تستقبل العاصمة المصرية القاهرة مشاورات بين وفد من الحكومة السودانية والمبعوث الأمريكي إلى السودان، توم بيرييلو، لمناقشة تنفيذ مخرجات “اتفاق جدة” لوقف القتال في السودان. يأتي ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه واشنطن عن استمرار المفاوضات في جنيف “من أجل تحقيق التزامات من الجانبين لإنهاء الأزمة”.
عقب اتصالات مكثفة من الوسطاء مع قائد الجيش ورئيس “مجلس السيادة” السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، قررت الحكومة السودانية، التي تتخذ من بورتسودان مقراً لها، إرسال وفد إلى القاهرة للقاء وفد من الإدارة الأمريكية “لمناقشة تنفيذ (اتفاق جدة)”.
ذكرت مصادر سودانية مطلعة أن “مشاورات وفد الحكومة السودانية مع المبعوث الأميركي ستستمر لمدة يومين”، وأشارت، في تصريحات لها لصحيفة “الشرق الأوسط”، إلى أن “الوفد الحكومي سيشمل وزير المعادن السوداني محمد بشير عبد الله، وسفير السودان في القاهرة عماد عدوي، بالإضافة إلى مفوضة العون الإنساني سلوى آدم بنية، وقيادات من الجيش السوداني”.
أعلن توم بيرييلو، المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان، وصوله إلى القاهرة يوم الثلاثاء، حيث سيطلع وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، وكبار المسؤولين المصريين بنتائج “اجتماعات جنيف”. وذكر في تغريدة على حسابه الرسمي في منصة “إكس”، أنه “سيلتقي وفداً من الحكومة السودانية لمناقشة مشاركة القوات المسلحة السودانية في جهود الوساطة في سويسرا”.
وأضاف أن “المشاورات تهدف إلى تعزيز توصيل المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين في السودان، وضمان الالتزام بالالتزامات المنصوص عليها في (إعلان جدة)، بالإضافة إلى وقف الأعمال القتالية في السودان”.
سبق تأكيد المبعوث الأميركي إلى السودان على استمرار “اجتماعات جنيف” الهادفة إلى إنهاء الحرب في السودان. وذكر في تصريحات صحفية بعد اجتماعات الوفود الدولية مع ممثلي “الدعم السريع” في سويسرا يوم الإثنين، أن “الوفود المشاركة في المفاوضات تسعى لاستمرار الاجتماعات الحالية لتحقيق نتائج ملموسة”. وأشار إلى أنه “سيواصل (المفاوضات الأحادية) مع الجانبين للحصول على الالتزامات الممكنة”.
وأكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، خلال لقائه مع نظيره الأميركي، أنتوني بلينكن، في القاهرة يوم الثلاثاء، على “ضرورة التوصل لوقف فوري وشامل لإطلاق النار، والتصدي للتداعيات الإنسانية الناتجة عن الصراع، وتيسير الجهود الإنسانية، بالإضافة إلى أهمية التزام الدول المانحة بتعهداتها السابقة فيما يتعلق بتقديم المساعدات للسودان ودول الجوار للتعامل مع آثار الأزمة الإنسانية”.
قلّل المدير التنفيذي لـ”مركز فكرة للدراسات والتنمية” السوداني، أمجد فريد، من فائدة المشاورات التي تجريها الإدارة الأميركية في جنيف والقاهرة مع الأطراف السودانية، وأكد أن “الدور الأميركي تجاه السودان بحاجة إلى إعادة تقييم، ليكون أكثر واقعية في التعامل مع الأزمة”.
وربط ذلك بـ “مشاركة (الدعم السريع) في محادثات إنهاء الحرب في الوقت الذي يستمر فيه استهداف المدنيين في العديد من المناطق بالسودان دون أن يدين المسؤولون الدوليون ذلك”.
ترى مديرة “البرنامج الأفريقي” في “مركز الأهرام للدراسات السياسية”، الدكتورة أماني الطويل، أن المفاوضات التي دعت إليها الولايات المتحدة بمشاركة أطراف دولية وإقليمية “قد تُتيح فرصاً لحل الأزمة السودانية”، وقد ربطت ذلك بـ “قدرة الوسطاء المشاركين في تلك المشاورات على الضغط على طرفي النزاع لتحريك مسارات الحل”.
رهن الباحث صلاح خليل من “مركز الأهرام للدراسات السياسية” إمكانية حل الأزمة السودانية بتنفيذ “اتفاق جدة” مع “ضمانة من مصر”، مشيراً إلى أن “المفاوضات لن تثمر عن شيء إذا مارس الجانب الأمريكي ضغوطاً على الجيش السوداني”.
اعتبر خليل في تصريحات له لصحيفة “الشرق الأوسط” أن “الإدارة الأمريكية تسعى لفرض ضغوط على الجيش السوداني، حيث تتبنى واشنطن سياسة دعم الميليشيات المسلحة في أفريقيا للضغط على الأنظمة التي تتجه نحو تقوية علاقاتها مع الصين وروسيا”.
من ناحية أخرى، أشار بيان مشترك صدر في جنيف (من الولايات المتحدة وسويسرا والسعودية ومصر والإمارات والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي) إلى أنه في “سياق الجهود المبذولة لتعزيز حماية المدنيين وتسهيل الوصول الإنساني، ووقف الأعمال العدائية في السودان، اجتمعت الوفود بممثلي (قوات الدعم السريع)، وأكدت على الاحتياجات الإنسانية العاجلة للشعب السوداني، وضرورة تنفيذ الالتزامات التي تم التعهد بها بموجب (إعلان جدة)، بما في ذلك مسؤولية الطرفين عن حماية المدنيين”.
حضت “الدعم السريع” على “أهمية ضمان المرور الآمن والميسر للمساعدات الإنسانية والعاملين في كافة المناطق تحت سيطرتها، بهدف توسيع فرص وصول المساعدات إلى 12 مليون سوداني في عدة ولايات”.
وأفادت الوفود بأنها تنوي مقابلة “وفد القوات المسلحة السودانية عند وصوله، أو التواصل معه بأي وسيلة يفضلها”.
وأعاد البيان التأكيد على دعوة الطرفين إلى “الالتزام بالقانون الإنساني الدولي لحماية المنشآت المدنية، بما في ذلك الجسور والطرق الضرورية لوصول المساعدات الإنسانية”.