السودان الان السودان عاجل

معاناة لاجئ سوداني في أوغندا: البعد عن أطفالي وتأثيره على حياتي المهنية

مصدر الخبر / موقع التغيير

لم تكن حرب “الجنرالين” منذ بدايتها تتجاوز الحدود الجغرافية لمدينة الخرطوم في بدايتها، لكن سرعان ما انتشرت المواجهات العسكرية بسرعة كبيرة لتشمل مناطق أخرى في السودان.

التغيير: فتح الرحمن حمودة 

في قلب المشهد المأساوي، ظهرت دارفور كواحدة من أبرز ميادين النزاع، حيث نجحت قوات الدعم السريع في السيطرة على معظم مناطقها، مما أدى إلى كتابة فصول جديدة من الكارثة بين المدنيين. في هذا النزاع الذي يقترب من دخول عامه الثاني، تواصل صفحات المعاناة الكتابة عن أحداثه. وفي وسط هذه الفصول القاتمة تبرز آلاف القصص الإنسانية التي تروي تجارب الناجين من أهواله.

قصة الشاب “أ.م” التي روى تفاصيلها لـ (التغيير) تعتبر واحدة من تلك الحكايات التي تجسد صمود السودانيين أمام قسوة الواقع الحالي في بلادهم. الشاب الذي يبلغ من العمر ثلاثين عامًا، بدأ حياته المهنية كأستاذ في حي الوحدة بمنطقة زالنجي بولاية وسط دارفور، ثم ترك مهنة التدريس ليعود إلى شغفه الحقيقي في البحث عن الحقائق المتعلقة بواقع السودان وقضاياه الأساسية. على الرغم من تخرجه من كلية التجارة وتخصصه في المحاسبة، إلا أنه لم يستمر في مسيرته المهنية في هذا المجال، بل اختار الغوص في عمق القضايا الفكرية والاجتماعية التي تهمه شخصياً وتتناول جوهر هويته كإنسان. قال إنه قبل اندلاع الحرب، كان يعيش حياة هادئة ومستقرة، حيث كان يقوم بأنشطته اليومية بنشاط وحيوية، حتى انتقل إلى جبال النوبة للبحث في المعتقدات المحلية مثل “الكجور”.

في تلك الأجواء، يوضح أنه تمكن من تأسيس فهم عميق حول الجوانب الوجودية للإنسان وكيف يمكن للمعارف البسيطة أن تعزز من مسيرة الفرد في حياته. يواصل الشاب حديثه، موضحاً أنه متزوج ولديه خمسة أطفال. كان يمارس الزراعة التقليدية في فصل الخريف، مما أتيح له الحصول على الاكتفاء الذاتي، حيث كان يزرع كميات كبيرة تكفيه وعائلته، بالإضافة إلى بيع بعض المحاصيل لتغطية مصاريف أخرى. وقد جعل ذلك أسلوب حياته البسيط والمتوازن في تلك الفترة يبعث على الرضا والسعادة. وأشار إلى أنه بعد اندلاع الحرب، تغيرت الأمور بشكل كامل، مما أثر بشكل جذري على حياته. لم يعد بإمكانه السفر أو العمل كما كان معتاداً، ويقول إن الأبحاث التي كان يقوم بها لم تعد ضمن الأولويات، إذ أن الأولوية الآن أصبحت لإنهاء الحرب وتأمين الاستقرار.

وأشار إلى أن أبرز تأثيرات الحرب على حياته الخاصة هو تفرق أسرته، حيث أصبحت زوجته وأطفاله في مكان آخر بينما هو في مكان مختلف، ولم يعد بإمكانه لم شملهم بسبب انعدام الأمان وصعوبة التنقل. يشدد على أن ابتعاده عن أسرته قد أثر عليه نفسيًا وزاد من صعوبة قدرته على العمل بشكل فعال، حيث أصبح يقضي وقته في التفكير حول مستقبل أطفاله، وكيف يعيشون، وما إذا كانوا يحصلون على ما يكفي من الطعام. كان الشاب يعمل في منطقة الفولة في غرب كردفان، وعندما اندلعت الحرب في تلك المنطقة، أصبح غير قادر على التنقل. يقول إن أولاده وزوجته توجهوا إلى جبال النوبة، بينما اتخذ هو قرار مغادرة البلاد، رغم أن هذا القرار كان صعباً عليه. لكنه شعر أن الحياة في البلاد قد توقفت كلياً، فانتقل إلى مدينة جوبا ثم إلى أوغندا بعد أن سمع من أصدقائه عن أوضاع اللاجئين هناك. وأضاف أنه عند وصوله إلى أوغندا، لم تكن الأوضاع كما توقع، حيث شعَر بالصدمة من الظروف القاسية في المخيمات، إذ كانت الخدمات الأساسية مثل المسكن والطعام شحيحة جداً. أشار إلى أنه لم يتمكن من إحضار أسرته كما كان يطمح، إذ أصبح غير قادر على توفير الحد الأدنى من الاستقرار لنفسه. ومع ذلك، أفاد بأنه تمسك بالصبر وتحمل المسؤولية بمفرده، آملًا أن تتحسن الأوضاع ليعود إلى وطنه في يوم من الأيام. على الرغم من التحديات التي واجهها، لا يزال الشاب مصراً على التمسك بالأمل. وأشار إلى أنه لا يفضل فكرة اللجوء الدائم، مؤكداً أن عودته إلى وطنه تتوقف على إنهاء الحرب. ويعتبر أن هذه الحرب ليست سوى محاولة لتجريد الشعب السوداني من حقوقه في التعبير عن نفسه.

وانهى الشاب حديثه بدعوة مخلصة لوقف الحرب، مطالباً الأطراف الداعمة بأن تقف مع خيار الشعب السوداني في السعي نحو السلام والتحول المدني. قال إنه يعتقد أن السودان لن يتمكن من استعادة عافيته إلا من خلال استعادة الأمن والاستقرار، كي يتمكن هو وأمثاله من العودة إلى حياتهم الطبيعية، وتعود الأسر التي فرقتها ويلات الحرب إلى لم شملها.

عن مصدر الخبر

موقع التغيير