من غير المعتاد في عرف الصحافة السودانية أن يدلي مسؤول بتصريح صحفي ويسارع بنفيه حينما يطالع تصريحه في اليوم التالي متسيداً صفحة الصحيفة (مانشيت أحمر )..
ربما يتعلق الأمر بموقع الخبر أو ربما بردة فعل جهات أخرى لحق بها ضرر ما بسبب الخبر أو ربما تعرض ( المصرح) لعقاب أو لوم أو عتاب قاسٍ ..
ومن غير المعتاد أن ينفي المسؤول حديثاً ادلى به هكذا دون وجود لبس أو خطأ معين وقع فيه الصحفي، ولانبرئ الصحافة من الأخطاء مثلاً إن كان الخطأ بسبب أن النقل تم عبر وسيط وظهور أخطاء فيه أو أن يخطئ الصحفي بسبب ملابسات معينة (واجبة الاعتذار) وغيرها من فرص وقوع الأخطاء التي قد يقع فيها الصحفي دون قصد ولاتترد الصحف في التراجع عن مانشرت دون تردد والشواهد والأمثلة عديدة..
بخلاف ذلك من غير المألوف أن يصرح مسؤول (بعضمة لسانو ) وينفي دون أي اعتبار للدليل الصوتي بطرف الصحفي ومايترتب على وجود دليل (نفي النفي )..
مثل هذا المسؤول يصرح وهكذا ينفي بلا مبالاة , ينفي وكأن الهرب بالنفي يعفيه من المسؤولية أو الحرج مما يترتب على التصريح الذي ادلى به.
الصحافة المهنية ليست عدواً لجهة معينة ولا تستهدف جهة، والصحفي حينما يلاحق معلومة تتعلق بالشأن العام إن كان سياسياً أو اقتصادياً أو غيره فهذا من صميم واجبه ولامبرر لوضعه في خانة العدو المستهدف.
والخبر الذي تختاره الصحيفة عنواناً رئيسياً (مانشيت ) يدرج في خانة الخبر الأكثر أهمية..
وإن كان التعريف الأكاديمي أو العرفي للخبر بانه (مقدس )، فالخبر الذي يتصدر قائمة الأخبار المهمة في الصحيفة أكثر قدسية ..ولايمكن أن تغامر صحيفة بخبر كاذب وتضعه (بالبونط العريض ) ليصبح مادة (نقاش) ولا أقول (ونسة) لان المداخلات في مثل هذه الحالات في كثير من الاحيان للتقصي حول حقيقة مايثار على الأقل في الأوساط الاعلامية.
الصحيفة أكثر حرصاً على المهنية والصدقية والدقة، وما لايعلمه
المسؤول ( الغاضب) أن الصحيفة هي الأكثر تضرراً من أي نشر قابل للنفي..
ولايعقل أن يستبدل المسؤول (الصمت) بدلاً عن التصريح الذي يعود لاحقاً لينفيه، فمن واجب من يجلسون على (الكراسي) الحديث للاعلام والصحف متى ما استوجب الحال..
والنفي فقط لاسباب تتعلق بردة الفعل التي يحظى بها الخبر المعني ومدى خطورته أو مايترتب عليه أو التحليل الذي يخضع له..
صحيفة الحراك السياسي مرت بتجارب عديدة (مرصودة ومعلومة ) لمواقف مع عدد من المسؤولين ادلوا بتصريحات ثم عادوا ووضعوا الصحيفة في مواقف مثار جدل بالنفي الذي سلكوا دروبه لأسباب يعلمونها..
وفي كل الحالات المرصودة تمتلك الصحيفة الدليل القاطع على سلامة موقفها المهني..
وفي الحالة (اليتيمة ) التي فقدت فيها زميلة بالصحيفة دليل (براءة ) خبر كان قد نشر كخبر رئيس في الصحيفة وتم نفيه من قبل مصدره في الحالة هذه لم تتأخر الصحيفة في الاعتذار على الرغم من تأكدها من صحة الخبر!!
في هذه المساحة سأتناول نماذج من حالات الهرب بالنفي..
نواصل..