السودان الان

(9 طويلة).. مخاطر تتمدد!! مدير شرطة أم درمان: المحاكمات الفورية تسهم في ردع المتفلتين

مصدر الخبر / صحيفة اليوم التالي

الخرطوم- ابتسام خالد
حالة من السخط تسود المجتمع السوداني جراء تزايد ظاهرة السطو في الشارع العام بخطف حقائب السيدات والهواتف النقالة من المارة بواسطة أفراد يقودون دراجات نارية او من أطلق عليهم تسمية “تسعة طويلة” والتي انتشرت بصورة ملفتة للنظر ، وتضاعف معدلاتها في السنوات الأخيرة ينذر بأخطار داهمة اضطراداً مع استمرار العطالة بسبب عوامل التردي الاقتصادي بجانب انسداد منافذ المداخيل ذلك ترافقاً مع ارتفاع كافة تكاليف الحياة في ظل الأزمات والظروف الاقتصادية والمتغيرات المحيطة التي شهدتها البلاد.
تتسم مجموعات تسعة طويلة بالجرأة وخفة اليد وهي عمليات وليدة لحظتها حسب الموقف المتشكل وبهذا هي عملية تستند الى التفكير اللحظي ولا تحتاج الى تخطيط مسبق كونها تمتاز بالسهولة وسرعة التنفيذ وفي الغالب تتبع أسلوباً أكثر منه تخطيطاً مسبقاً ، وتشخص حالة مرتكبها من ناحية نفسية بأنها شخصية سايكوباتية ويقصد بها اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع. ومرتكبوها يتميزون بالذكاء العالي وحبهم لايذاء الآخرين إشباعاً لميولهم السايكوباتية ولكن صاحب هذه الشخصية قد يحس بالندم على تسببه في إيذاء الآخرين ، ويتم علاجهم عن طريق إخضاعهم لجلسات تأهيل نفسي حسب حالتهم ومن خلالها يتم تعديل الأفكار والسلوك وفي بعض الأحيان يحتاجون لعلاج دوائي لضبط السلوك ولا توجد فترة زمنية محددة للعلاج وانما يتوقف ذلك على حسب استجابة الحالة للعلاج ومدى حدة الاعتلال (الاضطراب).
في إطار محاربة العصابات المتفلتة، كثفت الشرطة من دورياتها ما ساعد على خفض نسبة بلاغات النهب والخطف.
١
تضاعفت هموم المواطنين أمام هذا الواقع، وبدأت الظاهرة تترك آثارها الواضحة على حيواتهم اليومية وأمنهم الاجتماعي، وارتفعت وتيرة الشعور بالقلق وبات الأمر يشكل هاجساًوتحدياً أمنياًوللحد من الظاهرة كشف تقرير لشرطة ولاية الخرطوم، أن الولاية تعاني من نقص حاد في القوة العاملة والمتحركات وعدد الأقسام مقارنة بمساحة الولاية وعدد سكانها و ذلك بغية تغطية كل انحاء ولاية الخرطوم.
وجاء في تقرير أعدته شرطة ولاية الخرطوم، أن الولاية شهدت ٨٢٣ حالة نهب خلال العام الحالي، ويمثل السلاح الأبيض (سكاكين وسواطير) عاملاً مشتركاً في غالب وقائع الجريمة مقارنة ب١٥٧٠ حالة بنسبة انخفاض بلغت ٩’٤٦℅، وأكد التقرير ان جرائٍم النهب بواسطة الدراجات النارية غير المقننة بجانب انتشار الأسلحة البيضاء ، أدى لزيادة وتيرة حدوث الجريمة، وللحد منها فقد نفذت الشرطة حملات مكثفة، على معتادي الإجرام كما قامت بمصادرة الدراجات، النارية غير المرخصة وأشار التقرير إلى ضرورة زيادة عدد سيارات النجدة، لأنها تعمل في الوقت ااحالي بعدد اقل من النصف بسبب تعطل معظم سياراتها، وذلك بنسبة ٤٣℅ فقط ولهذا فان الامر يحتاج لزيادة عدد السيارات لتكثيف الانتشار الشرطي. وأوصى التقرير بزيادة عدد السيارات الشرطية والدوريات للعمل في الشوارع العامة لمنع جرائم النهب والخطف بما يعزز استتباب الأمن، وتحقيق الاستقرار الفاعل بجانب زيادة السيارات باقسام الشرطة المختلفة بالاضافة لزيادة عدد الدراجات النارية، والانتشار الشرطي في اوقات الذروة، وكذلك شرطة السواري بيد أنها تحتاج لتوفير متطلباتها من خيول جيدة ورعاية بيطرية متكاملة و تهيئة الأسطبلات بصورة جيدة لتغطية كل أنحاء ولاية الخرطوم بالإضافة إلى الى مراجعة وصيانة مواقع التأمين الشرطية بالولاية خاصة وأن كثيراً من المواقع من جملة ٥٠٩ موقعاً خالبة من ا لأفراد . وأوصى التقرير بضرورة تركيب كاميرات مراقبة إضافية وتوفير جميع احتياجات أفراد الشرطة المناوبين بأقسام الشرطة .
٢
في تصريح للعميد شرطة د. محمد سعيدّ، مدير شرطة ولاية أم درمان، أكد بأن المحاكمات الفورية تسهم بشكل كبير في ردع المتفلتين وحفظ الأمن واستقرار المجتمع وتفعيل للأوامر المؤقتة لشرطة ولاية الخرطوم
وتنفيذاً للمرسوم الولائي المؤقت رقم (19)للعام2021 الخاص بتنظيم حيازة واستخدام الأسلحة البيضاء بالولاية و المرسوم المؤقت رقم (20)لسنة 2021م والخاص بالدراجات النارية غير المقننة والتي لا تحمل لوحات .
وتتضمن هذه المراسيم عقوبات على من يخالفها بالسجن والغرامة ومصادرة الدراجة النارية المخالفة.
فقد أصدرت محكمة القسم الأوسط أم درمان في محاكمات فورية حكماً في مواجهة ٤ متهمين بالنهب والخطف عقوبة بالسجن ومصادرة في نفس اليوم الذي تم ضبطهم فيه متلبسين بالجرائم المنسوبة إليهم فيما صادرت دراجتين ناريتبن بدون لوحات فيما قضت محكمة جنايات الحلفايا بمصادرة مواتر غير مرخصة. وقد نفّى مصدر شرطي لليوم التالي ان يكون هنالك قصور من جانب الشرطة تسبب في ازدياد ظاهرة تسعة طويلة مؤكداً أن ما يحدث ما هو الا نتيجة للاستغلال السييء للحريات العامة. وأشار الى أن الشرطة في حالة استعداد وذلك لحسم جميع التفلتات الأمنية خاصة في مدنها الثلاث بحري والخرطوم وام درمان.
٣
وأكدت اختصاصي علم النفس الجنائي، هديل عوض أحمد أن
تسعة طويلة عبارة عن شخصية (سايكوباتية) ويقصد بها اضطراب الشخصية المعادية للمجتمع أي تظهر أنماط التلاعب وانتهاك حقوق الاخرين وهذا السلوك يتعارض مع قواعد وسلوكيات المجتمع ويتم تشخيص هذا الاضطراب عند سن “18”عاماً وأكدت بان هنالك سلوكيات تظهر في الشخص منذ الطفولةتعتبر مؤشراً على هذا الاضطراب فتعرض الطفل للإساءة والإهمال من المحتمل ان يعرضه لهذا الاضطراب بالإضافة للطفولة غيرالمستقرة والتي تسودها المشاكل الاسرية والعنف الموجه للغير حيال أفراد الأسرة مثل الأم وعقاب الطفل كثيرا دون استخدام مبدأ العقاب والثواب وعدم المقدرة على حب أي شخص سوى نفسه الاندفاعية ، انتهاك وتجاهل حقوق الآخرين بالإضافة الى أن الشخصية السايكوباتية لديها أحقاد تجاه المجتمع فيبدا بإلحاق الضرر بأشخاص لاتربطهم به اي صلة ولاسابق معرفة ولايعلم ماهو ظرفهم وإنما يختار ضحيته عشوائيًا بطريقة غير مبررة والعنف هنا يغذي روح المجرم والرغبة في إرعاب الآخرين يملأ تعابير وجهه ويشعر بالسيطرة حتى اذا كانت كاذبة او مؤقتة ويتغذى على احساس الضعف وانعدام الحيلة حيث نجد ان الضحية في بعض الحالات يترك مقتنياته دون مقاومة واشارت الى وجود سلوكيات للشخصية السايكوباتية فهو غير مسئول اجتماعياً ونلحظ عدم القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ ، بجانب انه لايتعاطف مع ضحيته ويحب إيذاءهم ولكنه يندم على اذيتهم والتلاعب بهم ويتجاهل المسئولية والسلامة ويتم تشخيص الحالة عن طريق اختبار وقائمة السلوكيات السلبية وكشفت هديل عن وجود نسبة قليلة من النساء ذوات الشخصية السايكوباتية مقارنة بالرجل.
وأوضحت أنه من الآثار النفسية المترتبة جراء الخطر الذي يكمن في وجود هذه الشخصية انتشار السلوك العدواني والعنف والسلوكيات الخاطئة ، إدمان المخدرات ،الإساءة الى الأطفال وأرجعت هديل الدوافع التي يلجأ اليها ممارسو تسعة طويلة للسرقة لاول مرة هي الحاجة الإ ان الاستمرارية في الفعل تدل على أنه شخص معتل نفسيا (مضطرب نفسياً) ويستمتع بأذية الغير وزرع الرهبة في قلوب ضحاياه وتبرر ذلك لإشباع شخصيته السايكوباتية ويتم علاج الشخصية السايكوباتية عن طريق إخضاعه لجلسات تأهيل نفسي حسب حالته ومن خلالها يتم تعديل الأفكار والسلوك وفي بعض الأحيان يحتاج لعلاج دوائي لضبط السلوك منوهةبأنه لا توجد فترة زمنية محددة للعلاج وإنما يتوقف ذلك على حسب استجابة الحالة للعلاج ومدى حدة الاعتلال (الاضطراب) و شددت أنه للحد من الظاهرة لابد من تكثيف عمل الدوريات الأمنية وتنفيذ العقوبة الرادعة والقانون الصارم هو من يقضي على التلفتات وناشدت في ختام حديثها السلطات المختصة بالتعاون مع شرطة مكافحة المخدرات لفحص المتهمين والتأكد من مدى تأثير انتشار المخدرات الذي أصبح واقعاً مخيفاً.
(٤)
وفي تكييف جرائم السرقة والخطف، عرّف الأستاذ مهند إبراهيم علي-المحامي- نص المادة (174) من القانون الجنائي المتعلقة بالسرقة بأنه “يعد مرتكب جريمة السرقة من يأخذ بسوء قصد مالاً منقولاً أو مملوكا للغير في حيازة شخص دون رضاه يعاقب بالسجن مدة لاتتجاوز 7 أعوام كما تجوز معاقبته بالغرامة او الجلد مائة جلدة”، كما تندرج جرائم النهب تحت المادة 175‪من القانون الجنائي، وتنص على ” يعد مرتكباً جريمة النهب من يرتكب جريمة السرقة أوالسرقة الحدية مع استعمال القوة الجنائية أو التهديد بها عند الشروع في الجريمة أو أثنائها أو عند الهرب، ومن يرتكب جريمة النهب يعاقب بالسجن مدة لاتتجاوز ثلاث سنوات بالإضافة إلي أي عقوبة أخرى مقررة لما يترتب على فعله .
ويشير الأستاذ مهند لليوم التالي إلى إحدى القضايا، التي دارت أحداثهاعميل جرمضان العام الماضي بحسب الوقائع المقدمة في ملف الدعوى وبناءً على عريضة قدمتها الشاكية التي تعمل مهندسة اخ ها قامت بسحب مصوغات ذهبية ومبلغ “1500”دولار من أحد البنوك بالخرطوم بغرض السفر الى دولة الإمارات واستغلت عربتها من البنك الى منزلها بضاحية الرياض بالخرطوم وكان ثلاثة اشخاص يراقبونها ويتتبعون حركتها يقودون دراجة نارية حتى وصولها منزلها وما ان دلفت الشاكية إلى منزلها وتركت مقتنياتها في العربة،.حتى استغل المتهمون خلو الشارع من المارة وقاموا بتهشيم زجاج عربتها وتمكنوا من فتح الباب واستولوا على المبالغ والمصوغات التي كانت داخل خزانة العربة وفروا هاربين الا ان احد سكان البناية كان قد شاهدهم من ٠٠الطابق الثاني وعرفهم معرفة شخصية بحكم عمله مع المتهمين في السوق الشعبي وعلى الفور ٠قام الشاهد بابلإغ الشاكية واخبرته انها تركت مقتنياتها في العربة سهوا وبتفقدها عربتها علمت بانها تعرضت للسرقة وسارعت بالتوجه الى قسم الشرطة بدائرة الاختصاص وحركت اجراءات قانونية جنائية في مواجهة المتهمين وتدوين بلاغ بالواقعة بالقسم الشرقي بالخرطوم وعليه شرعت السلطات في الإجراءات اللازمة وحققت حول البلاغ وبعد ثلاث ايام من ارتكاب الجريمة تمكنت مباحث القسم من القبض على اثنين من المتهمين بإرشاد شاهد الاتهام وتم إبداعهم الحراسة وبالتحقيق معهم أنكروا ارتكابهم الجريمة وأكد شاهد الاتهام الوحيد في أقواله ارتكابهم الجريمة عقب اكتمال التحريات، اوصت النيابة والاحلام عباحالتهم للمحكمة لتوقيع العقوبة المناسبة فيما فصلت الاتهام في مواجهة المتهم الثالث هارب لم يتم القبض عليه وأنكر المتهمون امام القاضي التهمة المنسوبة اليهم في استجوابهم وجدت المحكمة بينة مبدئية فحررت على ضوئها أوراق الاتهام للمتهمين من القانون الجنائي بموجب المادة (21/174) وردوا عن التهمة بانهم غير مذنبين ودفعوا بالانكار التام ونفوا صلتهم بالحادثة ولم يقدموا شهود دفاع وتوصلت المحكمة لادانتهم بالاشتراك في السرقة وقالت في حيثيات قرارها من خلال بينات الاتهام المقدمة بحسب أقوال الشاكية والمتحري وشاهد الاتهام بان المتهمين دون غيرهم قد ارتكبوا الجريمة بالاشتراك وأصدرت عقوبة في مواجهتهم بالسجن “3” سنواتو أمرت باسترداد المصوغات الذهبية ومبلغ “1500”دولار او مايعادله للشاكية فيما الزمتهم بدفع غرامة مالية قدرها “50” الف جنيه لكل مدان وفي حال عدم الدفع السجن شهرين ووجهت بتسليم الدراجة النارية لصاحبها بعد تقديمه الاوراق الثبوتية.
٥
نشأت تسعة طويلة بواسطة واحدة من أشهر عصابات راكبي الدراجات الامريكية وبدأ العديد من العصابات بنشر حالة انعدام القانون والفوضى الحقيقية فسرقوا المتاجر ونهبوا المنازل . بعد وقت قصير من نشأة حركة راكب الدراجة النارية اكتسب راكبو الدراجات النارية سمعة سلبية للغاية بدأ كل شئ بحادث في العام ١٩٤٧م في مدينة هوليستر بولاية كاليفورنيا والذي اطلق عليه الاعلام فيما بعد اسم “هوليستر ريوث” حيث بدأت مجموعة من سائقي الدراجات النارية باعمال شغب في احتجاج شعبي كبير تناقلته وسائل الاعلام انذآك وتم توضيح هذه المادة بصورة لرجل مخمور على دراجة نارية وبعدها بعامين تم تصوير فيلم على اساس هذه الاحداث رسمت صورة سلبية لراكبي الدراجات النارية وتجاوز الفيلم موضوع راكب الدراجة النارية في محاولة لرسم صورة للجيل المتمرد في الستينيات وبدأت الصورة النمطية لراكب الدراجة في التبلور وعلى الرغم من احداث الشغب التي شهدتها هوليستر لم يتم حظر حركة الدراجات.
في المقابل شهدت اثيوبيا حالة حظر استخدام الدراجات النارية في البلاد في الوقت الذي الذي اعلن فيه نائب عمدة أديس أبابا “تاكل اوما” في العام 2019م في مؤتمر صحفي بمنع قيادة لسنوات النارية في شوارع العاصمة الاثيوبية ويعود اتخاذ قراره الى انتشار جرائم السرقة التي يرتكبها سائقوا الدراجات النارية .
ولمحاربة ظاهرة تسعة طويلة تحتاج السلطات إلى اتخاذ قرارات وتدابير احترازية حاسمة وقوية وتفعيل القوانين وإصدار الأحكام الرادعة وتنفيذها في مواجهة المدانين من المتفلتين الذين يقعون في قبضة العدالة، حتى يتم تحقيق الردع العام ما يقلل من الظاهرة، بجانب محاربة ظاهرة المواتر والمركبات دون لوحات والعصابات المتفلتة المنتشرة في الأطراف ووأدها في اماكنها من خلال الحملات المنعية والانتشار الشرطي لمنع تمددها إلى داخل مدن الولاية.

المصدر من هنا

عن مصدر الخبر

صحيفة اليوم التالي