عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي كمال كرار لـ(اليوم التالي): التسوية المطروحة ستفاقم من تعقيدات الأزمة في البلاد !
نعمل على مركز موحد للمعارضة بميثاق وبرنامج عمل محددين!
قوى الهبوط الناعم تخطط للعودة إلى السلطة، عبر انتخابات مبكرة!
سباق محموم بغطاء إقليمي ودولي لـ(توافق) يفضي إلى إعلان سياسي في ظل الانقلاب!
التسوية قطعت شوطاً بعيداً، وتخطيط لتزوير كبير في الانتخابات!
قال الحزب الشيوعي السوداني إن الوقت أكثر ملاءمة لإعلان مركز موحد للمعارضة، وأكد عضو اللجنة المركزية للحزب كمال كرار؛ تقارب الرؤى بينهم ولجان المقاومة والقوى الحية بالبلاد، في وقت حذر كرار – في هذا الحوار الذي أجرته معه (اليوم التالي) – من تفاقم الأزمة بسبب ما أسماه بـ”تسوية سياسية قادمة” قال إنها قطعت شوطاً بعيداً، وتابع.. مار شح من ملامح التسوية التي تسربت يعيد الأذهان إلى اجتماع في القاهرة (للاتحادي الأصل ) مع الاتحاديين الذين كانوا مشاركين في نظام الإنقاذ البائد، وبحسب كرار فإن سباقاً محموماً بغطاء إقليمي ودولي يجري لـ(توافق) يفضي إلى إعلان سياسي وحكومة مدنية في ظل إجراءات 25 أكتوبر! وأشار إلى أن التسوية السياسية قطعت شوطاً بعيداً ، مع تخطيط كبير لتزوير في انتخابات مبكرة!
حوار/ إبراهيم عبد الرازق
*حدثنا أولاً عن برنامج المركز الموحد للمعارضة الذي دعا إليه حزبكم؟
المركز الواحد الذي يضم قوى التغيير الجذري هذا وقته، المواثيق التي صدرت من لجان المقاومة أو من الحزب الشيوعي متقاربه جداً، والشارع أصلاً به تصعيد، وحركة الجماهير تسير نحو الانتصار، وكأنما نحن نسير نحو تصحيح أخطاء الماضي القريب في أن القوى الثورية الحادبة تتسيد السلطة حتى لا تنحرف بها قوى أخرى؛ كما حدث على يد حمدوك أو مابعد الانقلاب، المركز الموحد يهدف إلى تجميع كل القوى الثورية الحية التي تهدف لإسقاط النظام القائم واستكمال مهام الفترة الانتقالية وفق ميثاق واحد وبرنامج عمل واحد يضم كل التفاصيل، لهذا الهدف تشترك فيه هذه القوى كقوة حية لكتب سياسية ويكون مفتوحاً للأحزاب لتوقع عليه هذه المبادرة المطروحة منذ بداية الثورة وتعاظمت الحاجة لها الآن
*ما قراءتكم للزيارات الخارجية المستمرة للسلطات؟
الانقلابيون يذهبون إلى مصر وروسيا وغيرهما دون تفاصيل هذه الزيارات فهذه أحلاف متورطة في الانقلاب بجانب عدد من دول الجوار ومتدخلون في الشأن السوداني بصورة كبيرة منذ بداية الفترة الانتقالية. لكن حل الأزمة السودانية في الداخل لا في الخارج، و إذا قرأنا الكلام من سياق الوفود التي أجرت عدداً من الجولات الخارجية ومادار حول البحار وصحبة وزير الدفاع ، أعتقد أنها زيارات لها علاقة بالشؤون الأمنية، والجرف القاري وهذا من الآخر يقرأ في سياق الحصول على دعم من هذه الدول لقمع الثورة المشتعلة في السودان ، مهما يكن لا أعتقد أن هذه الزيارات ستفلح في القضاء على الثورة.
*ما المقصود بالجرف القاري؟
الحديث حول( الجرف القاري) له علاقة باتفاقية وقعتها مصر مع السعودية في 2016 حول الحدود البحرية، وهذه الاتفاقية – كما قيل – تثبت لمصر حدودها في البحر الأحمر عند خط22 درجه عرضاً، في إشارة إلى كأنما (حلايب) مصرية ، وسط محاولات لجعل هذه الاتفاقية ثلاثية بغية إعادة ترسيم الحدود والتخلي عن سودانية حلايب وشلاتين، أعتقد أن هذه أهم أهداف الزيارات الأخيرة.
*يتحدثون عن تراجع الحراك الشعبي بعد السادس من ابريل؟
السادس من أبريل كانت مليونية مميزة كرمز لاعتصام القيادة العامة وإسقاط نظام جعفر نميري سابقاً، لكنها ليست المواكب الختامية بل هي يوم في سياق أيام الثورة المستمرة منذ ثلاث سنوات، هذا يوضح للعالم جميعه أن الشعب السوداني غير راض عن هذا الانقلاب.
*كيف تقرأون الحراك نحو التوافق الجاري في المشهد بالبلاد؟
هو سباق محموم تقوم به جهات إقليمية ودولية لما يسمى بإيجاد (توافق) يفضي إلى إعلان سياسي وحكومة مدنية؛ لكن في ظل الانقلاب أو سلطة الأمر الواقع، وبناءً عليه فإن أي إعلان سياسي لا يلغي إجراءات 25 اكتوبر، هو خضوع للأمر الواقع وإعادة لإنتاج الشراكة، وهذا أمر مرفوض لدينا في الحزب الشيوعي. الآن الشارع السوداني مقسوم إلى معسكرين إما مع الانقلاب أو ضد الانقلاب ، هنالك مساحة رمادية تتحرك فيها عدة جهات تحاول – تحت لافتات مختلفة – إعادة إنتاج الشراكة، وهذه مفضوحة بالنسبة لنا وللشعب السوداني، ولا تزال قوى الهبوط الناعم وحلفائها من اللجنة الأمنية وبعض القوى الإقليمية والدولية تواصل مخططاتها التي تهدف إلى قطع الطريق أمام الثورة وتصفيتها في نهاية المطاف، وهي مواصلة لمخططات قديمة ظهرت في الأيام الأخيرة من نظام المخلوع البشير في إطار ما عرف بحوار الوثبة الذي شاركت فيه قوى الهبوط الناعم، التي وافقت على المشاركة في انتخابات 2020، ولكن تفاجأت باندلاع الثورة في ديسمبر 2018م فاضطرت للالتحاق بالثورة والتوقيع على مواثيقها، ولكنها تنكرت لهذه المواثيق مبكراً، عندما وقعت على الشراكة مع المجلس العسكري الانتقالي بموجب الوثيقة الدستورية التي كرست هيمنة العسكر على مفاصل السلطة وشاركت في حكومتي عبدالله حمدوك، ووافقت أن تكون واجهة مدنية زائفة لحكم العسكر.
* ما تأثيرات إجراءات 25 اكتوبر على هذا المخطط؟
بعد انقلاب 25 أكتوبر واصلت هذه القوى، بالتعاون مع العسكر، واتفق بعضها على الرجوع إلى الوثيقة الدستورية ووضع ما قبل 25 أكتوبر بناءً على الاتفاق السياسي المبرم بين البرهان وحمدوك في 21 نوفمبر 2021 والذي رفضه الشعب السوداني.
وبعد الانقلاب ظلت تستعين بالقوى الإقليمية والدولية لمساعدتها للعودة إلى الشراكة مع العسكر، ونتج عن تلك التفاهمات المساعي للتسوية الجاري طبخها الآن من خلف ظهر الشعب السوداني.
*كيف يبدو لديكم مارشح بقوة عن اتجاه لحل الأزمة عبر التوافق؟
ملامح التسوية التي تسربت تدور حول ما رشح من اجتماع القاهرة للاتحادي الأصل مع الاتحاديين الذين كانوا مشاركين في نظام الإنقاذ ، وما سمعه وفد الحزب الشيوعي من الآلية الثلاثية المكونة من بعثة الأمم المتحدة بقيادة السيد فوكلر والاتحاد الأفريقي بقيادة ودلبات ورئيس بعثة منظمة الإيقاد السفير اسماعيل وايس ، تركز حول الغرض من اللقاء الجامع لكل القوى السياسية دون استثناء ، وأن الهدف من هذا الاجتماع هو التوصل إلى وفاق وطني لمناقشة الترتيبات الدستورية، وتحديد المعايير لاختيار رئيس الوزراء والحكومة وإجراء الانتخابات، وتحديد مهام مجلس السيادة والعسكريين، وقد أكدت التطورات – في اليومين الماضيين – أن الترتيبات للتسوية قطعت شوطاً بعيداً بدليل أن أحد المطلوبات التي وردت في لقاء الآلية هي تهيئة المناخ السياسي لانعقاد اللقاء المرتقب، وردت في خطاب الفريق البرهان الأخير الذي أكد على تهيئة المناخ للتسوية، وجاء في المؤتمر الصحفي لقوى الحرية والتغيير الذي أكد نفس حديث البرهان لتهيئة المناخ والتي لا ترقى لمطالب الشارع والثورة.
*ما العلاقة بين ما تصفوه بالهبوط الناعم والمكون العسكري؟
ما يربط بين قوى الهبوط الناعم والمكون العسكري هي المصالح الطبقية والاقتصادية التي تتمثل في نهب ثروات البلاد ، كما يحدث الآن من خلال تهريب الذهب والصمغ العربي والثروة الحيوانية الخ…. والتفريط في السيادة الوطنية من خلال تكريس التبعية للخارج والتي تعتمد عليه في بقائها في السلطة.
* ما الأمر المزعج بفكرة التسوية من وجهة نظركم؟
التسوية تسمح بإجراء انتخابات في ظل ظروف هيمنة العسكريين وحلفائهم المدنيين على مفاصل مؤسسات الدولة، وبمساعدة القوى الخارجية الإقليمية والدولية التى تراهن على المؤسسة العسكرية وقوى الهبوط الناعم لرعاية مصالحها، لذلك تخطط هذه القوى لإجراء هذه الانتخابات للسماح لها بالعودة لمواقع السلطة، لذلك من المؤكد حدوث عمليات تزوير واسعة النطاق في وجود جيوش ومليشيات قبلية تضم أعداداً هائلة من الأجانب ، الذين تحصلوا على الرقم الوطني والجنسية السودانية واحتلوا أراضي النازحين واللاجئين، هذا من جانب ومن الجانب الآخر تنص اتفاقية جوبا – المرفوضة من قبل الجماهير – تنص على أن جيوش الحركات الموقعة على الاتفاقية يحق لها الاحتفاظ بسلاحها لمدة 40 شهراً من تاريخ التوقيع ، وهي القوات التي ستكون تحت إمرة قادة الحركات المسلحة.
كما ذكرت الآلية المشتركة أنه ليس من حق أي تنظيم أو حزب سياسي الاعتراض على مشاركة كل القوى والتنظيمات السياسية.
*إذن الرؤية واضحة أمامكم حول مجريات الحل المقترح؟
تماماً، الحزب الشيوعي يرفض – بكل وضوح – مشاركة جهات وأحزاب رفضها الشعب السوداني وثار عليها، من بينها المؤتمر الوطني والذين شاركوا معه حتى قيام الثورة، كما يرفض عدم وجود معايير واضحة وصريحة تحدد طبيعة وبرامج هذه القوى المعادية لأهداف الثورة وللمواثيق الدولية، إضافة إلى أن القضايا الواردة في برنامج الآلية المشتركة هي قضايا من صميم مهام المؤتمر الدستوري.
فضلاً عن خلو برنامج التسوية من أي إشارة إلى ضرورة تطبيق العدالة ووقف الانتهاكات وتقديم المتورطين في الإبادة الجماعية في دارفور والجرائم ضد الإنسانية كما في مجزرة فض الاعتصام، ومجازر ما بعد انقلاب 25 أكتوبر وتفكيك التمكين واستعادة الأموال المنهوبة وحل المليشيات والجنجويد وجيوش الحركات وقيام جيش قومي موحد، وضم شركات الجيش والجنجويد والأمن والشرطة لولاية وزارة المالية، وغير ذلك من مهام الفترة الانتقالية التي تجرى في نهايتها انتخابات حرة نزيهة.
*مالذي تفتقر إليه مبادرة الآلية؟
تفتقر وتخلو مبادرة الآلية إلى المصداقية المطلوبة، حينما أشارت إلى أن المجتمعين في اللقاء المرتقب هم من سيحسمون القضايا العالقة ذات الارتباط بالأزمة السياسية الراهنة، فهم ليسوا مفوضين من الشعب ولا يمكنهم الادعاء بأنهم الممثلون الحقيقيون للشعب.
*حال تجسيد هذه المبادرة على أرض الواقع ما توقعاتكم؟
التسوية المطروحة ستفاقم من تعقيدات الأزمة في البلاد، ولذلك يناشد الحزب الشيوعي جماهير الشعب السوداني والقوى الحية في كل مدن ومناطق السودان للتصدي بكل الطرق السلمية لهزيمة هذا المخطط الهادف لتصفية الثورة وتكريس الدكتاتورية والتبعية والتفريط في السيادة الوطنية، وتجاهل تضحيات الشعب السوداني وأرواح الشهداء والجرحى والمفقودين، ومعاناة الناجين من الإبادة الجماعية وضحايا الحروب والانتهاكات المختلفة.