انتقد خبير إداري مخضرم قرار والي الشمالية المكلف الذي ألغى بموجبه، تحت ضغط الاحتجاجات، قراراً سابقاً بنزع أراض زراعية خصبة خُصصت للمواطنين في منطقة وادي حلفا في أقصى شمال السودان، مشيراً إلى أن القرار اكتنفته عيوب في الصياغة قد تؤدي إلى فقدان مواطني المنطقة مكتسبات سابقة.
وأعلن والي الشمالية بالإنابة، عبدالقادر محمد سعيد، الخميس، عن إلغاء القرار الحكومي المتعلق بنزع أراضي “الإطماء ودلتا الحوض النوبي” بمحلية وادي حلفا، في خطوة تهدف إلى استعادة الاستقرار بالمحلية عقب أسبوع حافل بالاحتجاجات وإغلاق معبر بين السودان ومصر.
ووفقًا لنص القرار الصادر الخميس ودفع به إلى وسائل الإعلام، أعلن الوالي المكلف إلغاء جميع القرارات الحكومية في هذا الصدد، مع الإبقاء على القرار (14) للعام 2006، وتنفيذ جميع البنود الواردة فيه بحسب أسس منح الأراضي في الولاية الشمالية وضوابطها.
ووجه الوالي المكلف وزارة الإنتاج والموارد الاقتصادية بالولاية ومحلية وادي حلفا والجهات المختصة بتنفيذ القرار الصادر الخميس.
واستثنى الوالي في قراره القرارات الصادرة عن المحاكم، وقال إن هناك عدة قرارات صدرت عن الوزراء المتعاقبين على وزارة الإنتاج بالولاية الشمالية، وأنه “حفاظًا على حقوق المواطنين بالولاية، قرر إلغاء جميع هذه القرارات الحكومية”.
وتعليقا على ذلك قال الخبير الإداري محمد عثمان داؤود، الامين العام السابق للمجلس الأعلى للتخطيط الاستراتيجي بالولاية الشمالية، العضو السابق بالمجلس الاستشاري لوزارة الحكم المحلي بولاية الخرطوم، إن القرار الأخير “ألغى أيضاً أهم قرار يحفظ حقوق المواطنين وهو قرار المهندس أحمد البدوي رقم 26 لسنة 2008 الذي خصص مساحة عشرة كيلومترات شرق وغرب بحيرة النوبة للأهالي لإقامة مشروع اعاشي”.
وأضاف الخبير الإداري، إن “صياغة القرار غير محكمة فطالما تم في الفقرة1 إلغاء القرار 108 لسنة 2019 الصادر من الوالي الخاص بالغاء القرار 26 لسنة 2008 فإنه يظل ساري المفعول، ولا داعي لصياغة البند 2 (إلغاء كل القرارات السابقة
الخاصة بأراضي الاطماء)، فألغت ما ثبتته سابقا.
وتابع؛ “ثم في الفقرة 3 نص القرار على الابقاء على القرار 14 لسنة 2006 وهو خاص بالإجراءات الأولية لإعادة المسح والتسوية والتسجيل والتخصيص، وبدلا من الالتفاف، من المفترض أن يتم النص على (إلغاء القرار 130 لسنة 2012 والتأمين على القرارين 14 لسنة 2006 و26 لسنة 2008) لأنهما مكملين لبعضهما البعض، الأول خاص بالتخصيص، والثاني يحدد حرم مساحة التخصيص بعشرة كيلومترات شرقا وغربا، وبدون وجود تحديد لها ستكون هنالك مشاكل، ولذا نصت اتفاقية السلام مسار الشمال على تحديد حرمات القرى ومنع التصديق لأي استثمارات داخلها وإبعاد أي استثمارات بها، والقرار لم يأت بجديد بل هو تأكيد للقرارات التي تم التظلم منها، ولم يأت بجديد من حيث الأثر القانوني.، فأبسط تعريف للقرار الإداري (إنه يصدر بإرادة سلطة تنفيذية مختصة في الدولة لإحداث أثر قانوني بغرض تعديل وضع قائم أو انشاء وضع جديد).
وكان حشد من مواطني وسكان مدينة وادي حلفا اغلقوا طريقًا رئيسياً قرب معبر “أشكيت” الحدودي بين السودان مصر، منذ مطلع الأسبوع الماضي حتى الأربعاء، احتجاجاً على قرار نزع أراضي دلتا النوبة بواسطة الولاية الشمالية وتخصيصها لمستثمرين متنفذين في النظام الباد.
وسبق ذلك، خروج آلاف المواطنين بمدينة وادي حلفا، في مسيرة هادرة، السبت الماضي، طافت ارجاء المدينة تنديدا بالقرار 130 الصادر من حكومة الولاية والخاص بنزع أراضي الجمعيات التعاونية الأهلية وأيلولتها لحكومة الولاية الشمالية. وتصاعدت الاحتجاجات حتى ارغمت والي الشمالية على إصدار قراره الأخير.