اخبار العالم

بايدن يتحلى أخيرا بالواقعية ويقر بحاجة بلاده إلى السعودية

مصدر الخبر / المشهد السوداني

لاقى مقال الرأي الذي نشره الرئيس الأميركي جو بايدن قبيل زيارته إلى السعودية وإسرائيل تفاعلا كبيرا لاسيما وأنه تضمن اعترافا ضمنيا بسوء تقديره للمكانة التي تحظى بها المملكة الخليجية ليس فقط بالنسبة إلى الشرق الأوسط بل وأيضا على المستوى الدولي.

العرب اللندنية- تخلى الرئيس الأميركي جو بايدن أخيرا عن أوهامه في جعل المملكة العربية السعودية دولة “منبوذة” دوليا، مقرا في مقال رأي نشره بصحيفة “واشنطن بوست” السبت بثقل المملكة على الصعيد الدولي، وبأنها شريك استراتيجي لبلاده في ضمان “استقرار الشرق الأوسط”.

وجاء المقال الذي نشره بايدن بعنوان “لماذا سأذهب إلى السعودية” قبل أيام قليلة من جولة يعتزم القيام بها إلى المنطقة وستشمل إسرائيل والمملكة حيث سيجتمع في أحد محاورها بالقيادة السعودية الممثلة في العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، كما سيكون له اجتماع موسع يضم قادة مجلس التعاون الخليجي وعدد من الدول العربية الأخرى.

وبدا أن الغرض من هذا المقال هو الدفاع عن التحول المسجل في سياسته تجاه السعودية ولاسيما حيال الأمير محمد بن سلمان في ظل انتقادات يواجهها في الداخل الأميركي بسبب تخليه عن تعهداته التي أطلقها خلال حملته الانتخابية.

وتعهّد بايدن أثناء حملته الرئاسيّة بمعاملة القادة السعوديّين على أنّهم “منبوذون”، على خلفيّة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي عام 2018، لكن الأحداث الأخيرة لاسيما في علاقة بتفجر الحرب الأوكرانية أثبتت فداحة ما أصدح به بايدن، وسوء تقدير كبير من قبله لحجم المملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي.

ناصر كنعاني: طرح واشنطن تعزيز التعاون بين حلفائها خطوة استفزازية

وكتب بايدن في مقاله “أعرف أنّ هناك كثيرين ممّن لا يتّفقون مع قراري السّفر إلى السعوديّة”، مضيفا “آرائي حول حقوق الإنسان واضحة وثابتة. والحرّيات الأساسيّة موجودة دائما على جدول الأعمال عندما أسافر إلى الخارج وهي ستكون كذلك خلال هذه الزيارة”.

وذكّر بأنّه كان قد رفع السرّية عن تقرير للاستخبارات الأميركيّة بشأن ملابسات قتل خاشقجي.

وكانت أجهزة الاستخبارات الأميركيّة اتّهمت وليّ العهد السعودي بإصدار أمر قتل خاشقجي، وهو ما تنفيه الرياض بشدة، غير أنّ بايدن لم يأت في مقاله على ذكر محمد بن سلمان.

وقال بايدن (79 عاما) في مقاله “بصفتي رئيسا، من واجبي الحفاظ على بلدنا قويا وآمنا”، متحدثا في هذا الإطار عن الحاجة إلى “مواجهة” روسيا وإلى “أن نكون في أفضل وضع ممكن” في مواجهة الصين وضمان “المزيد من الاستقرار” في الشرق الأوسط.

وبرّر الرئيس الأميركي موقفه هذا قائلا “من أجل تحقيق هذه الأمور، يجب أن تكون لدينا علاقة مباشرة مع الدول التي يمكن أن تساهم فيها. المملكة العربيّة السعوديّة واحدة من هذه الدول”.

وتابع “عندما ألتقي القادة السعوديّين الجمعة، سيكون هدفي تعزيز شراكة استراتيجيّة… تستند إلى مصالح ومسؤوليّات متبادلة، مع التمسّك أيضا بالقيم الأميركية الأساسية”.

وأردف بايدن “في المملكة العربية السعودية عكسنا سياسة الشيك على بياض التي ورثناها” من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، مضيفا “منذ البداية، كان هدفي هو إعادة توجيه العلاقات -لكن ليس قطعها- مع دولة كانت شريكا استراتيجيا منذ 80 عاما”.

وأشار الرئيس الأميركي إلى قضيّة النفط المهمّة التي ستكون حاضرة خلال زيارته، في الوقت الذي تثير فيه الأسعار المرتفعة للطاقة سخطا بين الأميركيين وتضرّ بالآفاق الانتخابيّة لحزبه. وقد أكّد أنّ الرياض “تعمل مع خبرائي للمساعدة على استقرار سوق النفط”.

ويرى مراقبون أن تصريحات بايدن هي في جانب منها أيضا إقرار بحجم النفوذ الحقيقي للولايات المتحدة، بعد أن تم تجاهل الضغوط التي مارسها خلال الأشهر الماضية على السعودية والإمارات من أجل فك التحالف النفطي مع روسيا.

واعتبر بايدن أنّ الشرق الأوسط بات “أكثر استقرارا وأمانا” ممّا كان عليه عندما تولّى الرئاسة الأميركيّة في يناير 2021. وأشار خصوصا إلى تحسّن العلاقات بين إسرائيل وبعض الدول العربيّة والذي كان قد بدأ برعاية دونالد ترامب، قائلا إنّ إدارته “تعمل على تعميق” هذه العمليّة و”توسيعها”.

وذكر بايدن أنّه يريد “تحقيق تقدّم” في منطقة ما زالت “مليئة بالتحديات”، من بينها البرنامج النووي الإيراني والوضع غير المستقرّ في سوريا وليبيا والعراق ولبنان.

وقال إنّه لاحظ “اتّجاهات واعدة” في المنطقة، معتبرا أنّ “الولايات المتحدة يمكن أن تقوّيها مثلما لا تستطيع أيّ دولة أخرى أن تفعله”.

وتطرّق الرئيس الأميركي إلى الاتّفاق النووي الذي توصّلت إليه القوى العالميّة مع إيران عام 2015، وانسحب منه سلفه الجمهوري ترامب أحاديا بعد ثلاث سنوات.

وكتب بايدن “ستواصل إدارتي زيادة الضغط الدبلوماسي والاقتصادي حتّى تصبح إيران مستعدّة للعودة إلى الامتثال للاتّفاق النووي لعام 2015”.

ويعتقد أن بايدن سيركز خلال زيارته إلى السعودية وإسرائيل على محورين رئيسيين، هما استعادة نسق العلاقات مع السعودية، والبناء على اتفاقيات أبراهام عبر الترويج لمشروع جديد يقوم على تحالف عربي – إسرائيلي ينحصر بداية في الدفاع الجوي، لمواجهة التحديات الأمنية في المنطقة لاسيما في علاقة بأنشطة إيران وأذرعها.

وحذرت وزارة الخارجية الإيرانية في وقت سابق من أن طرح الولايات المتحدة تعزيز التعاون بين حلفائها الإقليميين في مجال الدفاع الجوي هو خطوة “استفزازية” قد تهدد الأمن في المنطقة.

ويأتي الموقف الإيراني ردا على إعلان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي الخميس أن زيارة بايدن الأسبوع المقبل، سيتخللها نقاش مسألة “تعزيز التعاون الإقليمي ولاسيما في مجال الدفاع الجوي” بين حلفاء واشنطن في مواجهة طهران.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني في بيان ليل السبت إن “طرح هذه المسألة استفزازي والجمهورية الإسلامية الإيرانية تنظر إلى هذه التصريحات من منظور التهديدات ضد الأمن القومي والإقليمي”.

وأضاف “إن محاولة إيجاد مخاوف أمنية جديدة في المنطقة لن تؤدي سوى الى إضعاف الأمن الإقليمي المشترك وتأمين المصالح الأمنية للكيان الصهيوني”، في إشارة إلى إسرائيل.

المصدر من هنا

عن مصدر الخبر

المشهد السوداني