السودان الان السودان عاجل

حوار ساخن مع المبعوث الامميي للسودان :يجب الضغط على من يغذي الأوهام العسكرية في السودان

الدبلوماسي الجزائري رمطان لعمامرة
مصدر الخبر / وكالات

أعرب المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى السودان، رمطان لعمامرة، عن أمله في أن يشهد عام 2025 تحقيق السلام للشعب السوداني. وأكد أن غياب الحلول السلمية للنزاع القائم قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة ليس فقط على السودان، بل على المنطقة بأسرها. وفي حديثه مع أخبار الأمم المتحدة، أشار لعمامرة إلى ضرورة تكاتف الجهود من قبل جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الفاعلين الدوليين والإقليميين، للضغط على الأطراف المتنازعة ومؤيديها من أجل إتاحة فرصة حقيقية للسلام.

شدد لعمامرة على أهمية توجيه الضغط نحو الجهات الخارجية التي تزود الأطراف المتحاربة بالأسلحة والمعدات، حيث أن ذلك يعزز من الأوهام العسكرية ويؤدي إلى سوء التقدير، مما يعيق إمكانية الوصول إلى حلول سلمية. وأوضح أن هذه الحلول يجب أن تحافظ على وحدة البلاد وسلامة أراضيها، بالإضافة إلى ضمان رفاهية الشعب السوداني. وأكد أن الوقت قد حان لتجاوز الأزمات الحالية من خلال العمل الجماعي والتعاون الدولي.

وأكد المسؤول الأممي التزام الأمم المتحدة القوي بتقديم الدعم اللازم للشعب السوداني، بهدف إنهاء معاناته وتحقيق الاستقرار والأمن. كما أشار إلى أهمية تعزيز الحكم الديمقراطي والتنمية المستدامة في البلاد، مشددًا على أن هذه الأهداف لا يمكن تحقيقها إلا من خلال جهود مشتركة وتعاون فعّال بين جميع الأطراف المعنية.

أخبار الأمم المتحدة قمت بزيارة السودان والمنطقة في الأيام القليلة الماضية، وقد اجتمعت مع الأطراف المعنية. ما هي الإنجازات التي تمكنت من تحقيقها خلال هذه الاجتماعات؟

رمطان لعمامرة:قمت بزيارة بورتسودان حيث سنحت لي الفرصة للقاء الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان والقائد العام للقوات المسلحة. وقد ناقشنا بشكل عميق الوضع الراهن للحرب وتبادلنا الأفكار حول كيفية تحقيق السلام في المستقبل. علاوة على ذلك، قمت بعقد عدة اجتماعات مع كبار المسؤولين السودانيين في بورتسودان حيث ناقشت معهم آفاق جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة. كما التقيت في أديس أبابا (إثيوبيا) بوفد مفوض من قيادة قوات الدعم السريع لبحث جهود الوساطة الحالية. بصفة عامة، شعرت بالأمل إزاء الدعم الذي تم تقديمه لمهمتي والتزام المسؤولين السودانيين بالاستمرار في التعاون مع الأمم المتحدة والمشاركة في جهود الأمين العام لتحقيق السلام في السودان. لقد أكدتُ على الإرادة القوية للأمم المتحدة التي تسعى جاهدة لتقديم الدعم للشعب السوداني في إنهاء معاناته وتحقيق الاستقرار، والأمن، والحوكمة الديمقراطية، والتنمية. ومع ذلك، لا أستطيع الإشارة إلى أي إنجاز محدد تم تحقيقه في هذه المرحلة. سنستمر في العمل بجد لتحقيق بيئة ملائمة تتيح نوعاً من التفاعلات التي يمكن أن تقرب الأطراف نحو حل سلمي للنزاع القائم. خيارنا الوحيد هو الاستمرار في جهودنا.

أخبار الأمم المتحدة هل قابلت منظمات المجتمع المدني ومجموعات المرأة، وماذا تم تبادله بينهم وبينك خلال هذه الاجتماعات؟

رمطان لعمامرة:بالطبع، لقد شاركت في العديد من الفعاليات مع فاعلين من المجتمع المدني في السودان. ومن المهم إجراء حوار مع مجموعة متنوعة من الجماعات السياسية والمدنية السودانية، بما فيها النساء والشباب والأصوات المهمشة. هؤلاء هم أبناء السودان الذين لا يزالون يتحملون الأعباء الثقيلة الناتجة عن هذه الحرب المؤلمة. أطلق مكتبي في الشهر الماضي سلسلة من المشاورات من خلال اجتماعات افتراضية مع مجموعة متنوعة من المدنيين السودانيين من مختلف أنحاء البلاد، مع التركيز على سبل تفعيل توصيات الأمين العام التي أقرها مجلس الأمن بشأن حماية المدنيين، وأيضًا كيفية المضي قدمًا في تنفيذ إعلان جدة. وقد تم عقد جلسات خاصة مع الشباب والنساء بالفعل، وستستمر هذه المشاورات في الأسابيع المقبلة. ستكون نتائج هذه المشاورات وآراء المدنيين الأكثر تضررًا من الأوضاع في السودان أداة هامة في التفاعل مع جميع الأطراف المعنية على مدار الأسابيع والأشهر القادمة. إن إنهاء المعاناة الشديدة التي يعيشها المدنيون في السودان يبقى أمرًا في غاية الأهمية، بينما نسعى في الوقت نفسه إلى إنهاء النزاع وإطلاق عملية سياسية حقيقية تشمل الجميع دون استبعاد.

أخبار الأمم المتحدة:الصراع في السودان مستمر منذ عشرين شهراً، ولا توجد بوادر لانتهاء النزاع في الأفق حتى الآن، رغم الجهود المتواصلة من الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية. فما الذي يتطلب تغييره لتحقيق تقدم حقيقي نحو وقف إطلاق النار؟

رمطان لعمامرة: لقد استمرت هذه الحرب لفترة طويلة للغاية، وحان الوقت لإنهاء هذا الصراع وتخفيف معاناة الشعب السوداني. يجب على جميع الأطراف أن تضع مصلحة الشعب السوداني فوق كل اعتبار، وأن تعي أن الحلول العسكرية لن تجلب السلام في هذه الحرب. هذا هو الدرس الذي استخلصناه من التاريخ في السودان وفي أماكن أخرى. تتطلب الحالة الراهنة ضرورة تحقيق وقف إطلاق نار ينهي الاقتتال ويُسهم في التوصل إلى اتفاق تفاوضي وعملية سياسية ذات مصداقية يقودها السودانيون دون استبعاد أحد، مما يحافظ على وحدة البلاد. وإلا، فإن العواقب الناتجة عن هذه الحرب الممتدة ستكون وخيمة على السودان وعلى المنطقة بشكل عام. إنني أعبّر عن أمنيتي الصادقة في تجنب هذا الخطر. وآمل أن يحمل عام 2025 السلام لشعب السودان والمنطقة.

أخبار الأمم المتحدة:هل يمكنك تزويدنا بمزيد من المعلومات حول تفاعلك مع المنظمات الإقليمية والدول ذات التأثير في جهود إنهاء الصراع في السودان؟

رمطان لعمامرة:إن التنسيق مع كافة الجهات المعنية بهدف إنهاء الأزمة في السودان يعد أمراً ضرورياً. وقد كان جزء من دوري خلال الأشهر الماضية، بما يتماشى مع ولايتي كما نص عليه قرار مجلس الأمن رقم 2724 (2024)، هو استخدام “المساعي الحميدة مع الأطراف والدول المجاورة، لتعزيز وتنسيق جهود السلام الإقليمية”. وللمساهمة في تحقيق هذا الهدف، قمنا بتشكيل “مجموعة استشارية” لتعزيز تنسيق مبادرات السلام والجهود المبذولة من أجل السودان.

وقد قامت موريتانيا مؤخراً باستضافة الاجتماع الثالث لهذه المجموعة بصفتها رئيسة للدورة الحالية للاتحاد الأفريقي. وشارك في الاجتماع ممثلون رفيعو المستوى من المنظمات متعددة الأطراف والدول الداعمة لمبادرات السلام المتعلقة بالسودان. أرى أن التعاون بين الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية وجهود صناع السلام الآخرين ضروري للغاية، لدينا جميعاً مسؤولية مشتركة لبذل كل ما في وسعنا لإنهاء تلك المعاناة المروعة في السودان. بالإضافة إلى ذلك، أستمر في التواصل مع الجهات الفاعلة الرئيسية على المستويين الإقليمي والدولي من خلال اجتماعات ثنائية. خلال الأشهر الماضية، أجريت اجتماعات رفيعة المستوى مهمة في أوغندا وإريتريا ومصر، كما عقدت مؤخراً أيضاً اجتماعات رفيعة المستوى في كل من موريتانيا وإثيوبيا. لإنهاء هذه المواجهات غير المجدية، يُطلب من جميع الأطراف ذات النوايا الحسنة أن تسهم في ذلك. لا أستطيع أن أقبل فكرة أن تمر الذكرى الثانية لاندلاع النزاع في شهر نيسان/أبريل المقبل دون أن يبذل جميع المعنيين، بما في ذلك الجهات الفاعلة العالمية والإقليمية المؤثرة، ضغوطاً جماعية استثنائية على المتحاربين وداعميهم لمنح فرصة حقيقية للسلام. ينبغي أيضًا توجيه هذا الضغط – الذي كان يجب أن يُمارس منذ وقت طويل – نحو الجهات الأجنبية التي تقدم الأسلحة والمعدات، مما يعزز الأوهام العسكرية والخطأ في الحسابات لدى الأطراف، ويهدد الحكمة وأهمية الحل السلمي الذي يضمن وحدة البلاد وسلامة أراضيها، بالإضافة إلى رفاه السودان وشعبه. سأستمر في التعاون مع جميع الأطراف المعنية لضمان تحقيق هدفنا المشترك. يجب علينا جميعًا أن نضع أقصى جهودنا، فالشعب السوداني يستحق أكثر من ذلك.

عن مصدر الخبر

وكالات