أعلنت قوات الدعم السريع عن تشكيل إدارة مدنية جديدة في العاصمة السودانية الخرطوم، وذلك بعد مرور 19 شهراً على سيطرتها على معظم مناطق الولاية، بما في ذلك القصر الرئاسي والوزارات. يأتي هذا الإعلان في وقت تشهد فيه البلاد حالة من عدم الاستقرار السياسي، حيث تسعى القوات إلى تعزيز وجودها في العاصمة.
تم تكليف عبد اللطيف عبد الله الأمين الحسن برئاسة هذه الإدارة المدنية، التي تعتبر موازية للحكومة المدعومة من الجيش. كما تم تشكيل مجلس تأسيسي مدني يتكون من 90 عضواً، برئاسة نايل بابكر نايل المك ناصر، بهدف تحسين الخدمات العامة وتعزيز الأمن، بالإضافة إلى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.
تظل الخرطوم بدون حكومة أو إدارة مدنية منذ أن انتقلت فعلياً إلى مدينة بورتسودان، حيث يتولى والي الخرطوم المُعين من قبل قائد الجيش إدارة الأمور من مدينة أم درمان. في سياق متصل، أعلن الجيش السوداني عن إحباط هجمات بالطائرات المسيّرة استهدفت مطار مروي في شمال البلاد، وهو ما يُعتبر أكبر هجوم على هذه البلدة منذ بداية النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023.
«الدعم السريع» تكوّن حكومة مدنية موازية في الخرطوم
برئيس مدني ومجلس تشريعي من 90 عضواً… ومجلس قضائي
أعلنت “قوات الدعم السريع” عن تشكيل إدارة مدنية (حكومة ولائية) في العاصمة السودانية الخرطوم، وذلك بعد تسعة عشر شهراً من استيلائها على غالبية مناطق ولاية الخرطوم بما في ذلك القصر الرئاسي والوزارات. وقد تم تكليف عبد اللطيف عبد الله الأمين الحسن ليكون رئيساً لهذه الإدارة، بالإضافة إلى تشكيل مجلس تأسيس مدني (مجلس تشريعي ولائي) يتكون من 90 شخصاً برئاسة نايل بابكر نايل المك ناصر، قصد تقديم الخدمات وتعزيز الأمن وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية. تتكون ولاية الخرطوم من سبع محليات أو تقسيمات إدارية هي: “الخرطوم، جبل أولياء، الخرطوم بحري، شرق النيل، أم درمان، أم بدة، وكرري”.
يسيطر الجيش على “القيادة العامة، وسلاحَي الذخيرة والمدرعات” وبعض المناطق في منطقة مقرن النيلين المجاورة لأم درمان، بينما تسيطر قوات “الدعم السريع” على بقية المناطق والأحياء، بما في ذلك القصر الرئاسي والوزارات. في الخرطوم بحري، يسيطر الجيش على بعض المناطق الشمالية وجسر الحلفايا الذي استعاد السيطرة عليه مؤخرًا، بالإضافة إلى مقراته العسكرية في شمال ووسط وشرق النيل. بينما تتحكم قوات “الدعم السريع” في معظم المناطق، بما في ذلك مركزها. في أم درمان، يسيطر الجيش على كامل منطقة “كرري شمال أم درمان، وأم درمان القديمة، وأجزاء من أم بدة”، حيث توجد منطقة كرري العسكرية ومطار وادي سيدنا وسلاح المهندسين. بينما تسيطر “الدعم السريع” على بقية مناطق المحلية، وكذلك على جنوب وغرب الولاية حتى جبل أولياء في الغرب.
ووفقاً للخريطة الجغرافية، فإن “قوات الدعم السريع” تسيطر تقريباً بالكامل على الولاية، خاصة في مدينتي الخرطوم والخرطوم بحري، حيث تفرض حصاراً صارماً على الوحدات العسكرية هناك، مما يجعلها مناطق محاصرة. في مؤتمر صحفي عُقد في الخرطوم يوم الجمعة، أكد رئيس مجلس التأسيس المدني، المك ناصر، على تشكيل برلمان ولائي يُدعى “مجلس التأسيس المدني” يضم 90 عضواً يمثلون مختلف محليات الولاية، بما في ذلك الشباب، والنساء، والإدارة الأهلية، والمهنيين، والطرق الصوفية. وقد تم انتخاب نايل بابكر نايل المك ناصر رئيساً للمجلس خلال جلسة إجرائية.
مجلس تأسيسي
أعلنت “الدعم السريع” أن “المجلس التأسيسي قام بانتخاب مجلس قضائي، والذي بدوره اختار رئيساً له، حيث أدى رئيس المجلس التأسيسي المدني (رئيس الإدارة الجديدة) اليمين الدستورية أمامه”. وتم التعهد بالبدء في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين وحمايتهم وتقديم المساعدات المدنية لهم، فضلًا عن استعادة “أجهزة الدولة” التي انهارت نتيجة الحرب التي استمرت عامين. بقيت الخرطوم دون حكومة أو إدارة مدنية منذ نقل العاصمة إلى مدينة بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، بينما يتولى “والي الخرطوم” المعين من قبل قائد الجيش بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021 إدارة الأمور من مدينة أم درمان، وبالتحديد من محلية كرري، حيث يواجه صعوبة في الوصول إلى معظم مناطق الولاية. قال رئيس مجلس التأسيس المدني، المك ناصر، في مؤتمر صحافي عقد في الخرطوم يوم الجمعة، إن الفراغ الناتج عن الحرب أدى إلى غياب الخدمات الأساسية والضرورية، مما دفع المواطنين في الولاية للمطالبة بتشكيل إدارة مدنية.
وأوضح: “تجمع عدد من المواطنين الكرام في ولاية الخرطوم، وتكفلوا بتحمل المسؤولية التاريخية من أجل المواطن، وتواصلوا مع قيادات (الدعم السريع) في الولاية، وطلبوا منهم الموافقة على تأسيس إدارة مدنية تقدم الخدمات الأساسية، وقد استجاب (الدعم السريع) لمطلبهم”. أشار إلى أن رئيس الإدارة المدنية، عبد اللطيف عبد الله الأمين الحسن، سيتعاون مع مجلس التأسيس المدني لتشكيل جهاز تنفيذي مسؤول عن تقديم الخدمات وضمان وصول المساعدات الإنسانية لمواطني الخرطوم. أشار رئيس الإدارة المدنية عبد اللطيف الحسن إلى أن تعيينه جاء تأكيداً على دعمه لما وصفه بـ “المواطن المتضرر”، وتهدف مهمته إلى الحفاظ على الأمن، وتوفير الخدمات الأساسية، وبناء السلام المجتمعي، بالإضافة إلى تقديم المساعدات الإنسانية. كما دعا المهنيين والفنيين في ولاية الخرطوم إلى “تحمل المسؤولية” والعودة السريعة إلى العمل لتقديم الخدمات للمواطنين.
دعوة لوقف الحرب
حضر المؤتمر بشأن «الدعم السريع» حذيفة أبو نوبة، رئيس المجلس الاستشاري لقائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي)، والعقيد حسن محمد عبد الله الترابي، رئيس دائرة التوجيه، كممثل عن القوات. دعَا المسؤول المدني الجديد “أطراف الصراع” إلى التحلي بالحكمة وإنقاذ البلاد من خلال وقف الحرب على الفور والعودة إلى طاولة المفاوضات.كما دعا إلى الالتزام بالقانون الدولي الإنساني والتوقف عن القصف الجوي للمستشفيات والأسواق ودور العبادة، واستهداف المدنيين برمي البراميل المتفجرة عليهم. وأهاب بالمنظمات الإنسانية تقديم المساعدات لمواطني الخرطوم والسودان بأسرع ما يمكن. من جهته، أوضح العقيد حسن محمد عبد الله الترابي أن قواته تُقدم الشهداء من أجل تحقيق الحكم المدني الديمقراطي في السودان. وقد تعهد بدعم الإدارة المدنية وحمايتها وضمان الأمن، مؤكدًا أنه لن يتدخل في سير أعمال الإدارة المدنية لتعكس إرادة المواطنين.
وأضاف: “قادة النظام القديم اختطفوا الخرطوم ونقلوها إلى بورتسودان كما اختطفوا الجيش؛ لذا فإن انتخاب قيادة ميدانية سيوقف عبث الاختطاف السياسي والاقتصادي للخرطوم، ويؤكد بقاء الخرطوم عاصمة للسودان”. سبق أن قامت “قوات الدعم السريع” بتأسيس إدارات مدنية في عدة مناطق تحت سيطرتها في ولايات دارفور الأربع وولاية الجزيرة، وهناك قلق واسع النطاق من احتمال تطور الأوضاع إلى نشوء “حكومتين” تتنافسان على السلطة في البلاد، كما حدث في “النموذج الليبي”.
بل بس ما اي طريق آخر