لـواء شـرطة (حقـوقي) دكتـور عـز الدين عبد المحمـود سلمــان.
لابد من تعديل قانون الإجراءات الجنائية الحالي الذي شرعته الحكومة السابقة وإعادة سلطات الشرطة التي مارستها في كل قوانين الإجراءات الجنائية.
للشرطة وظيفتان: الأولى مكافحة الجريمة والثانية اكتشاف ما يقع منها وتتطور الجريمة ولابد للشرطة من مواكبة هذا التطور والاستعداد للجرائم المستحدثة عابرة الوطنية ويتم ذلك بالتدريب الذي يجب أن يشمل كل أجهزة العدالة كل في اختصاصه وتواصل الخبرات والأجيال وللشرطة إرث وخبرة تراكمية في مكافحة الجريمة واكتشاف ما يقع منها استمرت أكثر من مائة عام ولكن هنالك عوامل كثيرة كانت عقبة في وجه الشرطة لتأدية واجبها بالصورة المثلى والجودة المطلوبة وسوف أتطرق لهذه العوامل تباعاً وأولها مسائل التشريع قانون الإجراءات الجنائية الذي سلب سلطاتها التي مارستها أكثر من مائة عام منذ قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1925م والقوانين التي تلت ذلك حتى قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1983م وسلبتها الإنقاذ تماماً في قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م وقانون الإجراءات الجنائية يختص بتحديد الطرق والوسائل التي يجب إتباعها ومراعاتها في سبيل القبض على مرتكبي الجرائم وإحضارهم للعدالة ومحاكمتهم وتحديد العقوبات وتنفيذها وكذلك منع ارتكاب الجريمة وهو قانون يتعلق بالشكل وكيفية تطبيق القوانين العقابية ووضعها موضع التنفيذ.
ظل التحري في الجرائم الجنائية منذ قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1889م تباشره الشرطة واستمر هذا الحال حتى قانون 1925م حيث بعد ذلك تم إسناد مهمة التحري للنائب العام بموجب المادة 122 (و) والتي أدخلت أول مرة بموجب القانون رقم 33 لسنة 1972م وبالرغم من ذلك ظلت الشرطة تمارس التحري بموجب المادة 12 من قانون الشرطة لسنة 1979م نيابة عن النائب العام وليس وزير العدل ثم صدر قانون الإجراءات الجنائية وظلت الشرطة أيضاً تمارس التحري بموجب المادة 13 (ب) من قانون الشرطة لسنة 1406ه وقد نجحت الشرطة في أعمال التحري بصورة باهرة. لإرثها التراكمي ولوجود المساعدات الفنية (الأدلة الجنائية) التابعة للشرطة وللإمكانيات التدريبية والبشرية والتأهيلية فقد أثبت رجال الشرطة من الضباط وصف الضباط كفاءة عالية في التحري في البلاغات الكبيرة الهامة وتولي الشرطة للتحري ليس معمولاً به في السودان وحده بل هو نظام متبع في انجلترا والهند التي نقلت منها قوانين الإجراءات الجنائية.
وجاءت القوانين اللاحقة كقانون النائب العام لسنة 1981م الملغي وقانون النائب العام لسنة 1983م وقانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م خص النائب العام بسلطة التحري وظلت الشرطة تتحرى تحت إشراف النيابة ولكن هنالك فرق بين منصب وزير العدل المنصب السياسي الذي يتأثر بالمؤثرات السياسية وقد تحمل قبل النيابة قضاة السودان عبء الإشراف على التحري وذلك يمثل الرقابة القضائية على سيادة مبدأ المشروعية الإجرائية وهذا الإرث القضائي بدأ منذ تطبيق القانون في السودان، مع ملاحظة أن نقل الإشراف القضائي من السلطة القضائية إلى النيابة يجسد ويعزز مبدأ الفصل بين السلطات محافظة على استقلال القضاء مع ملاحظة أن القضاة في ظل قانون الإجراءات الجنائية الساري لسنة 1991م يمارسون الإشراف الفعلي على سير التحريات وهو إشراف حصري لا يشاركهم فيه أحد مثل تلقي الإقرارات وتجديد الحبس داخل الحراسة وإصدار أوامر التفتيش العام وهذا يعتبر الإشراف الفعلي على مبدأ المشروعية الإجرائية في الرقابة على التحري وصيانة حقوق المتهمين من أن تنتهك المبادئ الدستورية والمبادئ العالمية لحقوق الإنسان التي نصت على حرية المواطنين وحقوقهم عند اتهامهم جنائياً وقد منح دستور السودان لسنة 2005م للسلطة القضائية اختصاصاً دستورياً موازياً لاختصاص المحكمة الدستورية لأن الدستور تحدث عن صيانة المحكمة الدستورية لوثيقة الحقوق والحريات وكذلك المحاكم الأخرى المختصة ويعني محاكم السلطة القضائية والواو هنا واو المعية إذ جعل الدستور اختصاص أصيل موازي لاختصاص أصيل موازٍ لاختصاص المحكمة الدستورية في صيانة وثيقة الحقوق والحريات وبعد أن أصبحت النيابة سلطة مستقلة ولها الإشراف على التحري ويتطلب ذلك إمكانات مادية وبشرية لتنتشر في كل بقاع السودان ولا بد للمستشار القانوني أو وكيل النيابة أن يتدرب تدريباً أساسياً عند مدخل الخدمة يبدأ من مكتب البلاغات بالشرطة ومعرفة كل الدفاتر العاملة بمكتب البلاغات ومن ثم الانتقال لمكتب التحريات ومن ثم للقضائية لمعرفة تقديم قضيته ولابد من استمرار التدريب أثناء الخدمة ولابد من التواضع للتعليم وتلقي التدريب اللازم حتى من أصغر جندي بالشرطة ولا بد من تعاونه مع الشرطة والقضائية لمصلحة العمل الجنائي والعدلي ولا يمكن أن يعين وكيل نيابة أو مستشار قانوني أو قاضٍ في مدخل الخدمة من الجامعة دون أن يتلقى تدريباً أساسياً وتدريباً أثناء الخدمة وعدم التدريب أضر بالعمل الجنائي وأهدر العدالة وضيع حقوق الناس وأرهق السلطة القضائية في إتمام نقص التحري بالتحقيق القضائي ولربما تسبب في شطب البلاغ لطمس البينة وبذلك تضيع الحقوق.
ولبيان سلطات الشرطة المسلوبة بشأن الضمانة والكفالة والتعهد لابد للتعرض لقانون الإجراءات الجنائية لسنة 1974م مروراً بقانون 1983م وأخيراً قانون 1991م.
أولاً: قانــــون الإجراءات الجنائيــة لسـنة 1974م:
قانون 1974م تم نقله حرفياً من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1925م واستمدت أحكامه من القانون الهندي الذي اشتق من القانون الانجليزي فالمواد (287 – 293) تقسم الجرائم تبعاً لما كان يجوز فيها الإفراج بكفالة أو لا يجوز وأحكام قبول الكفالة أما المواد (294 إلى 300) وهي خاصة بأحكام التعهدات وهنالك جرائم يجب الإفراج فيها بكفالة بحسب الأصل والاستثناء عدم الإفراج وهي المنصوص عليها في المادة (287) ومنها ما لا يجوز فيه الإفراج بكفالة عادة والاستثناء جواز الإفراج وهي المنصوص عليها في المادة (288) ومنها ما يجب الإفراج فيها بكفالة دائماً وهي تلك المعاقب عليها بالغرامة وحدها، ونجد أن أساس هذا التقسيم العقوبة المقررة للجريمة في القانون فإن كانت تجاوز عشر سنوات سجناً فالجريمة من الجرائم التي لا يجوز فيها الإفراج بضمانة وإن كانت لا تجاوز عشر سنوات سجناً فالجريمة من الجرائم التي يجب الإفراج فيها بحسب الأصل وكما هو معلوم لا يجوز الإفراج بكفالة عن متهم في جريمة عقوبتها الإعدام، ويجب الإفراج دائماً بكفالة في حالة الجرائم المعاقب عليها بالغرامة وحدها وهي سلطة القاضي أو ضابط نقطة الشرطة في الإفراج عند تقديم تعهد بدون كفلاء طبقاً للمادة (287/1) والمادة (294) في شأن التعهدات. وتبعاً لذلك على ضابط نقطة الشرطة أو القاضي أو المحكمة قبل النظر في طلب الإفراج المؤقت المقدم من المتهم المقبوض عليه التحقيق من العقوبة المقررة للجريمة في القانون فإذا كانت السجن مدة لا تتجاوز عشر سنوات سواء مع الغرامة أو بدونها فيجب الإفراج عن المتهم بكفالة متى كان مستعداً لتقديمها على الوجه الذي يراه الضابط أو المحكمة أو القاضي كافياً ومقنعاً ما لم يتوفر أحد السببين:
1/ أن يرى ضابط نقطة الشرطة أو القاضي أو المحكمة إن إجراءات التحري اللازمة أو التحقيق أو المحاكمة سوف تضار من جراء الإفراج.
2/ أن يرى المذكورون أعلاه أن هنالك خطراً جدياً من هروب المتهم كما لو كان ليس له محل إقامة معروفة أو سبق أن اختفى أو أخفى نفسه أو حاول الهروب من الحجز.
ونلاحظ هنا أن سلطة ضابط نقطة الشرطة سلطة ندية مع المحكمة والقاضي في الإفراج بكفالة أو تعهد مع ملاحظة أن ضابط نقطة الشرطة يمكن أن يكون صف ضابط حسب تعريف ضابط نقطة الشرطة مع ملاحظة عدم وجود سلطة للنيابة لأن الإشراف على التحري كان للقضاة. والتعهد كان في ظل قانون 1974م ومبلغ التعهد في حالة الإخلال كان يحدده الضابط المسئول عن نقطة الشرطة أو القاضي أما في ظل قانون 1991م يحدده وكيل النيابة أو القاضي وسلبت سلطات الضابط المسئول عن نقطة الشرطة أو القاضي وسلبت سلطة الضابط المسئول عن نقطة الشرطة. وكذلك في حالة الكفالة كان يحدد مبلغها في حالة الإخلال في ظل قانون 1974م الضابط المسئول عن نقطة الشرطة أو القاضي أو المحكمة بنص المواد (287، 278/1) على حسب الأحوال وسلبت هذه السلطة أيضاً في ظل قانون 1991م.
وكان في ظل قانون 1974م والقوانين السابقة له لقاضي المديرية سلطة تخفيض الكفالة التي سبق طلبها أو قدرها ضابط نقطة الشرطة أو القاضي بناءً على طلب صاحب الشأن المادة (291) وإذا رفض ضابط نقطة الشرطة أو القاضي أو رفضت المحكمة الإفراج بكفالة فيجوز لقاضي المديرية أن يأمر بقبول الكفالة ويعني ذلك أن لقاضي المديرية سلطة استئنافية من صاحب الشأن في الكفالة التي طلبها ضابط نقطة الشرطة أو القاضي أو المحكمة ولهم الحق في رفض التخفيض الذي أصدره قاضي المديرية وفي هذه الحالة يجوز لقاضي المديرية أن يأمر بقبول الكفالة وسلطة الضابط المسئول عن نقطة الشرطة سلطة ندية للقاضي وللمحكمة مع ملاحظة عدم وجود سلطة لوكيل النيابة في ذلك القانون.
ثانيــــاً: قانــــون الإجراءات الجنائيـــة لســنة 1983م:
لا توجد أية أعمال تحضيرية أو مذكرة تفسيرية لقانون الإجراءات الجنائية لسنة 1983م ولكن هنالك كم هائل من السوابق القضائية التي أرساها قضاة السودان في ظل القوانين السابقة يمكن أن تكون بمثابة أعمال تحضيرية ومذكرات تفسيرية يعتمد عليها في تفسير القانون شريطة عدم تعارضها مع المبادئ العامة للشريعة الإسلامية التي استند عليها قانون 1983م. وقانون الإجراءات الجنائية لسنة 1983م. مع ملاحظة أن سلطات الشرطة في ظل القوانين السابقة وقانون 1983م وقانون 1991م الذي عدلته الإنقاذ لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية بل تجلب المصلحة العامة وحتى قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1983م فقد نص في المادة (271) (إذا قبض على أي شخص في أي جريمة أو حبس بأمر من وكيل النيابة أو أي ضابط مسئول من نقطة الشرطة وحضر أو أحضر أمام محكمة وأبدى استعداده في أي وقت أثناء وجوده في حراسة وكيل النيابة أو الضابط المسئول أو أمام المحكمة أو القاضي المذكورين لتقديم الكفالة التي يراها وكيل النيابة أو الضابط أو القاضي أو المحكمة لأسباب يجب تدوينها أن الإفراج عنه يضر بالتحريات عن الجريمة أو أن هنالك احتمالاً كبيراً بهروب المتهم.
ونلاحظ حتى في قانون 1983م الذي استند للشريعة الإسلامية كمصدر من مصادر التشريع أن سلطة الكفالة والتعهد هي سلطة ندية للضابط المسئول عن نقطة الشرطة مع المحكمة والقاضي شأنها شأن قانون 1974م والجديد إدخال وكيل النيابة كسلطة مستحدثة في هذه السلطات بموجب المادة (271) من قانون الإجراءات الجنائية 1983م كذلك فقد نصت المادة (279) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1983م على أحكام التعهد والتي تنص (إذا طلبت أي محكمة أو أي قاضي أو وكيل نيابة أو الضابط المسئول عن نقطة الشرطة من أي شخص تقديم تعهد بضامنين. أو بغير ضامنين فيجوز للمحكمة أو القاضي أو وكيل النيابة أو الضابط المسئول عن نقطة الشرطة فيما عدا حالة التعهدات المطلوب تنفيذها طبقاً للفصل السابع أن يسمح لذلك الشخص بإبداع مبلغ من النقود كتأمين تراه المحكمة أو يراه القاضي أو وكيل النيابة أو الضابط مناسباً وذلك بدلاً من تقديم التعهد.
وهذه المادة منحت الضابط المسئول عن نقطة الشرطة سلطات ندية للمحكمة والقاضي لأخذ التعهدات وتحديد مبالغ الإيداع كتأمين مع إدخال سلطة وكيل النيابة كسلطة جديدة تدخل لأول مرة ندية للمحكمة وللضابط والقاضي.
والسؤال المشروع لماذا ألغيت سلطة الضابط المسئول التي نص عليها في قانون 1974م وقانون 1983م والذي استمرت أحكامه من الشريعة الإسلامية فقانون 1991م الذي تشير كل مواده للنيابة وسلبت منه الضابط في الكفالة والضمانة والتعهدات وهي لا تمس أحكام الشريعة الإسلامية حتى يكون هنالك مبرر للإلغاء وللإجابة على هذا السؤال قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م شرعته حكومة الإنقاذ وسلبت لأول مرة سلطات الشرطة ليتسق ذلك مع سياسة التمكين والتي قصد منها إضعاف الشرطة سلطة الضبط بأرثها في التحري من اكتشاف فساد النظام السابق بأضعافها تشريعياً وخمد دورها الرقابي والضبطي ويجب تعديل قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م وإعادة سلطات الشرطة التي تطبق سيادة حكم القانون وهذا القانون مرتبط بسياسة التمكين وكان لا بد للسيد وزير العدل البدء به لإرجاع سلطات الشرطة التي مارستها أكثر من مائة عام وبإعادة هذه السلطات ينصلح الحال في كل أجهزة العدالة بالبلاد إذا أن التحري الدقيق وبالمعرفة والخبرة والسلطات هو أساس العدالة والحكم العادل بين الخصوم وضياع التحري هو ضياع العدالة والبيانات التي يحكم بموجبها القاضي.
ثالثــــاً: قانـــون الإجراءات الجنائيــة لســنة 1991م:
وفي ظل قانون الإجراءات الجنائية 1991م والذي شرعته الحكومة البائدة حماية للتمكين وفساد منسوبيها فقد سلبت الشرطة سلطاتها التي مارستها أكثر من مائة عام في الكفالة والضمانة والتعهدات قاصدة بذلك إضعاف سلطة الضبط الشرطة بإرثها الضخم في التحري والعمل الجنائي وسلطاتها التي مارستها في كل القوانين الإجرائية حتى قانون 1983م وقد جاءت المادة (108) إجراءات جنائية لسنة 1991م مسخ وغش لسلطات الضابط المسئول والتي تنص في الفقرة (2) (يجوز لرئيس قسم الشرطة الإفراج عن المتهم في الجرائم المدرجة بالجدول الثالث الملحق بهذا القانون في حالة غياب وكيل النيابة والقاضي وعند الأربع وعشرين ساعة للقبض على أن يعرض محضر التحري على وكيل النيابة أو القاضي بحسب الحال ويجوز لوكيل النيابة أو القاضي الأمر بإعادة القبض على المتهم إذا رأى مقتضى لذلك).
الفقرة (3) من نفس المادة (لا يجوز لرئيس قسم الشرطة أن يفرج عن أي متهم قبض أو أعيد القبض عليه بأمر صادر من وكيل النيابة أو القاضي أو أمر أي منهما بتجديد حبسه).
وكذلك جاءت المادة (26) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م مسخ مشوه من قبل مشرع حكومة الإنقاذ وضحك على عقول قيادات الشرطة التي منحت الضابط المسئول والضابط الأعلى سلطات الإشراف على التحري وقيدتها تقييداً مانعاً لممارسة الشرطة سلطاتها الإشرافية على التحري. وتنص المادة (26) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م على الآتي: (يجوز الضابط الشرطة الجنائية الأعلى في أية دائرة محلية أن يباشر ذات السلطات التي يباشرها الضابط المسئول عن نقطة الشرطة في تلك الدائرة).
الفقرة (2) من نفس المادة تنص (يباشر الضابط المسئول سلطات الإشراف على التحري في حالة غياب وكيل النيابة والقاضي وله بذلك مباشرة سلطتها المتعلقة بفتح الدعوى الجنائية وشطبها وتوجيه التهمة وسلطات الضبط، ويقصد بغياب وكيل النيابة أو القاضي أنه لم يتم تعيين وكيل نيابة أو قاضٍ أصلاً أو غابا غياباً فعلياً مؤقتاً بسبب الإجازة أو المرض أو أي سبب آخر ولم يتم تعيين بديل لأي منهم وهذه المادة فيها غش وضحك على العقول.
وسلب سلطات الشرطة بموجب قانون الإجراءات الجنائية التي شرعته بقصد إضعاف قوات الشرطة سلطة الضبط لحماية فسادهم وتمكينهم مما أثر على العمل الجنائي الاحترافي والتراكمي للشرطة وجعلها حارسة فقط بلا سلطات وأثر ذلك على انتشار الجريمة وعدم تطبيق العدالة بالصورة المثلى والسادة قضاة السلطة القضائية يعرفون ذلك وقيادات الشرطة الحالية والسابقة يعرفون ذلك.
وأذكر أنني قبل إجازة القانون وكان مشروع قانون ذهبت أنا في معية السيد المدير العام السيد الفريق عبد المنعم سليمان والعميد وقتها يحيى أبو بكر وكان مدير الشرطة الأمنية وقابلنا مولانا عبد الرحمن الأمين وكان المدعي العام وناقشناه في مشروع قانون الإجراءات الجنائية المعيب لسنة 1991م الذي سلب سلطات الشرطة التي مارستها أكثر من مائة عام ولم نصل لنتيجة لأن مشروع القانون كان بمباركة النظام البائد وذكرت للسيد النائب العام لماذا تشرفون على الشرطة كنيابة في التحري تعالوا استلموا الأقسام والحراسات وباشروا التحري بأنفسكم لا بوكالة الشرطة واستلموا الحراسات ورحلوا المنتظرين وأشرفوا على غذائهم واتركوا الشرطة لكي تتفرغ لمكافحة الجريمة واكتشاف ما يقع منها ونؤجر لكم كشرطة خدمات الأدلة الجنائية والمساعدات الفنية بثمنها وكذلك تتفرغ الشرطة للتغطيات الأمنية واستلموا الشغل الجنائي كله . كان ذلك أمام السيد الفريق أول عبد المنعم سيد سليمان والعميد وقتها يحيى أبو بكر وضحك المدعي العام لكلامي الذي قلته بإحباط شديد وغيره مهنية لما حدث من ناس الإنقاذ لتكسير الشرطة وتحدثت معه عن مواد الغش والخداع التي شرعت والتي ذكرتها ومنها المادة (26) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م وتعليقي على هذه المادة هي غش واستخفاف بالعقول من قبل المشرع (حكومة الإنقاذ) والسلطة لرئيس القسم دائماً ما يكون برتبة العقيد شرطة وفي كل قوانين الإجراءات السابقة هي سلطة أصيلة يمارسها حتى صف ضابط الشرطة لأن تعريف عبارة الضابط المسئول يدخل فيها صف الضابط بجانب الضابط وفي ظل القوانين السابقة حتى قانون 1983 وهي سلطة ندية للقاضي والمحكمة وأدخل وكيل النيابة حديثاً بموجب المادة 19 في قانون 1983 ليشاركنا السلطة نحن والقاضي التي مارسناها منذ قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1825م بالله ده ما ظلم وأود للمصلحة العامة من مشرع حكومة الإنقاذ ويحتاج الأمر لتفكيك هذا التمكين في القوانين لتحقيق المصلحة العامة يا السيد وزير العدل الحالي مولانا نصر الدين. ويجب الرجوع لقانون الإجراءات الجنائية لسنة 1974م.
وحالة غياب وكيل النيابة أو القاضي في المادة (26) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م يقصد بها أنه لم يتم تعيين وكيل نيابة أو قاضٍ أصلاً أو غابا غياباً فعلياً مؤقتاً بسبب الإجازة أو المرض أو أي سبب آخر ولم يتم تعيين بديل لأي منهما والسلطة سلطة لرئيس القسم وهي سلطة تدريبية فيها غش وخداع وضحك على الدقون خاضعة لمراقبة وكيل النيابة وله حق قبض الشخص وإعادته للحراسة وتذكرني بتقرير الطبيب بأورنيك (8) جنائي (حالته حسنة ما لم تحدث مضاعفات).
والشرطة لها إرث في التحري وتصديق الكفالة والضمانة والتعهد امتد لأكثر من مائة عام بنص قوانين الإجراءات الجنائية المتعاقبة صادرت سلطاتها حكومة الإنقاذ الوطني بتشريعها قانون 1991م عن قصد لتنفيذ سياسات الفساد والتمكين وضرب سلطة الضبط الشرطة في مقتل وتدني العمل الجنائي وتدني التحري الذي أصبح مقتصراً على صف الضباط فقط ونادراً ما يتحرى ضابط. والسيد الفريق أول عبد الله حسن سالم مدير الشرطة الأسبق لديه كتاب عن التحري وفنونه كتبه في رتبة الملاحظ (نقيب) وما زال هذا الكتاب مرجعاً أساسياً وما في أي زول كتب في التحريات الجنائية وعلى السيد مولانا نصر الدين وزير العدل الحالي وقيادة الشرطة الحالية واجب ومسئولية تاريخية وأخلاقية بعد قيام الثورة للمطالبة بتعديل قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م لإعادة سلطات الشرطة لبسط هيبة الدولة ولتحقيق المصلحة العامة وسيادة حكم القانون والعدالة وسلطاتها التي مارستها أكثر من مائة سنة أصبحت جزءاً من سيادة الدولة على إقليمها فلا يعقل أن تتحرى الشرطة فقط بالوكالة عن النيابة وفيها علماء يحملون أرفع الدرجات العلمية في القانون وأن تسلب سلطاتها وإذا لم تعد هذه السلطات فلتمارس النيابة سلطاتها في التحري بالأصالة وترك الشرطة للتفرغ لمهامها الأخرى وليشرف القضاء على النيابة في التحري لمراقبة مبدأ المشروعية الإجرائية لسنة 1991م فسلطات النيابة بموجب المادة (19) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م سلطات واسعة وهي الإشراف على سير الدعوى الجنائية وتوجيه التحري وتوجيه التهمة ومباشرة الإدعاء أمام المحاكم والكفالة والضمانة والتعهد.
وكذلك للنائب العام سلطات وكان في ظل وزير العدل والنائب العام يمكن استئنافها للمحكمة العليا وفي حالة رفض وزير العدل والنائب العام الاستئناف المتدرج له والآن بعد انفصال النائب العام قراره نهائي ولا يمكن استئنافه للمحكمة العليا.
وأخيراً لا يفهم أحد أنني أدعو لتعصب مهني بقدر ما أنشد المصلحة العامة ولا شك أن مولانا تاج السر الحبر يعرفها تماماً أثناء عمله كمحامٍ من قبل أن يكون نائباً عاماً وهي أن تسود العدالة الناجزة وأن تجود التحريات خدمة للعدالة والإنصاف لإعانة القاضي وأن تتمكن الشرطة ذراع الدولة القوي المتين في بسط هيبة الدولة بالقانون والسلطات التي تعينها على أداء واجبها لسيادة حكم القانون فسلطة الشرطة يا حكومة الإنقاذ في تصديق الضمانة والكفالة والتعهد والتي كانت سارية حتى قانون 83 والمستند للشريعة الإسلامية كمصدر من مصادر القانون لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية فصاحب الميلاد رسول وصاحب الهجرة رسول والشرطة وضابطها وأفرادها لم يهجروا تعاليم صاحب الهجرة صلى الله عليه وسلم فلماذا سلب سلطاتها بموجب قانون الإجراءات الجنائية الذي شرعتوه في عهدكم حماية لتمكينكم.
المصدر من هنا