السودان الان

“رسائل فوق الوحل” في العزازي تعهد والي الجزيرة محمد طاهر أيلا بإدخال طريق العزازي القرشي أبو كلاب إلى موازنة الولاية في العام 2018، وضرب أوكار الفساد ومحاربة التسيب بالولاية

مصدر الخبر / صحيفة اليوم التالي

الجزيرة – آدم محمد أحمد
يمنك أن تتخيل منظر مدينة العزازي في الخريف وهي غارقة في الوحل، تبدو أشبه بالبركة أو الحوض الكبير، ترك الخريف آثاره واضحة في بطن المدينة، عندما تدخل إلى هناك تتساءل: كيف تستطيعون الحياة والحركة عندما يبسط الخريف ثوبه ويملأ هذه المساحات؟، لكن الناس هناك تدبروا أمرهم دون انتظار الحكومة، فلربما لم يخل بيت من (بوكس) تعود صناعته إلى الزمن البعيد، فتاريخ العزازي قديم، إذ تشكلت المدينة من خليط بين التجار والمزارعين، ولا تزال تحتفظ بتلك النكهة، على المواطنين هناك تجهيز قوتهم لفترة لا تقل عن شهرين عندما يحل الخريف، لأنها منطقة بلا طرق تربطها بالجوار، تبعد عن عاصمة الولاية مدني حوالي (90) كيلومترا وعن النيل الأبيض الطريق القومي حوالي (70) كيلومترا، مطلب الناس الأول هو (شارع زلط).
اختار الزين علي النعمة رئيس اللجنة العليا المنظمة لاستقبال الوالي كلماته بعناية فائقة فهو أستاذ لغة عربية أمضى الكثير من عمره في اليمن، يقول الرجل مخاطبا أيلا: “كنا منذ زمن ننشد زيارة صانع التنمية وهذه الزيارة هي أشواق لأهل العزازي الذين يرسمون لك صورة خارقة في أذهانهم، صورة الرجل الذي يجلب الأمل ويقبل التحدي”، بتلك العبارات لم يترك الزين فرصة لأيلا كونه حاصره في محيط الأمل وأشواق وتمنيات المواطنين الذين تدافعوا يومهم ذاك تحت لهيب الشمس الحارقة، يقول رجل سبعيني كسيح جاء محمولا بواسطة ابنه إلى مقر الاحتفال: “كالعادة الحشود في هذه المنطقة تقع أيام السوق لضمان وجود الناس ولكن اليوم تدافع هؤلاء دون أيام سوقهم مما يؤكد الرغبة في لقاء أيلا”.. كان واضحا أن أهل الجزيرة يدركون مدى الجدية التي يتمتع بها محمد طاهر أيلا (صانع المدن) كما يلقبونه في لقاءاته معهم، لذلك كانوا يحرصون دائما على إحكام حشودهم وترتيب مطالبهم، يقول أحد أعيان المنطقة: “مشكلة قرى الجزيرة هي الطرق لكونها مناطق متفرقة تنتصف في جوف المشروع العملاق بمساحاته الشاسعة الطينية”.
(1)
العزازي التي يسمونها عروس غرب الجزيرة تضم 24 حيا سكنيا منظما و50 موقعا للسكن الاضطراري، تعتبر المركز التجاري الأول في محلية القرشي التي تتبع لها، يتجمع الناس يومي السبت والثلاثاء من أربع وحدات إدارية لتبادل المنافع في سوق ترتاده أكثر من ألفي سيارة تحمل ما تحمل من الخيرات والسلع والناس، لا مجال للمواصلات الحديثة هناك، فالطبيعة القاسية لا تجامل سوى الباكسي المتهالكة، ينهمك العم عثمان في إفراغ سيارته الصغيرة من البطيخ الطازج يرتبه حسب الحجم والسعر، عندما سألناه عن الأسعار شطح الرجل كثيرا في المبالغة بتحديد سعر أعلى من الخرطوم، وعندما حاججناه قال ضاحكا: “العاصمة يأتيها البطيخ محمولا في اللوري وهنا نحمله في البوكس فمن الطبيعي أن يكون هناك فرق”.
(2)
ويبدو أن أيلا يتكئ في صراعه مع الخصوم في الولاية على محبة ورضا المواطن، ففي العزازي عقد المتجمعون من الناس صغارا وكبارا (بيعة) مباشرة للرجل وأدوا قسم الولاء برفع أياديهم مرددين عبارات السمع والطاعة، لكنهم أبلغوه بأنهم وبجهدهم الشعبي شيدوا مدرستين ومساجد لأداء الفريضة، وقالوا له: “إلا أن الجهد الشعبي مهما بذل يظل محدود القدرات”، وقال الزين الذي تحدث باسمهم، إن انقطاع المدينة حال بينها والاستفادة من خدمات البنك الزراعي الذي عجز عن تمويل العروة للصيفية وإدخال مدخلات الإنتاج بسبب سوء الوصل والتواصل، وزاد: “ما في زول بيقدر على هذا التحدي غيرك وعليَ الطلاق إنت قدره وزيادة”..
ومع تلك الميزة النسبية للعزازي كمنطقة تتمتع بالتجارة وتداول المال إلا أنها تفتقد للخدمات الأخرى وعلى وجه الخصوص الصحة فالمستشفى الوحيد بها لا يتسع إلى ذلك الكم الهائل من الناس، وهو ما جعل أيلا يستجيب لزيادة ﺍﻟﺴﻌﺔ ﺍﻟﺴﺮﻳﺮﻳﺔ للمستشفى ليستوعب 180 ألف ﺣﺎﻟﺔ.
(3)
الشاهد أن أيلا يقوم بتلك الزيارات قبل موعد كتابة موازنة ولايته، فالرجل يعتقد الكثيرون أنه عملي يقرن القول بالعمل، وصراع المجلس التشريعي وأيلا دائما ما يكون حول المال، والذاكرة تحفظ إسقاط خطاب الرجل في التشريعي عندما اعتبر الأعضاء أنه تجاوز السقف كثيرا في الموازنة، لذلك قال أيلا في العزازي ومنطقة عبود بمحلية المناقل إن زيارته تهدف إلى الوقوف على النواقص لتضمينها في الموازنة، وتعهد بإدخال طريق العزازي القرشي أبو كلاب إلى موازنة الولاية في العام 2018 فضلا عن التصديق بسفلتة (5) كيلومترات من الطرق داخل المدينة وأعمال الإنترلوك، وكذا بشر بخمسة كيلومترات أسفلت داخل عبود وسلخانة ومركز للشباب ومدرسة ثانوية نموذجية، وأعلن عن البداية الفورية للعمل في المدرسة الشمالية بمليار وأربعمائة ألف جنيه، وتأهيل شبكات المياه والكهرباء وتأهيل المركز الصحي.
(4)
أنسب مكان للرد على الخصوم هو الوقوف بين يدي الناس وعيونهم الغارقة في التأمل، وكأن ذلك هو المدخل الذي أراده أيلا فعقب كل لقاء يحاول الرجل النيل من مناوئيه، تعهد في العزازي بالعمل على ضرب أوكار الفساد ومحاربة التسيب والمحاولات التي تؤدي إلى الإضرار بإنسان الولاية، وقال: “معكم وبكم تتواصل المسيرة ولن نلتفت إلى كائن من كان والله وحده من نخافه وسنعمل بكل ما أوتينا من قوة لخدمة المواطن دون رهبة وخوف ودون تردد”، وفي عبود في المناقل هاجم من وصفهم بالمرجفين الذين يسعون إلى تعطيل مسيرة التنمية، وقال: “بعزيمة الرجال وسند الجماهير الوفية سنمضي نحو الأهداف والمقاصد التي ترضي أهل الجزيرة الشرفاء”.

يمكنك ايضا قراءة الخبر في المصدر من جريدة اليوم التالي

عن مصدر الخبر

صحيفة اليوم التالي