أصدر رئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، يوم الاثنين، قرارات إنهاء تكليف وزراء الخارجية، والثقافة والإعلام، والتجارة والتموين، والشؤون الدينية والأوقاف، وتعيين أربعة وزراء جدد، وهم السفير علي يوسف أحمد الشريف وزيرًا للخارجية، وخالد الاعيسر وزيرًا للثقافة والإعلام، وعمر بانفير وزيرًا للتجارة والتموين، وعمر بخيت وزيرًا للشؤون الدينية والأوقاف. تتضمن أبرز ميزات تكليف الوزراء الجدد الاستجابة لمطالب القيادات المحلية والمجتمعية في شرق السودان، حيث إن وزيرين (عمر بانفير وزير التجارة، وعمر بخيت وزير الشئون الدينية والأوقاف) ينحدران من شرق السودان؛ وهذا يُعتبر أول تكليف لوزراء من المنطقة منذ انقلاب 25 أكتوبر.
تحمل التكليفات الجديدة توجهًا نحو إحداث تغيير في ملفات العلاقات الخارجية من خلال تعزيز الروابط مع مصر والصين، وذلك عبر تعيين وزير له علاقة وثيقة مع البلدين. ويُعتبر هذا التكليف الحالي في وزارة الخارجية الثالث من نوعه خلال عشرة أشهر، حيث تم تكليف السفير علي الصادق في يناير من العام الحالي، يليه السفير حسين عوض في أبريل بعد مرور عام على الحرب، وأخيرًا تم تكليف السفير علي يوسف يوم الاثنين الماضي. لم يستطع أي من وزراء الخارجية الذين تم تعيينهم في الفترة الأخيرة تحقيق تقدم في ملف رفع تجميد أنشطة السودان في الاتحاد الأفريقي، أو في ما يتعلق بالشكاوى الموجهة ضد الدول التي تتهمها السلطات بدعم قوات الدعم السريع. تم تكليف الإعلامي خالد الاعيسر بمهام الثقافة والإعلام في سياق تصاعد النشاط الإعلامي خلال الحرب المستمرة التي تزداد دائرتها بشكل متواصل. وقد اعتبره مراقبون جائزًة للذين كانوا في طليعة المواجهات الإعلامية منذ بداية الحرب.
ترحيب حذر في شرق السودان
أعرب سكان شرق السودان، في استطلاع نفذه راديو دبنقا، عن سعادتهم لتعيين وزيرين من شرق السودان للمرة الأولى منذ انقلاب 25 أكتوبر، مطالبين بتعيين عضو من شرق السودان في مجلس السيادة. اعتبر عبدالله أو بشار، مقرر المجلس الأعلى لنظارات البجا، في مقابلة مع راديو دبنقا، أن تعيين الوزيرين يعد خطوة هامة في سياق الاستجابة لمطالب شرق السودان، مشيراً إلى أن القرار لاقى رضا وقبولاً من قطاعات واسعة. لكنه أوضح في نفس الوقت أن هناك العديد من المطالب التي تتطلب التنفيذ، من بينها المنبر التفاوضي المعني بشرق السودان، وتجاوز المظالم التاريخية، وتوزيع السلطة والثروة بشكل عادل. وأشار إلى أن تعيين الوزيرين جاء استجابة لمطالب متكررة من قبل مجموعة من الجهات الأهلية والسياسية في شرق السودان، مبرزاً أن نقص التمثيل في المناصب التنفيذية قد أثر سلباً على الأوضاع في المنطقة. أشار إلى أن الحكومة استمرت في تبرير عدم تعيين مسؤولين من شرق السودان في مجلسي السيادة والوزراء خلال العامين الماضيين بسبب الخلافات والتباينات بين المكونات القبلية في شرق السودان، واعتبر هذه المبررات غير منطقية، مشيراً إلى أن تمثيل مواطني شرق السودان في حكومة الفترة الانتقالية تم بلا أي اعتراض على الرغم من استمرار التباينات. وأضاف: “قضيتنا ليست فقط في استيعاب أو تمثيل أشخاص، بل في استعادة حقوقنا المفقودة.”
انتصار معنوي ونفسي
من جهته، صرح همرور حسين، الناشط المدني في ولاية كسلا، لراديو دبنقا أن تكليف وزيرين من شرق السودان جاء نتيجة لمطالبات متكررة من بعض مواطني المنطقة، ولكنه بنفس الوقت قلل من تأثير هذا القرار على الأوضاع في الشرق، موضحاً أن هذا التعيين يعتبر مجرد تمثيل ويمثل انتصاراً معنوياً ونفسياً، ولكنه لن يغير من حقيقة الأوضاع شيئاً. قال همرور إن مشكلات سكان شرق السودان تتجاوز بكثير قضايا التعيين والتوظيف، حيث تتمحور حول التنمية وتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، بالإضافة إلى معالجة أوضاع النازحين. وأشار أيضًا إلى غياب تمثيل شرق السودان في مجلس السيادة، وأن التمثيل الحالي في مجلس الوزراء لا يعكس النسبة السكانية في المنطقة. أبدى همرور قلقه من تزايد الأصوات القبلية والعرقية التي تؤدي إلى المطالبة بتعيين أفراد من المنطقة دون النظر إلى مدى كفاءتهم.
معالجة لقضية تمثيل شرق السودان
فيما يخص تعيين وزيرين من شرق السودان، اعتبر الناشط المدني في ولاية القضارف جعفر خضر، في حديثه لراديو دبنقا، أن ذلك يعد خطوة إيجابية سوف تساهم في إنهاء الشكاوى المتعلقة بضعف التمثيل، بغض النظر عن مؤهلات الوزراء المعينين. ودعا إلى اعتماد سياسات عادلة تشمل جميع السودانيين في مختلف المناطق، مشدداً على أهمية أن يعمل الوزراء على مساعدة المواطنين لكي يعيشوا حياة كريمة في ظل الظروف الصعبة الناتجة عن الحرب. كما أشار إلى ضرورة أن يضطلع الوزراء بدور تجاه النازحين نتيجة هجمات الدعم السريع، مع ضرورة تبني سياسات تعزز المساواة بين المواطنين. من جهته، اعتبر إبراهيم إسماعيل جامع، القيادي في مبادرة منصة نادي البجا، أن تعيين وزيرين من شرق السودان يُعد بمثابة خطوة للخروج من حالة التهميش في التمثيل المركزي. اتهم شيبة ضرار، رئيس تحالف أحزاب وحركات شرق السودان، البرهان خلال ندوة عُقدت في بورتسودان يوم الأحد بتغييب تمثيل الشرق في مجلسي السيادة والوزراء.
تقاطعات في الملفات الخارجية
وصف الصحفي طاهر معتصم وزير الخارجية الجديد، السفير علي يوسف، بأنه دبلوماسي مخضرم، وأشار إلى أنه لديه القدرة على إجراء بعض التغييرات في وزارة الخارجية. أشار معتصم في حديثه لراديو دبنقا إلى التحديات التي تواجه عمل وزارة الخارجية بسبب تداخل مراكز القوى في بورتسودان، مستشهدًا بأمثلة على البيانات التي تصدر عن الوزارة والتي تتعارض مع تصريحات البرهان. ونبه طاهر معتصم إلى وجود حالة من الارتباك في الوضع الدبلوماسي نتيجة الحرب المستمرة وإجراءات مراكز القوة، موضحاً أن هناك تباينات غير مسبوقة بين عدة أطراف، مشيراً إلى تصريحات ياسر العطا والحركات المسلحة. وفقًا لسيرته الذاتية، قضى وزير الخارجية المكلف أكثر من 40 عامًا في وزارة الخارجية قبل أن يتقاعد في عام 2013. وأفاد سفراء متقاعدون لراديو دبنقا أن الوزير المكلف علي يوسف يتجاوز عمره 75 عامًا ويعاني من بعض المشاكل الصحية، وأعربوا عن استغرابهم من تعيينه في وزارة تحتاج إلى تنقلات وأسفار مستمرة. تعتقد جهات أخرى أن الوزير الجديد لديه علاقات ممتازة مع الصين، حيث شغل منصب سفير السودان في الصين وبرز كمدير تنفيذي لرابطة جمعيات الصداقة العربية الصينية. بالإضافة إلى ذلك، يمتلك علاقات اجتماعية قوية مع مصر، ويعمل رئيساً للمبادرة الشعبية لتعزيز العلاقات بين السودان ومصر. حصل السفير علي يوسف على درجة البكاليوس في الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة الخرطوم في عام 1972، كما حصل على دبلوم عالي في العلاقات الدولية من نفس الجامعة في عام 1973، وحقق درجة الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة تشارلس في براغ، تشيكوسلوفاكيا، في عام 1988. عمل السفير علي يوسف دبلوماسيًا في وزارة الخارجية السودانية خلال الفترة من 1973 إلى 2013، حيث اشتغل في عدة دول منها تونس والسعودية واليمن وكينيا. كما تولى منصب السفير في الصين والاتحاد الأوروبي ومملكة بلجيكا وجنوب أفريقيا. بالإضافة إلى ذلك، شغل منصب المدير العام لوكالة السودان للأنباء ومستشار والي الخرطوم.
تصعيد إعلامي
وفقًا للصحفيين والمراقبين، فإن تعيين الإعلامي خالد الأيسر يأتي ضمن خطة للتصعيد الإعلامي. وقد أشاروا إلى ذلك بأن الأيسر كان يمثل واحدة من أبرز الواجهات الإعلامية للجيش منذ بداية الحرب، من خلال ظهوره المتكرر على القنوات الفضائية العربية. شغل الأيسر خلال فترة نظام عمر البشير وظيفة مدير قناة النيلين، قبل أن يعلن استقالته بشكل مباشر على الهواء.
عصفوران بحجر واحد
من ناحية أخرى، يمكن أن يسهم تكليف عمر بانفير بمهام وزارة التجارة والتموين في تلبيّة مطالب مكونات شرق السودان، كما قد يُساعد في تقليل حدة الاحتجاجات التي تنشب بين الحين والآخر في ميناء عثمان دقنة بسواكن، والتي ترفض فرض القيود البنكية على صغار الموردين. تخرج عمر بانفير من كلية الاقتصاد بجامعة الخرطوم، وعمل في وزارة المالية بولاية البحر الأحمر وتدرج في المناصب حتى تم تعيين محمد طاهر إيلا والياً للبحر الأحمر في عام 2005، حيث اختير مباشرةً مديرًا لمكتبه التنفيذي لفترة قصيرة. بعدها تولى منصب المدير العام للهيئة العامة للاستثمار بالبحر الأحمر، واعتُبر الذراع الأيمن لإيلا في مجالات التنمية والمشروعات الاقتصادية والاستثمارية والخدمية في الولاية. بالإضافة إلى ذلك، شغل منصب مقرر لجان المؤتمرات والاستثمار والتسوق، وأيضًا مقرر اللجنة العليا للتنمية بالبحر الأحمر. وعندما عيّن الرئيس المخلوع عمر البشير محمد طاهر إيلا رئيسًا للوزراء في أواخر فبراير 2019، أي قبل حوالي 50 يومًا من سقوط النظام، كان أول قرار اتخذه إيلا هو تعيين عمر بانفير مديرًا عامًا للهيئة البحرية. بعد ذلك، غادر العمل التنفيذي في عام 2019 أثناء حكومة الثورة، وكرّس جهده للعمل الخاص في شركة تعدين.
وزير الشئون الدينية والأوقاف
يمثل تكليف الدكتور عمر بخيت استجابة لمطالب مكونات شرق السودان، وفي نفس الوقت يعد عودة للوزارة إلى التيار السلفي الذي ينتمي إليه الوزير الجديد. يعمل الدكتور عمر بخيت أستاذًا للدراسات الإسلامية في جامعة الخرطوم، وهو القسم الذي أسسه الدكتور عبدالحي يوسف، وقد تولى رئاسته عدد من الأعضاء المرتبطين بتياره. كما عمل الوزير الجديد للشؤون الدينية إمامًا وخطيبًا لعدة مساجد في الخرطوم وشرق السودان، وقدم برامج دينية على عدد من الفضائيات. ويتميز بعلاقات جيدة مع الدكتور عبد الحي يوسف الذي يساند الجيش من مقر إقامته في تركيا. لم يستبعد المراقبون أن يُعتبر تعيين الوزير الجديد تعزيزاً للعلاقة بين القوات المسلحة والتيار السلفي الذي يتزعمه عبد الحي يوسف.
مطلوبات
وفي تعليقه على تعيين الوزراء، قال جعفر خضر، الناشط المدني من ولاية القضارف، لراديو دبنقا إن الأهم هو السياسات المتبعة والتوجهات العامة للدولة بدلاً من الأفراد. وشدد على ضرورة أن تسعى أي حكومة يتم تعيينها إلى تخفيف معاناة المواطنين نتيجة الحرب المستمرة، وإزالة نفوذ الدعم السريع والإمارات. أكد على أهمية أن يكون المسؤولون نزيهين وألا يكون هدفهم السلطة. وأوضح أن الإجابة على السؤال حول شرعية الحكومة الحالية لن تظهر إلا بعد انتهاء الحرب.
المشكله دي يا برهان حلها ساهل اولا شوف وزير والده ببيجاوي وامه مثلا بني عامريه كدا ترضى الطرفين وهكذا اتبع هذه القاعده في اي مكونين مختلفين هذه سياسه إدريس دبي