السودان الان السودان عاجل

قناة المانية : هل يتحقق السلام في السودان عام 2025؟ نظرة على الحرب المنسية

مصدر الخبر / السودان نيوز

مع استمرار الصراع في السودان دون أي بوادر لوقف إطلاق النار خلال عام 2024، يتعرض كل من الجيش وقوات الدعم السريع لانتقادات شديدة من قبل المجتمع الدولي والمحلي. فقد أدت المعارك المستمرة إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية، مما جعل المدنيين يعانون من نقص حاد في المواد الأساسية والخدمات الصحية. في ظل هذه الظروف، تتزايد الدعوات للضغط على الأطراف المتنازعة من أجل التوصل إلى حل سلمي ينهي هذا النزاع المدمر.

تبرز عودة الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، مما يثير تساؤلات حول تأثير ذلك على الأوضاع في السودان. يعتقد البعض أن ترامب، قد يسعى إلى استخدام نفوذه لإجبار الأطراف المتنازعة على الجلوس إلى طاولة المفاوضات. ومع ذلك، يبقى السؤال مطروحًا حول مدى جدية هذه الجهود وقدرتها على تحقيق نتائج ملموسة في ظل التعقيدات السياسية والأمنية التي تعاني منها البلاد.

في ظل هذه الظروف، تتزايد الآمال في إمكانية تحقيق السلام في السودان، لكن هذه الآمال لا تزال محاطة بالشكوك. يتطلب الأمر تعاونًا دوليًا وإقليميًا قويًا، بالإضافة إلى إرادة حقيقية من الأطراف المعنية لإنهاء الصراع. يبقى الأمل معقودًا على أن تسفر الجهود الدبلوماسية عن نتائج إيجابية، مما قد يساهم في إعادة بناء السودان وتحسين حياة مواطنيه الذين عانوا طويلاً من ويلات الحرب.

في ظل حرب مستمرة منذ حوالي 20 شهرًا بين الجيش السوداني بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أصبح السودان “أكبر كارثة إنسانية في عصرنا”.

فقد تسببت المعارك في مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 11 مليون إنسان. يُعتبر القتال في السودان حربًا “منسية”، حيث أن المجتمع الدولي، وبالأخص الدول الغربية، منشغل تمامًا عنها نتيجة النزاع المستمر في أوكرانيا والصراعات في الشرق الأوسط بشكل خاص. على الرغم من ذلك، كانت هناك محاولات إقليمية ودولية بالإضافة إلى جهود سودانية خلال شهور عام 2024 للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وبدء محادثات السلام. وقد بدأت هذه الجهود في وقت مبكر، حيث أعلنت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية في السودان (تقدم) بالتعاون مع قوات الدعم السريع، في الثاني من يناير 2024، عن توقيع إعلان “أديس أبابا” بهدف إنهاء الحرب.

تضمن الإعلان استعداد قوات الدعم السريع، التي ظهر قائدها حميدتي بشكل رسمي لأول مرة منذ بداية الحرب، لوقف فوري للأعمال القتالية دون شروط، من خلال التفاوض المباشر مع الجيش السوداني. لكن هذه الخطوة وما تبعها من خطوات أخرى لإعادة التفاوض من خلال منظمة “إيغاد” أو الاتحاد الأفريقي أو “منبر جدة” أو “مؤتمر جنيف” أو حتى المشروع البريطاني في مجلس الأمن، الذي ألغاه الفيتو الروسي، لم تؤدِ إلى التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب. عند دراسة أسباب عدم التوصل إلى سلام حتى الآن، تتنوع آراء المحللين، إلا أن الحديث يتكرر حول تأثير الدول الأخرى على النزاع. يرى الخبير الاستراتيجي رشيد محمد إبراهيم، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعات السودانية، أن أهم العوامل التي منعت توقف الحرب تكمن في “البعد الخارجي” للصراع.

قال إبراهيم لـDW: “كان هناك تأثير كبير للغاية من الخارج على الأوضاع في السودان، حيث باتت الصراعات تتأثر بدول ومصالح تلك الدول.” من جهته، أوضح آدم رجّال، المتحدث باسم منسقي النازحين، أن “هناك مصالح وتداخلات بين الدول” كانت أحد الأسباب وراء فشل الوساطة. يعتقد الخبير العسكري العميد جمال الشهيد أن التطلعات الدولية والإقليمية في السودان تهدف إلى استغلال موارده وقدرات الشعب السوداني. ويشير الشهيد إلى أن “هذا المشروع يعود إلى زمن محمد علي باشا (حاكم مصر)، حيث أن السودان يمتلك ثروات غنية سواء على سطح الأرض أو تحتها. ولذلك، كان السودان هدفًا للمستعمرين منذ البداية ولا يزال يعتبر هدفًا في نظر الدول الكبرى التي تسعى لتحقيق مطامعها في الدول الأفريقية وما تمتلكه من إمكانيات.” يتحدث آدم رجّال لـDW عن أسباب عدم الوصول إلى وقف الحرب، قائلاً إن “طرفي النزاع لا يهتمان بالشعب السوداني، بل يركزان فقط على مصالحهما الشخصية وكيفية البقاء في منصب السلطة.” ويؤكد أن كل طرف “يسعى لاستنفار مؤيديه من خلال زعماء القبائل، وهذا له تأثير كبير.” يعتقد الخبير الاستراتيجي رشيد محمد إبراهيم أن “الانقسام والاستقطاب الداخلي كانا شديدين للغاية”، ويتابع قائلاً: “بالإضافة إلى ذلك، فإن تصرفات وسلوكيات الميليشيات (في إشارة إلى الدعم السريع) واستعداؤها للمواطنين ودخولها منازل الناس وغيرها من الجرائم، كانت عقبات حالت دون تحقيق السلام”. يرى العميد جمال الشهيد أن من أبرز أسباب فشل محاولات الوساطة هو ما أسماه بـ “الأطماع الزائدة لقائد ميليشيا التمرد…”، في إشارة إلى محمد حمدان دقلو (حميدتي).

كما أشار إلى وجود “أقليات سياسية في الداخل، تعمل كأدوات لتنفيذ مخططات خارجية وتقديم هذه الدولة المختطفة إلى الدول الكبرى، مما يؤدي إلى رهن إرادة السودان لهذه الدول.” غير أن محمد الباشا طبيق، مستشار قائد قوات الدعم السريع، اتهم في حديثه مع DW الجيش السوداني و”وراءه الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني” بالتصلب وإفساد فرص كبيرة كانت تستحق أن توقف الحرب.

يعتقد محمد عبدالرحمن الناير، مسؤول القطاع الإعلامي والمتحدث الرسمي باسم حركة جيش تحرير السودان، أن “المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم سابقًا) يتمنى العودة إلى السلطة ولا يرغب في إنهاء الحرب في السودان، إذ أمر قادة الجيش بعدم الذهاب إلى منبر جدة ومؤتمر جنيف لأنه يعرف جيدًا أن إنهاء الحرب من خلال الحوار المباشر بين الجيش والدعم السريع يعني فقدانه لآخر أمل في العودة للحكم.” يرى الناشط المدني السوداني محمد الأمين محمد جمعة أن “المسؤولية تقع على كلا الطرفين المتصارعين، لأنهما من يحملان السلاح ويقرران ما إذا كانا سيتفاوضان أم لا”. وأضاف محمد جمعة في برنامج “السودان الآن” على قناة DW: “مع ذلك، يجب الاستمرار في تقديم الضغوط العالمية لحث الطرفين على الجلوس إلى مائدة التفاوض”.

يرى الناير أنه رغم المحاولات المحلية والإقليمية والدولية، فإن تحقيق وقف إطلاق النار ليس قريبًا. ويوضح قائلاً: “قائد الجيش رفض العودة إلى منبر جدة ووعد بالقضاء على قوات الدعم السريع، لكن حتى الآن لا يبدو أن هناك انتصارًا نهائيًا لأي من الأطراف، وهذا الانتصار ليس متوقعًا في المستقبل القريب.” من المؤكد أن الشعب السوداني يتطلع إلى تحقيق وقف لإطلاق النار في أقرب وقت، يفضل أن يكون ذلك في بداية عام 2025. فهم يتحملون عواقب الصراع، وكذلك أطفالهم الذين أصبح مستقبلهم غير مضمون بعد عامين من انعدام التعليم، بالإضافة إلى الصدمات النفسية الناتجة عن هذه الحرب. “لقد خسروا أحلامهم ومستقبلهم. جميعنا نأمل أن يصل طرفا الصراع إلى قناعة راسخة تؤدي بهما إلى اتباع مسار السلام ووقف إطلاق النار، وأن نجتمع جميعًا كسودانيين في حوار سوداني سوداني، كي نتجنب العودة إلى هذه المعاناة، فهناك من عاشوا لأكثر من عشرين عامًا في معسكرات النزوح”، وفقًا لما صرح به آدم رجّال، المتحدث باسم منسقي النازحين. نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية في الأسبوع الماضي عن “مصادر مطلعة” لم تكشف عن هويتها أن المبعوث الأممي إلى السودان، رمطان لعمامرة، “بدأ في التحضير لإرسال دعوات إلى طرفي النزاع السوداني لاستئناف محادثات غير مباشرة في مدينة جنيف خلال شهر يناير، والتي ستتركز على موضوع حماية المدنيين”.

وافقت قوات الدعم السريع على استئناف المحادثات، بينما أعلن الجيش أنه لديه موافقة شبه نهائية على المشاركة، حسب ما أفادت المصادر لـ “الشرق الأوسط”. ومع ذلك، فإن محمد الباشا طبيق، مستشار قائد قوات الدعم السريع، يعبّر عن شكوكه بشأن إمكانية إنهاء الحرب قريباً، حيث يقول: “للأسف، لا توجد إشارات تدل على إمكانية وضع حد للحرب ووقف انهيار الدولة السودانية، ما لم يكن هناك اهتمام واضح من المجتمع الدولي في توحيد المبادرات والمنابر والضغط على الطرف المعارض”، ويقصد طبيق بذلك الجيش السوداني. من ناحيته، يؤكد المتحدث الرسمي باسم حركة جيش تحرير السودان محمد عبد الرحمن الناير: “إذا استمرت الحركة الإسلامية في السيطرة على قرارات الجيش وإرادته، فإن فترة الحرب ستطول وستتفاقم معاناة المواطنين، وقد تتطور الأمور إلى حرب أهلية شاملة مع تصاعد خطاب الكراهية والعنصرية والتحشيد القبلي.” ستشهد الولايات المتحدة تنصيب دونالد ترامب لرئاسة ثانية في 20 يناير 2025. ويختلف ترامب بشكل كامل عن سلفه الديمقراطي جو بايدن، الذي انتهت ولايته. خلال فترة رئاسته الأولى، وقبل حوالي أسبوعين من تولي بايدن الرئاسة، شجع ترامب السودان على الانضمام إلى “اتفاقيات أبراهام”. فهل سيتمكن من إقناع الجيش السوداني خلال ولايته الثانية بقبول الدخول في مفاوضات مع الدعم السريع والتوقيع على اتفاق لوقف الحرب؟ يتوقع الباشا طبيق أن يولى ترامب اهتماماً كبيراً للأزمة السودانية وأن يسعى لتغيير معادلتها، مما يدفع الأطراف المتنازعة للدخول في مفاوضات جادة لإنهاء الحرب.

كما يتوقع أن يمارس ترامب الضغط على الدول التي لها مصالح في الأزمة السودانية لتشجيع الطرفين على وضع مصلحة الوطن فوق أي اعتبارات أخرى. ولكن محمد عبد الرحمن الناير لا يعتقد أن الأزمة السودانية ستكون ذات أهمية كبيرة بالنسبة للإدارة الأمريكية في الوقت الراهن، وإنما “فقط ملف البحر الأحمر والوجود الإيراني والروسي هو ما يمكن أن يثير قلق أمريكا، ويدفعها نحو منع روسيا وإيران من الحصول على أي وجود عسكري أو قواعد عسكرية على سواحل البحر الأحمر”. في هذه الحالة فقط، “يمكن لأمريكا أن تتدخل لإجبار أطراف النزاع على إنهاء الحرب من خلال التفاوض والحوار، سواء كان ذلك من خلال منبر جدة أو غيره”، وفقًا للناير. يعتقد الخبير الاستراتيجي رشيد محمد إبراهيم، في حديثه مع DW، أن عودة ترامب إلى البيت الأبيض سيكون لها تأثير، “لكن ليس تأثيراً كبيراً، لأن الولايات المتحدة تتبنى استراتيجية تعاملت من خلالها مع السودان كنظام وليس كدولة، مما يجعل البعد الاستراتيجي غير واضح تماماً”. ويضيف إبراهيم إلى حديثه مشيرًا إلى ما صرح به ترامب بنفسه بأنه “يميل إلى إنهاء النزاعات والصراعات، وأن استراتيجيته في أفريقيا تعتمد على عدم إشعال مزيد من الصراعات”.

يوضح أستاذ العلوم السياسية أن أولويات الأمن القومي الأمريكي قد تغيرت بعد الحرب الروسية الأوكرانية، وأن السلام أصبح مهددًا في أوروبا وربما أيضًا في دول حلف شمال الأطلسي. ويضيف: “قد تؤثر هذه المعادلة بشكل ما على الموقف تجاه السودان”. يذكر إبراهيم أن العديد من التفاهمات الأمريكية المتعلقة بالسودان تمت بفضل الجمهوريين، على عكس الديمقراطيين. فعلى سبيل المثال، تم رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب خلال فترة حكم الجمهوريين. “الجمهوريون لديهم فهم أكبر للأزمة السودانية وطريقة التعامل معها. وبالتالي، من المؤكد أن تأثير ترامب على الأزمة السودانية سيكون من حيث السياسات وليس من حيث الاستراتيجيات”، كما أضاف.

المصدر: DWعربية

عن مصدر الخبر

السودان نيوز

السودان نيوز – وجهتكم الموثوقة للحصول على أحدث وأهم الأخبار السودانية خدمة إخبارية متميزة نقدمها من موقع أخبار السودان، حيث نسعى لتغطية الأحداث المحلية التي تهم المواطن السوداني. السودان نيوز تهدف توفير المعلومات الدقيقة والشاملة، تقديم محتوى إعلامي يعكس صوت الشعب السوداني.