسية وأمنية في ظل احتشاد جيوش خمس حركات مسلحة في الخرطوم، إلى جانب ملامح خلاف ظهرت داخل المكوّن العسكري، ما يتطلب تنسيقا بين البلدين للتعامل مع أي احتمالات والحفاظ على التعاون الحاصل بينهما في مواجهة التحديات المشتركة، وفي القلب منها أزمة سدّ النهضة.

وجاءت زيارة رئيس الأركان المصري للخرطوم، والتي لم يُعلن عن هدفها من الطرفين بعد أيام قليلة من زيارة قام بها إلى القاهرة وزير الدفاع السوداني الفريق ياسين إبراهيم، وهو في طريقه للمشاركة في مؤتمر الأمن الدولي التاسع في روسيا.

كما التقى رئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل في الخرطوم رئيس مجلس السيادة السبت الماضي، في زيارة سرية أكدت حجم القلق من التطورات التي يمرّ بها السودان وحجم انعكاسها على العلاقة مع مصر.

وتخشى دوائر مصرية أن يكون الخلاف بين أطراف السلطة في السودان سببا في حدوث اختراق على مستوى التعاون المشترك بين البلدين، لذلك تعمل القاهرة على التنسيق مع المؤسسة العسكرية في السودان لضمان تشكيل موقف صلب لتأمين الحدود وسلامة الملاحة في البحر الأحمر ومجابهة الإرهاب المتصاعد في القرن الأفريقي.

وتلعب قوى عديدة على توظيف بوادر خلاف بين الجيش ورئيس قوات الدعم السريع، نائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حيث وجهت تركيا دعوة رسمية إلى الأخير لزيارتها متجاهلة البرهان، وهو ما كان مصدر توتر بعد أن انتهت الزيارة بالتوافق على عودة الاستثمارات التركية المجمّدة منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر حسن البشير، من دون التنسيق مع رئيس مجلس السيادة.

وذكر موقع “أكسيوس” الإخباري الأميركي أن طائرة تتبع لجهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) حطت في الخرطوم الأسبوع الماضي، والتقى مسؤولون إسرائيليون بحميدتي، في إشارة توحي بأن الرجل يريد تأمين مصالحه مع الغرب عن طريق إسرائيل.

وحسب الموقع، عبر مسؤولون سودانون عن انزعاجهم من زيارة وفد الموساد، والتي يمكن اعتبارها محاولة لتقويض نفوذ البرهان والحكومة المدنية لصالح حميدتي.

وتدعم القاهرة الجهود الرامية للتوصل إلى دمج جيوش الحركات والميليشيات المسلحة في السودان داخل جيش موحّد لديه عقيدة عسكرية وطنية، وليست لديها ممانعات في تقديم الخبرات العسكرية المطلوبة للوصول إلى هذه الخطوة على أن تكون التحركات في إطار التنسيق والتشاور المؤسسي بين البلدين منعا لإثارة حساسيات تاريخية.

وقال عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير رخا أحمد حسن إن المشاورات مستمرة بين البلدين في ظل المرحلة الصعبة التي يمرّ بها السودان في الوقت الحالي، فهناك حالة من التشظي على مستوى الأقاليم والسلطة المركزية.

وأكد في تصريح لـ”العرب” أن كلّ ما يهم القاهرة استقرار السودان ووحدة أراضيه، ويتحقق ذلك من خلال ضمان هدوء الأوضاع الأمنية والتنسيق مع القوات المسلحة باعتبارها أكثر قدرة على تقييم الأوضاع والتعامل مع الأخطار المحدقة.

ويستهدف تطويق الخلافات التعامل مع مرحلة جديدة من المفاوضات مع إثيوبيا بعد أن جرى التوافق على تنحية الحلول العسكرية بطلب من قوى إقليمية ودولية فاعلة لمنح أديس أبابا فرصة بعد إجراء الانتخابات وانتفاء الحجة التي كانت تسوقها في السابق كمبرر لعدم نجاح المفاوضات، ما يفرض على القاهرة تقديم دعم عام للخرطوم.

وبدأ وزراء الري في مصر والسودان وإثيوبيا اجتماعا جديدا الخميس يمتد حتى الجمعة، تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، في محاولة لحلحلة الجمود في أزمة سد النهضة بعد حوالي ثلاثة أشهر من توقف المفاوضات.

وذهب رئيس اللجنة التنفيذية للمبادرة السودانية لتعزيز العلاقات مع مصر السفير علي يوسف إلى أن الزيارات المتبادلة بين مصر والسودان لا تنفصل عن التحركات العسكرية ذات المستوى العالي بين البلدين والتي اختتمت بمناورات “حماة النيل” الشهر الماضي، وعبرت عن ارتفاع مستوى الاستعداد القتالي.

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن التعاون العسكري مصحوب بتنسيق سياسي تام، يقوم به مسؤولون من البلدين، ظهرت تجلياته في المطالبة بتدخل مجلس الأمن لوقف الحلول الفردية التي قد تدفع المنطقة إلى الفوضى وتهدّد الأمن والسلم.

وإذا استمر التباين بين الفرقاء في السودان سوف تكون له تأثيرات سلبية على فاعلية التوظيف السياسي للتعاون العسكري بين البلدين في مواجهة أديس أبابا وممارسة ضغوط عليها لحضّها على الانخراط بجدية في مباحثات تضمن الوصول إلى اتفاق ملزم لملء وتشغيل سد النهضة، بجانب انعكاسه على مواجهة قوات إثيوبيا وميليشياتها على الحدود السودانية في منطقة الفشقة.

ويدرك المكون العسكري في السودان خطورة الخلافات الداخلية، ولذلك ظهر البرهان وحميدتي في لقاء تنويري مع ضباط بالقوات المسلحة والدعم السريع الأربعاء من داخل مقر القيادة العامة للقوات المسلحة كدليل على التوافق والتماسك.

وأكد البرهان أن القوات المسلحة والدعم السريع يقفان بالمرصاد للعدوّ (لم يحدده) الذي يسعى إلى تفكيك السودان، وأنهما يد واحدة قوية لحماية الفترة الانتقالية لإحداث التحول الديمقراطي المنشود وتحقيق الوحدة الوطنية التي تشمل كل السودانيين.

ويظل سيناريو الخلاف داخل المؤسسة العسكرية وفروعها من أكثر القضايا التي تزعج القاهرة حيال التطورات المتسارعة في السودان، حيث تنعكس تداعياتها على الملفات المشتركة وتعيد ما تحقق من تطورات إيجابية لمرحلة سابقة حفلت بالتباعد.

المصدر من هنا

عن مصدر الخبر

المشهد السوداني