السودان الان السودان عاجل

وزير الخارجية الفرنسي يزور اللاجئين السودانيين في تشاد ويتجه للقاء رئيس لجنة الاتحاد الأفريقي لمناقشة الازمة السودانية

مصدر الخبر / وكالات

قام وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، بزيارة لمخيمات اللاجئين السودانيين في تشاد  الخميس، حيث دعا الأطراف المتنازعة في السودان إلى إنهاء الأعمال القتالية والبدء في حوار سلمي. تأتي هذه الزيارة في إطار الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة.

خلال زيارته، شدد بارو على أهمية أن تتوقف القوى الخارجية التي تدعم الأطراف المتحاربة عن تعزيز الصراع، محذراً من أن استمرار هذه التدخلات قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في السودان.

من جانبه، أكد وزير الخارجية التشادي عبد الرحمن غلام الله أن بلاده تلتزم بالحياد الكامل في النزاع السوداني، مشيراً إلى أن الحرب تهدد استقرار تشاد، خاصة وأن المعارك الأكثر ضراوة قد وقعت بالقرب من الحدود المشتركة التي تمتد لأكثر من 1084 كيلومتراً.

وأوضح “نحن مهتمون بعودة السلام إلى السودان ونسعى للبقاء على الحياد إلى حد كبير في هذه الحرب هناك”. على الجانب الإنساني، أعلن جان نويل بارو أن فرنسا ستقدم سبعة ملايين يورو إضافية لدعم جهود الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية في مكافحة الكوليرا وتقديم الدعم للنساء والأطفال في تشاد.

وتضاف هذه المبالغ إلى 110 ملايين دولار تعهدت باريس بتقديمها خلال مؤتمر إنساني دولي أُقيم في أبريل الماضي. وقد تعهد المجتمع الدولي بتقديم مساعدات للسودان تزيد عن ملياري دولار، لكن المشاركين أعربوا عن قلقهم بشأن التحديات في توصيل هذه المساعدات إلى السكان.

وأشار غلام الله إلى أنه “يتحمل المسؤولية لوقف الحرب وفتح الممرات الإنسانية والتوقف عن إطلاق النار وبدء الحوار”، وذلك في إشارة إلى الأطراف المتنازعة في السودان. زار وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، يوم الخميس، مخيم أدري للاجئين السودانيين في تشاد، حيث قام بتفقد أوضاعهم وتقييم الاحتياجات الإنسانية العاجلة.

خلال الزيارة، التقى الوزير الفرنسي باللاجئين السودانيين واستمع إلى قصصهم المؤلمة عن المعاناة التي يواجهونها. أكد الوزير على ضرورة زيادة حصة الفرد من المساعدات لتلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان في المخيم، مشيراً إلى أن الأوضاع الإنسانية تتطلب تقديم المزيد من الدعم الدولي.

قال الوزير الفرنسي إن زيارته تأتي في إطار موقف المجتمع الدولي الذي يسعى لتقديم ملياري يورو لتحسين الأوضاع الإنسانية في شرق تشاد، وأكد التزام بلاده بمواصلة دعم اللاجئين في المنطقة وتوفير المساعدات الضرورية لهم. يستقبل مخيم أدري حاليًا أكثر من مليون وخمس مئة ألف لاجئ، والعديد منهم هربوا من النزاعات في السودان. يعاني اللاجئون في المخيم من قلة المواد الغذائية، ونقص الماء النظيف، ومشاكل في المأوى، بالإضافة إلى غياب الرعاية الصحية.

جان نويل بارو زار مخيمات اللاجئين في تشاد ودعا إلى توقف التدخلات الخارجية في الحرب

في أول جولة له في أفريقيا منذ تعيينه في منصبه أواخر سبتمبر الماضي، اختار وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو ثلاث وجهات: تشاد، ثم إثيوبيا، ثم السنغال. وذكر بارو في فيديو نشر على الموقع الرسمي للوزارة أنه يتجه إلى تشاد أولاً “لإجراء محادثات مع السلطات التشادية، بالإضافة إلى اللقاء باللاجئين السودانيين” في هذا البلد. واعتبر بارو أن “الأزمة الإنسانية الناجمة عن النزاع السوداني تمثل الأكبر في عصرنا” حيث أدت إلى نزوح أكثر من 13 مليون شخص، ويعاني 25 مليون شخص آخر من سوء التغذية، مشيراً إلى أن هذه الأزمة تحتل الأولوية في جولته الحالية في أفريقيا. وأضاف الوزير الفرنسي أن أحد أهداف زيارته هو “التأكد من تنفيذ التزامات المشاركين في مؤتمر باريس لمساعدة السودان، الذي عُقد في شهر أبريل الماضي ونتج عنه وعود بتقديم ملياري دولار”.

وقد انتقل الوزير الفرنسي إلى الحدود المشتركة بين السودان وتشاد، حيث يتواجد معظم اللاجئين السودانيين الفارين من الحرب المشتعلة في بلادهم. مع اللاجئين في مخيم أدري من مدينة أدي ري في تشاد، والتي زارها مع نظيره التشادي عبد الرحمن غلام الله، حيث توجد مخيمات اللاجئين، دعا جان نويل بارو طرفي النزاع في السودان إلى إنهاء الأعمال القتالية والبدء في المفاوضات. والأهم هو أنه وجه دعوة إلى “القوى الخارجية المتحالفة مع المتحاربين ليتوقفوا عن تأجيج الصراع”، دون الخوض في تفاصيل تحديد الدول التي تتدخل في الحرب الأهلية الدموية في السودان، التي لا يمكن لأحد اليوم أن يحدد متى وكيف ستنتهي.

أفادت مصادر فرنسية أن باريس “تشعر بالحزن” لأنها بذلت جهوداً كبيرة لجمع المجتمع الدولي مرتين من أجل تقديم المساعدة للسودان، الأولى خلال المرحلة الانتقالية، والثانية في الربيع الماضي، لكن هذه الجهود لم تحقق أي نتائج ملموسة. وتشعر باريس بالأسف لأن النزاع في السودان لم يجذب تدخلات دول معينة فحسب، بل أيضاً مرتزقة يسعون للاستفادة من ثروات الأرض السودانية، وخاصة الذهب.

وأعلن بارو، يوم الخميس، أن باريس ستخصص “7 ملايين يورو إضافية لدعم أنشطة الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية في محاربة الكوليرا ودعم النساء والأطفال” في تشاد. وترغب باريس من خلال زيارة الوزير لمخيمات اللاجئين في إظهار أنها “تفي بوعودها” تجاه معاناة هؤلاء.

وفي ظل الاتهامات الموجهة إلى تشاد بأنها تسمح بتزويد المقاتلين في السودان بالأسلحة، أكد وزير خارجيتها أن بلاده “متمسكة بالحياد التام” في هذا النزاع. وأضاف، وفقاً لما نقلته وكالات الأنباء، أن بلاده “تمتلك مصلحة في المحافظة على الحياد قدر الإمكان” في هذه الحرب.

وقد أفادت مصادر فرنسية بأن هذه النقطة كانت محور نقاش بين وزيري خارجية البلدين. وتشير المعلومات إلى أن فرنسا لديها قواعد عسكرية في تشاد، وقد تعززت هذه القواعد بعد انسحاب قواتها من مالي والنيجر وبوركينا فاسو، عقب الانقلابات التي شهدتها هذه الدول في السنوات الثلاث الأخيرة. كما تخطط باريس لإعادة تقييم انتشار قواتها في منطقة الساحل وخليج غينيا.

من ناحية أخرى، ذكرت المصادر الفرنسية أن وزير الخارجية سيبحث مع موسى فكي محمد، رئيس لجنة الاتحاد الأفريقي، موضوع الحرب في السودان خلال لقائهما في أديس أبابا.

وتعبّر المسؤولون الفرنسيون عن انخفاض مستوى الاهتمام الدولي بالصراع في السودان، حيث يُقدّر عدد القتلى بـ150 ألف شخص، واضطر ربع سكان البلاد للنزوح أو اللجوء، بينما تعاني المدنيون من الأوبئة والمجاعة والمجازر المتنقلة التي تودي بحياتهم.

في مجموعة من التقارير التي خصصتها لحرب السودان خلال هذا الشهر، سعت صحيفة “لو موند” الفرنسية المستقلة لتسليط الضوء على الأحداث التي شهدها هذا البلد على مدى 18 شهراً. وذكرت في أول تقاريرها أن العوامل التي أدت إلى هذه الحرب هي اجتماعية من جهة، ولكنها أيضاً تمتاز بكونها عشائرية وعرقية.

وأضافت أن “الأطراف الخارجية تستغل الصراع وتزيد من حدته بسبب التنافسات الدولية الناجمة عن الأطماع في ثروات وأصول البلاد”. وأشار التقرير إلى أن السودان يعتبر “من أكبر منتجي الذهب في أفريقيا، ويمتلك ساحلاً طويلاً على البحر الأحمر، مما يجعله بوابة رئيسية للتجارة العالمية”. وبالتالي، هناك العديد من الدول التي تحمل طموحات وتعتبر دعم أحد الأطراف وسيلة لخدمة مصالحها.

ومن هنا، ترى الصحيفة أن نداءات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية تبقى بلا صدى، في الوقت الذي تكتفي فيه الأسرة الدولية، أو على الأقل الدول القادرة منها، ببعض الدعم المالي والاستجابة للاحتياجات الإنسانية. ورغم أهمية كل ذلك، فإنه لن يؤدي إلى وقف الحرب أو إلى إنهاء الفظائع المرتكبة خلالها، وهو ما يُعد مؤسفاً حقاً.

 

عن مصدر الخبر

وكالات