السودان الان

“دبلوماسية النقل والطرق” مباحثات سودانية تشادية تهدف إلى ربط البلدين بالسكك الحديدية والطرق وفتح المعابر البرية بين الدولتين.. هل ستحقق رغبة الشعبين في التواصل والانفتاح؟

مصدر الخبر / صحيفة اليوم التالي

الخرطوم – عبد الرحمن العاجب
بعد قطيعة سياسية دامت لبضع سنين بين الخرطوم وإنجمينا، عاد الصفاء للبلدين، وامتدت أواصر الإخاء والصداقة بكشل إيجابي وعفوي بين الرئيسين (البشير ودبي)، وتبدلت الأحوال بعكس المتوقع، إذ بدا دبي منحازاً لمصلحة الشعب التشادي الذي أكثر ما يكون بحاجة للأمن والسلام والاستقرار، وبادله البشير ذات الإحساس، وبعد أن عادت العلاقات الثنائية بين البلدين إلى طبيعتها، ظلت حكومتا البلدين تبحثان بشكل مستمر العلاقات المشتركة وقضايا السلام والأمن في المنطقة، وسعى الطرفان لتطوير علاقات البلدين إلى أكثر من الواقع الحالي، من خلال تنشيط الأدوار حتى تتكامل لصالح البلدين بغرض تحقيق الأمن والسلام الاجتماعي بينهما.
وفي سياق تطور العلاقات بين البلدين، بدأت أمس الأول (الأحد) في الخرطوم مباحثات مشتركة بين وزارتي النقل السودانية والبنى التحتية التشادية، بهدف متابعة التفاهمات القائمة بين الدولتين، في إطار مشروع الربط السككي والطرقي وفتح المعابر البرية بين الدولتين. وأوضح المهندس مكاوي محمد عوض وزير النقل والطرق والجسور، في تصريحات صحفية، عقب جلسة المباحثات، أن حكومة السودان تولي مشروع ربط السكك الحديدية والطرق البرية، وفتح المعابر بين البلدين اهتماماً كبيراً، مشيرا إلى مواصلة المساعي لإقناع الممولين وإعداد الدراسات وتكوين اللجان الفنية لهذا الغرض، داعياً الجانب التشادي للاستفادة من الميزات الجغرافية والاقتصادية التي يوفرها ميناء بورتسودان لنقل البضائع التشادية.
وبالنسبة لمكاوي، فإن وزارته ملتزمة بتقديم كافة التسهيلات اللازمة لتحقيق مصلحة ورفاهية الشعبين في البلدين، مبيناً أن العلاقات السودانية – التشادية في تنامٍ وتطور ملحوظ في العديد من المجالات، تعززها رغبة الشعبين في التواصل والانفتاح، مبينا أن المباحثات التي جرت بين البلدين جاءت في إطار الجهود المبذولة منهما لتفعيل الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة بين الجانبين في مجالات النقل المختلفة، بحرياً وجوياً وبرياً، باعتبارها العمود الفقري الذي تنبني عليه العلاقات الأخرى بين البلدين الشقيقين، وكانت الخرطوم وإنجمينا وقعتا في وقت سابق اتفاقات تتعلق بربط البلدين من خلال السكة حديد وتسهيل حركة التجارة، بجانب تشييد طرق برية لضمان أكبر قدر من التبادل التجاري.
وبحسب إبراهيم فضل عبد الله، وكيل وزارة النقل والطرق والجسور، فإن المباحثات بين البلدين ناقشت تفعيل مذكرات التفاهم الخاصة في مجالات النقل المختلفة، بجانب الاستفادة من الميزات الجغرافية السودانية في مجال الموانئ وتجارة الترانزيت لنقل البضائع التشادية، وأوضح عبد الله أن الجانب السوداني أوفى بالتزاماته كافة تجاه تحديد المساحات الممنوحة لتشاد بميناء بورتسودان. وتشير متابعات (اليوم التالي) إلى أن تشاد نقلت وارداتها وصادراتها عبر موانئ الكميرون ونيجيريا على المحيط الأطلسي للظروف الأمنية في المنطقة، خاصة نشاطات جماعة بوكو حرام والحرب المفتوحة عليها هناك، وتوجهت شرقا عبر ميناء بورتسودان.
العلاقات التاريخية والجغرافية بين البلدين التي لا يستطيع أحد أن يفصلهما بسبب التداخل الديمغرافي والاجتماعي والتاريخي الموجود بينهما، ساهمت بدورها في عودة العلاقات السودانية التشادية إلى سابق عهدها، أكثر قوة ومتانة وتطورا، وما يعضد ذات الاتجاه وجود أكثر من (33) قبيلة حدودية مشتركة بين السودان وتشاد، وذات القبائل لديها إدارات أهلية في البلدين، الأمر الذي يؤكد أن علاقة الشعبين لا يمكن أن تنفصل عن بعضها بعضا، نتيجة لهذا الواقع الاجتماعي الماثل، ويظهر ذلك بجلاء من خلال الوجود الكبير للمواطنين التشاديين في مدينة الطينة السودانية ومدينة الجنينة، إلى جانب وجود قنصلية بحاضرة الولاية.
بُعد المسافة بين عاصمة البلاد الخرطوم ومدينة (الجنينة) حاضرة ولاية غرب دارفور والتي تبلغ حوالى (1.200) كيلومتر، جعل مواطني الولاية يتجهون كثيرا لاستيراد معظم المواد الاستهلاكية من دولة تشاد، فيما ظل ارتباط حياة مواطني مدينة (الجنينة) أكثر بدولة تشاد، وذلك لاعتبار أن المدى الذي يفصل بين المدينة والأراضي التشادية لا يتجاوز بالعربة الصغيرة حوالى (45) دقيقة، الأمر ذاته جعل الارتباط يتعمق، كما أن الحركة والتجول بين البلدين يبدو سهلا للغاية، الأمر الذي جعل المواطنين التشاديين يفضلون العلاج في مستشفيات السودان بدلاً من دولتهم. وتشير متابعات (اليوم التالي)، إلى أن نسبة (30 %) من التردد بمستشفى الجنينة التعليمي يأتي من دولة تشاد.
وبعد عودة الصفاء بين الخرطوم وإنجمينا والتفاهمات التي وصل لها الحزبان الحاكمان في البلدين (المؤتمر الوطني والحركة الوطنية للإنقاذ) وتوصلهما لقرارات بشأن تطوير العلاقات وتوقيع عدد من الاتفاقيات والبرتكولات في وقت سابق، بلغ عددها أكثر من (33) برتكولاً واتفاقية بين البلدين في مجالات (التعليم والصحة والثقافة وتطوير السياحة في الحدود والنقل وغيرها من الاتفاقيات)، ومن المشاريع الاستراتيجية بين البلدين مشروع خط السكة حديد المرتقب، الذي يربط بين مدينة (نيالا) السودانية حتى مدينة (أدري) التشادية، ومن (أدري) يتجه صوب دولة الكميرون، فضلاً عن الاتفاق على الملف الأمني وتشكيل قوات مشتركة لحماية الحدود بين البلدين.
ووفقاً لاتفاقية حماية الحدود بين البلدين التي بموجبها تم تشكيل القوات المشتركة السودانية التشادية والتي بإمكانها أن تتدخل بموجب الاتفاق لمطاردة متمردي البلدين، فيما تحولت ذات القوات المشتركة في الفترة السابقة من مهمة تأمين الحدود إلى العمل في مجال التنمية في حدود البلدين، وعملت في مجالات إعمار القرى الحدودية والعمل في مشاريع التنمية المتمثلة في توفير الخدمات الأساسية في تلك القرى، وربما لعبت التشابكات والتقاطعات الإقليمية بين دولتي (السودان وتشاد) وما يدور في المنطقة بأسرها، وتحديداً في (ليبيا وأفريقيا الوسطى ومالي والنيجر)، دوراً في عودة العلاقات بين البلدين بشكل استراتيجي، تخوفاً من الخطر القادم على دول تلك المنطقة وتأثيره على أمن البلدين.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي

عن مصدر الخبر

صحيفة اليوم التالي