الخرطوم – عبد الرحمن العاجب
شهدت الساحة الجنوبية للسجن الاتحادي بالخرطوم بحري الشهير بسجن (كوبر)، بعد ظهر أمس (الخميس)، عملية تنفيذ قرار رئيس الجمهورية القاضي بالإفراج عن (259) محكوماً ومتهماً من منسوبي الحركات المسلحة موزعين على عدد من سجون البلاد الكبيرة، أشهرها سجن الهدى وبورتسودان، وبلغ عدد الذين تم إطلاق سراحهم من سجن كوبر (38)، منهم (26) محكوماً من حركة العدل والمساواة، بجانب (12) آخرين كانوا منتظرين، وتمت عملية الإفراج وسط فرحة عارمة عمت أسر المحكومين والمتهمين الذين احتشدوا أمام بوابة السجن الجنوبية.
وفي السياق، قال الفريق شرطة أبوعبيدة محمد سليمان مدير الإدارة العامة للإصلاح والسجون، في تصريحات صحفية بمباني السجن الاتحادي أمس، إن العملية تأتي تنفيذاً لقرار العفو الرئاسي الصادر من رئيس الجمهورية، مشيراً إلى أن المفرج عنهم تحلوا طوال فترتهم بالانضباط والتعاون التام مع إدارة السجن التي بادلتهم بالمعاملة الحسنة والرعاية التامة، بجانب اتاحتها لهم فرصاً كافية لممارسة حقوقهم وامتيازاتهم، منوهاً بأن المدان الشهير والقيادي بحركة العدل والمساواة عبد العزيز عشر حصل على درجة الدكتوراه من داخل سجن كوبر.
وتشير متابعات (اليوم التالي) إلى أن غالبية الأسرى الذين شملهم قرار رئيس الجمهورية من منسوبي حركة العدل والمساوة، الذين بلغ عددهم (229) أسيراً، تم أسر (44) منهم في أحداث أم درمان الشهيرة في مايو من عام 2008م، وكان أبرز هؤلاء الأسرى عبد العزيز النور عشر، الأخ غير شقيق للراحل خليل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة، وكان عشر يشغل، لحظة أسره، مسؤول الأمن والاستخبارات بالحركة، كما تم أسر (4) أسرى في معركة كلبس، وأبرز هؤلاء الأسرى إبراهيم الماظ دينج القيادي الجنوبي بالحركة، بجانب (181) أسيراً من مقاتلي حركة العدل والمساواة في معركة قوز دنقو في عام 2015م؛ فيما يتبع بقية الأسرى الـ(30) لحركتي تحرير السودان، بقيادة مني أركو مناوي، وعبد الواحد محمد نور والذين تم أسر (18) منهم في معركة دونكي البعاشيم و(12) آخرين في معركة فنقا.
ورحبت حركة العدل والمساواة بإسقاط حكم الإعدام والعفو الرئاسي عن بعض الأسرى، وطالبت بضرورة شمولية القرار وإطلاق السراح. وقال جبريل آدم بلال، أمين الإعلام والناطق الرسمي باسم الحركة، لـ(اليوم التالي)، إن القرار سيظل يكتنفه الغموض في حال عدم نصه صراحة على إطلاق سراح الأسرى، بجانب أنه لم يكن شاملاً لجميع الأسرى ولم يخاطب المعتقلين والسجناء السياسيين، وطالب بلال بضرورة أن يكون قرار إسقاط حكم الإعدام عن جميع الأسرى المحكوم عليهم بالإعدام، وأن يشمل قرار العفو العام جميع الأسرى، بمن في ذلك من شملهم قرار إسقاط أحكام الإعدام ومن لم يشملهم، وأن يعقب إسقاط أحكام الإعدام والعفو العام إطلاق السراح. وشدد بلال على ضرورة أن يشمل العفو الرئاسي جميع السجناء السياسيين وجميع المعتقلين والمحكومين دون استثناء.
فيما اعتبر الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل)، العفو الذي أصدره رئيس الجمهورية عن المحكومين والمتهمين على ذمة الصراع في دارفور، خطوة تمهد الطريق لإحلال السلام ووقف الحرب. وقال بيان للأمانة السياسية للحزب، تحصلت عليه (اليوم التالي)، إن الخطوة تمهد الطريق للسلام الذي ظل ينشده الحزب منذ زمن طويل، وقال البيان إن الخطوة تمكن الحزب من مواصلة مجهوداته مع الحركات المسلحة في سبيل تحقيق السلام والتحول الديمقراطي وإيقاف الحرب، وأكد البيان على أنه لا بد من الجلوس معاً بأي شكل من الأشكال للتوافق العام لمصلحة السودان، ورأى أن خطوة عفو الحكومة عن منسوبي الحركات المسلحة وقبلها إطلاق الحركة الشعبية – شمال، للأسرى، من شأنها أن تجعل الطريق سالكاً لجولة المفاوضات القادمة بين الحكومة والحركات وتجاوز كل النقاط العالقة، بما فيها الملف الإنساني، وثمن بيان الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل قرار الرئيس، وتابع: “فعلاً لقد ردت الحكومة التحية بأحسن منها”.
وفي ذات المنحى، رحب حزب الأمة القومي بقرار العفو عن منسوبي حركات دارفور، وقال إنه سيكون له أثر إيجابي في عملية السلام ووقف الحرب، إذا ما وجد طريقه للتنفيذ.
وأفاد بيان صادر من الحزب تحصلت (اليوم التالي) على نسخة منه، بأن القرار سيظل ناقصاً إلا إذا استكمل بإطلاق سراح فوري لكل المحكومين والأسرى والمعتقلين السياسيين، ووصف البيان الخطوة بأنها يمكن أن تعيد الثقة المفقودة في النظام الذي سبق أن أصدر قراراً بالعفو العام ولم يتم تنفيذه، وأشاد حزب الأمة القومي، بحسب بيانه، بالخطوات المهمة والروح الإيجابية المتعلقة بإطلاق الحركة الشعبية لعدد من أسرى الحكومة قبل أيام قلائل، وقرار رئيس الجمهورية بإسقاط عقوبة الإعدام والعفو العام على عدد (259) من أسرى الحركات المسلحة.
بالنسبة لحزب الأمة القومي، فإن قرار العفو عن منسوبي الحركات المسلحة من شأنه أن يعزز مسارات السلام العادل الشامل، ويفتح الطريق إلى التحول الديمقراطي الكامل، إذا توفرت الإرادة السياسية والتخلي عن المكاسب الثنائية الضيقة لصالح معادلة كسبية قومية تعيد الأمل وتحقق الخلاص الوطني.
وفي ذات الاتجاه، رحب حزب المؤتمر السوداني بقرار الإفراج عن الأسرى المعتقلين لدى النظام، وقال في بيان حمل توقيع محمد حسن عربي، المتحدث الرسمي باسم الحزب، تحصلت عليه (اليوم التالي)، إن الخطوة هي واحدة من شروط تهيئة المناخ. وبحسب بيان حزب المؤتمر السوداني فإن القرار الصادر من النظام يستحق الترحيب، مبيناً أنه يتطلع إلى الإفراج عن كافة الأسرى والمعتقلين وإلغاء كافة العقوبات الصادرة لأسباب سياسية، وعلى رأسها قضايا القساوسة ومنظمات المجتمع المدني.
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي