السودان الان

“تداعيات إقليمية” العرض الأمريكي لرئيس جنوب السودان بالتنحي.. هل يفتح الباب أمام محاولات أخرى وكيف يؤثر ذلك على عملية السلام والتفاهمات والاتفاقيات مع الجيران؟

مصدر الخبر / صحيفة اليوم التالي

الخرطوم – أفراح تاج الختم
أثارت الأنباء التي تتحدث عن عرض أمريكي لرئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميارديت للتنحي، الكثير من ردود الفعل داخل جنوب السودان وخارجه، لأن أي تغيير في نظام الحكم بدولة الجنوب ستكون له تداعيات داخلية وإقليمية، خصوصا لدى جيران جنوب السودان، ومن أجل ذلك استطلعنا آراء المحللين السياسيين حول الأمر، فكانت الحصيلة أن المؤسسات الديمقراطية في الدولة الوليدة لم يكتمل بنيانها بعد، وأن عملية تغيير قسري ستقود إلى نتائج كارثية.
وفي السياق، يرى المحلل السياسي، عبد الله آدم خاطر، أن دولة جنوب السودان لن تستطيع القيام بدور الدولة الناجحة بعودتها إلى حكم القبيلة، وهذا ما جعل دولة جنوب السودان عبارة عن تكتلات إثنية وبالطبع سلفاكير يمثل الكتلة الأكبر وبالتالي غيابه عن المشهد يعني ظهور المزيد من القيادات غير الفاعلة. ويذهب عبد الله في حديثه لـ(اليوم التالي)، إلى أن مقترح الإيقاد لتوحيد القيادات الجنوبية خصوصا الجمع بين سلفاكير ورياك مشار بأي مستوى هو الخطوة الصحيحة لتطوير التجربة الديمقراطية في جنوب السودان والضمان الوحيد لعلاقات جوار مميزة بين السودان وجنوب السودان على الأقل في الوقت الراهن.
أما الدكتور عبد الرحمن أبو خريس، المحلل السياسي بـ(المركز الدبلوماسي للخارجية)، فيرى
أن أمريكا ندمت على فصل دولة جنوب السودان عن الدولة الأم، وكذلك ندمت لفشل التجربة أو تحقيق أهدافها أو أن يتولى سلفاكير تحقيق مصالحها، وبالتإلى هي تحاول تصحيح الخطأ الاستراتيجي الذي وقعت فيه، وأتاحت فرصة طويلة لسلفاكير لإدارة الشأن الداخلي أو الحركة الشعبية، لكن الحركة الشعبية فشلت في هذه الإدارة بالشكل الذي ترمي له الولايات المتحدة الأمريكية، لكن بعد استمرار فشله والأزمة الإنسانية الطاحنة التي أحدثها، ولتقدم ملف المفاوضات مع السودان، وأيضا إدخال ملف جنوب السودان ضمن الأجندة الخمسة لرفع العقوبات عن السودان، وذلك لخبرة حكومة السودان في هذا الجانب.
ويشير أبو خريس في حديثه لـ(اليوم التالي)، إلى أنه بعد التقدم الذي حدث بين السودان وأمريكا آن الأوان لمستقبل رفع الحصار الاقتصادي، ومن ضمن المؤاشرات أن يكون هناك تحسين للوضع في دولة جنوب السودان، لأن تحسين الوضع مع السودان لوحده دون ربطه بجنوب السودان لا يريح الإدارة الأمريكية، لأنها تريد أن تحقق الهدف الرئيس وهو تصحيح الصورة الذهنية، بأن أمريكا ارتكبت جريمة كبرى بفصلها لجنوب السودان وأهملته.
ويؤكد أبو خريس أن تحسين الأوضاع الاقتصادية في السودان سينعكس على الدولة الحديثة التي ليس لها ميناء، فتحسين الأوضاع الاقتصادية في دولة السودان.
لابد أن ينعكس إيجابا على دولة جنوب السودان لكن الرئيس الأمريكي لديه بعد في رؤيته، أن استمرار الحركة الشعبية في إدارة الجنوب برئاسة سلفاكير تحديداً لا تستطيع أن تستفيد أو تكمل الفوائد الكبيرة من رفع الحظر، وهم يريدون الاستفادة من رفع الحظر بتحسين علاقتهم مع السودان وجنوب السودان بتحسين أوضاعه أيضا.
ويرى أبو خريس أن سلفاكير بعقليته العسكرية وتجربته مع الإنقاذ أصبح كرتاً غير مقبول أو محروق، ولا يحقق الأهداف الأمريكية، لذلك لابد من وضع حد لهذا الخلل الإداري لدولة جنوب السودان، إما بتغيير النظام أو تغيير الرئيس أو الضغط عليه، لتصحيح سياسته تجاه مجتمعه
وترمي أمريكا أيضا إلى أن الحصار الاقتصادي الذي ضُرب على السودان السابق بشقيه عندما يرفع، لابد أن يرجع عائده إلى السودان وجنوب السودان، وتكون ضربت عصفورين بحجر واحد، فصلت جنوب السودان ورفعت الحظر عن السودان وحسنت الأوضاع هنا وهناك (في الدولتين).
من جانبه، يرى الدكتور ربيع عبد العاطي المحلل السياسي في حديثه لـ(اليوم التالي)، أن دولة جنوب السودان دولة تفتقر للرؤية السياسية والبنية الاقتصادية، وأنها دولة وليدة ضعيفة، وأضاف: “بقدر ما شجع الأمريكان انفصال جنوب السودان، بمبادرة منهم للإسهام في إقامة هذه الدولة وإحيائها، إلا أنهم لم يساهموا أي إسهام في اتجاه بناء هذه الدولة”.
ويذهب ربيع إلى أن المشكلة الآن بين الدولتين ليست في الاتفاقيات، فإذا كنت ضعيفا ومضطربا، فلا فائدة من أي اتفاقيات. وأضاف أعتقد الآن أن الاتفاقيات شبه معطلة لأسباب أن الدولة في جنوب السودان دولة متنازع عليها، وبها عدم استقرار وفقر ولاجئون ونازحون، المعيشة نفسها مستوياتها عالية جدا، والسلع الأساسية غير متوفرة. وقال “عندما تكون الدولة قوية وبها قانون، ذلك سيكون مدعاة لتنفيذ أي اتفاقيات سواء كانت مع السودان أو غيره، وبالتالي الآن نعاني من عدم الاستقرار في دولة جنوب السودان، وعدم استقرار الاتفاقيات الموقعة.
لدينا حدود والآن موجات من النزوح واللجوء للولايات الطرفية المتاخمة لجنوب السودان، وكل هذا لن يكون له إسهام إيجابي في مسيرة السلم والأمن في المنطقة الأفريقية، خاصة المنطقة التي لها حدود مع دولة جنوب السودان سواء كان مع الشمال أو مع أي دول أفريقية.
وأكد ربيع أن السودان هو المتأثر الأكبر من عدم الاستقرار في جنوب السودان، بسبب أن حدوده مع دولة جنوب السودان هي الأكبر، وهي تتجاوز الألفي متر، وبالتالي عدم الاستقرار ينعكس على هذه الحدود الطويلة، وفي نفس الوقت عدم الاستقرار يؤدي إلى عدم القدرة في التحكم فيها سواء من قبلنا أو من قبلهم.
أما البروفيسور ديفيد ديشان سياسي، من جنوب السودان، فيؤكد أن شعب الجنوب هو الذي يقرر من يريده حاكماً له، سواء سلفاكير أو رياك مشار أو طرف ثالث، وذلك عن طريق الانتخابات وليس عن طريق قرار من أمريكا. ويضيف في حديثه لـ(اليوم التالي) أن دول الإيقاد الثماني هي التي أسهمت في تعقيد مشكلة جنوب السودان، ونحن كمعارضة لم نقبل بوساطتها لحل الأزمة بين السودان وإثيوبيا وجيبوتي، يمكنهم لعب دور الوسيط في حل مشكلة جنوب السودان، وذلك لأن هذه الدول لم تقحم نفسها في مشكلة جنوب السودان، وأقترح أن يكون الحكم فيدراليا بنظام الإقليم، كما في الولايات المتحدة وكندا وغيرها من الدول.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي

عن مصدر الخبر

صحيفة اليوم التالي