السودان الان السودان عاجل

عقب تصريحات عقار..الحرب في السودان.. هل تنتهي كما توقع القادة قبل نهاية العام؟ خبراء يعلقون

مصدر الخبر / قناة الجزيرة

توقع مالك عقار، نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، أن تنتهي الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع قبل نهاية العام الحالي. في الوقت نفسه، يشير الخبراء إلى أن الجيش يعتمد على الحسم العسكري بدلاً من المفاوضات، خاصة بعد حصوله على أسلحة متطورة. وفي هذا السياق، تزايدت الجهود الأفريقية والأميركية لإحياء عملية السلام في البلاد.

خلال كلمته في مؤتمر تطوير الخدمات الصحية الذي عُقد في شرق السودان بمنطقة أركويت، أكد عقار أن “الحرب ستنتهي في ديسمبر المقبل، حيث سيكون بإمكان الناس السير في الشوارع دون خوف”. وأوضح أن النزاع الحالي لا يمكن اعتباره حرباً تقليدية، بل هو “حرب مرتزقة تفتقر إلى الهدف والعقيدة، وتديرها قوى إقليمية”.

تأتي تصريحات عقار في وقت يواصل فيه الجيش تكثيف غاراته الجوية منذ بداية سبتمبر الجاري على مواقع قوات الدعم السريع في ولايات الخرطوم والجزيرة وسنار، بالإضافة إلى مدن إقليم دارفور. وقد أفادت منصات إعلامية قريبة من الجيش بمقتل عدد من القيادات الميدانية البارزة التابعة لقوات الدعم السريع، مما يعكس تصاعد حدة الصراع في المنطقة.

قال ياسر العطا، عضو مجلس السيادة ومساعد القائد العام للجيش، إن القوات المسلحة قد حصلت على أسلحة جديدة ذات نوعية عالية ستحدث تغييرًا كبيرًا في سير المعركة وستساعد في القضاء على “المليشيا المتمردة” قريبًا. وأكد أن القوات المسلحة ستقوم قريبًا بتحركات من جميع الاتجاهات لتحرير كل جزء من أرض السودان.

أكد العطا، أثناء حديثه مع ضباط الفرقة الثالثة مشاه في مدينة شندي بولاية نهر النيل، أن نهاية “مليشيا الدعم السريع” باتت وشيكة وأن لحظة النصر أصبحت قريبة.

في وقت سابق، أفاد عضو مجلس السيادة ونائب القائد العام للجيش شمس الدين كباشي، خلال لقاء مع صحفيين سودانيين ومصريين حضرته الجزيرة نت، أن الجيش يمتلك زمام الأمور وأن الشعب سيشهد قريباً تغييرات على الأرض.

لا مؤشرات على الحسم

من جهته، يرى الخبير العسكري والأمني عبد الله سليمان أنه لا توجد دلائل تشير إلى قرب حسم عسكري لصالح أي من طرفي النزاع، على الرغم من تحقيق الجيش تفوقاً نسبياً في الآونة الأخيرة بفضل الطيران الحربي والمدفعية ودقته في استهداف الأهداف وتدمير المركبات القتالية وخطوط الإمداد ومخازن الأسلحة الخاصة بالدعم السريع، مما يدل على حصوله على أسلحة جديدة.

في حديثه مع الجزيرة نت، أشار الخبير إلى أن الجيش قد بدأ في الفترة الأخيرة عملية إعادة تنظيم تتعلق بالقوة البشرية والتأمين اللوجستي لمستلزمات القتال، استعدادًا لمرحلة جديدة من العمليات تهدف إلى تدمير القوة الفعلية لقوات الدعم السريع وإضعافها، بالإضافة إلى التحضير للتحرك على الأرض بعد انتهاء موسم الأمطار الذي تعيق فيه ظروف الطقس تحريك المركبات والمعدات العسكرية.

برأيه، فإن اللغة التي يعتمدها الجيش تشير إلى تصعيد متزايد، وإعلانه عن استحواذه على أسلحة متطورة يدل على اختياره للطرق العسكرية. ومع ذلك، فهذا لا يعني أن الحسم سيكون وشيكاً، لأن أي نوع من الأسلحة الجديدة يتطلب وقتاً للتجهيز والتدريب. بالإضافة إلى ذلك، فإن طبيعة تحرك قوات الدعم السريع عبر مجموعات صغيرة تجعل من الصعب تحقيق حسم عسكري وتأخذ وقتاً أطول.

يعتقد الخبير العسكري العميد المتقاعد إبراهيم عقيل مادبو أن مالك عقار يمتلك خبرة قتالية واسعة وعقلية قتالية، ويرى أن توقعه بانتهاء الحرب خلال 3 أشهر هو الأقرب للواقع، لأنه على دراية بعمل الأطراف المشاركة في النزاع ونقاط القوة والضعف لديها وتحالفاتها والتكتيكات القتالية المستخدمة.

وفقًا لما ذكره الخبير لموقع الجزيرة نت، فإن جميع المؤشرات تدل على أن قوات الدعم السريع بدأت تتراجع في عدة محاور بعد أن استخدم الجيش أسلحة نوعية ووسع نطاق عملياته في مناطق جديدة. ولم تحقق قوات الدعم السريع أي انتصار خلال الأشهر الماضية، ولم تتمكن إلا من الدخول إلى قرى آمنة تخلو من الوجود العسكري والقصف العشوائي في مناطق سكنية في سنار وأم درمان، ويُعتبر ذلك دليلاً على قرب انهيارها وفقدانها للقيادة والسيطرة على الميدان.

توجد مواقف أخرى من جهات داعمة أو مؤيدة لقوات الدعم السريع حاولت التقليل من تصريحات مالك عقار، لكنها تتجاهل أن دخول الأسلحة النوعية إلى المعارك، كما ظهر في أحداث القتال الأسبوع الماضي في مدينة الفاشر وولايتي الجزيرة والخرطوم، أدى إلى تلقي الدعم السريع ضربات مؤلمة جعلتها تنسحب من بعض المناطق، وهرب العديد من مقاتليها عائدين إلى ديارهم في إقليمي دارفور وكردفان، وفقًا للخبير العسكري.

تحركات للسلام

بالتوازي مع التصعيد العسكري، زادت التحركات السياسية الهادفة لإنعاش عملية السلام، حيث قام مسؤولون من الاتحاد الأفريقي بإجراء مشاورات في كل من الإمارات والسعودية لمناقشة فرص إنهاء الحرب في السودان والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

قام رئيس اللجنة رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الأفريقي المعنية بالسودان، محمد بن شمباس، بزيارة كل من الرياض وأبو ظبي، حيث بحث مع المسؤولين في البلدين سبل تنسيق الجهود الإقليمية والدولية تجاه أزمة السودان.

أشار بن شمباس إلى إيمان الاتحاد الأفريقي بعدم وجود حل عسكري للأزمة في السودان، موضحاً أهمية وقف إطلاق النار بشكل عاجل، والسماح بتوصيل المساعدات الإنسانية بلا عوائق، وبدء حوار سياسي شامل لوضع الأسس لسودان سلمي ومستقر.

قام المبعوث الأمريكي إلى السودان، توم بيرييلو، بجولة تشمل السعودية ومصر وتركيا، وسينهيها في الدوحة، وذلك لتحفيز مسار المفاوضات بعد غياب الحكومة السودانية والجيش عن مفاوضات جنيف الأخيرة.

التقى المبعوث الأمريكي في القاهرة مع قوى مدنية وناشطين، بالإضافة إلى ثلاث كتل سياسية تضم قوى الكتلة الديمقراطية بقيادة جعفر الميرغني، وتحالف الحراك الوطني برئاسة التجاني السيسي، وتنسيقية العودة لمنصة التأسيس برئاسة محمد وداعة.

صرّح مبارك أردول، القيادي في الكتلة الديمقراطية، بأن بيرييلو أبلغهم برغبته في زيارة بورتسودان لإجراء محادثات مع رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وهو في انتظار الحصول على تأشيرة دخول إلى السودان. وقد أشار إلى أن مجلس السيادة قد رفض طلب المبعوث بلقائه في مطار بورتسودان.

يكشف محمد وداعة -في تصريح لقناة الجزيرة نت- أنهم أبلغوا المبعوث الأمريكي أن حل الأزمة يتطلب البدء بتنفيذ “إعلان جدة” من قبل قوات الدعم السريع والخروج من منازل المواطنين والمرافق المدنية.

يوضح أن بيرييلو، الذي حضر الاجتماع بمفرده، تأثر بشدة في نهايته عندما تناول موضوع التعاون السوداني مع كل من روسيا وإيران. وأبدى اتهاماته للجيش بالتصلب نتيجة التأثيرات الخارجية. وأشار إلى أنه على اتصال ببعض القيادات العسكرية، لكنه لم يكن قادراً على تقديم نفسه كوسيط محايد ونزيه، ولم ينتظر أي رد على أقواله، حيث أنهى الاجتماع مبرراً ذلك بقرب موعد طائرته، من دون أن يتم التوصل إلى أي تفاهمات أو نقاط مشتركة.

عن مصدر الخبر

قناة الجزيرة