اخبار الاقتصاد

الريف المهمل.. إنتاج رغم المعاناة

مصدر الخبر / جريدة التيار

إنتاج وفير، مشكلات عديدة، قضايا جمة تطل برأسها في ظل غياب الحكومة؛ ليصبح الإنتاج خالصا بأيادي المزارعين، وأقل ما يمكن أن تقدمه الدولة إلى مواطن الريف تذليل العقبات التي تواجهه مع تخفيف الأعباء
النهود: حمد سليمان الخضر
القرى المنتجة تعيش في ظل ذاكرة النسيان، توقفت عند مناطق الإنتاج الزراعي، زرت قرية الشراتي التي تقبع في الريف الشمالي لمدينة النهود على بعد (26) كلم، علمت من مواطنيها المعاناة التي يعيشون فيها، يسكبون عرقهم خالصاً للإنتاج، تخدمهم مصالحهم البسيطة التي يجنوها، يقومون بزراعة عدد من المحاصيل في تلك القرية من أهمها (الفول السوداني، الدخن، الذرة، البطيخ بكل أنواعه، وإنتاج الصمغ العربي)، علمت أن الإنتاجية لهذا العام عالية إلّا إنها لا تغطي تكاليف الحياة؛ فالإنتاج يرتبط بالمقدرة على تحمل تكاليف الإنتاج أو العمل بالأيدي، وهو الغالب؛ نسبة لأوضاع المواطنين المادية.
تحدث المواطن أحمد الخضر عن واقع الحياة والمصاعب التي يواجهونها بقوله: “الحياة- هنا- تتوقف على العمل والحركة، الحرفة الأساسية للجميع الزراعة، مع اهتمامنا الكبير بإنتاج الصمغ العربي؛ حيث يمثل سلعة نقدية مضمونة ليست كمثل الزراعة المطرية المتذبذبة ما بين الإنتاج وتدني الأسعار، وأحيانا إنتاج الهشاب ضعيف، وهذا يعود إلى أسباب مناخية، والآفات، والرعي الجائر من قبل الأبل التي تقوم بكسر الأشجار، ونحن نهتم بغرس الأشجار عن طريق جمع الثمار ونثرها في الأراضي المعدة للزراعة منذ عملية الحرث، فشجر الهشاب لا ينبت في الأراضي (البور) التي لم تزرع؛ لهذا نقوم بتجديد أماكن الزراعة ما بين فترة وأخرى؛ لإحياء الأرض حتى ينبت بكثرة، بعد عملية النمو تصبح جاهزة للإنتاج، وبعد انتهاء فصل الخريف نقوم بسلخ لحائها بعملية تسمى (طق الهشاب) باستخدام فؤوس صنعت خصيصاً لذلك، وننتظر بعدها فترة حتى يخرج الصمغ عبر تلك المسامات التي حدثت جراء سلخ اللحاء، كل هذه العمليات تتوقف على المقدرة المالية للفرد والاهتمام ومتابعة إنتاج الصمغ.
مشكلات عديدة
تناول محدثي عددا من المشكلات، يقف العطش في مقدمتها، وأضاف “رغم إنتاجنا الزراعي والحيواني إلّا إننا نعاني من مشكلات عديدة بالمنطقة؛ نعاني من العطش حيث يبلغ سعر برميل المياه عشرة جنيهات، مع عدم وجود مركز صحي للأمراض المستوطنة، لا توجد جمعيات منتجين أو جهات حكومية تهتم بنا- منتجين للصمغ- ولو كانت موجودة فهي مجرد أسماء بلا فاعلية، فما نقوم به يتوقف على إرادتنا، وأحيانا لا نستطيع الاهتمام بالإنتاج؛ لعدم كفاية المصروفات، وقد لجأ الشباب إلى العمل في المدن ومناطق التعدين؛ مما أدى إلى تدني الإنتاج طوال السنوات السابقة، همنا الوحيد توفير الاحتياجات التي تساعد في تيسير سبل الحياة، ومساعدة السكان على الاستقرار؛ ففي الآونة الأخيرة ارتفعت نسبة الهجرة ناحية المدينة؛ لأسباب عديدة؛ لأن البقاء في بعض الأوقات يحتاج إلى شخص لديه القدرة على الصمود، وتحمل كل المتاعب من تكاليف معيشية، وإنتاجية”.
غياب الدولة
علمت من بعض مواطني القرية أن الإنتاجية لهذا العام عالية، خاصة في إنتاج سلعة الفول السوداني، والصمغ العربي، إلّا إن الأسعار متدنية مقارنة بارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية.
الأماني في تلك القرى توفر الاحتياجات اللازمة، بجانب الخدمات الأساسية؛ فلم يعد في تلك المناطق مركز صحي يتوسطها، ولا حتى مدارس ثانوية تخفف عنهم عبء الصرف على الطلاب، وتحمل مشاكل سكنهم.
توجهنا نحو القرية التي تبدو عليها آثار الهجرة واضحة؛ بتباعد المنازل؛ ما يعني أن الحياة- رغم جمالها وبساطتها- لا تخلو من القسوة، وعزوا الهجرة الكبيرة من الريف إلى المدن إلى عدم توفر فرص عمل في القرية؛ فيضطر الناس إلى الهجرة للعمل في المدن، والبحث عن الخدمات، كانت هذه القرية في السابق تكتظ بالسكان، لكنها اليوم تعاني تدهورا في كل المرافق حتى التعليم في هذه القرية أصبح ضعيفاً؛ ففي السابق كانت مدرسة الشراتي تتفوق على رصيفاتها.
مقاومة شعبية
شكاوى عديدة تلقيتها تصب في عدم الاهتمام بمكافحة الآفات الزراعية التي تهجم على الزراعة التقليدية لتستقطع منها قوتها، وتبقى لأهلها ما يفيض عن حاجتها، حيث اشتكى مواطنون من كثرة (الجراد) وهجومه على شجر الهشاب، وعلمت أنه يؤدى إلى ضعف الإنتاج، بجانب تعدد الآفات على الفول السوداني حيث تتنازعه آفة (السوسة) تقوم بإتلاف المحصول بعد تخزينة لتبيده تماما، وهناك آفات أخرى تتلفه منذ زراعته تتمثل في (الفئران، والسناكب)، تقوم بحفر المحصول لتلتهمه من باطن الأرض، أما النوع الآخر من الآفات فيقوم بامتصاص الفول، تعارف الناس عليه باسم شعبي يدعى (أم سُفت) تقوم بامتصاص المادة المكونة لبذرة الفول؛ لتبقيها دون فائدة مع خفة وزنها، العديد من الآفات تصيب جميع المحاصيل، وتتباين سبل مكافحتها بالطرق التقليدية، والغالبية يستخدم بدرة السيفين الضارة بالإنسان، لتبقى المشكلة لطالما أن الكفاح يتم بطرق خاطئة.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة التيار

عن مصدر الخبر

جريدة التيار