خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، تركزت الأنشطة العسكرية في ثلاثة محاور رئيسية، بينما استمرت بقية المحاور في حالة من الهدوء. وقد تم رصد تحركات كبيرة لقوات الدعم السريع في محور البطانة وهي تتجه شمالاً، كما شوهدت قوة ضخمة من القوات المشتركة تتدفق في منطقة المالحة ومناطق شمال وشرق كتم. وزادت قوات الدعم السريع من تعزيزاتها في منطقة الحاج عبد الله تحسباً لشن هجوم من القوات العسكرية المتمركزة في ود الحداد بولاية سنار.
استمرار المعارك في الخرطوم بحري
بعد أن حقق الجيش السوداني تقدماً ملحوظاً وسيطر على جميع المناطق شمال شارع مستشفى البراحة، يبدو أنه يواجه مقاومة شديدة من قوات الدعم السريع التي استطاعت على الأقل إيقاف تقدم الجيش خلال اليومين الماضيين. وتتحرك قوات الجيش على عدة جبهات في هجومها الذي يهدف إلى فك الحصار عن سلاح الإشارة والوصول إلى القيادة عبر كبرى النيل الأزرق الذي تسيطر عليه منذ بداية الحرب. يتحرك الجيش في المحور الغربي عبر شارع المعونة بهدف السيطرة على منطقة السوق المركزي، ومن ثم التوجه إلى منطقة شمبات القديمة الواقعة على الضفة الشرقية لنهر النيل. ومن المعروف أن قوات الدعم السريع تسيطر على كافة المناطق من شمبات شمالاً إلى الضفة الشمالية لنهر الأزرق جنوباً، بما في ذلك كبري المك نمر، الذي يمكن أن يكون الطريق الوحيد الآمن للانسحاب في حال تقدم قوات الجيش في هذا المحور. تتحرك القوات المسلحة على محور شارع الشهيد مطر (المعروف سابقًا بشارع الإنقاذ) من الشرق للتقدم نحو موقف شندي ومن ثم فك حصار سلاح الإشارة. وتواجه هذه القوة مقاومة عنيفة، إذ لم تتمكن حتى الآن من تجاوز شارع البراحة والسيطرة على مطاحن ويتا للغلال التي تعد موقعًا محصنًا لقوات الدعم السريع. تتحرك قوات كبيرة في الشوارع الداخلية لمربع 15 في منطقة شمبات، حيث تتواجد قوات الدعم السريع بشكل مكثف، وتدور المعارك من منزل إلى آخر ومن شارع إلى شارع. دفعت الجهتان بتعزيزات كبيرة في هذه المنطقة من أجل مواجهة الخسائر الفادحة في الأرواح الناجمة عن انتشار القناصة في المباني العالية. كما أن كلا الجانبين يستخدمان المدفعية الثقيلة والراجمات، مما يؤدي إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة، بما في ذلك حادثة القصف المدفعي الذي وقع في أحياء شمال المزاد يوم الأربعاء الماضي. لا تستفيد القوات المسلحة من الطيران في هذه المعركة بسبب قرب خطوط المواجهة وتداخلها، لكنها تستعمل في المقابل الطائرات المسيرة القتالية. وقد تمكنت قوات الدعم السريع يوم الأربعاء من إسقاط طائرة مسيرة قتالية من طراز “شاهد 129” إيرانية الصنع في منطقة كافوري المجاورة.
هجوم مضاد من القوات المسلحة والقوات المشتركة في مدينة الفاشر
واصلت قوات الدعم السريع قصفها المدفعي المكثف، مستهدفةً مناطق وسط مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور حيث تقع مقر الفرقة السادسة مشاة. كما تم استهداف المستشفى السعودي مجددًا، وهو أحد آخر المستشفيات التي لا تزال تعمل في المدينة. وقد طال القصف صباح اليوم معسكر أبو شوك للنازحين في شمال غرب الفاشر. بالإضافة إلى ذلك، استهدفت طائرة مسيرة معسكر الاحتياطي المركزي في جنوب غرب المدينة. وأدت هذه العمليات الجوية والمدفعية العنيفة، وفقًا لمصدر من راديو دبنقا، إلى مقتل 25 عسكريًا وإصابة آخرين مساء يوم الأربعاء. من ناحيتها، قامت قوات الجيش السوداني والقوة المشتركة بشن هجوم بري كبير على الجبهتين الشرقية والجنوبية للمدينة، حيث تتواجد المراكز الرئيسية لقوات الدعم السريع، وذلك بدعم من نيران المدفعية الكثيفة. أعلنت القوات المسلحة عن تحقيقها نجاحات كبيرة في إلحاق أضرار جسيمة بالأفراد والمعدات في صفوف العدو، بينما أكدت قوات الدعم السريع أنها تمكنت من مواجهة الهجوم الذي كان يهدف إلى رفع الحصار عن مدينة الفاشر. يعتقد المراقبون أن الجيش والقوة المشتركة يسعيان من خلال هذا النوع من الهجمات إلى اختبار مدى قوة قوات الدعم السريع التي تحاصر مدينة الفاشر، وذلك بعد ورود معلومات عن إمكانية سحب جزء من هذه القوات لمواجهة تحركات القوة المشتركة في شمال وشرق كتم والمناطق الحدودية مع تشاد.
هل تهاجم قوات الدعم السريع سنجة؟
تعيش مدينة سنجة توتراً نتيجة تردد الأنباء عن تجمع قوات الدعم السريع بشكل كبير في المناطق الجنوبية والغربية من المدينة، وأنها تستعد لمحاولة استعادة السيطرة على عاصمة ولاية سنار مجدداً، بعد أقل من ثلاثة أشهر من استعادتها من قبل الجيش. بالإضافة إلى القوة الأساسية المتواجدة في مدينة سنجة والمناطق المحيطة بها، هناك قوة متقدمة للجيش في منطقة ود النيل الواقعة جنوب المدينة وعلى الضفة الغربية للنيل الأزرق. سعت القوات المسلحة لطمأنة المواطنين بأنها مستعدة للتعامل مع أي تطورات قد تحدث، لكن خبرة سقوط المدينة في السابق تحت سيطرة قوات الدعم السريع تجعل العديد من سكان سنجة يشعرون بالقلق من إمكانية انسحاب الجيش مرة أخرى. بالإضافة إلى ذلك، فإن قوات الدعم السريع تعمل بنشاط في كامل منطقة الدالي والمزموم وعلى الحدود مع دولة جنوب السودان، فضلاً عن المناطق الغربية في ولاية النيل الأزرق المجاورة. يخشى سكان المدينة من وجود عدد كبير من المتعاونين مع قوات الدعم السريع داخل المدينة والمناطق المحيطة بها، وذلك بعد الاتهامات التي وجهت للقوات المسلحة والمستعدين بأنهم ارتكبوا انتهاكات خطيرة ضد كل من اتهموا بالتعاون مع قوات الدعم السريع، خصوصاً من القيادات المحلية والقبلية والنظار وغيرهم.
الدويم: المعركة المؤجلة
يبدو جليًا أن قوات الدعم السريع لا تزال متمسكة بخططها للاستيلاء على مدينة الدويم، لكن وتيرة العمليات في هذه الجبهة قد تراجعت كثيرًا خلال الأسابيع الأخيرة بعد الهجوم الكبير الذي نفذه الجيش في الخرطوم بحري وتحركاته في عدة مناطق في ولاية الجزيرة بهدف استعادة عاصمة الولاية، ود مدني. لكن هذه الجبهة على الضفتين الشرقية والغربية للنيل الأبيض شهدت تصعيداً في الساعات الأربع والعشرين الماضية. حيث هجمت قوات الدعم السريع للمرة الثانية خلال هذا الشهر على قوات الجيش المتواجدة في منطقة الأعوج، الواقعة شمال الدويم على الضفة الغربية للنيل الأبيض. في الجهة الأخرى، شنت الطائرات المقاتلة التابعة للقوات المسلحة هجومًا على قرية الصوفي، التي تُعتبر أقرب نقطة متقدمة لقوات الدعم السريع باتجاه مدينة الدويم. في حين أن القوة الدفاعية المتقدمة للقوات المسلحة تتمركز في منطقة جبل العرشكول، شمال غرب الدويم.
هذا الموقع غير محايد بالمرة وتغطيته وتحليلاته مناصرة لمليشيا حميدتي المتمرد