تقرير: عبد المنعم مادبو
رسمت منظمة مجموعة العمل الإطاري صورة سلبية عن الأوضاع في معسكرات اللاجئين شرق تشاد، معتبرة أنها “سيئة جداً مقارنة ببقية معسكرات اللاجئين في الدول المجاورة”.
أرسلت المنظمة مجموعة من موظفيها إلى شرق تشاد لمتابعة وتقصي الأوضاع التي يواجهها اللاجئون في المخيمات. يتجاوز عدد المعسكرات 20 معسكراً، يستضيف أكثر من 600 ألف لاجئ. بعض هذه المعسكرات قديم، تم إنشاؤه خلال الفترة من 2003 إلى 2020، بينما تم إنشاء البعض الآخر بعد حرب 15 أبريل.
لا تزال المعسكرات تستقبل عشرات الأسر كل أسبوع من النازحين بسبب أحداث جبل مون في غرب دارفور، والذين تجمعوا بالقرب من منطقة برك على الحدود بين السودان وتشاد. أفادت المنظمة في التقرير الذي أعدته عقب الزيارة، أن اللاجئين يعانون من ظروف قاسية وتراجع كبير في المساعدات الإنسانية.
يشير راديو دبنقا إلى أنه لم يتمكن من الحصول على رد فوري من السلطات في تشاد أو من المنظمات الإنسانية المعنية بتلك المعسكرات للرد على الاتهامات المذكورة في التقرير. أفاد التقرير الذي حصل عليه راديو دبنقا بنسخة منه أن اللاجئين كانوا يتلقون في البداية مساعدات تكفيهم لمدة عشرين يوماً في الشهر، لكن هذه المساعدات تم تقليصها حتى أصبحت لا تكفيهم إلا لمدة أسبوع واحد. ذكر التقرير أن هناك معسكرات لم يحصلوا على مساعدات منذ أكثر من ثلاثة أشهر.
أشارت المنظمة إلى أن فريقها قابل اللاجئين في المخيمات، وكانت معظم الشكاوى تتركز على نقص المساعدات الغذائية. وفقًا للتقرير، أفاد اللاجئون بوجود صعوبات في الحصول على بطاقات صرف الإغاثة، نتيجة بيعها من قبل بعض الموظفين. تحدث اللاجئون عن ما اعتبروه فسادًا في توزيع المساعدات الإنسانية، حيث أشاروا إلى أن هناك مساعدات قد تراكمت لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر دون أن يتم توزيعها، مع توضيح أن هذه المشكلة وقعت في معسكري ملح واركوم على سبيل المثال. وأفاد التقرير بأن اللاجئين ذكروا خلال الاجتماعات أن بعض العاملين في المجال الإنساني يستغلون النساء والفتيات من أجل الحصول على المساعدات الإنسانية.
الوضع الامني
أشار التقرير إلى ظهور صراعات بين المجتمعات المحلية واللاجئين في عدة معسكرات بشرق تشاد، نتيجة لكون معظم المعسكرات تقع في أراضٍ متنازع عليها بين المجتمعات المضيفة. أوضحت المنظمة في تقريرها أن إقامة المعسكرات في مناطق تفتقر إلى الموارد أدت إلى نشوب صراعات حول تلك الموارد، مما تسبب في تضارب المصالح بين السكان الأصليين واللاجئين. وأضاف التقرير: “نشأت المشاكل بين اللاجئين والمجتمعات المضيفة عندما قامت السلطات المحلية بتوزيع مساحات زراعية للاجئين في معسكر (ام بيليا) دون التنسيق مع السكان المحليين، مما أدى إلى حدوث نزاع بين الطرفين”. أظهر التقرير وقوع العديد من جرائم الاغتصاب ضد النساء اللاجئات أثناء ذهابهن لجمع الحطب، بالإضافة إلى الاعتداءات المتكررة بالضرب. كما وثق التقرير تعرض النساء والأطفال اللاجئين للضرب العنيف من قبل عناصر الأمن أثناء توزيع المساعدات. أشار التقرير إلى أنه في الوقت نفسه، عندما يقدم اللاجئون شكاوى حول الانتهاكات التي يتعرضون لها، لا يحصلون على أي رد من قبل السلطات.
الاوراق الثبوتية
أوضحت منظمة Frame Work التحديات التي يواجهها اللاجئون في تشاد فيما يتعلق بالحصول على الأوراق الثبوتية والمستندات الرسمية التي تُساعد في تقنين أوضاعهم، خصوصًا بطاقات اللجوء وجوازات السفر الصادرة عن الأمم المتحدة وبطاقات صرف الإغاثة. يأتي ذلك في وقت prohibits السلطات التشادية اللاجئين من الحركة دون حيازتهم مستندات اللجوء. وأوضحت أن 70% من اللاجئين لا يمتلكون بطاقات أو أي مستندات من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وذكرت أن هذا الوضع يتطلب تأييدًا من المدافعين عن حقوق الإنسان.
مشاكل السكن
أظهر التقرير أن اللاجئين في معسكرات شرق تشاد يواجهون مشاكل تتعلق بالسكن، حيث تم بناء هذه المساكن من مواد غير مناسبة لطبيعة المنطقة وظروفها البيئية. وقد أدت الأمطار الموسمية إلى تدمير العديد من المنازل في المعسكرات، بالإضافة إلى أن بعض المعسكرات لم يحصل فيها اللاجئون على مواد الإيواء. أشار التقرير إلى أن “معسكر أبو تنقي يضم أكثر من 10 آلاف أسرة لم تتلق مواد الإيواء، بينما لا يستطيع اللاجئون شراء مواد البناء”.
مياه الشرب أفاد تقرير منظمة Frame Work بأن معسكرات (علاشا، ابوتنقي، فرشنا، ومجي) تواجه صعوبات في توفير مياه الشرب. وأوضح التقرير أن المنظمات الإنسانية تقوم بنقل المياه عن طريق الصهاريج من مناطق بعيدة وبشكل غير منتظم، مما أسفر عن ظهور إصابات بالأمراض الناتجة عن شرب المياه غير الصالحة، مثل أمراض الكلى وحالات انتفاخ العينين.
الصحية والتعليم
يعاني اللاجئون من قضايا تتعلق بسوء تصميم المراحيض، حيث تفتقر إلى العمق وتستخدم مواد بناء غير مناسبة للأراضي الرملية في المعسكرات، مما يؤدي إلى انهيارها. هذا الأمر أثر سلباً على الأوضاع الصحية في هذه المعسكرات. أفاد التقرير أنه بالمقابل، تعاني المعسكرات من نقص في الخدمات الصحية، مثل (المراكز الصحية، الأدوية، الكوادر الطبية، المعدات الطبية وأدوية الأمراض المزمنة). كما أشار التقرير إلى أن معظم الخدمات الصحية تتوفر بشكل أساسي في معسكر أدري دون سواه من المعسكرات الأخرى. وأفاد أن المرضى يواجهون صعوبات في التواصل مع الطاقم الطبي والعاملين في المراكز بسبب حاجز اللغة، بالإضافة إلى أن البروتوكول العلاجي المتبع في المعسكرات لا يتماشى مع الخصائص الجسدية للسودانيين. وذكر أن الأشخاص الذين يعانون من الأمراض المزمنة، وخاصة المتعايشين مع الإيدز، يتم التعامل معهم كما لو كانوا مصابين بمرض عادي دون اتخاذ أي احتياطات، مما قد يعرض الآخرين لخطر الإصابة بالمرض. وأشار التقرير إلى أن هناك مبادرات قامت بها فرق صحية من اللاجئين لتقديم الخدمات الصحية، لكنها واجهت تحديات في الحصول على تصاريح لإدخال الأدوية المستوردة من الخارج. ووضح أن السلطات لا تسمح ببيع سوى الأدوية المتاحة في السوق المحلية، رغم عدم توفر الأدوية اللازمة في الأسواق.
كما نبه التقرير إلى أن وجود معسكرات اللاجئين في مناطق تعاني من تلوث بيئي أدى إلى ظهور حالات التهاب الكبد الوبائي بين اللاجئين. أما بالنسبة لخدمات التعليم، فقد أشار اللاجئون خلال لقاءاتهم مع فريق المنظمة إلى وجود مشاكل كبيرة تعترض أبنائهم في هذا المجال. حيث تفتقر معظم المعسكرات إلى المدارس، كما أن هناك نقصًا في توفير التعليم البديل للأطفال، مما أدى إلى انخراط أطفال اللاجئين في أعمال العنف وإدمان المخدرات. بالإضافة إلى عدم وجود “تعليم طوارئ” في معظم المخيمات. وذكروا أن المنهج الدراسي في معسكري (ميجي وأبو تنقي) هو المنهج التشادي، مما يمثل تحديًا كبيرًا للأطفال بسبب اختلاف اللغة والثقافة والعادات والتقاليد. رصد فريق منظمة Frame Work 21 مخيمًا للاجئين في دولة تشاد، حيث يعاني 80% من المخيم من نقص في خدمات الاتصالات، ومعظمها يقع في مناطق نائية جدًا عن المدن التشادية.
أشار التقرير إلى أنه قد تواجه اللاجئين الذين تسعى السلطات لنقلهم إلى معسكر دقي الجديد مشكلة، بسبب وجوده في مناطق تعيش فيها جماعات من الطائفة العربية، مما قد يجرهم إلى صراع جديد. علم راديو دبنقا بأن هناك محاولات يقوم بها ناشطون من بين النازحين والمجتمعات المحلية تهدف إلى تعزيز الثقة بين المجتمعات المستضيفة واللاجئين. بالإضافة إلى ذلك، عقد فريق المنظمة اجتماعاً مع قادة المجتمع المدني في شرق تشاد، حيث أكدوا استعدادهم لتنظيم أنشطة تهدف إلى توعية النازحين بقوانين اللجوء في تشاد والتنسيق مع الجهات الفاعلة من اللاجئين في هذا المجال. أوضح فريق المنظمة أنه عقد خلال زيارته لتشاد عدة اجتماعات مع المعنيين بالشأن الإنساني في انجمينا وأدري، بالإضافة إلى لقاءات مع السفارة الفرنسية والاتحاد الأوروبي، فضلاً عن منظمة تشادية تعمل في مجالات حقوق الإنسان، إلى جانب الناشطين وقادة اللاجئين في المخيمات، وذلك بهدف مناقشة سبل التغلب على المعوقات التي تواجه اللاجئين السودانيين في تشاد.