المجتمع السوداني قد يتقبل الشخص المختلف حين يكون اختلافه وجيها وذكياً لكنه لا يتقبل الشذوذ والتطرف في الآراء
والمواقف ولا يعتبر من يهدم ركائزه وثوابته متميزاً على الإطلاق.
ولا أدري كيف غابت هذه الفكرة عن ذهن السيد مبارك الفاضل – وهو البراغماتي الواعي – حين صرح تصريحاته (المهببة) بخصوص موقفه من التطبيع مع إسرائيل في دولة مثل السودان يكاد يكون أهم سهم سياسي إقليمي لها في بورصة تاريخ العرب هو موقفها التأريخي من إسرائيل ودعمها للقضية الفلسطينية.
وتصريحات مبارك التي وصفها السيد الصادق بأنها ناتجة عن ضعف الحس الوطني لمبارك الفاضل وضعت السودان ولأول مرة تحت عدسة الفحص لموقفه الرسمي والشعبي من القضية الفلسطينية، هذا الموقف الذي لم يكن يوماً محل جدل أو شك قبل أن يأتي إلى الحكومة وزير من عينة مبارك الفاضل يقوم بفعل متهور مثل تأييد التطبيع مع إسرائيل بهدف لفت وجذب الأنظار الإقليمية والدولية له مقابل إحتقار سياسي داخلي واسع النطاق.
ما فعله مبارك الفاضل هو فعل أهوج تماماً مثل ما يفعل مشجع أرعن تحدثه رعونته في لحظة ما بدخول ملعب كرة قدم من المدرجات والركض فيه مع اللاعبين أثناء مباراة مشهودة ومحضورة فيتسبب وجوده داخل الملعب في تعطل المباراة للحظات يكسب بعدها أضواء (سلبية) من العدسات الإعلامية بصفة الإدانة والاستنكار.
وكنت سأستغرب بقاء مبارك في منصبه حتى هذه اللحظة بعد إطلاق تصريحاته تلك لو لم تكن هناك لحظة محددة ينتظرها السودان الشهر القادم ويتوقع فيها أن يتم الإعلان عن رفع العقوبات الأمريكية بشكل كامل.
لا أعتقد أن الحكومة السودانية كان لديها أي علم مسبق بما سيقوله مبارك بخصوص التطبيع مع إسرائيل أو أنها صنعت هذا الصنيع من باب التكتيكات السياسية بأن تغري الولايات المتحدة بوجود أجواء فكرية أوروبية وغربية الطقس متصالحة مع إسرائيل داخل السودان بل داخل الحكومة بمستوى وزراء ومسؤولين كبار، لأن مبارك ليس هو الشخص المأمون بالنسبة للإنقاذيين حتى يلعبوا معه هذا النوع من التكتيك.
هذا ليس وارداً على الإطلاق، لكن الصحيح بحسب تقديري أن الحكومة حين وجدت نفسها أمام هذا الموقف صبرت نفسها على مبارك أيام بتقديرات براغماتية برغم أنه لا توجد ضمن شروط رفع العقوبات ومطلوباتها المعلنة أية أحاديث عن تطبيع مع اسرائيل أو مجرد الاعتراف الرسمي بدولة إسرائيل من الأساس.
أعتقد أن عمر مبارك الفاضل في منصبه الوزاري سيكون قصيراً جداً وسينتهي بصدور قرار الولايات المتحدة مهما كانت النتيجة رفع أو إبقاء على العقوبات ففي الحالتين لن تحتمل الحكومة وجود هذا المبارك بعد شهر أكتوبر.
ومن الأكرم للوزير الفاضل أن يقوم بكتابة استقالته (من هسة).
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
جمال علي حسن
اليوم التالى
يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من هذا الصباح