السودان الان السودان عاجل

قصص مؤثرة من تحت الأسقف المتهالكة: تجارب الطلاب والمعلمين في ظل الحرب وتفاقم الواقع المعيشي

مصدر الخبر / راديو دبنقا

تعاني مدرستي القرية 6 عرب التابعة لمحلية نهر عطبرة من ظروف تعليمية صعبة، حيث يدرس فيها حوالي 1000 تلميذ في فصول تفتقر إلى الأساسيات. السقوف المصنوعة من الزنك المثقب والجدران المتشققة تعكس حالة الإهمال التي تعاني منها المنشأة التعليمية، مما يؤثر سلباً على بيئة التعلم.

بالإضافة إلى ذلك، تواجه المدرسة تحديات كبيرة في توفير المرافق الأساسية، حيث أن دورات المياه في حالة متهالكة وتكاد تنهار. هذه الظروف تجعل من الصعب على الطلاب ممارسة حياتهم اليومية بشكل طبيعي، مما يزيد من معاناتهم في ظل نقص الخدمات.

يضاف إلى ذلك الاكتظاظ الكبير في الفصول الدراسية، حيث يعاني الطلاب من نقص المقاعد، مما يعيق قدرتهم على التركيز والتعلم بشكل فعال. كما أن قلة عدد المعلمين تؤثر على جودة التعليم، مما يستدعي تدخل الجهات المعنية لتحسين الوضع التعليمي في هذه المدرسة.

معاناة الطلاب والمعلمين

بعد مرور سنة ونصف على بدء الحرب، يعاني الطلاب والمعلمون من تدهور في البنية التحتية ونقص في المناهج الدراسية، بالإضافة إلى انقطاع الرواتب. هذا جعل البيئة المدرسية غير ملائمة وغير جاذبة. كما أن الظروف الاقتصادية الصعبة دفعت العديد من أولياء الأمور إلى سحب أبنائهم من المدارس وإدخالهم سوق العمل لمساعدتهم في تغطية التكاليف المعيشية، مما يؤدي إلى تفاقم مشكلة التسرب المدرسي.

لم تشهد المدرستان اللتان استقبلتا العديد من الناجين من الحرب، خصوصاً بعد استيلاء قوات الدعم السريع على مدني وسنجة، أي صيانة خلال الأربع سنوات الماضية.

بعد إصرار الحكومة القائمة على استئناف العام الدراسي، اضطر أهالي القرية إلى استضافة النازحين في منازلهم لضمان استمرار الدراسة. ومع ذلك، فإن تدهور حالة الجدران ونقص المقاعد واكتظاظ الفصول نتيجة انضمام عدد كبير من الطلاب النازحين شكل ضغطاً كبيراً، كما أفاد عمدة البطاحين، علي بلة فرح الصاحب، لراديو دبنقا.

كما أشار أحد الطلاب، تفتقر مدرسة البنين إلى سور، مما جعلها ملاذاً للحيوانات. بالإضافة إلى ذلك، يجلس عدد من الطلاب على الأرض بسبب عدم توفر كراسي كافية، إلى جانب الاكتظاظ. تضم المدرستان (البنين والبنات) تسعة فصول دراسية في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، ويحتوي كل فصل على حوالي 50 طالباً، أو أحياناً أكثر.

هذا الواقع يتشابه إلى حد كبير في معظم الولايات، سواء كانت تحت سيطرة الجيش أو أصبحت بيد قوات الدعم السريع.

واجب مستمر

المهندسة هدى محمد عمر، التي تعمل في وزارة التخطيط العمراني، على الرغم من تخصصها الأكاديمي، وجدت أنها في مجال التعليم، حيث رأت أنه لا ينبغي ترك الأطفال في المنازل أو الشوارع في ظل ظروف الحرب.

عبّرت في حديثها مع راديو دبنقا، عن إيمانها بأن التعليم هو الطريق الوحيد لإنقاذ الأجيال المقبلة، وأكدت أن الاستمرار في التعليم يُعتبر واجبًا رغم المخاطر.

دعا حميدتي والبرهان إلى إنهاء الحرب من أجل تحقيق مستقبل أفضل للأطفال.

موقف أولياء الأمور

عند الانتقال إلى ولاية جنوب دارفور، نجد أن الوضع مشابه إلى حد كبير، حيث أصدر والي الولاية قرارات بوقف الدراسة عقب إعلان الدعم السريع عن تشكيل حكومة مدنية في الولاية. وأعرب النضيف بريمة، والد أحد الطلاب في جنوب دارفور، عن قلقه تجاه قرار السلطات، وأكد في حديثه مع راديو دبنقا أن التعليم كان مستمرًا على الرغم من الظروف الأمنية. وطالب بعدم تسييس العملية التعليمية أو ربطها بالنزاعات السياسية، مشددًا على أهمية استمرار التعليم، خاصةً مع استعداد المعلمين وأولياء الأمور لدعمه بكل ما بوسعهم.

آراء الطلاب

طالب الصف الأول متوسط في مدرسة السلطان تيراب آدم هاشم، أكد على ضرورة مواصلة التعليم بالرغم من ظروف الحرب، وأشار في حديثه مع راديو دبنقا إلى أن البقاء في المنزل قد يؤدي إلى نسيان ما تم تعلمه. كما اعتبر التعليم هو المفتاح الأساسي للتقدم وتنمية البلاد، معربًا عن أمله في أن تنتهي الحرب قريبًا.

من جهتها، شاركت طالبة الصف الأول متوسط، ردينة أحمد محمد أبكر، تجربتها في الانتقال من مدرسة خاصة إلى مدرسة السلطان تيراب عقب اندلاع الحرب، وتحدثت عن شعورها بالاكتئاب خلال فترة إغلاق المدارس، لكنها الآن تواصل دراستها وتطمح في عودة السلام و reopening المدارس بشكل كامل.

الواقع المعيشي للمعلمين

تحدثت المعلمة زهراء علي من مدرسة السلطان تيراب عن الدور الأساسي الذي يقوم به المعلمون في استمرار العملية التعليمية، حيث أكدت لراديو دبنقا أنه على الرغم من عدم استلام رواتبهم لعدة أشهر ونقص المواد التعليمية، خصوصًا كتب الصف الثالث المتوسط التي لم تصل بعد، إلا أن التعليم لا يرتبط بأي جهة سياسية، بل هو رسالة نبيلة يجب أن تستمر مهما كانت الظروف. وأشارت إلى أن المعلمين يواصلون أداء واجبهم بكل إخلاص دون انقطاع.

تحدث معلم المرحلة الثانوية الحاج النور أبكر عن تدهور الأوضاع المعيشية للمعلمين بسبب انقطاع الرواتب وزيادة كبيرة في أسعار السلع الأساسية، مثل “ملوة العيش” التي وصل سعرها إلى 15 ألف جنيه، بالإضافة إلى العدس والسكر والزيت والبصل.

قال النور: منذ بداية الحرب وحتى الآن، لم نحصل إلا على 60% من الرواتب المستحقة، وهو ما يعادل 5 أو 6 أشهر.

نحن كمدرسين نواجه أوضاعاً صعبة، حيث توقفت جميع أنشطتنا الأخرى، ولم نحصل على أي مساعدة من الحكومة، وأصبحنا بلا مصدر دخل سوى التعليم الذي توقف تقريباً بشكل كامل نتيجة الحرب.

المعلم بإدارة التعليم الأساسي في محلية برام، الشاذلي حامد بشارة، يسلط الضوء على الصعوبات التي عانى منها المعلمون منذ بداية الأحداث التي شهدها السودان بعد 15 أبريل.

لقد انقضى عام ونصف دون صرف الرواتب بالكامل، حيث تم صرف نسبة ضئيلة تصل إلى 60% من الرواتب مع وجود خصومات كبيرة.

في ختام حديثه مع دبنقا، طالب الشاذلي منظمات الإغاثة وحقوق الإنسان بالتدخل، مشيراً إلى أن المعلم يواجه وضعاً صعباً للغاية.

تحديات التعليم ببرام

أفاد مدير التعليم الابتدائي في محلية برام بولاية جنوب دارفور، خميس حامد التجاني هنون، أن المعلمين في المحلية يواجهون صعوبات كبيرة بسبب عدم انتظام صرف مستحقاتهم.

وأوضح في تصريح لراديو دبنقا أنه منذ 15 أبريل، تم صرف المرتبات حتى يوليو 2023، لكن بنسبة ضئيلة جدًا لا تتجاوز 60%. وأشار إلى أن هذه النسبة لا تكفي لتلبية احتياجات المعلمين المعيشية.

أوضح أنه يوجد في المحلية 67 مدرسة ابتدائية حكومية، منها 28 مدرسة مخصصة للرحل، بالإضافة إلى مدارس التعليم الخاص. ومع أن العدد كبير من المدارس والطلاب، إلا أنه أكد أن البيئة التعليمية غير ملائمة، وأن مباني المدارس قديمة ومتداعية، حيث أن بعض هذه المباني تم إنشاؤها منذ الأربعينات والخمسينات وتعاني من التشققات، وأثناء فصل الخريف يصبح من الصعب جدًا مواصلة الدراسة فيها.

بالإضافة إلى النقص الكبير في عدد مقاعد الفصول الدراسية والكتب، خاصةً لمناهج الصف الثالث المتوسط.

هذا بالإضافة إلى عدم توفر الدعم الكافي لمدارس الرحل، وتوقف التمويل السابق من بعض المنظمات. كما أشار أيضاً إلى نقص وسائل النقل للموجهين والإدارات، حيث هناك وسيلة نقل واحدة فقط تتبع الإدارة.

وتحدث مدير التعليم الابتدائي عن الظروف الاقتصادية القاسية التي أدت إلى اضطرار الكثير من أولياء الأمور لسحب أبنائهم من المدارس وإجبارهم على الالتحاق بسوق العمل للمساعدة في تحمل تكاليف المعيشة، مما يزيد من تفاقم مشكلة التسرب الدراسي.

تحدث هنون أيضًا عن تعليم الفتيات في الوضع الحالي، وأشار إلى غياب وجبات الإفطار في المدارس، كما انتقد عدم إجراء الامتحانات لمدة عامين متتاليين، مما يؤثر سلبًا على تقدم الطلاب وانتقالهم بين المراحل الدراسية، ويعوق تحقيق طموحاتهم ومستقبلهم. وطالب بتقديم دعم عاجل من المنظمات الإنسانية واليونسيف وغيرها من المنظمات لتحسين ظروف التعليم في المنطقة.

عن مصدر الخبر

راديو دبنقا