أكد كريستوس كريستو، رئيس منظمة “أطباء بلا حدود”، أن العديد من النساء وأطفالهن يعانون من آثار نفسية خطيرة نتيجة النزاع المستمر في السودان. وأشار إلى أن بعض الأطفال، الذين لا تتجاوز أعمارهم بضعة أشهر، تعرضوا لإصابات خطيرة نتيجة استخدام الذخيرة الحية، مما يبرز حجم المعاناة التي يعيشها هؤلاء الضحايا في مناطق مثل الرأس والصدر.
وفي حديثه مع “الشرق الأوسط”، وصف كريستو الوضع بأنه أسوأ أزمة إنسانية شهدتها المنظمة على الإطلاق. حيث تفرقت آلاف الأسر، وغادر أفرادها منازلهم دون أن يحملوا أي شيء، بل أحياناً كانوا حفاة، مما يجعل من الصعب توفير المساعدات الأساسية مثل الغذاء والماء والأدوية. ويبدو أن الوصول إلى بعض المناطق في البلاد لتقديم هذه المساعدات أصبح أمراً شبه مستحيل.
وأوضح كريستو أن النزاع يؤثر بشكل خاص على النساء والأطفال، حيث أجريت فحوصات لنحو 4200 امرأة وطفل في أحد المستشفيات بالعاصمة الخرطوم. وأظهرت النتائج أن ثلث هؤلاء يعانون من سوء التغذية الحاد، مما يدل على أن جميع من خضعوا للفحوصات يعانون من درجات متفاوتة من سوء التغذية، سواء كان متوسطاً أو حاداً.
أشار كريستوس كريستو، الرئيس الدولي لمنظمة “أطباء بلا حدود”، إلى أن واحداً من كل ستة جرحى يتلقون العلاج في المستشفى نفسه يعاني من أمراض مصاحبة. وأوضح أن هناك أطفالاً في سن شهور فقط تعرضوا لإصابات بالرصاص في مناطق حساسة مثل الرأس والصدر، مما يزيد من تعقيد حالتهم الصحية. وأكد أن الحصار المفروض على المستشفى يمنع وصول المواد الطبية الضرورية، مما يفاقم من معاناة هؤلاء المرضى.
كما كشف كريستوس عن تزايد حالات سوء التغذية بين النساء الحوامل والمرضعات والأطفال الرضع في إقليم دارفور، حيث تؤدي هذه الحالات إلى وفيات يمكن تجنبها إذا توفرت الإمدادات الطبية اللازمة. وأوضح أن الوضع الصحي في المنطقة يتطلب تدخلاً عاجلاً لتلبية احتياجات هؤلاء الفئات الضعيفة.
وأكد كريستوس أن نسبة انتشار أمراض سوء التغذية وفقر الدم تفوق بكثير قدرة الفرق الطبية على التعامل معها، مما يستدعي تكثيف الجهود الدولية لتقديم الدعم والمساعدة اللازمة. إن الوضع الراهن يتطلب استجابة سريعة وفعالة لتفادي تفاقم الأزمات الصحية في المنطقة.
أفاد كريستو بأنه في أغسطس الماضي، تم إجراء فحوصات طبية لنحو 30 ألف طفل دون سن السنتين، حيث أظهرت النتائج أن ثلث هؤلاء الأطفال يعانون من سوء التغذية الحاد. هذه الأرقام تعكس الوضع الصحي المقلق الذي يواجهه الأطفال في هذه الفئة العمرية.
في تقرير سابق صادر عن منظمة “أطباء بلا حدود” في فبراير الماضي، تم الإشارة إلى وفاة طفل كل ساعتين في “مخيم زمزم” للنازحين بولاية شمال دارفور. هذه الإحصائيات تبرز الأثر المدمر للصراع المستمر على حياة الأطفال في المنطقة.
كما أوضحت المنظمة أن النزاع في إقليم دارفور قد اتخذ طابعاً عرقياً، خاصةً في الأحداث العنيفة التي شهدتها ولاية غرب دارفور، مما أسفر عن مقتل الآلاف ونزوح أكثر من 500 ألف شخص إلى تشاد. وارتفعت نسبة وفيات الأمهات في جنوب دارفور منذ بداية العام الحالي، حيث تجاوزت 7 في المئة وفقاً للبيانات التي جمعتها مرافق “أطباء بلا حدود”.