تعاني ولاية غرب كردفان من أوضاع أمنية معقدة للغاية نتيجة لتقاسم السيطرة بين طرفي النزاع، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية. وقد شهدت المنطقة تدهوراً ملحوظاً في الظروف المعيشية، حيث ظهرت المجاعة في مناطق شاسعة، بالإضافة إلى تدهور الخدمات الصحية ونقص الأدوية، مما أعاق قدرة المنظمات الإنسانية على الوصول إلى المحتاجين.
في تصريحاتها لراديو دبنقا، وصفت هويدا عبد الرحمن صالح الطاهر، المدير التنفيذي لمنظمة مزنا الخيرية، الأوضاع الإنسانية في غرب كردفان بأنها سيئة للغاية، مشيرة إلى أن هذا الوصف هو أقل ما يمكن أن يقال. وأكدت أن تداعيات النزاع أثرت بشكل مباشر على السكان، حيث تتفشى المجاعة في مناطق واسعة رغم أن موسم الخريف كان جيداً والأمطار كانت وفيرة.
تبرز هذه الأوضاع الصعبة الحاجة الملحة لتدخلات إنسانية عاجلة، حيث يواجه السكان تحديات كبيرة في الحصول على الغذاء والرعاية الصحية. إن استمرار النزاع وعدم الاستقرار في المنطقة يزيد من تعقيد جهود الإغاثة، مما يستدعي تحركاً دولياً سريعاً لدعم المتضررين وتخفيف معاناتهم.
انخفاض القوة الشرائية
ذكرت المديرة التنفيذية لمنظمة مزنا الخيرية أن سكان الولاية فقدوا مصادر دخلهم المحدودة أساسًا، ورغم انخفاض سعر ملوحة الدخن إلى 2000 جنيه هذا العام، إلا أنه لا أحد يستطيع شرائها بسبب أن الحرب أدت إلى إفقار معظم المجتمعات المحلية. أعربت هويدا عبد الرحمن صالح الطاهر في حديثها لراديو دبنقا عن أن انهيار الأوضاع الصحية أدى إلى تأثيرات كبيرة على الأطفال والأمهات، وخاصة الأمهات الحوامل، مما تسبب في ارتفاع حالات سوء التغذية بشكل ملحوظ. وتشير أحدث الإحصاءات إلى وجود 16 ألف حالة مصابة بسوء التغذية في المحليات الثماني بالولاية. كما أشارت إلى عجز المنظمات المحلية عن تقديم الحلول في ظل عدم قدرة المنظمات الدولية على الوصول إلى مناطق الولاية المتنوعة لتوفير الطعام للأطفال والأمهات.
انتشار الأمراض الوراثية
أكدت المدير التنفيذي لمنظمة مزنا الخيرية أن من الظواهر المقلقة، خصوصاً في المناطق الجنوبية من الولاية، هو انتشار الأمراض الوراثية مثل مرض فقر الدم المنجلي. وذكرت أن هناك نقصًا في الأدوية والرعاية الطبية الضرورية، مما أدى إلى حدوث العديد من حالات الوفاة بين الأطفال. حيث أظهرت الإحصائيات أن مستشفى الفولة سجل في شهر أغسطس الماضي 22 حالة وفاة بين الأطفال و8 حالات بين الأمهات، معظمهم كانوا يعانون من أمراض الدم الوراثية. فيما يتعلق بالتحديات التي تواجه المجتمع المدني في ولاية غرب كردفان، أكدت هويدا عبد الرحمن صالح الطاهر في حديثها لراديو دبنقا أن من أبرز هذه التحديات هو الحفاظ على مسافة واحدة من أطراف النزاع، نظراً لأن الحكم في الولاية مقسم بين الطرفين، مما يتطلب السير بخطوات متوازية والاحتفاظ بمسافة محايدة بعيداً عن التحيز لأي من الطرفين. وأضافت أنه حتى عند تنفيذ المشروعات، ينبغي أن يتم توزيعها بين الأجزاء الشمالية والجنوبية للولاية.
التحديات الأمنية
أكدت المديرة التنفيذية لمنظمة مزنا الخيرية أن التحدي الأكبر والأهم هو التحدي الأمني، حيث يصعب التنقل بين المناطق المختلفة داخل حدود الولاية. واضطررنا لإجراء دراسة لضمان تصميم المشروع بالكامل محليًا، من حيث موقع التدريب، والميسر، والفريق الذي يعمل معه. حاليًا، يوجد منسقون لمنظمة مزنا الخيرية في 6 من أصل 8 محليات في الولاية. وأشارت إلى أن تنفيذ المشروع يتم بشكل كامل داخل المنطقة المستهدفة، مما يساعد على تجنب تعرض فريق المنظمة العامل في المشروع لأي مشكلات أمنية عند الانتقال من منطقة إلى أخرى. كما نحرص في تعاملنا على تجنب اتخاذ أي موقف سلبي تجاه أي جهة، بغض النظر عن ظروفها، وقد أثبتت التجربة أننا نعمل من أجل صالح المجتمع، وبالتالي تكون النتائج دائماً إيجابية.