في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز السلام في السودان، أشار وزير الشؤون الدينية والأوقاف الأسبق، نصر الدين مفرح، إلى المبادرة التي تحمل عنوان “تضرع وتصدق وصيام من أجل السلام”. وتهدف هذه المبادرة إلى إحياء الأمل في نفوس المواطنين من خلال الدعاء والتقرب إلى الله، في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها البلد نتيجة النزاعات المستمرة. وقد تم تصميم الأنشطة لتكون شاملة وتستهدف جميع فئات المجتمع، بما في ذلك الأطفال.
وأوضح مفرح أن المبادرة تتضمن مجموعة من الأنشطة الروحية، مثل الصلوات الجماعية والدعاء الفردي، التي تُقام في المساجد ودور الإيواء. هذه الأنشطة تهدف إلى تعزيز الروابط الاجتماعية والروحانية بين الأفراد، مما يسهم في خلق بيئة من الأمل والتفاؤل. كما أشار إلى أهمية مشاركة الأطفال في هذه الفعاليات، حيث يُعتبرون رمزاً للمستقبل والأمل في بناء مجتمع سلمي.
بالإضافة إلى ذلك، أكد مفرح على مشاركة المجتمع المسيحي في هذه المبادرة، حيث قاموا بإقامة صلوات خاصة في الكنائس داخل وخارج السودان. وقد دعا المشاركون في هذه الصلوات إلى نشر المحبة والسلام بين المتحاربين، مما يعكس روح الوحدة والتضامن بين الأديان في مواجهة التحديات. هذه الجهود المشتركة تعكس التزام المجتمع السوداني بجعل السلام هدفاً رئيسياً في هذه الأوقات العصيبة.
أشار مفرح إلى أن مختلف الطوائف والجماعات الإسلامية، بما في ذلك الرجال والنساء والشباب، شاركوا في الصيام والتصدق كجزء من تكافلهم مع المبادرة. هذه المشاركة تعكس روح التعاون والتضامن بين أفراد المجتمع، حيث اجتمع الجميع تحت هدف واحد وهو تعزيز قيم العطاء والمساعدة.
كما ذكر مفرح أن المبادرة حظيت بدعم كبير من منظمات المجتمع المدني وقادة الفرق الدينية، الذين أبدوا تفاعلًا ملحوظًا مع أهداف المبادرة. هذا الدعم يعكس التزام المجتمع المدني بتعزيز القيم الإنسانية والدينية، مما يسهم في تحقيق الأهداف المنشودة للمبادرة.
وأكد مفرح أنه تم تنظيم 19 ختمة للقرآن الكريم بنية إحلال السلام، شملت اثنتين منها دولًا خارجية مثل غانا والسنغال. بالإضافة إلى ذلك، نفذت بعض المدن والقرى أنشطة إضافية مثل ذبح الذبائح وتوزيع الطعام على المحتاجين، مما يعكس التزام المشاركين بتقربهم إلى الله من أجل تفريج الأزمة وتحقيق السلام. وقد امتدت المبادرة لتشمل أكثر من 56 قرية ومدينة داخل السودان وخارجه، مما يدل على تفاعل السودانيين وأصدقائهم في دول مثل لبنان وكينيا وجنوب إفريقيا.
يشهد السودان منذ الخامس عشر من أبريل 2023 صراعًا مسلحًا عنيفًا بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، حيث انطلقت الاشتباكات من العاصمة الخرطوم لتنتشر بسرعة إلى مناطق شاسعة في دارفور وكردفان والجزيرة وسنار. وقد أسفر هذا النزاع عن سقوط الآلاف من الضحايا، بالإضافة إلى تشريد الملايين من المواطنين، سواء داخل البلاد أو إلى الدول المجاورة.
تتفاقم الأوضاع الإنسانية بشكل مقلق، حيث يعاني السكان من انعدام الأمن الغذائي وتدهور الخدمات الصحية. وقد شهدت البلاد موجات نزوح جماعية، حيث فر العديد من الأشخاص إلى دول مثل تشاد ومصر وجنوب السودان بحثًا عن الأمان والموارد الأساسية. هذه الأوضاع تضع ضغوطًا هائلة على الدول المستقبلة، التي تواجه تحديات في استيعاب الأعداد المتزايدة من اللاجئين.
تأثرت البنية التحتية الأساسية بشكل كبير نتيجة للاشتباكات، حيث تعرضت المستشفيات والمدارس والأسواق للقصف أو الإغلاق، مما زاد من معاناة السكان في ظل أزمة إنسانية تُعتبر من بين الأسوأ على مستوى العالم، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة. هذه الظروف الصعبة تتطلب استجابة عاجلة من المجتمع الدولي لمساعدة المتضررين وتقديم الدعم اللازم لتخفيف معاناتهم.