السودان الان

النساء تحت حكم البشير ..!!

مصدر الخبر / جريدة التيار

الحلقة الثالثة

ملفات عالقة

امتداداً لملف السودان ما بعد البشير، نأتي إلى هذا التحقيق، في محاولة للإجابة على السؤال الجوهري، كيف آلت أوضاع النساء في هذه الفترة؟. هل تحسَّنت أوضاع النساء أم تراجعت إلى الخلف؟، وماهي أبرز المعيقات التي تكبلهن وتضع العراقيل في طريق حياتهن الكريمة؟. وتعد الإنقاذ أول نظام يعمل على توسيع مشاركة النساء في السلطة التشريعية والتنفيذية، لكن هل يعني هذا دليلاً على تطور أوضاع النساء الاقتصادية والسياسية والاجتماعية؟ وهل اللواتي شاركن في السلطة عملن لتحسين أوضاع إخواتهن أم إنهن امتداد للنظام ويسرن بتوجهاته؟.وأخيراً وليس آخراً هل نالت المرأة حقوقها شكلاً، وحجبت عنها جوهراً؟.

تحقيق : محمد إبراهيم

عفواً أيها القانون..!!

بما أن القانون أحد حلقات عملية التغيير الاجتماعي والاقتصادي والسياسي للمجتمعات، هنالك عدد كبير من القوانين والتشريعات تحد وتؤثر بشكل مباشر في حياة المرأة السودانية، فهو يتشكل حسب التركيبة الأيديولوجية والعقائدية التي تصوغة حسب رؤيتها وتصورها للواقع والمجتمع، وأبرز القوانين المقيدة للمرأة هي القصور الواضح لقوانين العمل وضعف الرقابة خاصة في القطاع الخاص ويعتبر خبراء قانون العمل إن وضع النساء العاملات في القطاع الحكومي أفضل من رصيفاتهن في القطاع الخاص ويحملون حكومة الإنقاذ كامل المسؤولية لعدم رقابتها وتفتيشها لهذه القطاعات،إضافة لقانون النظام العام والأحوال الشخصية وقانون الشركات، الحركة والمرور، الشباب والرياضة وما إلى ذلك، القوانين المذكورة آنفاً تعتبر من المعوقات التي تقف في طريق تطور مسيرة المرأة السودانية نحو استيفائها لحقوقها الإنسانيةبما في ذلك الأعراف والمعتقدات السالبةلتلعب المرأة دورها في الحياة الاجتماعية والاقتصادية، والسياسية لمجتمعها كإنسان كامل الإنسانية والأهلية.

أعتبر المحامي الشهير كمال الجزولي أن أوضاع النساء في ظل فترة حكم البشير تعتبر الأسوأ مقارنة بالأنظمة السابقة، وأكد أن النظام الحاكم لم يكلف نفسه عناء تغيير الوعي المجتمعي السلبي تجاه النساء وعمل على إبقاء الوضع كما هو عليه، وكرس الجزولي جل نقدة لقانون النظام العام ويجزم بإنه من أبرز القوانين التي تهدر كرامة النساء في البلاد، وقال كمال الجزولي الذي سألته لأغراض هذا التحقيق أن النساء في ظل حكم الإنقاذ تعرضن لظلم فادح في النواحي الاجتماعية والاقتصادية والقانونية التي تتجسد في قانون النظام العام كما يعرف شعبياً ووصفه بالبغيض، سنأتي على تفصيله لاحقاً في الحلقات القادمة .

وأد البراءةوصمت القانون..!!

البحوث والدراسات الحديثة المختصة في ظاهرة زواج القاصرات، تؤكد من جهتها خطورة زواج الطفلة صحياً، وتعرضها لأمراض يؤدي بعضها إلى الوفاة، وأفادت أن 38% من النساء تزوجن في سنٍ مبكرة، حسب مسح أجري في العام 2014، في وقت لم يكتمل فيه نمو الفتاة الجسدي والنفسي والاجتماعي، لمواجهة الحياة الزوجية، وتوضح الأرقام أيضاً أن الغالبية العظمى من المتضررات ينحدرن من عائلات تعاني من أوضاع اجتماعية واقتصادية متدنية وخاصة في المناطق الطرفية والأرياف، وهنا تشير أصابع الاتهام إلى القصور الواضح في القانون الذي لم يمنع هذه الظاهرة ما سنأتي على تفصيله لاحقاً وكشفت الاحصائيات والمسوحات إن اللائي تزوجن مبكراً أقل نسبة في التعليم وبلغت نسبة الزواج المبكر أي زواج القاصرات 11،5% (أقل من 15 سنة)، وبلغ العنف بسبب الأمراض لنسبة 91،7% من النساء حسب مسح 2014م، وتنتشر ظاهرة زواج القاصرات بكثرة في ظل تفشي الجهل والفقر وإجاز القانون تزويج الفتاة عند بلوغها الـ 10 من عمرها، ورغم الجهود الحثيثة للمنظمات الإنسانية والحقوقية، فإن هذا القانون أعطى الضوء الأخضر لهذه الممارسات، التي يسقط ضحيتها بنات السوادن الواحدة تلو الأخرى، بسبب العادات والتقاليد البالية، ومما لا شك فيه أن الزواج من طفلة صغيرة السن يعتبر نوعاً من الأنانية، ويعتبر الإخصائيون النفسيون إن هذا السلوك غير سوي ولا يفكر الشخص الذي يقدم على هذا الزواج إلا في نفسه وحسب، على حساب حياة شخص آخر، إذ تسجن روح الطفلة البريئة طيلة حياتها بناءً على قرار اتخذه غيرها. ودائماً ما تكون هذه الطفلة التي ترغم على الزواج في الصغر غير مهيأة نفسياً وجسدياً لتحمل تبعات هذا الزواج، الأمر الذي قد يسبب لها مشاكل تلازمها طيلة حياتها.

والسودان من الدول التي تجيز زواج الصغيرات حسب قانون الأحوال الشخصية للمسلمين لسنة 1991م، حيث تنص المادة 40 من قانون الأحوال الشخصية للمسلمين لسنة 1991م، على الآتي: (1) لا يعقد زواج المجنون أو المعتوه، أو المميز، إلا من وليه بعد ظهور مصلحة راجحة. (2) يكون التمييز ببلوغ سن العاشرة. (3) لا يعقد ولي المميزة عقد زواجها، إلا بإذن القاضي لمصلحة راجحة، بشرط كفاءة الزوج ومهر المثل. والواضح من هذا النص أن القانون يجيز زواج الصغيرات اللاتي بلغن العاشرة من عمرهن. وهذا النص يشمل الذكر والأنثى من الأطفال، ولكن في الواقع، فإن البنات فقط هن من يُزَوَّجن في أعمار صغيرة، وتشير تقديرات صندوق الأمم المتحدة للطفولة أن ثلث النساء السودانيات اللاتي تتراوح أعمارهن الآن بين 20-24 عاماً كن متزوجات قبل بلوغهن سن 18، وفي المناطق الريفية تبلغ نسبة زواج الفتيات الصغيرات حوالى 39 في المائة، مقابل 22 في المائة في المناطق الحضرية.

الحركة النسوية النشأة والتطور

لنسلط الضوء على المفاهيم العامة لبوادر الحركة النسوية توضح الباحثة ريان المصطلحات النسوية المعاصرة إذ تقول :”لم يكن مصطلح النسائية متداولاً قبل نهاية القرن التاسع عشر ، وتجدر الإشارة إلى أن الكتابة النسائية وجدت قبل القرن التاسع عشر إذ بزغت بذور الفكر النسائي الغربي منذ القرون الوسطى مروراً بالأنوار، بالأضافة إلى الكتابات النقدية المرتبطة بوضعية النساء المعاصرة، وإن النشاطات التي قدمت من أجل إعطاء المرأة حقوقها قد خطت خطوتها الأولى مع بداية حركات التحرر المدني الذي ظهر في عصر التنوير، وأيضا ظهرت هذه الفكرة في فترة الحكم الفرنسي والذي منح الحرية والمساواة لكل الناس، ومطالبة أوليمبي ديجوجوس عام 1791م بإعلانه وثيقة حقوق المرأة وتوفير الالتزامات لها، يرجع مصطلح النسوية (Feminism) إلى أواسط القرن التاسع عشر حيث حدثت متغيرات كبيرة مع الثورات الأروبية وتصاعد الديمقراطية في الغرب ،وقد استخدم في هذه الفترة لأول مرة مصطلح المذهب النسوي ليشير إلى جماعات متغايرة ومترابطة تهدف جميعها إلى الارتقاء بوضع المرأة ودعم مركزها بدفعها للأمام يمكن لمصطلح النسوية أن يوصف ككل الأفكار والحركات التي تتخذ من تحرير المرأة وتحسين أوضاعها بعمق هدفها الأصلي، ويعرف معجم إكسفورت النسوية بأنها 🙁الإعتراف بأن للمرأة حقوقاً وفرصاً مساوية للرجل وذلك في مختلف مستويات الحياة العلمية والعملية ،وعرفت النسوية بأنها مجموعة مختلفة من النظريات الاجتماعية والحركات السياسية والفلسفات الأخلاقية التي تحركها دوافع متعلقة بقضايا المرأة وجميعهم يتفقون على أن الهدف النهائي هو القضاء على أشكال القهر المتصل بالنوع الجنسي ليسمح المجتمع للجميع نساءً ورجالاً بالنمو والمشاركة في المجتمع بأمان وحرية ،ومعظم النسويين مهتمون بشكل خاص بقضايا عدم المساواة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بين النساء والرجال ويجادل بعضهم بأن مفاهيم النوع الإجتماعي والهوية بحسب الجنس تحددها البنية الاجتماعية.

يختلف النسويون حول السبب في انعدام المساواة وكيفية الوصول إليها الذي يجب أن يصل إليه التشكيك في التعريفات المبنية على أساس الجنس والنوع الاجتماعي وانتقادها لهذا كأية أيدولوجيا أو حركة سياسية أو فلسفة فليست هنالك صيغة عالمية موحدة للنسوية تمثل كل النسويين، وتكمن نشاطات النسوية السياسية في قضايا مثل الحقوق الإنجابية والعنف في العلاقات الأسرية وإسقاط الحمل والتحرش الجنسي والتحرش في الشوارع والاغتصاب والتمييز وعدم المساواة في الأجور .

المرأة عالمياً..!!

إعتبَر ميثاق الأمم المتحدة الذي أُعتُمِد في سان فرانسيسكو في العام 1945 أول معاهدة دولية تشير، في عبارات محددة، إلى تساوي الرجال والنساء في الحقوق. وانطلاقاً من إيمان المنظمة الدولية بالمساواة في الحقوق بين الجنسين، أكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) رفضه التمييز على أساس الجنس في مادته الثانية ورفضه للاسترقاق والاستعباد في المادة الرابعة، والتعذيب والمعاملة أو العقوبة القاسية في المادة الخامسة، وأشار في المادة (16) على سن الزواج الذي هو سن البلوغ، والتساوي في الحقوق خلال قيام الزواج ولدى انحلاله. ونصت المادة الثانية عشر من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان : لا يتعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه وسمعته، ولكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات. وبدأت المنظمة الدولية ومنذ وقت مبكر، أنشطتها من أجل القضاء على التمييز ضد المرأة، فأنشأت لجنة مركز المرأة في العام 1946 لمراقبة أوضاع المرأة ونشر حقوقها. وفي إثر شيوع مبدأ المساواة في العالم وفق ما نصت عليه الشرعية الدولية لحقوق الإنسان واستمر الجهد الدولي ثابر من أجل إنصاف المرأة ورفعها من حالة الدونية والارتقاء بها إلى مستوى المساواة وعدم التمييز، عبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1966) واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (1979) والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966)، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلاناً بشأن حماية النساء والأطفال في حالات الطوارئ والنزاعات المسلحة بموجب قرارها بالرقم 3318 في 14 كانون الأول 1974 دعت فيه جميع الدول والأعضاء إلى الالتزام بمبادئ القانون الدولي:

المرأة المنتمية للأقليات وحقوقها: منظمة العمل الدولية أسهمت بتحسين مستويات العمل وعلى جميع الصعد، فأبرمت الاتفاقية رقم 19 لسنة 1952 بشأن المساواة بالمعاملات (حوادث العمل) والاتفاقية رقم 10 لسنة 1951 بشأن المساواة بالأجور. عدم إجراء الزواج تحت السن القانونية وعدم الإجبار على الزواج، وأصدرت الجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة في قرارها المرقم (106/52) لسنة 1995 اتفاقية الطفل، ومن حقوق الطفلة: الحق في الحياة وفي عدم تمييزها عن الذكور وفي التعليم والسلامة البدنية والحماية من الاعتداءات.

تتم أنشطة في ذلك اليوم تهدف إلى زيادة الوعي العام لمناهضة العنف ضد المرأة.

الإنقاذ واتفاقية سيداو…!!

إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة أو سيداو اختصاراً (CEDAW) حسب ويكيبيديا هي معاهدة دولية تم اعتمادها في 18 ديسمبر 1979 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة وتم عرضها للتوقيع والتصديق والانضمام بالقرار 34/180 في 18 ديسمبر 1979. وتوصف بأنها وثيقة حقوق دولية للنساء،لكن لم تصادق عليها حكومة الإنقاذ، ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في 3 سبتمبر 1981، وتعتبر الولايات المتحدة الدولة المتقدمة الوحيدة التي لم تصادق على اتفاقية السيداو إضافة لثماني دول أخرى لم تنضم إليها بالأساس بينها إيران، دولة الكرسي الرسولي، السودان، الصومال وتونغا.

ومن أبرز تحفظات حكومة الإنقاذ على الاتفاقية تكمن في بعض البنود كـالمادة رقم (2): وتتعلق بحظر التمييز في الدساتير والتشريعات الوطنية، والمادة (9): وتتعلق بقوانين الجنسية، المادة رقم (15): وتتعلق بالمساواة أمام القانون، المادة رقم (16): وتتعلق بالزواج والعلاقات الأسرية.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة التيار

عن مصدر الخبر

جريدة التيار