السودان الان السودان عاجل

تسريبات المساومة حول تقسيم كيكة السلطة في السودان.. هل هي بداية النهاية لجبهة الحرب الحالية؟

مصدر الخبر / موقع التغيير

تناولت التسريبات الصحفية اجتماعًا عُقد في منزل رئيس حركة العدل والمساواة، حيث تم السعي للتوصل إلى اتفاق حول الحصول على 50% من مقاعد الحكومة القادمة، وأهم الوزارات التي تم التفاوض عليها تشمل: المالية، المعادن، الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى منصب رئيس الوزراء ونائب رئيس المجلس السيادي.

التغيير: أمل محمد الحسن

“يجب أن تصل هذه الرسالة إلى أصحاب النوايا السيئة” بهذه العبارة الغاضبة رد رئيس حركة جيش تحرير السودان مني أركو مناوي على الاتهامات الموجهة إليه وإلى عدد من قيادات الحركات المسلحة التي خرجت من الحياد لتقاتل بجانب الجيش السوداني، حيث طالبوا بتخصيص 50% من مقاعد الحكومة بالإضافة إلى مطالب أخرى تشمل تزويدهم بالعتاد العسكري مقابل عودتهم إلى موقف الحياد في حال عدم الوفاء بهذه المطالب!

نفي غاضب

نفى مناوي بشكل قاطع، خلال خطاب جماهيري في ندوة بالعاصمة الفرنسية باريس، تلقيهم أموال مقابل قتالهم مع الجيش، مؤكداً أن جنوده لا يحصلون على رواتب من حكومة بورتسودان. جاء ذلك رداً على التسريبات التي أفادت أنهم تلقوا مبالغ تصل إلى 72 مليون دولار مقابل مشاركتهم في القتال بجانب الجيش السوداني.

تناولت التسريبات الصحفية اجتماعًا عُقد في منزل جبريل ابراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة، في محاولة للتوصل إلى اتفاق يقضي بحصولهم على 50% من مقاعد الحكومة المقبلة، بما في ذلك وزارات المالية والمعادن والداخلية والخارجية، بالإضافة إلى الحصول على منصب رئيس الوزراء ونائب رئيس المجلس السيادي، وذلك في مقابل دعمهم لقوات المسلحة.

أكدت التسريبات الصحفية أن اجتماعاً عُقد قبل شهرين، حيث اجتمع الزعماء الحركات وقياداتهم الميدانية وقدّموا مطالب لرئيس مجلس السيادة تتطلب التنفيذ كشرط للاستمرار في القتال أو العودة إلى وضع الحياد. ومن بين هذه المطالب: 1500 سيارة كروزر، 4 طائرات مسيرة، 1500 مدفع دوشكا، 1500 قاذف (قرنوف)، 1500 مدفع آر بي جي، و300 بندقية قنص. ولم يتلقَ “البرهان” أي رد على هذه الطلبات حتى الآن، وفقاً للتسريبات.

لم يرد المتحدث الرسمي باسم حركة تحرير السودان على أسئلة “التغيير” بخصوص صحة عقد هذا الاجتماع من عدمه، كما لم يرد نور الدائم طه، من حركة العدل والمساواة، على أسئلة “التغيير” أيضاً، خاصة بعد ورود اسمه ضمن مقدمي الطلبات في الاجتماع المذكور سابقًا.

تبادل اتهامات

من جهتها، أعربت حركة العدل والمساواة السودانية عن استيائها مما تم تداوله حول اعتقالها مع أعضاء من القوة المشتركة بسبب تلقيهم أموالا للمشاركة في القتال بجانب الجيش ضد قوات الدعم السريع، ووصفت ذلك بأنه “ادعاء غير صحيح”.

وقالت في تصريح صحفي أدلى به أمين الإعلام المتحدث الرسمي د.

محمد زكريا فرج الله ذكر أن ما ذكرته الصحفية حول استلام مبلغ 72 مليون دولار نقداً مقابل المشاركة في “معركة الكرامة” هو “ادعاء كاذب لا يستند إلى أي صحة”.

لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها الحركات لاتهامات بتلقي الأموال. فقد كشفت مصادر مطلعة لـ “التغيير” أن قادة الحركات حصلوا على مبالغ ضخمة تصل إلى ملايين الدولارات، كما تلقى القادة الميدانيون الذين انشقوا عن الحركات التي تظل في حالة حياد بقيادة الهادي إدريس والطاهر حجر أموالًا ومناصب مقابل انشقاقهم.

إغراق الساحة العسكرية

التسريبات التي تم تداولها في الإعلام بخصوص مطالبات الحركات المسلحة كانت مقصودة، بحسب ما ذكر خبير عسكري فضّل عدم ذكر اسمه، وكان الهدف منها هو تشكيل رأي عام يمارس ضغطاً على الحركات. وأشار إلى حادثة انضمام القائد الميداني كيكل، الذي كان يقاتل في صف الدعم السريع، إلى المؤسسة العسكرية، موضحاً أنه يعتبر ذلك في نفس السياق.

قال الخبير العسكري لوسيلة “التغيير” إن تزايد عدد التنظيمات المشاركة في توزيع الثروة والسلطة سيؤدي إلى تقليل الحصص المخصصة لحركات دارفور.

من المتوقع أن تظهر مجموعة من الحركات المسلحة المدعومة بشكل سري من الجيش وتؤيد له، لتتنافس مع تكتل حركات السلام في جوبا.

أفاد الخبير العسكري بأنه يتوقع في الأيام القادمة عودة الجبهة الثالثة التي تمثل تمازجًا لصفوف القوات المسلحة، والتي اتهمت حركات جوبا الاستخبارات العسكرية للجيش بتشكيلها، حيث شاركت هذه الجبهة في الحرب الحالية إلى جانب الدعم السريع.

وأضاف: “قد يكون هناك حركات أخرى من شرق السودان تطالب بحصتها في الكعكة!”

تشكيل حكومة

التسريبات التي تتضمن مطالبات بالسلطة تشير إلى إمكانية تشكيل حكومة جديدة في بورتسودان، لكن الناطق باسم حزب التحالف الوطني السوداني، شهاب الطيب، قال إن هذا الأمر غير مرجح وأن تشكيل حكومة أمر واقع لن يحدث في القريب.

قال الطيب لـ”التغيير” إن المجموعة التي أطاحت بالفترة الانتقالية في معظمها لا ترى في التغيير إلا من خلال مصالحها في السلطة، “لذا فقد انحازوا للعسكريين”.

اتهم المتحدث باسم التحالف الوطني السوداني الحركات المسلحة بأنها تندفع وراء حرب مناورات تهدف إلى استغلال الحرب الراهنة من أجل تكوين الثروات واستغلال النفوذ في الفساد.

قال لـ”التغيير” إن هذه المجموعات لا تستند إلى موقف مرجعي، ولذلك لن تترك معسكر الحرب مع الجيش، معبراً عن توقعه بأن الجيش سيتخلص منها لاحقًا.

تباينت آراء الطيب الناطق الرسمي باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية تقدم، بكري الجاك، الذي أكد أن مسألة تشكيل الحكومة ليست سرا، مشيراً إلى تصريحات قائد الجيش البرهان حول هذا الموضوع في مناسبات متعددة.

قتال على “جيفة الوطن“

شبه الجاك ما وصفه بعقلية توزيع “الكيكة” أثناء الحرب بواقع ذئاب تتصارع على “جثة الوطن” وهو يتعرض للنزيف وتقطع أوصاله. أوضح أن هذا هو ما كان يدور بالضبط في معسكر الانقلاب الذي خطط ونفذ انقلاب 25 أكتوبر 2021، مشيراً إلى أن الخلاف بينهم وبين الدعم السريع حول السلطة كان من العوامل التي أشعلت حرب 15 أبريل.

أكد الجاك أن الجدل والتنافس على السلطة ليست مجرد تسريبات أو تكهنات، بل هي واقع حقيقي. “سيرى الناس ذلك بوضوح إذا استمر البرهان في لعبة السلطة التي يديرها مع الجماعات التي تتصارع من أجل السلطة والكتائب الإسلامية التي تسعى لاستعادة مجدها المفقود”.

قال الجاك لـ”التغيير” إن هذه الخطوة ستعتبر بداية لتقنين تقسيم البلاد بطريقة علنية ومباشرة، ومن المرجح أن يستجيب الدعم السريع بتشكيل حكومة جديدة، مشددًا على أن ذلك سيكون عاملاً في تصعيد الصراع داخل معسكر الحرب في بورتسودان.

وقال: “هذا النوع من التنافس على السلطة بينما الناس تموت والبلاد تعاني سيمنعنا من الوصول إلى سلام شامل وتحقيق برنامج للتعافي الاجتماعي”.

خاتمة

لا شك أن هناك خلافات حقيقية وراء ظهور هذه التسريبات، ورغم النفي القوي من حركتي مناوي وجبريل، فإن دلائل مثل طلب مناوي السابق للحصول على مقعد في مفاوضات السلام تدل على عدم قتالهم ضمن قوات المسلحة تحت قيادتها، بل لا يزالون يقودون حركاتهم ويجمعون المزيد من المقاتلين في صفوفها.

انتقل الخلاف الذي تسبب في ظهور هذه التسريبات سريعًا إلى منصات التواصل الاجتماعي، التي انقسمت بين مؤيدين للحركات المسلحة ومعارضين لها الذين وصفوها بالانتهازية. لا شك أن هذا الأمر سيؤثر على جبهة الحرب، التي تبدو موحدة ومتماسكة، لكنها ستشهد انقسامًا داخليًا فور الانتهاء من العدو الحالي الذي هو قوات الدعم السريع.

عن مصدر الخبر

موقع التغيير

تعليق

  • – نقول شنو ؟ نقول كُلُ شي وارِد ؟
    – و ما في احلي من قولة كمان إلا كمان ….
    – اصلاً ما هي عايره و أدوها سوط عنج مقطرن !…