تشهد منطقة شرق السودان توترًا سياسيًا متزايدًا، وذلك بعد إعلان الجبهة المتحدة للعدالة، التي يقودها الأمين داؤود، عن نشر ما أسمته “قوات الأورطة” في الإقليم بهدف حماية الحدود. جاء هذا الإعلان في بيان صدر هذا الأسبوع، مما أثار قلقًا واسعًا في المنطقة التي تُعتبر واحدة من المناطق القليلة التي تتمتع بالأمان خلال فترة النزاع المستمر.
في سياق متصل، أعرب الأمين السياسي للمجلس الأعلى للبجا، سيد أبو آمنة، عن رفضه لما وصفه بـ “مخطط التفتيت” في بيان له يوم الجمعة، مما يُعتبر تصعيدًا للأوضاع في الإقليم. وأكد أن هناك جهودًا تُبذل لاستغلال قضية شعب البجا العادلة كوسيلة لإسقاط حكومة الثورة، مما يهدد استقرار الوطن ويعيد النظام السابق إلى الواجهة من خلال هذه القضية.
كما أشار البيان إلى الأحداث التي وقعت في 25 أكتوبر 2021، حيث استحوذ المكون العسكري على السلطة، مستغلًا “قضية شعبنا” لإغلاق الموانئ بهدف تقويض حكومة الثورة. وأكد البيان أن السلطة لم تستجب لأي من قرارات مؤتمر سنكات المصيري للبجا، مما يزيد من تعقيد الأوضاع ويعكس حالة من الإحباط بين أبناء الإقليم.
أفاد البيان بأن الخرطوم قد استغلت القضية بشكل غير عادل، حيث استخدمتها في صراعات لا تتعلق بمصالح الشعب. وأشار إلى أن النقاشات حول هذا الموضوع كانت جزءًا من التوجيهات السياسية للمجلس، لكن الوضع تطور ليؤدي إلى قرار يمنع الأمانة السياسية من الإدلاء بتصريحات، مما كان سيؤدي إلى إقالتهم لولا دعم بعض قادة المجلس، مثل العمدة حامد أبو زينب والشيخ عمر درير، والقائد موسى محمد أحمد.
كما أشار البيان إلى أن الأحداث الدموية التي شهدها الشرق بعد اتفاقية جوبا، التي اعتبرها “مشؤومة”، كانت نتيجة للمسارات “الوهمية” التي تم اعتمادها. ولفت إلى أن المسار الشرقي الذي أُدخل من قبل الأمين داؤود، عضو جبهة التحرير الإريترية المطلوب للعدالة، كان له دور كبير في تفاقم الأوضاع، حيث يقود حاليًا ما يُعرف بالأورطة الشرقية.
واختتم البيان بالتأكيد على أن الأمين داؤود لم يكن يمتلك أي قوة عسكرية في ذلك الوقت، لكنه تسبب في إشعال الفتنة التي أدت إلى فوضى عارمة. وأوضح أن السلطات السودانية قد قامت بتسليحه بالتعاون مع دولة إريتريا، مع وجود مزاعم حول إطلاق قواته المدربة من إريتريا، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني في المنطقة.
أكد البيان أن الأحداث الأخيرة تعكس استمرار “نظام الخرطوم” في تنفيذ مشروع “الفتنة والدماء”، حيث ارتقى الصراع من منافسة سياسية إلى اقتتال مسلح، وهو ما ترفضه الأمانة السياسية لمجلس البجا وتدين به أي نظام قادم بغض النظر عن توجهاته.
وأعرب البيان عن رفضه القاطع لعمليات “عسكرة القبائل” في منطقة البجا، مشددًا على عدم قبول وجود أي “ميليشيات عسكرية” تتبع الحركات المسلحة. كما أكد على ضرورة الحفاظ على السلم الأهلي وعدم السماح بتفشي العنف في المنطقة.
وأبرز البيان أن نشر قوات عسكرية تابعة لقادة مسار الشرق يعد بمثابة إعلان حرب على البجا، مشيرًا إلى أن الإقليم لن يكون منصة لعودة النظام السابق. كما أدان سلوك القيادات المتواطئة مع هذا المخطط، داعيًا شباب المنطقة إلى الاستنفار العام لرفض أي وجود عسكري.
دعا البيان إلى عقد اجتماع فوري لجميع قيادات مجلس البجا ومؤتمر سنكات، وخاصة الشباب، من أجل إعادة تنظيم المجلس وتجاوز عقبات تفرقه. وأكد على أن الموقف مرتبط بتشكيل المجلس والذي يمثل الحكم الذاتي لمنطقة البجا.
أعلنت الجبهة المتحدة بقيادة الأمين داؤود عن نشر قوات “الأورطة”، وهو الاسم الذي كان يُطلق على نواة الجيش السوداني في القرن الماضي، في إقليم الشرق بهدف حماية الحدود.
قوبلت هذه التطورات برفض شديد من جانب مكونات البجا، خصوصاً في ظل التوترات السابقة بينهم وبين مكونات اجتماعية أخرى في المنطقة الشرقية من البلاد، وبالأخص في مدينة بورتسودان، التي شهدت في السنوات الأخيرة حوادث عنف قبلي أدت إلى مقتل المواطنين بناءً على اعتبارات إثنية. يعاني إقليم شرق السودان من الإهمال والفقر، وقد تفاقمت هذه المشكلات خلال الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وعلى الرغم من أن مدينة بورتسودان، أكبر مدن الشرق، أصبحت عاصمة بديلة للحكومة المدعومة من الجيش، إلا أن التوترات تتصاعد وتتناقص بين قادة بعض الفصائل المسلحة في الإقليم، وأحد أبرز هؤلاء هو شيبة ضرار الذي وصل إلى مرحلة المواجهة العسكرية مع قوات الجيش عند حاجز عسكري في وسط مدينة بورتسودان في نهاية سبتمبر 2024. يوجه شيبة ضرار، وهو قائد فصيل مسلح منشق عن الفصائل الرئيسية في الإقليم، انتقادات للحكومة الموجودة في بورتسودان، بالإضافة إلى انتقاده للجيش والحركات المسلحة. وأحيانًا يقوم أنصاره بنشر مقاطع فيديو له ينتقد فيها بعض المجتمعات لعدم دفاعها عن نفسها خلال الحرب.