تسليح السكان.. آخر أوراق البرهان لإشعال حرب أهلية في السودان
يقوم قائد الجيش السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، بمحاولة تسليح السكان بناءً على انتمائهم العرقي لمواجهة قوات الدعم السريع، مما ينذر بخطر انزلاق البلاد نحو حرب أهلية شاملة.
ودعا البرهان في كلمته إلى التكاتف لمواجهة الحرب الأهلية، وذلك أثناء زيارته لولاية البطانة وسط البلاد، لتقديم واجب العزاء لأسرة قائد قوات الجيش العميد أحمد شاع الدين، الذي قُتل يوم الثلاثاء الماضي أثناء مواجهات مع قوات الدعم السريع في منطقة “تمبول”.
تعهد البرهان للسكان في منطقة البطانة بتزويد أي شخص قادر على حمل السلاح بالسلاح، مشيرًا إلى أنه قد وزع السلاح سابقًا لمن طلبه، وأنه سيتم الآن تسليح قبيلة الشكرية كما طلبت، وفقًا لما ذكره.
وقال البرهان مخاطباً القبيلة: “نحن نعرف أن الشكرية إذا أطلقنا لهم العنان وقلنا لهم انطلقوا، فلن يتوقفوا”، في إشارة إلى تسليحهم وتحفيزهم لمحاربة قوات الدعم السريع.
الشكرية هي القبيلة التي ينتمي إليها العميد أحمد شاع الدين، والقائد المنشق عن قوات الدعم السريع، أبو عاقلة كيكل.
مخطط قديم
يعتقد المحلل السياسي عمار الباقر أن البرهان وقادة الجيش عملوا منذ البداية على تحويل الصراع في البلاد إلى حرب أهلية، من خلال محاولة استعداء القبائل ضد قوات الدعم السريع، من خلال استخدام أوصاف مثل “الأجانب وعرب شتات” للمقاتلين.
أشار الباقر، لـ “إرم نيوز”، إلى الاستهداف المتعمد لبعض القبائل من كردفان ودارفور، وإلى محاولة تصويرها في الأذهان على أنها تعارض السودان، بهدف دفع السودانيين للانجرار وراء هذه الدعاية ومحاربة تلك القبائل، إلا أن الوعي العام قد أحبط هذا المخطط.
وأشار إلى أن “البرهان يعتمد الآن على تحريض قبيلة الشكرية وبقية قبائل المنطقة من خلال خطابات عنصرية، بهدف حشدها للقتال بدلاً منه، وتصوير الوضع على أنه صراع بين قوات الدعم السريع والقبائل وليس الجيش”.
استبعد الباقر أن تنزلق المجتمعات الأهلية نحو نزاع عرقي، نظرًا للوعي المتزايد بينها حول تداعيات هذه الحرب. وأشار إلى وجود مجموعات من قوات الدعم السريع التي تنتمي لنفس القبائل والمناطق التي يعتمد عليها البرهان، بالإضافة إلى وجود ما أسماها بـ “الكتلة الحرجة”، التي تتبنى موقف الحياد تجاه الأحداث، مما قد يسهم في إفشال محاولات تحويل النزاع إلى حرب أهلية، حسب قوله.
حشد القبائل
يرى المحلل السياسي صلاح حسن جمعة أن البرهان يتبنى استراتيجية أنصار النظام السابق، التي تم تجربتها سابقاً في دارفور وكردفان، من خلال إقحام القبائل في نزاعاته وجعلها تقاتل بالنيابة عنه.
قال جمعة لـ “إرم نيوز” إن البرهان والحركة الإسلامية يسعون الآن لإشراك القبائل في الصراع لكي تحارب بدلاً منهم، بعد أن فشلوا في هزيمة قوات الدعم السريع في المعارك.
وأضاف: “شهدنا قبل يومين في تمبول كيف حرضوا المواطنين على الدخول في الحرب، بعد أن سحبوا “كيكل” من قوات الدعم السريع، وأشعلوا الأوضاع في شرق الجزيرة، على الرغم من أنه منذ دخول الدعم السريع للولاية، لم نرَ أيًا من أنواع الاستنفار أو حشد القبائل، ولكنها خطة بدأت بسحب كيكل، والآن يسعون لتسليح المواطنين للقتال نيابة عنهم.”
وأشار إلى أن البرهان بعد كلمته في البطانة يسير بالبلاد نحو صراع قبلي وصراع عرقي يدمر كل شيء؛ مما قد يؤدي إلى تقسيم السودان إلى دويلات صغيرة.
أوضح جمعة أن تقسيم السودان هو جزء من خطة النظام السابق للبشير، الذي بدأ بتقسيم جنوب السودان ثم أثار النزاعات الداخلية. والآن، يسعى البرهان لإتمام هذه الخطة من خلال الحرب، من خلال الحفاظ على ما يُسمى بـ “دولة النهر والبحر”، وإثارة الصراعات العرقية في أنحاء السودان الأخرى.
وأوضح أن “الحركة الإسلامية المتحالفة مع البرهان تمثل أكبر خطر على البلاد ووحدتها، حيث بعد فشلهم في خطة إنهاء الدعم السريع والسيطرة على السلطة، يسعون الآن لتحويل الصراع إلى حرب أهلية تفتت البلاد”.
دعوات التحشيد
أعلنت قوى سياسية رفضها لدعوات التعبئة القبلية للانضمام إلى القتال في مناطق شرق الجزيرة، مما ينذر بخطر اندلاع حرب أهلية شاملة.
أكد حزب الأمة القومي رفضه لدعوات التحشيد القبلي من جميع الأطراف للدخول في حرب، مشددًا على أهمية عدم السماح بانتشار السلاح وعدم جر المواطنين إلى حرب غير متكافئة.
حث الحزب الإدارات الأهلية والمجتمعية وجميع أبناء الشعب السوداني على “الامتناع عن الاستجابة للدعوات التي تدعو إلى إدخال المواطنين في أتون الحرب الإجرامية، مشددًا على ضرورة أن تُسَخّر أطراف النزاع صوت العقل وأن تتجه نحو الحل السلمي التفاوضي لإنهاء المأساة”.