السودان الان السودان عاجل

أفورقي في القاهرة للتنسيق بشأن السودان وتوترات البحر الأحمر

القاهرة- وفّرت مصر وإريتريا دعما معنويا للصومال في خلافه مع إثيوبيا بعد توقيع الأخيرة مذكرة تفاهم مع جمهورية أرض الصومال شبه المستقلة، في وقت يقول فيه مراقبون إن هذا التقارب شكلي ولا يؤثر على إثيوبيا خاصة أنه تحرك بلا خطة واضحة وتحكمه ردة الفعل.

وأكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بعد استقباله نظيره الإريتري أسياس أفورقي في القاهرة، السبت، أنه تم التوافق على ضرورة احترام سيادة دولة الصومال، ودعمها في رفض الإجراءات التي من شأنها الانتقاص من هذه السيادة.

واتخذت مصر موقفا صارما مبكرا ضد مذكرة تفاهم تم الإعلان عنها في يناير الماضي، تحصل بموجبها إثيوبيا على نافذة على البحر الأحمر وقاعدة عسكرية، وأعلنت القاهرة دعمها لموقف مقديشو الرافض لها واستقبلت الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود مؤخرا، وحثت دولتي جيبوتي وإريتريا على رفض الخطوة أيضا.

ورغم التطمينات التي قدمتها أديس أبابا حول الاتفاق وأهدافه وطمأنة الجهات القلقة منه وتمسك أرض الصومال بإتمامه، إلا أن القاهرة تتحرك سياسيا لتفشيله، وتشكك في توظيف إثيوبيا له في جنوب البحر الأحمر لما ينطوي عليه من ملامح عسكرية.

 

ويرى مراقبون أن القاهرة لا تمتلك من أوراق الضغط لمواجهة الاتفاق غير التصريحات أو استقبال رؤساء دول غير قادرة على التأثير بأي شكل على عرقلة التقارب بين إثيوبيا وأرض الصومال، وأن الهدف ربما توجيه رسالة إلى المصريين بأن بلادهم تتحرك ولديها أصدقاء وما زالت تمتلك التأثير في القضايا الإقليمية.

ويفيد الاتفاق أديس أبابا بشكل غير مباشر في تقوية موقفها في أزمة سد النهضة التي وصلت إلى طريق مسدود وحققت فيها إثيوبيا نجاحا وتمكنت من بناء وملء جزء معتبر من السد دون التوقيع على اتفاق مُلزم مع مصر والسودان.

وتعتقد القاهرة أن أفورقي الرجل القوي في منطقة القرن الأفريقي قادر على دعم رؤيتها في مواجهة أديس أبابا التي تبدو علاقته مع حكومتها المركزية متوترة، لكن أفورقي يجيد المواءمات السياسية وينأى عن التحرك بحسم في منطقة مضطربة، ولا يغامر بتبني رؤية حدية يمكن أن تفجر عليه بركانا من المشكلات الداخلية.

أحمد حجاج: زيارة أفورقي في إطار تنسيق الجهود لمواجهة تحركات إثيوبيا
وأكد المتحدث باسم الرئاسة المصرية أحمد فهمي، السبت، أن لقاء السيسي – أفورقي ناقش الأوضاع الإقليمية، وعلى رأسها التطورات الأمنية في البحر الأحمر وأهمية عدم التصعيد واحتواء الموقف.

ولذلك لم تقتصر زيارة أفورقي إلى القاهرة على الأزمة بين الصومال وإثيوبيا، فجنوب البحر الأحمر ملتهب بالتوترات حاليا عقب مهاجمة جماعة الحوثي في اليمن عسكريا لعدد من السفن التابعة لدول مختلفة، والتي ردت، ولا تزال، عليها الولايات المتحدة وبريطانيا، بما ضاعف من أجواء القلق الأمني وأثّر على إيرادات قناة السويس المصرية في شماله، ومصالح إريتريا التجارية في وسطه.

وأوضح الخبير في الشؤون الأفريقية السفير المصري السابق أحمد حجاج أن زيارة أفورقي جاءت في إطار تنسيق الجهود المشتركة بشأن التحركات الإثيوبية حيال أرض الصومال قبل تنفيذ مذكرة التفاهم، والاستفادة من عدم الاعتراف الدولي والإقليمي بالمذكرة الموقعة بينهما، وقياس إمكانية اتخاذ موقف أفريقي جماعي.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن مصر وإريتريا لديهما مخاوف مشتركة من تصاعد الأزمة بين الصومال وإثيوبيا وانفراطها وتطور تبعاتها على دول القرن الأفريقي، وما يضاعف هذه المخاوف هو غياب الاستقرار في البحر الأحمر، وحاجة الدول المطلة عليه إلى إيجاد حالة من الهدوء لا تؤثر على الأنشطة التجارية فيه.

وأشار حجاج إلى أن مصر تستفيد من علاقاتها القوية مع إريتريا في مجالات مختلفة للبحث عن نقاط مشتركة يمكن البناء عليها في حقل التنسيق بشأن حماية الملاحة في البحر الأحمر بوجه عام، والدخول في تعاون مشترك مع الدول المتشاطئة للتقليل من حجم انعكاسات المواجهات بين جماعة الحوثي وبعض الدول الغربية.

ويقول متابعون إن عدم انضمام مصر وإريتريا واللتين لهما حدود طويلة على البحر الأحمر إلى التحالف الدولي المناهض لضربات الحوثيين يعني التحفظ على هذه المواجهة العسكرية والاحتفاظ بمسافة بعيدة عن الجهات المنخرطة فيها، وضرورة التنسيق الثنائي تحسبا لاتساع نطاق التهديدات في المنطقة.

اقرأ أيضا:
• تطوير “رأس الحكمة” لصالح مصر والإمارات معا

ويشير هؤلاء المتابعون إلى وجود قلق مصري من احتمال توتر الأوضاع في شرق السودان وظهور نواة لصدامات أهلية يقودها إسلاميون، فضلا عن اتجاه قيادة الجيش السوداني نحو تطوير العلاقات السياسية مع إيران، وتؤدي المعلومات الرائجة حول تلقي مساعدات عسكرية منها إلى تدهور منطقة الشرق التي تمثل مجالا حيويا لمصر وإريتريا.

وقال المتحدث باسم الرئاسة المصرية أحمد فهمي، السبت، إن الأزمة في السودان حظيت باهتمام السيسي وأفورقي، وتم تأكيد أهمية استمرار العمل المشترك في إطار مسار دول الجوار، من أجل التوصل إلى حلول جادة تفضي إلى وقف إطلاق النار، بما يضع حداً للمعاناة الإنسانية ويحقق الاستقرار والتنمية.

ومع أن الزيارة حملت رسائل سياسية في أكثر من جانب، إلا أن قيمتها العملية محدودة على صعيد الأزمة بين الصومال وإثيوبيا، لأن الأولى تنأى بنفسها عن التصعيد، والثانية تتجنب الدخول في صدامات إقليمية واسعة، وتحصر الاتفاق في نطاق حاجتها إلى منفذ بحري يلبي تطلعاتها الاقتصادية.

ولذلك فالأزمة في السودان قد تكون ذات أولوية عاجلة، لما يمكن أن يتمخض عنها من تهديدات كبيرة على مصالح مصر وإريتريا في البر والبحر.

 

عن مصدر الخبر

جريدة العرب اللندنية