لقي عشرة جنود من الجيش السوداني حتفهم وأصيب آخرون في هجوم جوي بطائرات مسيّرة نفذته “قوات الدعم السريع” على قاعدة عسكرية في مدينة شندي، الواقعة شمال البلاد. هذا الهجوم يمثل خطوة جديدة في تصعيد استخدام الطائرات المسيّرة الهجومية، حيث أدان الجيش السوداني هذا النوع من الهجمات، مشيراً إلى أنه يعكس عجز “قوات الدعم السريع” عن مواجهة الجنود بشكل مباشر.
ووفقاً لشهادات شهود عيان، فقد استهدفت مجموعة من الطائرات المسيّرة الانتحارية معسكراً لتدريب مشاة الجيش السوداني في منطقة المعاقيل، وذلك في الساعات الأولى من صباح يوم الأربعاء. وقد أفاد الشهود بأنهم سمعوا دوي انفجارات متتالية في مختلف أنحاء المدينة، مما أثار حالة من الذعر بين السكان.
يُعتبر هذا الهجوم هو الأول الذي يسفر عن خسائر بشرية منذ أن بدأت “قوات الدعم السريع” في توسيع نطاق استخدام الطائرات المسيّرة الهجومية والانتحارية لاستهداف مناطق في شمال السودان، والتي كانت حتى الآن بعيدة عن دائرة الصراع. هذا التصعيد في استخدام التكنولوجيا العسكرية يعكس تحولاً في أساليب القتال ويزيد من تعقيد الوضع الأمني في البلاد.
أفادت مصادر محلية أن أنظمة الدفاع الأرضية وأجهزة التشويش تمكنت من التصدي للطائرات المسيّرة، لكن بعضها أصاب الهدف بدقة، مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى بين الجنود في المنطقة العسكرية.
من جهته، أشار قائد الفرقة الثالثة مشاة، اللواء حمدان عبد القادر داؤود، إلى أن استعمال الطائرات بدون طيار “يظهر عجزهم عن مواجهة الجنود بشكل مباشر”، موضحاً أن ذلك يعد “محاولات يائسة من كائن مذبوح”. يُكثّف طرفا النزاع، الجيش السوداني و”قوات الدعم السريع”، من استخدام الطائرات المسيّرة في المعارك الدائرة، خاصة في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور في غرب البلاد. يستخدم الجيش طائرات مسيّرة إيرانية الصنع من طراز “مهاجر 6” بالإضافة إلى طائرات أخرى صينية الصنع. أعرب داؤد خلال زيارته للمعسكر المستهدف عن “ثقته التامة في قدرة القوات المسلحة السودانية على تحقيق النصر في القريب العاجل”. ووفقًا لشعبة التوجيه المعنوي بالفرقة، تهدف زيارة القائد إلى الاطلاع على استعدادات القوات ومتابعة برامج التدريب في سياق تقييم الجاهزية القتالية لمواجهة “ميليشيا الدعم السريع المتمردة”.
تقع قاعدة المعاقيل العملياتية على مسافة 177 كيلومتراً شمال العاصمة السودانية، الخرطوم. وذكرت صحيفة “السوداني” المحلية نقلاً عن مصدر عسكري أنه تم تنفيذ الهجوم على القاعدة باستخدام 11 طائرة مسيرة انتحارية، إذ تمكنت قوات الدفاع الأرضية من إسقاط 10 منها، بينما أصابت واحدة منها عنبر الجنود، مما أسفر عن مقتل 10 أفراد وإصابة 5 آخرين تم نقلهم إلى المستشفى.
يُعتبر الهجوم على مدينة شندي بواسطة الطائرات المسيّرة هو الهجوم الرابع من نوعه خلال بضعة أشهر. لم تتمكن “الشرق الأوسط” من التحقق بدقة من مصادر مستقلة بشأن أعداد ضحايا الهجوم، بينما يشير سكان المنطقة إلى أن الأعداد تفوق الإحصاءات التي نقلتها المصادر العسكرية.
شنّت “الدعم السريع” في الأشهر الماضية هجمات باستخدام الطائرات المسيّرة استهدفت عدة مناطق تحت سيطرة الجيش، خصوصاً في مدن عطبرة والدامر ومروي وشندي وكوستي وربك والقضارف، حيث استهدفت مقرات عسكرية ومطارات وقواعد جوية. وذكر الجيش أنّ دفاعاته نجحت في التصدي لهذه الهجمات، إلا أن شهوداً أفادوا بسماع أصوات انفجارات قوية في بعض المناطق المستهدفة.
في وقت سابق من شهر نوفمبر الماضي، تعرض المهبط الجوي للفرقة الثالثة مشاة شندي لهجوم من أربع طائرات مسيّرة انتحارية في وقت واحد، وقد تم إسقاطها قبل وصولها إلى الأرض، وذلك وفقًا للمصادر العسكرية.
في هذا السياق، أعلنت “قوات الدعم السريع” يوم الأربعاء عن إسقاط طائرة مقاتلة إيرانية الصنع من طراز “شاهد 129” في مدينة الخرطوم بحري. وأوضحت في بيان عبر منصة “تلغرام” أن الطائرة كانت تقوم بقصف المدنيين في بحري وأم درمان، مما يوضح بوضوح حجم الإمدادات العسكرية التي حصل عليها الجيش السوداني، وفقًا للبيان. أدانت “قوات الدعم السريع” ما وصفته بالتدخل المباشر في الشأن السوداني، وحثت المجتمع الدولي على إدانة هذه التدخلات التي تشكل خطرًا على السودان والمنطقة، خاصةً على أمن البحر الأحمر.