السودان الان السودان عاجل

جريدة لندنية : مصر قلقة من استنجاد الــجيش السوداني بقوى خارجية وتستبق عقد مؤتمر القاهرة بالتحذير من ضغوط وإملاءات خارجية

مصر تستبق عقد مؤتمر حول الصراع في السودان بالتحذير من ضغوط وإملاءات خارجية
مقاطعة الجيش السوداني للمؤتمر تحرج القاهرة.

تنظر مصر بتوجس إلى التدخلات الخارجية في الساحة السودانية، وتحاول من خلال مؤتمر منتظر عقده في السادس والسابع من يوليو الجاري، جمع الفرقاء السودانيين للتوافق على أرضية تهيئ لتسوية، لكن متابعين يشككون في نجاح المبادرة.

الخرطوم – استبق وزير الخارجية المصري سامح شكري المؤتمر الذي تعتزم بلاده عقده يومي السبت والأحد المقبلين حول الأزمة السودانية بتوجيه جملة من الرسائل لعل أبرزها أنه لا إمكانية لحل سياسي للأزمة في ظل الضغوط والإملاءات الخارجية.

وبدت تصريحات شكري للوهلة الأولى متماهية مع الخطاب الذي يروجه الجيش السوداني عن تدخلات لقوى إقليمية ودولية ووجود دعم خارجي لقوات الدعم السريع في الصراع الدائر منذ أبريل من العام الماضي، لكن مصادر مصرية نفت الأمر، مستدلة في ذلك باستعانة الجيش نفسه بقوى خارجية مثل روسيا وإيران وتركيا، وهو ما يثير توجسا كبيرا لدى القاهرة.

وتقول المصادر إن مصر قلقة من استنجاد الجيش السوداني بقوى خارجية، وتخشى القاهرة أن يكون لجوء الجيش إلى الخارج مقابل أثمان باهظة على حساب السودان وحسابها.

وتشير إلى أن مصر تحاول تدارك خروج الأزمة السودانية عن السيطرة بدخول قوى خارجية على الخط، وهي تأمل في تحقيق اختراق سياسي في المؤتمر يمهد الأرضية لتسوية، لكن إلى حد الآن لا بوادر إيجابية في ظل عدم حسم الجيش لموقفه من المشاركة في المؤتمر.

السفير صلاح حليمة: قيمة الحضور من شأنها أن تعزز رؤية مصر للحل
وتوضح المصادر أن امتناع الجيش السوداني عن المشاركة بالتأكيد ستكون له تبعاته لجهة العلاقة مع مصر، التي بدت مع اندلاع الصراع أقرب إليه قبل أن تعدل في سياساتها وتنفتح على باقي الأطراف ولاسيما القوى المدنية.

وتشير إلى أن هذا الامتناع بالتأكيد سيشكل إحراجا للقاهرة، التي ترددت طويلا لعقد مثل هكذا مؤتمر حول الصراع الدائر في السودان.

وأكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، الثلاثاء، أن أي حل سياسي حقيقي في السودان “لا بد وأن يستند إلى رؤية سودانية خالصة تنبع من السودانيين أنفسهم دون إملاءات أو ضغوط من أي أطراف خارجية، وبالتشاور مع أطروحات المؤسسات الدولية والإقليمية الفاعلة”.

وشدد شكري، خلال الجلسة الأولى لمنتدى أسوان للسلام والتنمية، على أهمية “معالجة الأزمة من جذورها عبر التوصل إلى حل سياسي شامل حفاظا على مصالح الشعب السوداني ومقدراته، وعلى أمن واستقرار المنطقة ككل”.

وافتتح الوزير شكري فعاليات النسخة الرابعة من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين، والذي تستضيفه القاهرة على مدار يومين، تحت عنوان “أفريقيا في عالم متغير… إعادة تصور الحوكمة العالمية من أجل السلام والتنمية”.

وشارك في الجلسة الافتتاحية موسى فقيه، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، وأحمد أبوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، ولفيف من الوزراء الأفارقة ووفود رفيعة المستوى من مسؤولي الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، فضلا عن ممثلي أهم المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بقضايا السلم والأمن.

وشكل المنتدى فرصة للنقاش بشأن الأزمة السودانية التي تحولت إلى مشكلة كبيرة، في القارة السمراء.

وقال نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير صلاح حليمة إن تصريحات شكري حيال الأزمة السودانية تتناغم مع أهداف المؤتمر المنتظر عقده في القاهرة بشأن الصراع السوداني والذي يأمل في أن يتسم بالشمولية من خلال مشاركة واسعة منتظرة لأحزاب وقوى وتجمعات وأطياف تمثل المجتمع السوداني، إلى جانب منظمات دولية وقوى فاعلة لديها مبادرات عديدة ومهتمة بالأزمة.

وأوضح حليمة أن قيمة الحضور من شأنها أن تعزز رؤية مصر للحل عبر التوصل إلى توافق سوداني عام يمكن أن يكون المجتمع الدولي متابعا وداعما لنجاح ما يجري التوافق عليه.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن محاور المؤتمر تطال القضايا الأمنية والعسكرية والحلول السياسية وإعادة البناء والإعمار، مشيرا إلى أن مصر تبعث برسائل للمجتمع الدولي بأن وقف القتال والانتقال إلى المسار السياسي عملية يجب أن يتوافق عليها السودانيون من دون أي تدخل خارجي من أي نوع، وسط محاولات لعقد لقاء بين ممثلين عن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ضمن إطار المؤتمر الذي تنظمه القاهرة أو ترك هذه المهمة لمنبر جدة كخيار بديل.

فوضى عارمة

وذكر أن حديث وزير الخارجية المصري عن رفض الإملاءات أو الضغوط الخارجية يندرج في إطار محاولات حل الأزمة ويعزز فكرة التعويل على قدرة السودانيين على التوصل إلى توافق عبر اجتماعات القاهرة التي تنظر إليها جهات عديدة على أنها جاءت بحراك من ممثلين عن المجتمع السوداني عبر اجتماعات غير رسمية انعقدت قبل الدعوة إلى هذا المؤتمر، وأن القاهرة ترعى المؤتمر من دون أن يكون لها دور في توجيه ما سيتمخض عنه من نتائج.

وأعلنت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” الاثنين عن المشاركة في مؤتمر القاهرة. وقالت التنسيقية في بيان إن “مكوناتها ستلبي دعوة المشاركة في مؤتمر القاهرة للمساهمة الجادة في بحث سبل إنهاء الصراع المسلح وإحلال السلام في السودان”.

وأشارت إلى أن مكوناتها ستدفع بأولوية معالجة الكارثة الإنسانية التي يعاني منها السودانيون داخل البلاد وفي مناطق النزوح واللجوء، بالإضافة إلى طرح رؤاها الخاصة بتسريع جهود الحل السلمي للنزاع.

ويرى مراقبون أن حضور المكون المدني أمر مهم لكن الأهم هو مشاركة طرفي الصراع وبإرادة حقيقية للتوصل إلى اتفاق، وهو ما لا يبدو متوفرا.

ويشير المراقبون إلى أن تركيز طرفي الصراع حاليا هو على كسب مساحات جديدة، لتعزيز وضعهما الميداني، وإن كانت الأسبقية بالواضح لقوات الدعم السريع.

وواصلت قوات الدعم السريع تقدمها العسكري في ولاية سنّار جنوب شرق السودان حيث سيطرت على مدينة السوكي التي تقع على الضفة الشرقية لنهر النيل الأزرق.

وكانت الدعم السريع سيطرت قبل أيام قليلة على مدينة سنجة عاصمة الولاية، وقبلها فرضت سيطرتها على منطقة جبل مويا الإستراتيجية.

وعلى صعيد العاصمة فقد تجددت المعارك في مدينة أم درمان غرب الخرطوم، وأفاد شهود عيان عن “سماع أصوات اشتباكات بأسلحة رشاشة وقصف مدني في شمال أم درمان”.

امتناع الجيش السوداني عن المشاركة بالتأكيد ستكون له تبعاته لجهة العلاقة مع مصر، التي بدت مع اندلاع الصراع أقرب إليه قبل أن تعدل في سياساتها وتنفتح على باقي الأطراف

وأفاد الجيش في بيان مقتضب عبر حسابه على منصة فيسبوك الثلاثاء بأن قواته “طهّرت اليوم منطقة الدوحة وما حولها (في أم درمان) واستلمت ودمرت عددا من المركبات القتالية لميليشيا آل دقلو الإرهابية وهلاك عدد منهم”.

ويرى مراقبون أن الانتكاسات التي مني بها الجيش دفعته إلى البحث عن انتصار إعلامي في المدينة التوأم للخرطوم، على أمل رفع معنويات عناصره، مشيرين إلى أن الأمور تنسحب إلى غير ما يريد الجيش.

ويلفت المراقبون إلى أن هناك اليوم ثماني عواصم ولايات تحت سيطرة الدعم السريع، وأن الجيش عاجز بالواضح عن وقف تمدد الأخيرة التي باتت تهدد معقل قيادته في الشرق.

ويقول المراقبون إن الواقع الميداني ينبئ بأن الجيش سيكون مضطرا عاجلا أم آجلا إلى الذهاب إلى طاولة المفاوضات، ولكن بشروط الدعم السريع.

ويشهد السودان منذ الخامس عشر من أبريل 2023 حربا دامية بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، أدت إلى أزمة إنسانية كبرى.

وأسفرت الحرب عن عشرات الآلاف من القتلى، لكن لم تتّضخ بعد الحصيلة الفعلية للنزاع، في حين تفيد تقديرات بأنها تصل إلى 150 ألفا، وفقا للمبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو.

ونزح نحو عشرة ملايين شخص داخل البلاد وخارجها منذ اندلاع المعارك، بحسب إحصاءات الأمم المتحدة. ودمرت المعارك إلى حد كبير البنية التحتية للبلاد التي بات سكانها مهددين بالمجاعة.

وتتوقع الأمم المتحدة أن يصل عدد النازحين إلى خارج البلاد مع نهاية العام الجاري إلى 3.3 مليون شخص.

وبحسب بيان لمفوضية اللاجئين الأممية الثلاثاء، فقد انضمت كل من ليبيا وأوغندا إلى قائمة البلدان المستضيفة للنازحين من السودان بسبب الحرب، إلى جانب أفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان.

 

عن مصدر الخبر

جريدة العرب اللندنية