السودان الان السودان عاجل

إغلاق المدارس السودانية في مصر : تهديد لمستقبل 20 ألف طالب من الشهادة السودانية ومناشدات للسيسي

مصدر الخبر / راديو دبنقا

يعيش حوالي 20 ألف طالب وطالبة من الشهادة السودانية حالة من القلق والخوف من مستقبلهم المجهول، مع اقتراب موعد امتحانات الشهادة السودانية المقررة في الثامن والعشرين من ديسمبر المقبل. ورغم ذلك، لا تزال المدارس مغلقة منذ يونيو الماضي بقرار من السلطات المصرية، التي بررت ذلك بعدم مطابقة هذه المدارس للمعايير والقوانين المعمول بها، مما أثر سلبًا على الطلاب الذين كانوا قد حصلوا على تراخيص للدراسة.

هذا القرار حرم الطلاب السودانيين من حقهم في التعليم، حيث مرت أكثر من ثلاثة أشهر منذ صدور القرار دون أي حلول تلوح في الأفق. الوضع يزداد سوءًا، حيث تعاني الأسر السودانية من ضغوط نفسية وإنسانية كبيرة بسبب عدم قدرة أبنائهم على استكمال دراستهم، مما يزيد من مخاوفهم بشأن مستقبلهم التعليمي والمهني.

تواجه الأسر السودانية تحديات إضافية، حيث أن العديد من الطلاب الذين وصلوا إلى مصر عبر طرق غير قانونية يفتقرون إلى الوثائق الرسمية، مما يجعل عملية تسجيلهم في المدارس المصرية شبه مستحيلة. هذه الظروف الصعبة تضع الطلاب وأسرهم في وضع حرج، مما يستدعي تدخلًا عاجلًا من الجهات المعنية لحل هذه الأزمة التعليمية.

مناشدات ومعالجات:

أبلغت المستشارية الثقافية لسفارة السودان في القاهرة أصحاب المدارس والأسر السودانية يوم السبت الماضي بأنه لم يصل إليها أي قرار رسمي من الجهات التعليمية في السودان (وزارة التربية والتعليم الاتحادية) بشأن التقويم الدراسي للمدارس السودانية في مصر.

أفادت المستشارية في تعميم حصل عليه “راديو دبنقا” بأن السلطات التعليمية في مصر لم تمنح المدارس السودانية تصريحًا لمزاولة الأنشطة التعليمية.

أعلن وزير التربية والتعليم المكلف، الدكتور أحمد خليفة، عن إرسال وفد من الوزارة إلى العاصمة المصرية القاهرة في الأيام المقبلة لمناقشة مسألة إعادة فتح المدارس السودانية في جمهورية مصر. وأفاد في تصريح سابق لراديو دبنقا بأن الوزارة تعمل على حل هذه المشكلة في إطار تحقيق الحد الأدنى من معايير وزارة التربية المصرية.

وجه السفير علي يوسف، رئيس المبادرة الشعبية لتعزيز العلاقات بين السودان ومصر، مناشدة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ليصدر توجيهات بتمديد العملية التعليمية في المدارس السودانية لمدة استثنائية تصل إلى عام واحد، وذلك من أجل حماية مصالح الطلاب السودانيين في مصر.

معاناة الأسر:

عبرت اللاجئة إنصاف عبدالله، المقيمة في محافظة أسوان، عن حزنها لمعاناة الأسر والأطفال في جمهورية مصر العربية نتيجة قرار عدم فتح المدارس السودانية في القاهرة. وأكدت أن التعليم هو عنصر أساسي في حياة الأطفال وحق مكفول لكل طفل في أي زمان ومكان، وهو من المصالح العليا للطفل وفقاً لاتفاقية حقوق الطفل لعام 2010.

قالت لـ”راديو دبنقا”: “نحن نعيش في حالة من التوتر والضغط النفسي، ونعاني من أوضاع صعبة بسبب القرارات الأخيرة التي تشير إلى إمكانية عدم استمرار الدراسة أو عدم فتح المدارس السودانية في جمهورية مصر العربية”.

عبرت عن أملها في أن لا يتكون إغلاق المدارس السودانية دائمًا وأن يكون هناك إمكانية للعودة، نظرًا للظروف التي تمر بها الأسر. وأضافت: “نحن في وضع لا يسمح بعدم استمرارية التعليم لأبنائنا”، ودعت أصحاب المدارس إلى تعديل أوضاعهم بطرق قانونية، مشيرةً إلى أنهم يعيشون في دولة قانون، لكن الوضع لا يزال غير واضح بالنسبة لهم.

طالبت السفارة السودانية ووزارتي التربية والتعليم والخارجية في البلدين، بالإضافة إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وهيئة إنقاذ الطفولة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونسيف”، وجميع الجمعيات والمنظمات والجهات المعنية، بالعمل على حل المشكلات الحالية بأسرع وقت ممكن، ليتمكن الطلاب من متابعة تعليمهم.

تتعلق هذه المسألة بشريحة هامة من الطلاب الذين يخضعون للاختبارات للشهادة السودانية، وقد دعت إلى ضرورة تكثيف الجهود لمساعدتهم في استعادة سير العام الدراسي، وذلك للتخفيف من الضغوط النفسية التي يعاني منها كل من الطلاب وأولياء أمورهم.

ضبابية القرارات:

من جانبه، وصف الأستاذ إسماعيل شريف، المعلم في المدارس السودانية بجمهورية مصر العربية، قرارات المستشارية الثقافية في سفارة السودان بالقاهرة بشأن استمرار إغلاق المدارس السودانية بأنها غير واضحة.

قال لـ”راديو دبنقا” إن السفارة تستمر في إصدار تحذيرات متكررة لأولياء الأمور بعدم دفع أي رسوم مدرسية، كما تحذر أصحاب المدارس من فتح أبوابها حتى تلبّي السلطات المصرية المناشدات السودانية لاستمرار العملية التعليمية في القاهرة. وأشار إلى أن معظم السودانيين الذين هربوا من الحرب واستقروا في القاهرة هدفهم الرئيسي من تلك الزيارة هو الحصول على تعليم لأبنائهم.

وطالب السودانيون المقيمون في مصر بالالتزام بالقوانين التي تفرضها الدولة المصرية، مشددين على أنها حق طبيعي ومشروع للجانب المصري في اتخاذ القرارات التي يعتبرها مناسبة لتنظيم وتنسيق أوضاع المدارس السودانية في القاهرة.

وطالب السلطات المصرية بتوضيح المتطلبات التي تفرضها الدولة، وأن تكون هذه المتطلبات معلنة وواضحة للجميع، حتى يكون كل ولي أمر وجميع أصحاب المدارس والمعلمين والطلاب على علم بالمطلوبات التي تطالب بها الدولة. وإذا كانت هذه المتطلبات واضحة، فسيسعى كل طرف لتكييف أوضاعه بما يتوافق مع القانون والمطلوبات المعلنة.

اعتبر الشريف أن تحديد موعد الدراسة يعد أمرًا غاية في الأهمية، حيث يرتبط بالموعد المقرر من ولاية نهر النيل الذي تم تحديده في 20 أكتوبر الحالي. وأوضح أنه وفقًا لقرار الوزير، يجب على المدارس الموجودة خارج السودان الالتزام بالتقويم الدراسي الصادر عن ولاية نهر النيل.

ومع ذلك، يرى أن الرؤية لا تزال غير واضحة بين السفارة السودانية في مصر، وعدم وضوح متطلبات الدولة المصرية لاستئناف فتح المدارس، مما يجعل الناس في حالة من الارتباك. يشعر أولياء الأمور بقلق وتوتر كبيرين، والأطفال أنفسهم يشعرون بالقلق من أنهم قد لا يتمكنون من مواصلة تعليمهم، مما يهدد مستقبلهم بالضياع. ويعتبر أن هذه العوامل تؤثر على العديد من الأسر السودانية التي تضررت من انقطاع التعليم، خاصة أنهم لجأوا إلى مصر من أجل حماية مستقبل أطفالهم التعليمي والأكاديمي.

دور المنظمات ومناشدة السيسي:

عبر إسماعيل شريف، المعلم في المدارس السودانية في جمهورية مصر العربية، عن اعتقاده بأن للمنظمات التابعة للأمم المتحدة التي تعنى بالأطفال، مثل “اليونسيف”، وكذلك التي تهتم بالتعليم مثل منظمة اليونسكو، دوراً مهماً في المساهمة بحل المشكلة. ورأى أنه يجب على هذه المنظمات أن تكون على دراية كاملة بأبعاد المشكلة وأن تسعى لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المعنية وتسهيل الأمور.

اعتبر أن على السفارة السودانية في مصر مسؤولية دبلوماسية أصيلة أن توضح للرأي العام الأسباب والمبررات التي أدت إلى اتخاذ هذا القرار. لا يكفي فقط تحذير الأسر بعدم دفع الرسوم للمدارس، رغم أن التحذير له مبرراته، إلا أنه يجب تقديم توضيحات أكبر بشأن قرارات الدولة المصرية.

عبر شريف عن أمله في أن يتدخل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، نظراً لاهتمامه بأوضاع السودانيين وقدرته على معالجة هذه المشاكل. فقد قام في أكثر من مناسبة خلال السنوات الثلاث أو الأربع الماضية بتسوية أوضاعهم المتعلقة بالإقامات والجوازات، وأصدر قرارات رئاسية سيادية لتسهيل أمور السودانيين.

أقر بوجود مدارس لا تتوافق مع المواصفات، وقال: “نوافق على أن هناك مدارس تقع في شقق صغيرة تتكون من غرفة وصالة وحمام”. وتابع قائلاً: “كل هذا موجود، لكن يجب ألا يُحاسب الجميع بسبب تصرفات البعض، فهذا الأمر غير صحيح. يجب على الدولة تشكيل لجنة تضم ممثلين عنها وعن السفارة ووزارة التربية والتعليم السودانية، للقيام بجولة ميدانية في المدارس. ينبغي أن تُغلق المدارس التي تراها غير مطابقة وغير متوافقة مع سلامة الطلاب والبيئة المدرسية المناسبة، مع ترك المدارس الأخرى حتى وإن كانت قد اجتازت 60% أو 70% من المعايير والمطلبات التي وضعتها وزارة التربية والتعليم المصرية، للسماح لها بمواصلة نشاطها التعليمي، احتراماً لحاجة هؤلاء الطلاب للتعلم ومتابعة دراستهم.”

قال إسماعيل شريف: “أنا أؤمن بأن القضية معقدة جدًا وقد ناقشتها سابقًا في هذا السياق. أرجو أن توجد حلول فعالة لمعالجة هذه الأزمة، حيث أن مستقبل هؤلاء الطلاب مهدد بالضياع. الأسر الآن تبحث عن حلول، وتواجه أيضًا مشكلة تأمين ميزانية لأبنائها لمواجهة رسوم ومصاريف التعليم.”

وأشار إلى أن هذه العائلات، حتى وإن رغبت في الانضمام إلى المدارس المصرية، تواجه مشكلة دخولهم إلى جمهورية مصر بطرق غير قانونية. وذكر أنهم هاربون من الحرب وبالتالي لم يستطيعوا تسوية أوضاعهم القانونية، حيث يحتاجون إلى تصاريح إقامة لكي يتمكنوا من التسجيل في المدارس المصرية، وهذه كلها عقبات تحتاج إلى حلول.

عن مصدر الخبر

راديو دبنقا