قدم محمد إدريس خاطر، رئيس الإدارة المدنية في ولاية شرق دارفور، تصورًا شاملًا حول الوضع الحالي في الولاية في ظل الحرب. وقد تحدث في مقابلة مع راديو دبنقا عن التحديات التي تواجه الولاية والإنجازات التي تم تحقيقها، كما انتقد سياسات المركز التي أدت إلى تفاقم الأزمات في الولايات.
موقع إستراتيجي واستقرار مجتمعي
أكد محمد إدريس خاطر أن ولاية شرق دارفور تمتاز بموقعها الاستراتيجي الذي يربط إقليم دارفور بجنوب السودان، مما يجعلها طريقًا حيويًا بين ولايات دارفور ووسط السودان من خلال كردفان. وأشار إلى أن الولاية قدمت نموذجًا مميزًا في إدارة آثار الحرب منذ اندلاعها، حيث أصبحت ملاذًا آمناً للنازحين الذين يهربون من ولايات دارفور الأخرى، وذلك بفضل جهود المجتمع المحلي.على الرغم من إغلاق المؤسسات الحكومية نتيجة الحرب، تمكن المجتمع المحلي من تفعيل هذه المؤسسات وإعادة تشغيلها، مستندًا إلى ما حدث في بداية الحرب عندما نجحت الولاية في المحافظة على الاستقرار قبل انسحاب الجيش من الضعين. وأشاد رئيس الإدارة المدنية بوعي السكان المحليين الذين تجاوزوا الانقسامات بين الجيش والدعم السريع.
تحديات أمنية واقتصادية
وافق محمد إدريس خاطر في حديثه لراديو دبنقا على وجود تحديات أمنية، مثل النزاعات بين المزارعين والرعاة، بالإضافة إلى بعض حوادث السطو، لكنه أشار إلى أنها تحت السيطرة.على الصعيد الاقتصادي، انتقد رئيس الإدارة المدنية السياسات المركزية التي منعت الولايات من الحصول على البنية التحتية والعوامل الضرورية للصناعة والإنتاج، مما أدى إلى اعتمادها على السلع القادمة من المركز. ومع ذلك، استطاعت الولاية تجاوز هذا التحدي من خلال توسيع تجارتها مع جنوب السودان وليبيا، حيث نجحت في تأمين كميات كبيرة من السلع الأساسية بفضل التفاهمات الشعبية والدبلوماسية مع جنوب السودان. وأشاد خاطر بالدور الهام الذي لعبه زعماء النظام الأهلي في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية مع الدول المجاورة.
التعليم وحرمان الطلاب من الامتحانات
عبّر محمد إدريس خاطر عن أسفه لحرمان طلاب شرق دارفور من اجتياز امتحانات الشهادة السودانية، بسبب اقتصار الامتحانات على المناطق التي تسيطر عليها القوات المسلحة. واعتبر أن هذا القرار له طابع سياسي، حيث حرَم 80% من الطلاب من حقهم في التعليم.ودعا إلى أهمية إيجاد حلول عادلة تتمثل في إنشاء مراكز للامتحانات في جميع المناطق التي يتواجد فيها طلاب، تحت إشراف دولي. وأكد على أن التعليم حق معترف به وفقًا للمواثيق الدولية، مشيرًا إلى تنسيق الولاية مع الأمم المتحدة للضغط من أجل إيجاد حلول تضمن حقوق الطلاب.
قضية استبدال العملة
انتقد رئيس الإدارة المدنية في ولاية شرق دارفور، خلال حديثه لراديو دبنقا، قرار البنك المركزي القاضي باستبدال العملة، واعتبره غير قانوني وغير شرعي، حيث صدر القرار دون أخذ الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها المواطنون بعين الاعتبار. وأوضح أن هذا القرار، الذي اعتبره يخدم مصالح سياسية، أدى إلى خلق صعوبات كبيرة للمواطنين في الوصول إلى مراكز الاستبدال.كما أشار إلى أن العملة الجديدة تعرضت للتزوير، مما زاد من التعقيدات، بينما استمرت مناطق سيطرة الدعم السريع في استخدام العملة القديمة، مع وضع قيود صارمة على المعاملات المالية لمنع تسرب العملات المزورة.
الوضع الإنساني ومعاناة النازحين
وصف محمد إدريس خاطر الوضع الإنساني في الولاية بأنه سيء للغاية، مشيرًا إلى أن ولاية شرق دارفور قد استقبلت أعدادًا كبيرة من النازحين الذين أقاموا في المدارس وفي ثلاثة معسكرات جديدة بمدينة الضعين، وهي: المنارة، لقاوة، ومعسكر آخر في أطراف المدينة.أشار إلى أن المساعدات الإنسانية المقدمة للنازحين تغطي فقط 10% من احتياجاتهم الفعلية، مما تسبب في تضخم كبير ونقص حاد في المواد الأساسية مثل الذرة والدخن.أشار إلى الضغوط الكبيرة التي تواجه الخدمات في المدينة بسبب تضاعف عدد السكان، ودعا المنظمات الإنسانية إلى التدخل السريع لإنقاذ الوضع. وأوضح أن الموسم الزراعي هذا العام لم يكن جيدًا، مما زاد من صعوبات الظروف الاقتصادية والإنسانية.
رسالة للمستقبل
في نهاية حديثه مع راديو دبنقا، أكد محمد إدريس خاطر أن ولاية شرق دارفور تعمل بجد من أجل تحقيق الاستقرار وتوفير الخدمات والسلع الأساسية لسكانها. كما أشار إلى أهمية التعاون مع المجتمع المحلي والمنظمات الدولية لإيجاد حلول جذرية للتحديات الحالية وضمان العدالة الاجتماعية، مع السعي نحو بناء نموذج فعلي للسلم الاجتماعي والاستقرار في ظل الصراع المستمر.