تشهد مدينة بورتسودان نشاطاً دولياً ملحوظاً بعد فشل مشروع القرار البريطاني لوقف القتال في السودان نتيجة الفيتو الروسي. زار السودان خمسة مبعوثين دوليين خلال أسبوع واحد، وهم المبعوثون من الولايات المتحدة وألمانيا والنرويج وسويسرا واليابان. كما قامت المبعوثة البريطانية إلى القرن الإفريقي والبحر الأحمر، السفيرة أليسون بلاكبيرن، بزيارة العاصمة الإثيوبية أديس أبابا خلال اليومين الماضيين حيث ناقشت مع المسؤولين الإثيوبيين القضايا المتعلقة بالسودان وغيرها من المسائل.
ومن المقرر أن تقوم مبعوثة الاتحاد الأوروبي إلى القرن الإفريقي، السفيرة أنيتا ويبر، بزيارة إلى بور تسودان في الأول من ديسمبر المقبل. ذكر السفير علي الجندي، السفير السابق للسودان في سويسرا، خلال مقابلة مع راديو دبنقا أن التحركات الدولية تأتي في سياق الجهود الرامية إلى إنهاء الحرب في السودان بعد فشل مشروع القرار البريطاني.
ثلاثة خيارات
يشير السفير علي الجندي إلى ثلاثة خيارات محتملة للتعامل الدولي مع الوضع في السودان. الخيار الأول هو عقد جلسة ثانية لمجلس الأمن في ديسمبر المقبل خلال فترة رئاسة الولايات المتحدة للمجلس. ويبين أن الإدارة الأمريكية الحالية تسعى لتحقيق تقدم في القضية السودانية قبل تولي ترامب المسؤولية في واشنطن، خاصةً فيما يتعلق بملف المساعدات الإنسانية. توقع السفير علي الجندي أن يؤثر التصعيد الأخير في الساحة الأوكرانية، بعد استخدام أوكرانيا للأسلحة الأمريكية ضد روسيا، وإطلاق موسكو للصواريخ الباليستية باتجاه أوكرانيا اليوم، على أي تحركات تتعلق بالأوضاع في السودان خلال فترة رئاسة الولايات المتحدة لمجلس الأمن.
سابقة أممية
يرى الجندي أن الخيار الثاني يتمثل في اللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وطرح قضية السودان أمامها كوسيلة للضغط على مجلس الأمن، على غرار ما حدث عام 1950 أثناء الحرب الكورية، حيث استخدم الاتحاد السوفيتي حينها حق النقض (الفيتو) لمنع إرسال قوات تحت رعاية الأمم المتحدة إلى كوريا. عقب ذلك، دعت الدول الغربية إلى عقد دورة استثنائية خاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة تحت عنوان “الاتحاد من أجل السلم” في عام 1950، حيث تم اتخاذ القرار رقم 377، الذي صوت عليه 52 دولة لصالحه مقابل 5 دول ضده، أي بأغلبية الثلثين.
ينص هذا القرار على أنه في حال قيام عضو دائم في مجلس الأمن بعرقلة اتخاذ قرار يتعلق بالأمن والسلم الدوليين، فإنه يحق للدورة الخاصة للجمعية العامة تجاوز ذلك من خلال اتخاذ قرارات بأغلبية الثلثين تكون لها قوة قرارات مجلس الأمن، بما في ذلك الصلاحيات الممنوحة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. وبموجب هذا القرار، تم إرسال قوات للأمم المتحدة إلى كوريا. يعتقد الجندي أن استخدام هذا الخيار في حالة السودان (كونها نزاع داخلي له أبعاد إقليمية) قد يكون أمراً صعباً، لأن الوضع يختلف تماماً عن الأزمة الكورية وحالة أفغانستان في عام 1979 بعد الغزو السوفيتي وقتها.
ضغوط على الاتحاد الافريقي
وقال السفير علي الجندي في مقابلة مع راديو دبنقا إن الخيار الثالث هو أن يعقد الاتحاد الإفريقي اجتماعًا استثنائيًا لمناقشة الوضع الحالي في السودان، وإحالة ما يتم التوصل إليه من توصيات إلى مجلس الأمن لاتخاذ القرار المناسب، مشيرًا إلى خارطة الطريق الإفريقية وقرار مجلس السلم والأمن الإفريقي في يونيو الماضي الذي تضمن توصيات لاتخاذ إجراءات فعالة لحماية المدنيين. أوضح بانكول أديوي، مفوض الشؤون السياسية والسلم والأمن بالاتحاد الأفريقي، في مؤتمر صحفي عقده في أديس أبابا يوم الأربعاء، أن الاتحاد الأفريقي يعبر عن موقف قوي ضد الانقلابات في القارة، بما في ذلك السودان. أشار بانكول إلى أن الأولوية القصوى في السودان هي وقف إطلاق النار، تليها تسهيل وصول المساعدات الإنسانية. ولفت إلى أن الاتحاد الأفريقي يعمل بالتعاون مع جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الهيئة الحكومية للتنمية (الإيقاد) والأمم المتحدة، من أجل التوصل إلى حل فعّال للأزمة. أفاد بانكول بأن الدول المحيطة بالسودان تعاني من آثار النزاع، مشيراً إلى أن وقف إطلاق النار سيساعد في تخفيف هذه الأعباء.
الفيتو الروسي ليس نهاية المطاف
يعتقد السفير علي الجندي أن الفيتو الروسي ليس هو الحل النهائي، وأن الجهود لا تزال مستمرة، وهناك أفكار تُطرح بشكل دائم بهدف وقف تدهور الوضع الإنساني. أشار إلى أن زيارة المبعوث السويسري إلى السودان تأتي ضمن جهود سويسرا لتحقيق نتائج في القضية السودانية قبل انتهاء فترة عضويتها في مجلس الأمن في ديسمبر المقبل. ذكر أن سويسرا، خلال فترة عضويتها في مجلس الأمن والتي ستنتهي بنهاية ديسمبر، ركزت على القضايا الإنسانية وتطبيق اتفاقيات جنيف. وتوقع أن يكون المبعوث السويسري سيلفان إستير قد بحث مع المسؤولين السودانيين هذه القضية، وقد يكون قد طرح بعض الأفكار على حكومة الأمر الواقع.
وأضاف أن مساعد وزير الخارجية السويسري كان في زيارة لإثيوبيا أمس، وتناول في لقائه مع وزير الدولة للشؤون الخارجية الإثيوبي الوضع في السودان والإقليم. أكد السفير علي الجندي أن سويسرا تولي اهتماماً كبيراً للوضع الإنساني في السودان، فيما أفادت مصادر موثوقة لراديو دبنقا بأن هناك اجتماعات ستعقد في سويسرا يوم 23 نوفمبر، حيث ستجمع قوى سياسية ومدنية في جنيف بهدف المساهمة في إيجاد حل للأزمة السودانية، ومن بين المشاركين هناك تنسيقية تقدم والكتلة الديمقراطية.
خمسة مبعوثين
أعلن إعلام مجلس السيادة يوم الأربعاء الماضي أن رئيس مجلس السيادة الفريق عبدالفتاح البرهان قد التقى بالمبعوث الخاص لمملكة النرويج للسودان السيد أندريا أستايسن.
وأشار السفير عمر عيسى وكيل وزارة الخارجية في تصريح صحفي إلى أن اللقاء كان مثمراً، حيث تم التباحث حول مجموعة من القضايا المتعلقة بالمساعدات الإنسانية وسبل تسهيل وصولها إلى السودان، بالإضافة إلى التطورات في العملية السياسية، لافتاً إلى تبادل بعض الأفكار في هذا السياق. التقى شمس الدين كباشي، نائب القائد العام للجيش، أمس الأربعاء بالمبعوث السويسري للقرن الأفريقي، السفير سيلفان استييه.
وقد تناول اللقاء الأوضاع الإنسانية ككل وآثار الصراع القائم في السودان، بالإضافة إلى كيفية إنهاء الحرب، والجهود المبذولة لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى البلاد لتخفيف معاناة الشعب السوداني. في يوم الاثنين الماضي، قام المبعوث الأمريكي إلى السودان توم بيرللو بزيارة بورتسودان حيث التقى بالبرهان وتناول معه مجموعة من القضايا.
ووفقًا لوسائل إعلام مجلس السيادة، فقد تمحور الاجتماع حول وضع خارطة الطريق وسبل إنهاء الحرب وتقديم المساعدات الإنسانية وتعزيز التماسك الاجتماعي. بالإضافة إلى مناقشة العملية السياسية كخيار نهائي لما بعد الحرب، حيث أشار المبعوث الأمريكي إلى تقديمه مقترحات في هذا الشأن والتي نالت موافقة رئيس مجلس السيادة. في نفس اليوم، اجتمع نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، مالك عقار اير، مع المبعوث الألماني للقرن الأفريقي، هايكو نيتشكي.
وقد أثنى على الدور المهم الذي تلعبه ألمانيا في دعم الشعب السوداني ومساندتها للحكومة السودانية. وحسب وكالة السودان للأنباء، تم بحث الأوضاع الإنسانية والسياسية بالإضافة إلى سير عمليات المساعدات الإنسانية واحتياجاتها، وتأثيرها من خلال بعض المنظمات الدولية والإقليمية. كما ناقش الاجتماع خطة الطريق التي وضعتها حكومة السودان لحل الأزمة الحالية والمواقف الدولية والإقليمية، بالإضافة إلى التحولات الإيجابية لبعض دول الإقليم فيما يتعلق بالحرب المستمرة في البلاد. في الأسبوع الماضي، استقبل رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، المبعوث الخاص لليابان إلى القرن الأفريقي، شيميزو شنسوكي، والوفد المرافق له، بحضور السفير عمر عيسى، وكيل وزارة الخارجية بالإنابة. ووفقاً لما ذكرته وكالة السودان للأنباء، أكد المبعوث الياباني في تصريح صحفي، على التزام بلاده بمواصلة تقديم المساعدات للسودان وتنفيذ العديد من المشاريع الخدمية والصحية.
في النهايه سيكون وضع البلد اخطر من الصومال وسوريا ستتصارع الدول المتقدمه فوق راسنا