يواجه الجنيه السوداني انخفاضاً مستمراً في سعره مقابل الدولار الأمريكي وبقية العملات الرئيسية الأخرى، مما ينجم عنه ارتفاع حاد في أسعار الصرف الأجنبية، وذلك حتى بلوغ مستويات غير معهودة في تاريخ أسواق العملة غير الرسمية. ويكون لهذا الارتفاع تأثيرات سلبية تؤثر بشكل مباشر على القوة الشرائية للمواطنين داخل السودان.
بعد مرور سنة على تفجّر الحرب في أبريل من عام 2023، تعرّض الجنيه السوداني لهبوط كبير في قيمته، مما أدى إلى وصوله إلى مستوى غير مسبوق من الانخفاض. لقد ارتفع سعر الدولار الأمريكي بشكل ملحوظ؛ إذ تخطى عتبة مهمة حيث وصل إلى قيمة تفوق 1400 جنيه. واصلت الأسواق حالتها المضطربة مع تقلبات شديدة، إلى جانب صعود أسعار العملات الأجنبية، سواء على صعيد التداولات الرسمية أو في السوق السوداء.
شهد الاقتصاد في السودان هبوطاً حاداً وغير معتاد في الفترة الأخيرة، نتيجة لتصاعد المواجهات المسلحة بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع منذ منتصف شهر أبريل من العام 2023. هذه النزاعات أدت إلى دورٍ فعال في ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني، إذ وصل سعر الصرف إلى ما يزيد عن 570 جنيهاً، بل وتعدى حاجز الـ1400 جنيه. تزايد قيمة العملات الأجنبية بمثل هذه النسبة أحدث أثراً بالغ الضرر وواضحاً في الحياة اليومية للمواطنين، وبشكل خاص مع الزيادة المفاجئة في أسعار السلع الرئيسية والخدمات.
تستمر اسعار العملات الأجنبية بتسجيل ازدياد في الأسواق الموازية مقابل الجنيه السوداني، إذ تخطى سعر الدولار الأمريكي للبيع حد الـ 1440 جنيهاً سودانياً، بينما وصل سعر الشراء إلى حوالي 1420 جنيهاً، وذلك اليوم الاثنين. تعيش الأسواق حالة من التقلب في أسعار تبادل العملات الأجنبية، وهي تختلف عن الأسعار الصادرة رسمياً من الجهات الحكومية، الأمر الذي يضفي مزيداً من التعقيد على التعاملات المالية الفردية. وقد جاءت هذه المعلومات ضمن تصريحات مالية صرح بها أحد المراسلين لموقع “أخبار السودان”.
تدل البيانات الإحصائية على وجود زيادة واضحة في قيم العملات الصادرة من دول الخليج بالمقارنة مع العملة السودانية، إذ بلغ سعر صرف الريال السعودي حوالي 378.66 جنيه سوداني، بينما شهد الدرهم الإماراتي ارتفاعاً أيضاً حتى وصل إلى ما يزيد عن 386.92 جنيه. وبنفس السياق، قفز الريال القطري إلى مستوى يتجاوز 389.04 جنيه، الأمر الذي يعكس اتجاهاً تصاعدياً مستمراً. هذه الارتفاعات تعكس تراجعاً متواصلاً في القدرة الشرائية للجنيه السوداني، الأمر الذي ينعكس سلباً على تكلفة السلع والخدمات الرئيسية التي يحتاجها المواطنون في السودان.
تشير متابعات موقع “أخبار السودان” إلى وجود تباين في سعر الدولار الأمريكي بالمقارنة مع الجنيه السوداني عند المقارنة بين مختلف المؤسسات المالية في السودان. كما توجد تفاوتات في أسعار التحويل من بنك لآخر. النتائج المستخلصة من البيانات المتاحة تفيد أن سعر الصرف يبدأ من حوالي 1120 جنيه سوداني في بنك الخرطوم، ويصل إلى حدود 1200 جنيه في بنك أم درمان، فيما يقوم بنك فيصل بتحديد سعره بما يقرب من 1180 جنيهاً سودانياً.
قبل اشهر أعلن وزير المالية بالسودان، جبريل ابراهيم، عن انخفاض قيمة النقد القومي، وقدم خطة للميزانية المزمعة لسنة 2024، مؤكدًا على أن الميزانية تركز على دعم الجيش ومد يد العون للمتأثرين من الصراعات. ويقوم المحللون الاقتصاديون بالإشارة إلى سعي الحكومة المتعمد لاقتناء الدولارات من السوق الغير رسمي لتغطية التكاليف العسكرية وشراء الأسلحة.
تتنبأ المؤسسات المختصة بالاقتصاد بمواصلة الجنيه السوداني هبوطه نظرًا للأزمات الاقتصادية العميقة التي تواجه الدولة. وتظهر الأرقام الصادرة عن السلطات انخفاضًا هائلاً في الإنتاج الوطني ربما يبلغ 40% خلال العام الفائت، الأمر الذي أفضى إلى ارتفاع غير مسبوق في نفقات الحياة اليومية وأسعار السلع والخدمات، وهذا بدوره فاقم من وطأة ظروف العيش للسكان يومًا بعد يوم.
بناء على التصريحات الاقتصادية التي نشرت في موقع “أخبار السودان” والتي أجراها خبراء الاقتصاد، يتسنى لنا التعرف على الجوانب الأساسية التي تؤثر في تراجع قيمة الجنيه السوداني أمام العملات الدولية. تشمل هذه الجوانب ضعف الإنتاج الذاتي وانحسار الصادرات في مجالات حيوية كالزراعة، وتربية الحيوانات، والتنقيب، والتي كان لها في الأسبق دور متميز في توفير العملات الأجنبية للبلاد. إضافةً إلى ذلك، يسهم التدهور الأمني في جمود الأعمال التجارية ويشكل عقبة أمام التطور الاقتصادي، وهذا يظهر بوضوح خصوصًا مع الهجمات المتزايدة التي تجتاح البنوك والمؤسسات المالية، مما ينتج عنه خسائر كبيرة قد تقود في نهاية المطاف إلى توقف نشاطها التجاري.
تواجه المؤسسات المالية والبنوك تحديات كبيرة جراء تقلص رأس المال فيها وانخفاض الموارد المالية الأجنبية المتاحة لها. علاوة على ذلك، تراجعت إيرادات القطاع المصرفي بشكل لافت من جراء العمليات الإستيرادية والتحويلات المالية القادمة من الخارج. ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل قام البنك المركزي كذلك بتقليل الدعم الذي كان يوفره في السابق. هذه الصعوبات دفعت بالمؤسسات المالية لتقييم العملة الوطنية أمام الدولار بشكل لا يعكس الوضع الاقتصادي المتراجع، الأمر الذي أحدث فارقًا كبيرًا بين القيمة الرسمية للعملة وقيمتها الحقيقية في الأسواق الموازية
بهذا الخصوص، توضح الدراسات الاقتصادية بأن الأسباب الأساسية وراء ارتفاع قيمة العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني وتراجعه، تعود إلى الأحداث التي وقعت في شهر أبريل لعام 2023 وما نجم عنها من تبعات. يشير الخبراء إلى أن البنك المركزي في السودان واصل ضخ كميات كبيرة من العملة المحلية في الأسواق، مما ساهم في خفض قيمة الجنيه. ويعتقد المحللون بأن تمسك الحكومة بالسياسات التي تهدف إلى زيادة قيمة الجنيه السوداني دون تأمين الدعم الكافي من العملات الرئيسية الدولية يعد عاملاً رئيسيًا يؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية للجنيه.
يزداد توجه الناس بشكل ملحوظ نحو جمع الدولار الأمريكي، خاصةً أولئك الذين يخططون للتوجه إلى خارج البلاد، وذلك بسبب المصاعب وعدم الاستقرار الاقتصادي الذي يعتري حياتهم. هذه الظاهرة تخلق ضغوطًا متزايدة على العملة الوطنية في السودان، الأمر الذي يسفر عن تراجع قيمتها مقابل العملات الأخرى في الأسواق العالمية.
توقفت عمليات نشر تقارير إحصائية عن مؤشرات التضخم لشهور شباط/فبراير من سنة ٢٠٢٣، وعلى إثر ذلك، ظهرت توقعات صادرة عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، المعنية بمجالات الغذاء والزراعة، توحي بإمكانية تواصل الزيادة في نسب التضخم بالأسواق المالية. كما ظهرت تحليلات تشير إلى أن هذا الارتفاع قد ينجم عنه تجاوز معدلات التضخم للحد الأقصى المقدر بثلاثمائة بالمئة.
تنوية \ نظرا لظروف الحرب لم تحدث غالبية البنوك الاسعار منذ 13 ابريل عدا بعضها ونقوم بالتحديث بشكل مباشر والاسعار في السوق الموازي متباينة وغير مستقرة وتختلف بنسبة كبيرة من تاجر لاخر
متوسط اسعار العملات في السودان في السوق الموازي اليوم الاثنين 22\04\2024م (وقت نشر الخبر )
تنوية \ نظرا لظروف الحرب لم تحدث غالبية البنوك الاسعار منذ 13 ابريل عدا بعضها ونقوم بالتحديث بشكل مباشر والاسعار في السوق الموازي متباينة وغير مستقرة وتختلف بنسبة كبيرة من تاجر لاخر
تنويه \ يختلف سعر الدولار وبقية اسعار العملات من تاجر الى اخر بفارق بسيط لذا يرجى الانتباه والاسعار قابلة للتغيير