السودان الان السودان عاجل

ما حقيقة تدمير الجسر الرابط بين جانبي خزان جبل أولياء كليا في الغارات الاخيرة ؟

مصدر الخبر / راديو دبنقا

على مدار الأيام الثلاثة الماضية، نشر حسابات موالية للقوات المسلحة على وسائل التواصل الاجتماعي معلومات تفيد بأن طائرات الجيش قامت بقصف مواقع قوات الدعم السريع في منطقة جبل أولياء، وقد نجحت تلك الغارات في تدمير الجسر الذي يربط بين طرفي الخزان.

احتفلت هذه الحسابات بهذه العملية لأنها تمكنت من قطع الإمدادات البشرية عن قوات الدعم السريع القادمة من مناطق غرب السودان، بالإضافة إلى الإمدادات الغذائية والعسكرية للقوات المتواجدة في الخرطوم وشرق النيل والخرطوم بحري.

تزامن ذلك مع نشر منصة “واكب”، وهي منصة إخبارية تدعم القوات المسلحة، في 11 سبتمبر صورة تم التقاطها بواسطة القمر الصناعي من قبل شركة BlueBell المتخصصة في صور الأقمار الصناعية. وقد قيل إن الصورة حديثة لخزان جبل أولياء، دون تحديد تاريخ التقاطها، إلا أن الصورة لا تظهر أي علامات على التدمير أو الأضرار في الجسر.

عندما قام فريق دبنقا للتحقق بمقارنة هذه الصورة بصورة ملتقطة عبر الساتل من منصة “قوقل إيرث”، ظهر أن المنطقة المتضررة تقع في الجهة الغربية من الجسر، حيث تأثرت الرافعة المسؤولة عن فتح البوابات وسقطت في الاتجاه الجنوبي من السد.

وعلق خبير في مجال السدود، تحدث إلى راديو دبنقا وطلب عدم الكشف عن هويته، قائلاً إنه وفقاً للصور، تبدو الرافعة قد سقطت ولكن لم تتعرض للتدمير، وبالتالي لن يكون من الصعب إعادتها إلى الخدمة.

تغيير موقع الجسر

في نوفمبر 2023، تعرض جسر خزان جبل أولياء، الذي يمكن فتحه لتمرير السفن النهرية، لهجوم لم يؤدِ إلى تدميره بالكامل، ولكن تسبب في فصل الجزء الذي يربطه بالطرف الشرقي للخزان.

نظرًا لأهمية الجسر الاستراتيجية، تسارعت قوات الدعم السريع في إجراء عمليات صيانة للجسر وإعادة تشغيله.

تبادل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حينها الاتهامات بشأن تدمير جسر خزان جبل أولياء الواقع على النيل الأبيض، والذي يربط بين الخرطوم وأم درمان، ويبعد 44 كيلومترًا عن العاصمة السودانية.

قال خبير سوداني متخصص في السدود، طلب عدم الكشف عن اسمه، إن ما حدث في ذلك الوقت لم يكن تدميراً للجسر، بل تم رفع الجزء المتحرك من الجسر الحديدي الذي يستخدم لتسهيل مرور السفن النيلية، وذلك لمنع عبور قوات الدعم السريع، وأن هذا الأمر لم يؤثر على هيكل السد.

عند مقارنة فريق دبنقا للتحقق بين الصور التي نُشرت عبر منصة “قوقل إيرث”، والتي تم التقاطها في أبريل 2023، أي في الأيام الأولى للحرب، وصور أخرى التقطت في مايو 2024 بعد مرور عام على بداية الحرب، نلاحظ أن الجسر قد تم صيانته وإعادة تركيبه في مكان يبعد عدة أمتار عن موقعه السابق على الطرف الغربي للخزان.

تم إنشاء مسار جديد للسيارات في المنطقة الوسطى، التي تمتد من الجنوب إلى الشمال، مما يتيح عبور السيارات الصغيرة والشاحنات المتوسطة دون وجود مخاطر تؤدي إلى انهيار الجسر مرة أخرى.

أهمية منطقة جبل أولياء

تُعَدُّ منطقة جبل أولياء، التي تقع على بعد 44 كيلومترًا جنوب الخرطوم على الضفة الشرقية لنهر النيل الأبيض، من المواقع العسكرية الهامة للجيش السوداني.

توجد في هذه المنطقة قاعدة النجومي الجوية، التي تُعتبر واحدة من أبرز أربع قواعد جوية في البلاد.

تعتبر حامية جبل أولياء واحدة من أقدم الحاميات العسكرية للجيش السوداني في الخرطوم.

بفضل موقعها الاستراتيجي المشار إليه، تم تكليفها بحماية البوابة الجنوبية للخرطوم.

وبناءً على ذلك، فإن السيطرة على هذه المنطقة تعني التحكم إلى حد كبير في جزء أساسي من المداخل الجنوبية للعاصمة السودانية.

يمكن القول إن المتابع لتطورات الصراع يلاحظ أن المعارك حول المنطقة قد اشتدت بشكل كبير بعد فترة وجيزة من التدمير الذي طال جسر شمبات الذي يربط بين مدينتي الخرطوم بحري وأم درمان في نوفمبر الماضي.

نجحت قوات الدعم السريع في السيطرة على جميع المنشآت العسكرية في المنطقة، مما مكنها من تحييد القاعدة الجوية الرئيسية لطائرات الهيلوكوبتر، والتي تعد الثالثة من حيث الأهمية في ولاية الخرطوم، بعد قاعدة الخرطوم الجوية (مطار الخرطوم) وقاعدة وادي سيدنا الجوية (أمدرمان).

أفضت السيطرة التي حققتها قوات الدعم السريع على منطقة جبل أولياء إلى تقدمها نحو الجنوب، مما مكنها من الاستيلاء على مدينة القطينة والوصول إلى الأطراف الشمالية لمدينة الدويم. كما أتاحت لها هذه السيطرة قطع طرق الإمداد الخاصة بالقوات المسلحة عبر الطرق التي تربط الخرطوم بولاية النيل الأبيض على الضفتين الشرقية والغربية للنيل الأبيض.

من المعروف أن القوات المسلحة تسيطر على الجزء الغربي من الجسور الثلاث التي تربط مدينة أمدرمان بكل من الخرطوم بحري (كبري الحلفاية) والخرطوم (كبري النيل الأبيض وكبري الفتيحاب)، وبالتالي لم يتبقى أمام قوات الدعم السريع سوى الجسر الذي يربط بين ضفتي خزان جبل أولياء للعبور بين الجانبين الشرقي والغربي للنيل الأبيض.

خزان جبل أولياء

خزان جبل الأولياء هو عبارة عن سد حجري يقع على نهر النيل الأبيض في السودان، ويبعد حوالي 44 كيلومترًا إلى الجنوب من العاصمة الخرطوم. أنشئ هذا السد في عام 1937، وظل تحت الإشراف الفني والإداري للحكومة المصرية التي قامت بإنشائه وفقًا لاتفاقية تتيح إقامة خزان سنار، مما يحفظ حقها في مياه النيل دون أي تدخل من حكومة الحكم الثنائي أو الحكومات الوطنية.

يبلغ الطول الكلي للسد 5030 مترًا، وارتفاعه 381.5 مترًا فوق مستوى سطح البحر، و22 مترًا من القاع حتى أعلى جسم السد. ويدعمه من الجهة الشرقية سد ترابي يمتد بطول 1650 مترًا، وتصل سعة التخزين لبحيرة السد إلى 3.5 مليار متر مكعب من المياه.

على الرغم من أهميته في تنظيم تدفق مياه النيل الأبيض والنيل، فإن مستويات التبخر المرتفعة من بحيرة السد لا تزال تثير تساؤلات حول فعاليته في الوقت الحالي.

جسر جبل أولياء يتألف من قسمين، أحدهما متحرك يُفتح لتمرير السفن النيلية، ولا يؤثر على بنية الخزان إذا تم تدميره أو تعرض لأضرار. هذا هو القسم الذي سقط في شهر نوفمبر الماضي.

الجزء الثاني من الجسر هو جزء ثابت يمتد فوق هيكل الخزان وبعض معداته مثل التوربينات وغيرها، ويتضمن السد الإنشائي الذي يعتمد عليه الجسر نفسه.

تم تجهيز الخزان بأربعين بوابة واثنتين من التوربينات لتوليد الكهرباء في كل بوابة.

استمرت سلطات الري المصرية في الحفاظ على وجود دائم في هذا الخزان حتى منتصف التسعينات من القرن الماضي، وذلك بعد أن طلبت حكومة الفريق عمر البشير من مصر إغلاق بعثاتها للري في السودان بعد محاولة اغتيال الرئيس محمد حسني مبارك في أديس أبابا.

إدارة الخزان في زمن الحرب

انتشرت العديد من المخاوف بعد سيطرة الدعم السريع فيما يتعلق بإدارة الخزان بشكل فني، خاصة مع غياب المهندسين المتخصصين. وقد تؤثر هذه الوضعية على مستويات المياه، مما قد يؤدي، إذا لم يتم اتباع الأسلوب المناسب، إلى حدوث كوارث بشرية وبيئية في المناطق الواقعة شمال أو جنوب الخزان.

عند سؤال راديو دبنقا خبيرًا في مجال السدود، وطلب عدم الكشف عن هويته، أجاب بأن من الواضح أن السد تم إدارته بين نوفمبر 2023 وسبتمبر 2024 بشكل مشابه تمامًا للإدارة السابقة.

تم فتح البوابات في شهري مارس وأبريل لتفريغ الخزان وتقليل مستويات المياه، ثم تم غلق البوابات مرة أخرى في الأول من يوليو كما هو معتاد لإعادة ملء الخزان.

قام فريق دبنقا للتحقق بمراجعة موقع Global Water Watch المتخصص في تتبع أداء الخزانات والسدود على مستوى العالم.

وتبين من المعلومات والرسوم البيانية المتاحة على الموقع أنه لم يشهد أسلوب إدارة السد أي تغيير، مما أدى إلى استقرار مناسيب المياه في بحيرة الخزان.

يمكن الاطلاع على ذلك من خلال الرابط التالي:  https://www.globalwaterwatch.earth/reservoir/90625

مخاطر محدودة على الخزان

بعد مرور عام ونصف على بداية الحرب، وعلى الرغم من الأهمية الاستراتيجية لمنطقة جبل أولياء وخزان جبل أولياء، ظلا عرضة للنزاع وصراع بين طرفي الحرب. ومع ذلك، لم يؤثر ذلك بشكل كبير على خزان جبل أولياء من حيث البنى الأساسية للسد وهياكله، والجسر والطريق المار منه، أو فيما يتعلق بإدارته الفنية للتحكم في تدفقات المياه.

 

عن مصدر الخبر

راديو دبنقا