السودان الان السودان عاجل

من تسليح المواطنين إلى الحرب الأهلية: ولاية الجزيرة في دائرة الخطر

مصدر الخبر / موقع التغيير

احدثت مسألة تسليح المواطنين في السودان، وبشكل خاص في ولاية الجزيرة، ردود فعل متنوعة وآراء مختلفة، لكنها تتفق على زيادة المخاطر والتكاليف البشرية.

لقى المئات من المواطنين مصرعهم في مجازر ولاية الجزيرة وسط السودان بعد سيطرة قوات الدعم السريع على المنطقة في ديسمبر من العام الماضي عقب انسحاب الجيش من عاصمة الولاية “ود مدني”.

بعد ذلك، تزايدت الأحداث بشكل سريع حيث تقدمت قوات الدعم السريع نحو القرى في جزيرة والبطانة شرقًا وغربًا، وارتكبت انتهاكات عديدة، مما زاد من المطالب بضرورة تسليح المواطنين. تمت عملية تسليح المواطنين، لكن بعض الناس اعتبروا أن ذلك اتخذ طابعًا قبليًا حيث تسلحت مجموعات كبيرة من قبائل الشكرية والبطاحين ورفاعة، البوادرة، الضباينة، والمسلمية في مناطق البطانة والجزيرة بشكل عام.

وقد أثار هذا الأمر تساؤلات ومخاوف حول إمكانية أن يكون ذلك بداية الانزلاق نحو حرب أهلية، خاصة بعد العثور على جثث مواطنين في الترع والنيل والشوارع. ولا يُعرف هل قُتلوا بدافع الانتقام أو تم تصفيتهم على أسس عرقية في النزاع العنيف الذي بدأ منذ أبريل 2023 بين الجيش والدعم السريع. تزايدت التساؤلات حول صحة الأنباء التي تشير إلى قيام عناصر من المقاومة الشعبية بتصفية مواطنين من سكان الكنابي.

وفي الوقت نفسه، هل كان سكان الكنابي يشتركون في قتل المواطنين وتشريدهم، بالإضافة إلى استباحة القرى وإخلائها في الولاية؟ تطرح هذه التساؤلات في ظل القلق من تبعات التسليح وتوسع دائرة القتال التي سوف تتضح بعد انتهاء الحرب.

سخر القيادي في كيان أهل الجزيرة علي عبد الله من الدعوات لحمل السلاح، مشيراً إلى أن “الجزيرة قد باعها العسكريون، ثم يطالبون المواطنين بالدفاع عن أنفسهم… أين كان هؤلاء عندما كان الجيش ينسحب بشكل علني من عاصمة ولاية الجزيرة ود مدني بدون أن يطلق رصاصة واحدة؟ لقد دخلت طلائع الدعم السريع إلى مدني بـ 20 عربة فقط… الجميع شهد المشهد بينما كانوا يبثون المباشر، والمدينة خالية من أي جنود يرتدون الزي العسكري الأخضر”.

وأضاف لـ(التغيير) أن الدعم السريع أو “الجنجويد” -كما يعبّر- لا يمكن لأحد أن يبرر أفعالهم المشينة وسلوكهم الجبان في قتل المواطنين والسرقة والاغتصاب، “لكن الكيزان هم من أسسوا هذا الكيان ودعموه لدرجة أنه عندما كان البعض ينتقدهم كان يعرض نفسه للمسألة القانونية.. والآن يريدون من الفقراء والمستضعفين مواجهة الآلة العسكرية الضخمة للدعم السريع التي سلمها لهم العسكريون والكيزان.. فماذا تتوقعون أن يفعل الدعم السريع بالشخص الذي يحمل سلاحاً حتى لو كان يرتدي الملابس المدنية؟”. تابع عبد الله: “هؤلاء يمارسون الكذب ويتحايلون عليه.

قبل هجوم الدعم السريع على الجزيرة، رفضت قيادة الجيش تسليح المواطنين بدعوى عدم قدرتهم على القتال، والآن بعد ما حدث، يطلبون منهم الدفاع عن أنفسهم. حتى الآن، لا نفهم كيف يفكر هؤلاء المتأسلمون وماذا يخططون، ولكن الشيء الوحيد الذي نعرفه هو أنهم يسعون للسلطة ولديهم شغف بالدماء”.

وحذر علي عبد الله من الدعوات التي تثير الفتنة بين مكونات الجزيرة، قائلاً: “هؤلاء لم يكتفوا بالدعوة لتسليح المدنيين وتجييشهم، بل يروجون للفتنة بالقول إن سكان الكنابي هم من دعموا الدعم السريع. جميع أهل الجزيرة يعلمون أن هناك أفراداً من سكان الكنابي انضموا للدعم السريع، كما انضم آخرون للمقاومة والجيش، وما حدث هو سلوك فردي وليس جماعياً”.

وأضاف: “بهذه الطريقة، ستشتعل حرب قبلية بين المجموعات السكانية في السودان”. أصدرت القيادة المركزية العليا للمتقاعدين من الجيش والشرطة والأمن بيانًا سابقًا، حذرت فيه المواطنين في الجزيرة من الاستجابة لدعوات التحريض وحمل السلاح، مشددة على ضرورة تجنبهم الحرب والابتعاد عن الانحياز مع من يدعون لاستمرارها. لكن الجناح الآخر من الهيئة القومية لضباط وصف ضباط وجنود القوات المسلحة المتقاعدين، هاجم الطرف المقابل في بيان ذكروا فيه أن مجموعة ضالة من الأفراد الذين يدعون أنهم ضباط قادة للمتقاعدين يحذرون المواطنين من حمل السلاح في مواجهة المرتزقة للدفاع عن شرفهم وأراضيهم وأموالهم، كي يصدوا عن أنفسهم إذلال التتار لشيوخهم ويتركوا نساءهم فريسة لذئاب الدعم السريع. وصفت الهيئة خطاب نظرائها بالضعيف في الدفاع عن أهلهم، ووجه البيان انتقادات للضباط الذين يرفضون حمل المواطنين للسلاح، قائلاً: “لقد بلغ بكم الضعف أن تطالبوا الرجال بعدم حمل السلاح للدفاع عن شرفهم، ولو كنتم تدركون معنى الشرف والكرامة لما أصدرتم بيان العار والتخاذل والاستسلام”. ناشد البيان جميع من يستطيعون حمل السلاح لحماية شرفهم وأموالهم وأرضهم، واعتبر ذلك واجباً شرعياً وموقفاً بطولياً سيُسجل في التاريخ. كما أدان العمليات الإجرامية التي نفذها متمردو الدعم السريع.

قال عضو المقاومة الشعبية وتحرير الجزيرة، حسب الرسول طه، في مداخلة له على مجموعة دعم مشروع الجزيرة رداً على منتقدي تسليح المواطنين: “هل نحن من ذهبنا لدعم السريع في مكانه أم أنه هو من جاء إلينا في بيوتنا؟”.

وأضاف: “ما يحدث هو تهجير متعمد لسكان الجزيرة بهدف إفراغها من سكانها الأصليين وتوطين آخرين من عرب الشتات بدلاً منهم. نحن ندرك جيدًا سلوك هؤلاء الجنجويد، حيث يدخلون القرى ويسرقون وينهبون ويغتصبون، ويحتجزون البعض كرهائن، ثم يقومون بحرق المحاصيل. ومؤخراً، بدأوا بكسر الترع للذين يرفضون مغادرة قراهم. باختصار، هم يسعون للقضاء على مقومات الحياة حتى يضطر المواطنون للهرب، ليأتي من عائلتهم وذويهم من عرب الشتات للسكن في الجزيرة.” وأضاف طه: “إذا كان الهدف هو السرقة فقط، فما معنى هجر المواطنين ومطالبتهم بشكل صريح بمغادرة القرى؟ هل هذه هي الديمقراطية المزعومة التي يسعون إليها في ممتلكات الناس وجيوبهم؟” وأضاف: “أي شخص يطالب بعدم تسليح المواطنين يجب أن يعيد تقييم وطنيته، بل عليه أن يفكر في إيمانه، فهل قرأ القرآن والأحاديث؟”. واستمر طه قائلاً: “أستغرب من أولئك الذين يرفضون تسليح المواطنين، كيف يفكر هؤلاء؟ هل توجد جيش في هذه القرى حتى نتركه يدافع عنا؟”

وأضاف: “هل ترك الجنجويد المواطنين السلميين الذين لا يحملون السلاح دون أن يسرقوهم أو يغتصبوا عائلاتهم؟ إذا كان هؤلاء الذين يطالبون بعدم تسليح المواطنين يخافون عليهم من الموت، فنقول لهم إن المقاومة الشعبية في الجزيرة مستمرة تحت قيادة اللواء عبد الله علي الطريفي، فالموت بكرامة أفضل من الموت بذلة ومهانة.”

لكن الخبير الأكاديمي د. عثمان فتح الله يؤكد أن تجربة استنفار المواطنين في السودان كانت غير ناجحة، حيث تم تكرارها عدة مرات وتكاليفها مرتفعة يتحملها المواطنون. قال لـ(التغيير) إن الحرب الحالية قد تتحول إلى حرب أهلية، حيث يقوم المواطن بقتل جاره وصديقه وزميله، وهذا ناتج طبيعي لما يحدث في السودان من احتكار السلطة من قبل جهة واحدة، وهي “العسكريين”، وقمع التجارب الديمقراطية.

وأضاف فتح الله أن الذين يتحدثون عن إمكانية جمع السلاح بسهولة بعد الحرب لا يطلعون على التاريخ بشكل جيد وهم بعيدون عن الواقع. وأشار إلى أن آخر لجنة تم تشكيلها لجمع السلاح في دارفور بقيادة نائب البشير السابق، حسبو محمد عبد الرحمن، في عام 2017م، قد فشلت بشكل كبير، حيث انضم رئيس اللجنة نفسه إلى الدعم السريع وأخذ السلاح معه.

وأشار إلى أن الظلم موجود دائماً في الحروب بسبب الانتهاكات التي تحدث في أماكن مختلفة، لكن هل هذه هي الطريقة المثلى لحل النزاعات واسترداد الحقوق؟ وقال: “لقد جربت العديد من الدول ذلك، مثل رواندا وجنوب أفريقيا، وفي النهاية سنعود إلى نفس الدائرة ونعود للتفاوض باعتباره الوسيلة الناجحة لحل النزاعات والصراعات.”

عن مصدر الخبر

موقع التغيير

تعليق

  • موقع التغيير يتبني نهج الحرب والارهابيين الدعامة ومنطقه غير سليم حيث ان الخطر هو في وجود الدعم في الجزيرة وليس وجود مواطن مسلح يحارب من اجل بيته وشرفه وامواله . هذه حماقة اعيت من يداويها اعلام تجهيل وتضليل لنفسه والشعب تجاوزكم منذ زمن ومتبقي خضوعكم لمحاكمة شعبية واستفتاء كي تعرفوا حجكم