الخرطوم – أعلن قائد قوات الدعم السريع الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي) السبت المشاركة في قمة أوغندا تلبية لدعوة من الهيئة الحكومية للتنمية “إيغاد”، في حين رفض قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان حضور الاجتماع بحجة أنه لا يوجد ما يستدعي عقد القمة، وهو ما يعكس تخوفه من توقيع اتفاق يصب في صالح دقلو.
ودعت الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا (إيغاد) البرهان ودقلو إلى قمة تستضيفها أوغندا في 18 يناير لبحث النزاع السوداني. وسبق للهيئة أن بذلت محاولات عدة لتقريب وجهات النظر بين المتحاربين.
وقال دقلو عبر منصة إكس “اتساقاً مع موقفنا الثابت الداعم للحل السلمي الشامل، الذي ينهي مرة واحدة وللأبد الحروب في السودان عامةً، وحرب الخامس عشر من أبريل خاصةً، أكدتُ اليوم قبولي دعوة الحضور والمشاركة” في قمة إيغاد.
وأضاف إننا في قوات الدعم السريع نجدد التزامنا بوضع حدٍ لمعاناة السودانيين الناجمة عن هذه الحرب والحروب الأخرى، الدائرة منذ سنوات بأطراف السودان، لينعم كل السودانيين بالسلام الدائم حقاً، والأمن والاستقرار، والتنمية والعدالة والحرية والديمقراطية، والمساهمة في حفظ وصون الأمن والسلم في الإقليم والعالم.
وفي المقابل، رفض البرهان حضور القمة وتذرع بحجج واهية تكشف عن أن حلفائه الإسلاميين الذين يتحكمون في قراراته يخشون من أن يجبر البرهان على توقيع على اتفاق يصب في مصلحة حميدتي، بعد أن تكبدوا خسائر ميدانية عديدة في الفترة الماضية أمام الدعم السريع.
وأعلن مجلس السيادة الانتقالي السبت تلقيه دعوة من “إيغاد” لحضور قمة أوغندا بشأن السودان ومشكلة الصومال، معتبرا أن “ليس هنالك ما يستوجب عقد قمة لمناقشة أمر السودان قبل تنفيذ مخرجات القمة السابقة في جيبوتي”.
وقال المجلس في بيان إن “حكومة السودان تلقت دعوة من إيغاد لحضور قمة في العاصمة الأوغندية كمبالا بتاريخ 18 يناير الجاري لمناقشة مشكلة الصومال وما يدور في السودان”.
وأضاف “تعلن حكومة السودان موقفها: ظللنا نتعاطى بإيجابية مع كل المبادرات وبشكل خاص جهود إيغاد في الوصول إلى سلام في السودان”.
واستدرك “إلا أن إيغاد لم تلتزم بتنفيذ مخرجات القمة الأخيرة في جيبوتي بلقاء رئيس مجلس السيادة وقائد التمرد ولم تقدم تبريرا مقنعا لإلغاء اللقاء – الذي دعت له إيغاد – في 28 ديسمبر 2023 بحجة أن قائد التمرد لم يتمكن من الحضور لأسباب فنية في الوقت الذي كان يقوم فيه بجولة لعدد من دول إيغاد في ذات التاريخ”.
وتابع البيان “ترى حكومة السودان أن ليس هنالك ما يستوجب عقد قمة لمناقشة أمر السودان قبل تنفيذ مخرجات القمة السابقة”.
وشدد على أن “ما يدور في السودان هو شأن داخلي وإن استجابة الحكومة للمبادرات الإقليمية لا تعني التخلي عن حقها السيادي في حل مشكلة السودان بواسطة السودانيين”.
وسيزيد تجاهل البرهان لدعوات الحوار برعاية أفريقية عزلته وسيهز مصداقيته لدى الأطراف الأفريقية المعنية بالحل، خاصة أن خلافه ليس مع كينيا وحدها بل مع مختلف الدول التي تبحث عن حل سريع لوقف الحرب في السودان.
وبعد تسعة أشهر على اندلاع المعارك، حققت قوات الدعم السريع تقدما ميدانيا على حساب الجيش في الآونة الأخيرة، بينما قام دقلو بجولة خارجية هي الأولى له منذ بدء القتال، شملت كل من جيبوتي وأوغندا وإثيوبيا وكينيا وجنوب أفريقيا ورواندا.
وظهر دقلو خلال الجولة الأفريقية في موقع الطرف القوي والواثق بنفسه، وهذا يعود إلى الإنجازات العسكرية التي حققتها قواته في الفترة الماضية، ما يحوله إلى طرف رئيسي في أي حل مستقبلي.
واستفزت زيارات دقلو قائد الجيش والحكومة السودانية بعد استقباله كشخصية سياسية وازنة يتم النقاش معها حول مستقبل السودان وسبل التوصل إلى وقف إطلاق النار، وهو ما يعني المساواة في التعامل بينهما، ما ينسف جهود البرهان في التسويق لنفسه على أنه الممثل الوحيد للدولة السودانية في الخارج، وأن قائد الدعم السريع منشق ولا يمكن التعامل معه من أي جهة خارجية.
وقال قائد الجيش في تصريحات سابقة مخاطبا الدول “التي تستقبل هؤلاء القتلة بأن كفوا أيديكم عن التدخل في شأننا (..) وأن استقبال أي جهة معادية للدولة لا تعترف بالحكومة القائمة يعتبر عداء للدولة”.
كما استدعت الخرطوم سفيرها لدى نيروبي للتشاور احتجاجاً على استقبال الرئيس الكيني وليام روتو لدقلو.
وأودت الحرب بين الحليفين السابقين بأكثر من 13 ألف قتيل وفق تقديرات منظمة “مشروع بيانات مواقع الصراعات المسلحة وأحداثها” (أكليد)، وهي حصيلة يُعتقَد أنها تبقى دون الفعلية.
كما تسببت بنزوح أكثر من سبعة ملايين شخص داخل وخارج البلاد بحسب الأمم المتحدة.
ويتهم طرفا القتال بارتكاب جرائم حرب تشمل القصف العشوائي لمناطق سكنية والتعذيب والاحتجاز القسري للمدنيين.
وفي مدينة بورتسودان بشرق البلاد والتي تحولت الى مقر موقت للحكومة، أبلغت وزارة الخارجية السودانية المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة رمطان لعمامرة رفضها تواصل الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش مع دقلو.
وقال وزير الخارجية المكلف علي الصادق “أبلغنا المبعوث بأن الاتصال قد سبب غضبا ورفضا كبيرا في الشارع السوداني، ونحن نرفض هذا الاتصال مع زعيم حركة قامت بارتكاب انتهاكات فظيعة أدانتها بعض مؤسسات الأمم المتحدة وغالبية المجتمع الدولي”.
وأوضح أن “مثل هذا الاتصال يعطي التمرد شرعية يفتقدها ويحقق أهدافه في الحصول على دعاية إعلامية”
وكان حميدتي قد أعلن الجمعة، أنه اتصل بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش هاتفياً، وبحث معه الأوضاع في البلاد والآثار الناجمة عن الحرب وضرورة تخفيف المعاناة الإنسانية على المدنيين.
وأوضح على حسابه في منصة “إكس” أنه قدم للأمين العام شرحاً مفصلاً للأوضاع الحالية في البلاد، بما في ذلك ما سماه “حجم الانتهاكات الخطيرة التي تمارسها ميليشيا البرهان الانقلابية بحق المدنيين الأبرياء، من قصف للطيران والقتل والاعتقال على أسس عرقية، إلى جانب منع المنظمات الإنسانية من توصيل المساعدات للمدنيين والتضييق على العاملين في الحقل الإنساني”.
كما عرض حميدتي على غوتيريش رؤيته لإنهاء الحرب، وبدأ التفاوض لحل الأزمة من جذورها، وما أطلق عليه “إعادة بناء الدولة السودانية على أسس جديدة عادلة، تحقق الأمن والاستقرار والسلام الشامل والدائم”.
وأبلغ حميدتي الأمين العام ترحيبه بتعيين رمضان لعمامرة مبعوثاً خاصاً للأمين العام للأمم المتحدة في السودان، مؤكداً التزامه التام بالتعاون معه، ومع منظمات الأمم المتحدة جميعها، والإسهام في معالجة الأوضاع الإنسانية التي يواجهها المواطنون في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع.
وعيّن غوتيريش الدبلوماسي الجزائري لعمامرة مبعوثا شخصيا له إلى السودان بعد قرار مجلس الأمن بناء على طلب الخرطوم، إنهاء عمل بعثة الأمم المتحدة السياسية في هذا البلد.