السودان الان السودان عاجل

أماني الطويل تتحدث عن السودان إلى أين والوضع السياسي والميداني

مصدر الخبر / السودان نيوز

مصر \النادي السياسي  يعقد ندوة بعنوان السودان إلى أين؟

أماني الطويل: تسببت النزاعات المسلحة في تغيير المشهدين السكاني والإنساني في السودان والدول المجاورة والخطاب السياسي لقوات الدعم السريع يتميز بالتلاعب ويفتقر تماماً إلى المصداقية.

 

قالت الدكتورة أماني الطويل، الباحثة في الشأن السوداني، إن التفاعلات العسكرية في السودان تبدو وكأنها تسير نحو كارثة مؤكدة للمدنيين، بينما يتوقف المسار السياسي التفاوضي تماماً تحت وطأة خطابات الانتقام والثأر على جميع الأصعدة العسكرية والسياسية، وربما تمتد لتشمل الأهلية أيضاً. وفي هذا السياق، لا يبدو الجيش السوداني قادراً حتى الآن على حسم الصراع العسكري على امتداد الجغرافيا السودانية، رغم محاولاته المستمرة في إيجاد حلفاء له على الصعيدين الإقليمي والدولي، لضمان حصوله على التسليح والتدريب الضروريين بشكل ملح. وفي الوقت نفسه، تعمق التفاعلات السياسية والاجتماعية السودانية على المستوى الداخلي حالة الاستقطاب السياسي المعقدة والتي تنبثق من سببين: الأول هو تعمد قوات الدعم السريع ترويع المدنيين مما ينتج عنه سقوط مئات الضحايا، والثاني هو تمسك الجيش بمواقفه المتشددة من خلال قائدها الفريق أول عبدالفتاح البرهان الذي توعد بالرد القاسي على الدعم السريع ورفض المشاركة في أي مسارات تفاوضية، بالإضافة إلى قطع الطريق أمام أي تفاعل مع السياسيين، وخصوصاً مع تنسيقية “تقدم” التي يعتبرها متواطئة مع قوات الدعم السريع.

 

جاء ذلك خلال ندوة بعنوان “السودان إلى أين”، التي نظمها النادي السياسي لحزب التجمع، بحضور عدد كبير من القيادات والكوادر الحزبية وضيوف من القوى السياسية السودانية المقيمين في القاهرة. أدار اللقاء الدكتور محمد رفعت، المنسق العام للنادي السياسي وعضو المكتب السياسي بالحزب.

 

وأضافت “الطويل” أن السبب الثاني لمشهد الاستقطاب السياسي في السودان هو فقدان المدنيين لدورهم وممتلكاتهم ونزوحهم داخلياً وخارجياً، وتعقد المواقف في المنافي المختلفة مما يؤجج خطابات الكراهية التي تغذيها وسائل التواصل الاجتماعي. هذه التفاعلات المركبة تفسر لنا مطالب الحكومة السودانية، كما عبرت عنه وزارة الخارجية في بيانها الأخير، بتصنيف قوات “الدعم السريع” كجماعة إرهابية، إذ تتهم المجتمع الدولي بالمسئولية الكاملة عن محارق المدنيين السودانيين التي ترتكبها هذه القوات، وذلك مع تقاعسه في الاستجابة لهذا المطلب المتكرر من جهة، وتصنيفه لها كطرف عسكري مرشح أن يكون شريكاً للجيش في عملية تفاوضية، من جهة أخرى. ومع ذلك، تم تصميم العديد من الجهود خلال الأشهر الماضية بين واشنطن وأديس أبابا والقاهرة، وأنتجت مؤتمرين لمعسكري القوى السياسية السودانية، أحدهما في القاهرة للقوى السياسية والفصائل المسلحة المتحالفة مع الجيش في بداية مايو الماضي، والآخر في أديس أبابا للقوى المحسوبة على الثورة السودانية خلال الشهر ذاته. وقد شهدت هذه الفترة تقارباً معقولاً بين مصر وتنسيقية “تقدم” بقيادة رئيس الوزراء السوداني السابق عبدالله حمدوك، الذي تم استقباله في القاهرة لإجراء محادثات معمقة في أبريل الماضي. يبدو أن الهدف النهائي من ممارسات الاستقطاب السياسي هو منح الجيش وقتاً كافياً لتشكيل تحالفات دولية توفر له دعماً تسليحياً مناسباً لحسم المعارك عسكرياً، وبذلك يضمن خطاب الاستقطاب السياسي البيئة المناسبة لعودة الإسلاميين، ربما من الجيل الرابع في الحركة القومية الإسلامية، لحكم السودان، ولكن هذه المرة تحت لافتة التكنوقراط، وليس تحت أي لافتات أيديولوجية.

 

وأوضحت “الطويل” أن الخطاب السياسي لقوات الدعم السريع يظهر غير موثوق ومراوغ بخصوص مسألتي التفاوض ووقف الحرب. فالأداء العسكري على الأرض يشير إلى توسيع نطاق الحرب والسعي لتفكيك مؤسسة القوات المسلحة السودانية عبر استمرار الضغط عليها في عمليات عسكرية غير مبررة على امتداد الجغرافيا السودانية. وتعتمد تكتيكاتها بشكل أساسي على ضرب مقومات الحياة للمدنيين في المناطق المختلفة، من خلال تدمير محطات المياه أولاً. وبدلاً من إصدار خطابات سياسية علنية، تستخدم قوات “الدعم السريع” وسائل التواصل الاجتماعي في معاركها ضد الجيش. ولا يمكن تبرير عملياتها ميدانياً من الناحية الأخلاقية أو السياسية، خاصة فيما يتعلق بالاعتداء على المدنيين، كما أنها تروج خطاباً شعبوياً معادياً للجيش وحلفائه. ويبدو أن الغرض النهائي لقوات “الدعم السريع” هو السيطرة على السلطة بشكل منفرد، حتى وإن كان ذلك على حساب بلد مهلهل، وذلك في سيناريو مشابه لما حدث في الصومال عند إسقاط الجيش.

 

وأشارت إلى أن المشهد السوداني الحالي، بما يحمله من انقسامات سياسية، يهدف إلى خدمة مصالح معينة لكل جناح عسكري يبدو أنه يعوق الجهود المبذولة لحل الأزمة من خلال التفاوض والتوجه نحو السلام. هذا الوضع يعرض جهود المجتمع الدولي والإقليمي التي تمت خلال الأشهر الماضية للخطر وربما تصبح غير فعّالة. الأزمة السودانية تدور في حلقة مفرغة من تدهور الدولة والنزاعات العسكرية التي غيرت المشهد الديموغرافي والإنساني، ليس فقط في السودان، بل أيضًا في المناطق المجاورة المحيطة. حيث أُجبر الملايين على مغادرة بيوتهم، مما ينذر بخطر الجوع والمجاعة الشديدة التي قد تؤثر قريباً على ربع السكان.

 

 

 

وأوضحت “الطويل” أن العديد من القيادات والرموز السودانية يتساءلون عن طبيعة الموقف المصري في السودان في هذه الفترة، ويستحضرون مقولة الرئيس السيسي المعروفة بشأن ليبيا التي قال فيها إن ليبيا خط أحمر. جميع هؤلاء يثيرون تساؤلاً جوهرياً مفاده: هل السودان أقل أهمية لمصر؟

 

بطبيعة الحال، يخشى معظمهم ما يسمونه غياب مصر عن التفاعلات السودانية، والذي قد يؤدي إلى معادلات عسكرية وسياسية غير مستقرة في وقت حساس. هذا يشمل جهود وقف الحرب، أو الترتيبات التي تليها، حيث يأمل أن يتم تحقيق توازن للسودان، وهو توازن لا يمكن تحقيقه دون دور مصري يعترف به جميع الفاعلين، وخصوصا الدوليين.

 

وأردفت قائلة، يبدو أن هذه التساؤلات تنبع من الغياب شبه التام للتصريحات السياسية المصرية حول التطورات في السودان، وأيضا توقف الحديث المصري والتفاعلات المتعلقة بمبادرة دول جوار السودان في القاهرة، التي نجحت مصر في جمع كل دول جوار السودان منتصف العام الماضي. حينها، عقدت المبادرة اجتماعا وحيدا في إنجمينا، عاصمة تشاد، لكن توقفت بعد أن صرّح سامح شكري، وزير الخارجية المصري، بأن الوضع في السودان ضبابي وغير واضح. كذلك، تتعلق هذه التساؤلات بالموقف المصري من أطراف الصراع في السودان، ومدى قدرة مصر على التفاعل مع قوات الدعم السريع وقائدها حميدتي، بعد انتشارهم الميداني في مواقع مهمة، خاصة في منطقة وسط السودان التي لها علاقة تاريخية تفاعلية مع مصر.

 

وقالت الباحثة في الشؤون السودانية إنه تتفق على أن الغياب المصري السياسي العلني عن المعادلات الراهنة يشكل خسارة مشتركة لمصر والسودان معًا، وذلك بناءً على أن مصالح كلا البلدين متداخلة ومتأثرة بالأخرى، بل تُعتبر حيوية وتحظى بأعلى درجات الأهمية الإستراتيجية. فلا يمكن، على سبيل المثال، أن تخلو تصريح الخارجية المصرية بشكل شبه دوري من التأكيد على ضرورة وقف الحرب، أو توضيح الجهود المصرية في هذا المجال، أو الحديث عن تطورات الرؤية المصرية بشأن التفاعلات السودانية. وفي سياق موازٍ، يظهر موقف الجامعة العربية غير نشط بالشكل المطلوب رغم حضور ممثل عنها في قمة “إيجاد” الأخيرة التي عُقدت بكمبالا. ومن المطلوب أن تكون هناك خلية عمل لا ينقطع نشاطها اليومي، على الأقل فيما يخص الأوضاع الإنسانية في السودان.

 

يبدو لنا أيضاً أن التحرك المصري يتسم بالكثير من الحذر، خاصة مع وجود إرادة سودانية مشتركة لأطراف الصراع على استمرار الحرب، رغم التصريحات المستمرة من حميدتي، قائد قوات الدعم السريع، بأنه يقبل التفاوض ويرغب في السلام، إلى جانب ما يظهر من تصريحاته من ملامح مشروع سياسي مستقبلي.

 

 

 

بوجه عام، وبالرغم من تقديرنا لمدى ثقَل الأعباء التي تتحملها مصر فيما يتعلق بالوضع في السودان، وهو يتزامن مع تحديات أخرى ذات أهمية وحجم لا يقلان عنه، فإن السودان يبقى دائماً مسألة حساسة في وجدان المصريين. وهذا يتطلب اهتماماً خاصاً من الجهات الرسمية، بالإضافة إلى متابعة مستمرة للتطورات السياسية والعسكرية. يأتي ذلك استجابة للاهتمام الكبير من جانب الرأي العام المصري بالسودان وشعبه.

 

عن مصدر الخبر

السودان نيوز

السودان نيوز – وجهتكم الموثوقة للحصول على أحدث وأهم الأخبار السودانية خدمة إخبارية متميزة نقدمها من موقع أخبار السودان، حيث نسعى لتغطية الأحداث المحلية التي تهم المواطن السوداني. السودان نيوز تهدف توفير المعلومات الدقيقة والشاملة، تقديم محتوى إعلامي يعكس صوت الشعب السوداني.