(وكالة أنباء العالم العربي) – اعتبر المتحدّث باسم قوى الحريّة والتغيير–الكتلة الديمقراطيّة محمد زكريا فرج الله اعتذارات بعض الأطراف عن المشاركة في اجتماعات أديس أبابا “لا تتّسق مع مبدأ الحوار ومبدأ الشموليّة ومبادئ الديمقراطيّة الأخرى، ولا تستصحب الوضع الملتهب ونزيف الدماء الذي تشهده البلاد”.
وقال فرج الله في تصريحات لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) الخميس إن “الأزمة السودانيّة لها ملامح مختلفة، منها الملمح المدنيّ الذي يعيش تباينا واختلافا كبيرا. الحوار نافذة لهذه القوى المدنيّة لتقريب وجهات النظر والإسهام من الزاوية السياسيّة والمدنيّة في إيقاف الحرب وفي مداواة آثارها السابقة بالتوافق على القضايا الإنسانيّة (مثل) قضايا الإعانات”.
وتابع “نرى أن القوى المؤمنة بالديمقراطية يجب أن تشارك في كل محفل للحوار. والاجتماع الآن يشهد تمثيلا عريضا للقوى المدنية والثورية ولجان المقاومة والباحثين والأكاديميين والأحزاب والحركات الموقّعة على اتفاق السلام والكتل والتحالفات؛ رغم ذلك، يجب أن يكتمل أيّ حوار سوداني بالاستماع لكافة الأطراف”.
أضاف “الأزمة السودانية معقدة، والوضع السوداني الراهن حساس. هناك نزيف للدماء؛ وهذا الواقع يستوجب أن ينخرط جميع السودانيين لجهة الوصول لحل للأزمة، وبالتالي التنازل عن الاشتراطات، والقبول بالآخر، والتمسك بقيم الحوار والقيم الديمقراطية من الشمولية وعدم الإقصاء”.
وكان مجلس السلم والأمن الأفريقي قد شكّل لجنة خاصة من رؤساء حكومات أفريقيّة للتواصل مع طرفي الصراع في السودان، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان (حميدتي)، بهدف الوقف الفوري للقتال ودون شروط؛ وبدأت المناقشات الأوليّة للاجتماع في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا أمس الأربعاء.
تفاؤل رغم التباين
وعلى الرغم من اعتذار بعض الأطراف عن المشاركة في الاجتماعات وإشارته إلى تباينات في وجهات نظر المجتمعين، فقد أبدى فرج الله تفاؤله بالتأسيس لحوار سودانيّ بيني، وعبّر عن أمله في أن تخلُص الاجتماعات إلى “مخرجات تؤسّس لعمليّة حواريّة معافاة”.
وقال زكريا، وهو أيضا نائب الأمين السياسيّ لحركة (العدل والمساواة)، إنّ هناك تباينا في التصوّرات “حول العمليّة السياسيّة في مجملها” لكنه اعتبر هذا أمرا “طبيعيّا، بحكم أنّ الأطراف المشاركة تأتي من خلفيّات فكريّة وأيديولوجيّة ومدارس سياسيّة مختلفة”.
وأشار إلى أنّ من بين النقاط محلّ التباين في وجهات النظر بين المكونات المشاركة “مسائل مثل المبادئ العامة الهادية بالنسبة للحوار السودانيّ والضابطة له، مثل مسألة الشمول؛ مثل مسألة أن يكون الحوار سودانيّا؛ مثل مسألة التوافق على دور المجتمع الدوليّ والإقليميّ؛ مثل مسألة المواءمة بين المسارات السياسيّة المدنيّة والمسار العسكريّ والأمنيّ”.
غير أنه أردف قائلا إن “هناك رغبة حثيثة من كلّ الأطراف في الوصول لبرنامج حدّ أدنى يمثل اختراقا حقيقيّا في المشهد السودانيّ… ينعقد اجتماع أديس أبابا عقب انعقاد اجتماعات دعت إليها الخارجيّة المصريّة في العاصمة المصريّة القاهرة، والّتي مثّلت أيضا اختراقا كبيرا أزال بعض الجفوة الماثلة بين الأطراف المدنيّة”.
أضاف “هذا الاجتماع (في أديس أبابا) يأتي معضّدا وخطوة إضافيّة بالتأكيد ستُسهم في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء المدنيّين… أكبر التحديات التي واجهت المبادرات السابقة، حتّى قبل تفجّر حرب 15 أبريل (نيسان)، كانت متعلقة بعدم التحضير الجيّد للحوار”.
وتابع “الآن، الاتحاد الأفريقي يعالج هذه المسألة بالجلوس مع قطاع عريض من الأطراف والاستماع إلى وجهات نظرهم حول الموضوعات المطروحة، وهو الاتجاه الصحيح؛ بالتالي، نعم المستقبل نراه مشرقا؛ في ظلّ كذلك الدماء التي تنزف الآن، هذا عامل إضافي يجبر السودانيين على تقديم مزيد من التنازلات لصالح السلام والاستقرار”.
توفيق الرؤى
وأوضح فرج الله أن الاجتماعات تناولت الإجراءات التحضيرية للحوار السوداني-السوداني، قائلا إن “في هذا الإطار حتى الآن كل النقاش ينحصر في المسائل الإجرائية للقضايا اللازمة لانعقاد الحوار” ومن بينها الوقوف على مواقف القوى المختلفة حول الإطار العام للعمليّة السياسيّة ومراحلها وأهداف كلّ مرحلة.
أضاف “الاتحاد الأفريقي استبق هذه الاجتماعات بلقاءات ثنائيّة تشاوريّة تمهيدية للتحضير لهذا الاجتماع؛ خلال تلك اللقاءات، طرَح (الاتحاد) عدّة قضايا لاستكشاف مواقف الكتل المختلفة حولها… هذه الاجتماعات الآن تركّز على توفيق رؤى الكتل والمجموعات المختلفة حول هذه المسائل الإجرائية”.
وذكر أن من بين تلك القضايا “مشاركة الإسلاميين، وقضية وضعية المؤتمر الوطني في العملية السياسية، والعلاقة بين المسارات، مسار الحوار السوداني والمسار العسكري الأمني”.
وقال “كلّ مجموعة تحمل رؤيّة حول تصور للعمليّة الحواريّة؛ ورؤية الكتلة الديمقراطية التي أنتمي إليها رؤيتها أن يتم تقسيم الحوار إلى مرحلتين، مرحلة الحوار التحضيري ثم مرحلة الحوار النهائي”.
وتابع “في مرحلة الحوار التحضيري، يجب أن تتفق الأطراف المشاركة في الحوار على القضايا التي يمكن أن تطرح في الحوار، على تمويل هذا الحوار وكيفية إدارة هذا الحوار واتخاذ الإجراءات وتأريخه ومجمل القضايا الإجرائية”.
أضاف “هناك مجموعات أخرى تحمل رؤى مغايرة؛ والنقاشات التي بدأت منذ اليوم الأول لهذه الاجتماعات تحاول التوفيق بين هذه التصوّرات المتبايّنة للخروج بمواقف موحدة حول هذه المسائل الإجرائية”.
وبينما عبّر فرج الله عن أمله في أن تتفق الأطراف المشاركة على آليات محددة قبل اختتام الاجتماعات، فقد قال إنه “ربما أيضا يتم تاجيل هذا الأمر إلى مراحل لاحقة؛ لكن القاسم المشترك الآن هو رغبة جميع الأطراف في التوافق والتفاهم حول تصور عام للعمليّة السياسيّة يعجّل من جلوس السودانيين في المرحلة النهائية للحوار السوداني-السوداني”.