بدأت يوم السبت امتحانات الشهادة السودانية للدفعة 2023 المُؤجلة، وذلك في مراكز داخل البلاد وخارجها، في ظل ظروف صعبة أدت إلى حرمان بعض الولايات من المشاركة في الامتحانات.
خرجت ثماني ولايات بالكامل من دائرة جلوس طلابها للامتحانات للمرة الأولى في تاريخ السودان، بينما استطاعت بعض المناطق بشكل جزئي إتمام إجراءات الشهادة. تم تنظيم الجلسات في مجموعة من المناطق المتضررة من الحرب، مثل ولايتي الجزيرة والخرطوم والنيل الأزرق والنيل الأبيض، حيث يتقدم الطلاب لاختباراتهم وسط أصوات المدافع وطائرات الحروب. امتلأت صفحات وسائل التواصل الاجتماعي بحكايات بطولية وأخرى مؤلمة لطلاب حُرموا من الامتحانات، وآخرين واجهوا التحديات الصعبة للوصول إلى القاعات، في مغامرات برية وبحرية جلبت لهم المخاطر.
من بين هذه القصص، تميزت قصة الطالبة السودانية شمس الحافظ عبد الله، التي سافرت مسافة 2662 كيلومتراً، من مدينة أبشي شرق تشاد إلى مدينة الدامر بولاية نهر النيل، لتقديم امتحانات الشهادة السودانية، بعد أن رفضت السلطات التشادية إقامة الامتحانات على أراضيها، حسب ما أفادت به وزارة الإعلام السودانية. كما جذبت الانتباه قصة طلاب الشهادة في ولاية النيل الأبيض، الذين تم رؤيتهم على متن قارب يعبر النيل من مدينة القطينة إلى مدينة الدويم، في رحلة صعبة مليئة بالمخاطر. حدثت فوضى كبيرة في الإجراءات المتعلقة بعقد الامتحانات، حيث لم تتمكن سلطات مدينة النهود من تنظيمها لأسباب أمنية. وفي السعودية، تفاجأ الطلاب السودانيون في الرياض بنقل مركز الامتحان إلى شمال المدينة. هذا العام، وفي إجراء غير عادي، قررت وزارة التربية والتعليم تغيير مواعيد الامتحانات لتبدأ في الساعة الثانية والنصف بعد الظهر وتنتهي في الساعة الخامسة مساءً. كما تم اتخاذ قرار بقطع خدمة الإنترنت يوميًا أثناء فترة الامتحانات.
وفقًا لتقارير من السودان، تخلف حوالي 157 ألف طالب وطالبة عن الدراسة قسراً في الولايات التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، وسط قلق من حدوث انقسام غير مسبوق. تشير إحصائيات منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) إلى أن الحرب حرمت 12 مليون طالب سوداني في مراحل تعليمية متنوعة من استكمال دراستهم. وفقاً لوزارة التربية والتعليم السودانية، كان من المتوقع أن يشارك في الامتحانات المؤجلة أكثر من 343 ألف طالب وطالبة، مما يشكل 70% من إجمالي عدد الطلاب المسجلين الذي يبلغ حوالي 500 ألف. ولكن العدد انخفض نتيجة لسقوط آلاف أرقام الجلوس وتأجيل الامتحانات في ولايتي جنوب وغرب كردفان. تأثر التعليم بشكل ملحوظ نتيجة النزاع العنيف في السودان منذ أبريل 2023، حيث قررت حكومة بورتسودان إجراء الامتحانات في الولايات الآمنة التي تقع تحت سيطرة الجيش.
من الجانب الآخر، اعتبرت قوات الدعم السريع أن نتائج الامتحانات ستكون لها تداعيات خطيرة على آلاف الطلاب، مما يزيد من تفاقم الانقسام في البلاد. أصبحت المخاوف الأمنية تتزايد بشأن احتمال استهداف مراكز الامتحانات، مما يعرض حياة آلاف الطلاب للخطر، خاصة في محلية كرري بمدينة أم درمان، حيث يتعرض المكان لقصف مدفعي مستمر. هذه المخاوف تتجاوز ذلك لتشمل ولايات أخرى مجاورة لمناطق القتال التي شهدتها البلاد على مدى 20 شهراً.