أفاد تقرير صادر عن الأمم المتحدة بانتشار المجاعة في خمس مناطق على الأقل في السودان، حيث تتأثر بشكل خاص مخيمات اللاجئين والنازحين نتيجة النزاع المستمر الذي يعاني منه البلد منذ أكثر من 20 شهرًا. ويعكس هذا الوضع المأساوي التحديات الإنسانية الكبيرة التي تواجهها البلاد، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والمياه، مما يزيد من معاناتهم في ظل الظروف القاسية.
وأشار التقرير الذي أعدته لجنة مراجعة المجاعة بالتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إلى أن الوضع الغذائي في خمس مناطق قد بلغ مستويات حرجة، مع توقعات بأن تواجه خمس مناطق أخرى نفس المصير بين الشهر الحالي ومايو/أيار 2025. ويعكس هذا التوقع القاتم الحاجة الملحة لتدخلات إنسانية عاجلة من قبل المجتمع الدولي لمواجهة هذه الأزمة المتفاقمة.
وفقًا للجنة، التي تضم وكالات تابعة للأمم المتحدة وشركاء إقليميين ومنظمات إغاثة، فإن المجاعة التي تم الإعلان عنها في أغسطس/آب 2024 في مخيم زمزم بولاية شمال دارفور قد انتشرت لاحقًا إلى مخيمي السلام وأبو شوك وجبال النوبة الغربية خلال الفترة من أكتوبر/تشرين الأول إلى نوفمبر/تشرين الثاني 2024. ويعكس هذا الانتشار السريع للمجاعة الحاجة الملحة لتوفير المساعدات الإنسانية العاجلة لضمان بقاء النازحين واللاجئين في هذه المناطق.
أفادت اللجنة بأن هناك 638 ألف شخص يواجهون المجاعة داخل هذه المخيمات، في حين أن 8.1 ملايين شخص آخرين يقفون على حافة المجاعة. أظهر التقرير أن انعدام الأمن الغذائي قد بلغ مستويات غير مسبوقة، ومن المتوقع أن يؤثر بين ديسمبر 2024 ومايو 2025 على حوالي 24.6 مليون شخص، حيث سيعانون من مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي، تصل إلى المرحلة الثالثة أو أعلى وفقا للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي.
ذكر التقرير أن هذه الأرقام تعكس “تفاقمًا غير مسبوق وتوسعًا لأزمة الغذاء والتغذية”، نتيجة للنزاع المدمر الذي أدى إلى نزوح جماعي، وانهيار اقتصادي، وتدهور الخدمات الاجتماعية، بالإضافة إلى الاضطرابات المجتمعية الحادة، وصعوبة الوصول الإنساني. أوضح برنامج الأغذية العالمي أن بعض المناطق التي تعاني من نزاعات حادة، مثل أجزاء من الخرطوم وولاية الجزيرة، قد تواجه ظروف مجاعة حقيقية، إلا أن نقص البيانات الرسمية حال دون تصنيفها بشكل رسمي.
دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، يوم الثلاثاء إلى “إنهاء فوري للاشتباكات من أجل إنقاذ الأرواح وضمان عدم تفاقم الأزمة في عام 2025”. وحذر التقرير من أن خطر المجاعة يهدد 17 منطقة أخرى، متوقعًا أن تشمل الأزمة مناطق في ولاية شمال دارفور مثل أم كدادة ومليط والفاشر والطويشة واللعيت خلال الفترة من ديسمبر 2024 إلى مايو 2025. من جهتها، اعتبرت منظمة “أنقذوا الأطفال” هذه النتائج “مرعبة”، وأكدت مديرة الشؤون الإنسانية للسودان، ماري لوبول، أن الأزمة تعكس “فشل النظام العالمي”، مشيرة إلى أن الأطفال هم الأكثر تضررًا من المجاعة، إذ يتعرضون لوفيات مؤلمة يمكن تجنبها بسبب سوء التغذية والأمراض. وأكدت لوبول على أهمية “توفير الوصول الفوري ودون عوائق عبر كافة المعابر الحدودية وفي جميع أنحاء البلاد لتقديم المساعدة الإنسانية الواسعة وضمان وصول الإمدادات التجارية”.
