يعيش السودان حالياً موجة من الاحتجاجات الواسعة التي تطالب بإنهاء الحرب المدمرة في البلاد.
تقود الحراك مجموعة من القوى السياسية والنقابات المهنية، مع آمال بأن يسهم ذلك في تحقيق نجاح محادثات وقف إطلاق النار بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، المقرر أن تبدأ في جنيف بسويسرا في الرابع عشر من الشهر المقبل.
وجدت الحملة التي أطلقتها لجنة المعلمين السودانيين لوقف الحرب، اليوم السبت، استجابة كبيرة من مختلف القوى السياسية والمهنية التي سارعت في الترحيب بها، مشيرة إلى دعمها ومساندتها حتى تحقق أهدافها.
صرح المتحدث باسم لجنة المعلمين السودانيين، سامي الباقر، أن الحملة التي بدأت السبت تهدف إلى تسليط الضوء على صوت المعارضين للحرب والمطالبة بالسلام، نظراً لأن قطاع التعليم يعد من أكثر القطاعات تأثراً بالنزاع.
أشار الباقر إلى أن المعلمين هم الأكثر قدرة وكفاءة لقيادة الحركة الشعبية في السودان التي ترفض استمرار الحرب.
أكد في تصريح له لموقع “إرم نيوز” أن الحملة ستستمر حتى تحقيق الهدف المنشود، من خلال تنظيم فعاليات متنوعة ومتعددة ستكون بمثابة نواة لجمع الرافضين للحرب من جميع فئات الشعب السوداني.
وأشار إلى أن المعارضين للحرب يمثلون الكتلة الأساسية والأغلبية التي لا تعبر عن آرائها.
وأشار إلى أن الحملة التي تهدف إلى إنهاء الحرب، من خلال برنامج للتعاون مع الكيانات الأخرى المعادية للحرب، مستمرة ضمن إطار موحد للضغط على الطرفين المتنازعين لوقف الصراع، بعد أن فقدت أي دعم شعبي وأي شرعية لاستمرارها.
وأضاف: “الحرب في الأصل لا تحظى بدعم من الشعب السوداني، ولا يوجد لها أي شرعية، لكن أصوات الداعين إليها كانت مرتفعة بسبب التضليل الذي يتبعونه”.
وأضاف: “حان الوقت لظهور الصوت السوداني الذي يعارض الحرب، بعد مرور 16 شهراً وكشف الفظائع الناتجة عنها، وستستمر الفظائع إذا استمرت الحرب”.
مذكرات للضغط الدولي
أعلن سامي الباقر أن لجنة المعلمين، بعد التواصل مع القطاعات الرافضة للحرب، ستعمل على توجيه مذكرات مشتركة قبل محادثات جنيف المقبلة إلى جميع الفاعلين في الأزمة السودانية والمجتمع الدولي والشركاء، مطالباً إياهم بتحمل المسؤولية والضغط بجدية على الأطراف المتناحرة لوقف الحرب، وإلا سيكون هناك خطوات أخرى.
وأفاد بأن “طريقة المماطلة وتأجيل الأمور التي استمرت لمدة 16 شهرًا يجب أن تنتهي، ويجب اتخاذ خطوات حقيقية لوقف الحرب دون ربطها بأي عملية سياسية يختلف حولها”.
وأضاف: “يجب أن تتوقف الحرب أولًا وتصل المساعدات الإنسانية، ليستعيد الشعب حياته الطبيعية، وبعد ذلك نفكر في كيفية إجراء عملية سياسية. لكن ربط الحرب بالمطالب التي يطرحها كل طرف يعد استهتارًا بحياة الشعب السوداني”.
سارعت العديد من الفئات في السودان لدعم حملة لجنة المعلمين لإيقاف الحرب، وسط دعوات لجميع الكيانات الثورية والمدنية للانخراط في جهود مكافحة الحرب، ورفع الصوت المدني لتحقيق السلام، وإنهاء معاناة الشعب السوداني من النزوح، والتهجير، وموجات القتل.
كفة راجحة
توقع المحلل السياسي علي الدالي أن يحقق الحراك الشعبي والفئوي المعارض للحرب هدفه في إقناع الجيش السوداني بقبول الدعوة الأمريكية والتوجه إلى جنيف لإجراء مفاوضات مع قوات الدعم السريع بهدف إنهاء الحرب.
قال الدالي لموقع ـ”إرم نيوز” إن الحملة التي أطلقتها لجنة المعلمين السودانيين قد حظيت بتفاعل كبير، بالإضافة إلى الحملات الأخرى على وسائل التواصل الاجتماعي التي تطالب الجيش السوداني بالذهاب إلى جنيف من أجل إنهاء الحرب، مما يشير إلى أن المحادثات القادمة قد تسفر عن اتفاق لوقف إطلاق النار.
وأضاف: “التفاعل مع دعوة محادثات جنيف والردود عليها تشير إلى أن الغالبية بين المواطنين تميل نحو وقف الحرب، حتى المعسكر الذي يدعم استمرارها أصبح الآن منقسمًا بين قبول الدعوة أو رفضها”.
وأفاد بأن جميع المعطيات تشير إلى رفض استمرار الحرب، مما قد يدفع الجيش إلى اتخاذ قرار بالتوجه إلى سويسرا للجلوس مع قوات الدعم السريع حول طاولة المفاوضات، بعد التفاعل الواسع من الشارع السوداني مع الدعوة ومطالبته بوقف إطلاق النار.
اعتبر الدالي أن انضمام النقابات والهيئات المهنية إلى حملة وقف الحرب يُعتبر عاملًا مهمًا، لأنها تتمتع بقواعد جماهيرية كبيرة وتحظى بالاحترام والقبول بين أوساط الشعب السوداني. وذلك لأنها ليست هيئات سياسية بل مهنية، وفقًا للتجارب السابقة كما في تجمع المهنيين الذي قاد الاحتجاجات التي أدت إلى إسقاط نظام الرئيس السابق عمر البشير.
لم يصرح الجيش السوداني بعد برأيه حول الدعوة الأمريكية للذهاب إلى سويسرا واستئناف جولة جديدة من المحادثات لوقف إطلاق النار مع قوات الدعم السريع، المقررة في 14 من أغسطس المقبل.
تداول ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي بيانًا منسوبًا للجيش السوداني يرحب فيه بالدعوة لإجراء محادثات في سويسرا ويعلن عن مشاركته فيها بهدف التوصل إلى وقف إطلاق النار.
لكن المتحدث باسم الجيش نفى لاحقًا ما ذُكر في البيان، مؤكدًا أن الجيش لم يصدر أي تعليق حول الدعوة الأمريكية.
من جهة أخرى، استجاب قائد قوات الدعم السريع الفريق محمد حمدان دقلو بسرعة ورحب بها، مُعلنًا عن مشاركته في المحادثات.