السودان الان السودان عاجل

في خطوة غير متوقعة ..إقالة توت قلواك .. الإطاحة بالتيار الإسلامي في جنوب السودان

مصدر الخبر / موقع التغيير

في خطوة غير متوقعة، أقال الرئيس الجنوب سوداني سلفاكير ميارديت مستشاره الأمني توت قلواك وعين طوي شانج مستشارًا جديدًا للشؤون الأمنية، وذلك ضمن سلسلة من التعديلات التي طالت أبرز القيادات العسكرية والأمنية. تأتي هذه التغييرات في وقت دقيق تمر فيه دولة جنوب السودان بتحديات اقتصادية وأمنية، في ظل الحرب الدائرة في السودان، مما يثير تساؤلات حول تأثيراتها على الوضع الداخلي في البلاد وعملية السلام في المنطقة.

التغيير: نيروبي: أمل محمد الحسن

بعد أن شغل منصبه لأكثر من عشر سنوات، أصدر الرئيس الجنوب سوداني سلفاكير ميارديت قرارًا رئاسيًا يزيح فيه مستشاره الأمني توت قلواك مانيمي من منصبه، ويعينه مستشارًا لجوبا في منطقة الشرق الأوسط. كما أصدر قرارًا آخر بتعيين طوي شانج مستشارًا رئاسيًا جديدًا للشؤون الأمنية.

لم تكن إقالة مانيمي هي الأولى بين القيادات العليا في الحكومة الجنوبية، حيث قام الرئيس كير باتخاذ قرارات أثرت بشكل كبير على الأوضاع الأمنية، مما كان يهدد البلاد بانزلاق نحو حالة من العنف الجديد. فقد أقال رئيس جهاز المخابرات ووضعه قيد الإقامة الجبرية، ثم اندلعت اشتباكات بين قوات حراسته والجيش عندما تقرر نقله من منزله في حي قريب من المطار إلى منزل آخر يقع في حي الجبل.

تعاني دولة جنوب السودان من تدهور اقتصادي كبير منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2013، وقد زادت حدة الأزمات الاقتصادية نتيجة الحرب في السودان، بالإضافة إلى حالة عدم الاستقرار السياسي، حيث تم تأجيل الانتخابات الرئاسية عدة مرات، آخرها في سبتمبر الماضي، رغم أنه كان من المقرر أن تقام في ديسمبر من العام الفائت.

تضمنت قائمة الإقالات الرئاسية قائد الجيش وقائد الشرطة ومحافظ البنك المركزي، في ظل تدهور اقتصادي كبير نتيجة توقف تدفق النفط من جنوب السودان عبر بورتسودان، بسبب الحرب المستمرة في السودان الشمالي منذ 15 أبريل 2023. وقد تم تعيين بول نانق مجوك كقائد جديد للجيش، بينما تم تعيين أبراهام بيتر منيوات قائدًا جديدًا لقوات الشرطة، وجوني أوهيسا داميان محافظًا للبنك المركزي.

تُعتبر إقالة توت قلواك جزءًا من عملية إعادة هيكلة شاملة لقيادة القطاع الأمني في جنوب السودان، وتعكس التغييرات في الأجندة لدى صانعي القرار. وفقًا للكاتب الصحفي بوي جون، فإن تغيير الأجندات يستدعي وجود وجوه جديدة تلعب أدوارًا متنوعة.

قال جون لـ”التغيير” إن تعيين المستشار الأمني قلواك في عام 2013 جاء في وقت شهد فيه الحزب الحاكم توترات داخلية وصراعات بين الأجنحة المتنافسة في الحركة الشعبية، التي أدت إلى اندلاع حرب أهلية في البلاد منذ عام 2013، والتي انتهت فقط في عام 2018 مع توقيع اتفاق السلام في الخرطوم.

أكد الكاتب الصحفي أن هناك ظروفًا جديدة من الاستقطابات في الوقت الحالي هي التي أدت إلى إقالة قلواك من منصبه، مشيرًا إلى أن تعيينه جاء في سياق هذه الاستقطابات أيضًا، وأن إقالته كانت نتيجة للصراعات داخل أروقة الحزب الحاكم.

وافق الصحفي بوي أتيم سايمون على أن إقالة المستشار الأمني للرئيس كير جاءت نتيجة توازنات داخلية في الحكومة. لكنه أكد أن هناك صوتًا مرتفعًا يطالب بإبعاد الجماعات المرتبطة بـ “التيار الإسلامي” من حكومة الجنوب. وأوضح أن هذه المطالب صدرت عن جماعات مؤثرة داخل الحركة الشعبية لتحرير السودان.

وفقًا لمصادر تحدثت إلى “التغيير”، فإن مواقف المستشار الأمني كانت تدعم “كيزان” السودان خلال الحرب الحالية، كما لعب دورًا مهمًا في تشكيل جبهة مدنية موازية لتنسيقية القوى المدنية الديمقراطية، من خلال استضافة اجتماعات للكتلة الديمقراطية في العاصمة الجنوب سودانية جوبا، ثم التنسيق مع القاهرة لعقد اجتماعات مماثلة.

وفقًا لمصادر سياسية متشابهة، أصبح قلواك عائقًا أمام زيارات القوى السياسية المدنية السودانية ولقاءاتها مع الرئيس سلفاكير. إذ ألغى زيارة لقوى الحرية والتغيير بعد فترة قصيرة من اندلاع الحرب في الخرطوم، بحجة مغادرة الرئيس البلاد، بينما التقى بعدها بيوم واحد بقائد الجيش عبد الفتاح البرهان. وفي حادثة أخرى في نوفمبر 2023، قام بتأجيل لقاء للرئيس سلفاكير مع وفد من الحرية والتغيير، الذي تم الترتيب له لاحقًا بوساطة لم يتم الإعلان عنها.

إقالة رئيس المخابرات وقائد الجيش التي حدثت قبل إقالة قلواك كانت السبب في تسريع مغادرته، وفقًا لمصدر مطلع فضل عدم الكشف عن اسمه.

كشف المصدر عن نشاطات لرئيس المخابرات وقائد الجيش المعينين حديثًا، حيث تحركا بعيدًا عن قلواك، وشملت هذه التحركات تولي مهام تاريخية كانت منوطة بهم، مثل العلاقة مع السودان.

أكد المصدر أن الملفات كانت تحت سيطرة قلواك، ولم يكن بإمكان أحد تجاوزه. ولكن بدأت هذه السيطرة تتراجع تدريجياً بعد تفكيك المنظومة التي ينتمي إليها، مما أدى إلى تراجع نفوذه، فلم يعد هو المسيطر على ملف العلاقات الأمنية أو على العلاقة مع السودان.

أشار الصحفي أتيم سايمون إلى توافقه مع المعلومات التي قدمها المصدر لصحيفة “التغيير”، حيث أوضح أن قلواك “لم يعد لديه السيطرة” بعد تراجع التيار الذي كان يعتمد عليه داخل الحكومة، وذلك عقب إقالة رئيس المخابرات أكول كور، ثم اتجه كير للاستعانة بجماعات معارضة لمستشاره الأمني في إدارة شؤون الدولة.

وأضاف سايمون: يمكننا القول إن تغيير الحرس هو الذي أدى إلى الإطاحة بتوت قلواك، الذي كان قد وسع نفوذه داخل الحكومة، مما أحدث حالة من القلق الواضح بسبب علاقاته المتشعبة مع جماعات الحركة الإسلامية في السودان وأجهزة الأمن والمخابرات التي نشأ في ظلها. ومن المعروف أن قلواك مانيمي عمل في جهاز الأمن خلال نظام البشير، وكان له علاقات وثيقة حتى بعد انفصال الجنوب مع رئيس الجهاز السابق “صلاح قوش”، ورغم بساطة تعليمه، إلا أنه كان يتحكم في ملفات أمنية كبيرة.

لعبت دولة القلواك دور الراعي الرسمي لاتفاق جوبا للسلام في السودان بين الحكومة السودانية بعد الثورة والحركات المسلحة التي بدأت في سبتمبر 2023، وانتهى الأمر بتوقيع اتفاق سلام بعد عام تحت رعاية حكومة جنوب السودان.

وفقاً للكاتب الصحفي بوي جون، فإن النقاش حول تأثير إقالة توت على قدرة جوبا في التوسط لتحقيق السلام في السودان يعتبر مبالغاً فيه، حيث أشار إلى أن إقالته حدثت بعد شهور من بدء إعادة هيكلة القطاع الأمني الذي سيطرت عليه شخصيات جديدة تولت المسؤوليات في هذا المجال. “كما أن الزيارات المتكررة لتوت قد تراجعت بشكل ملحوظ.”

أكد الكاتب الصحفي أهمية اهتمام القيادة في بلاده بقضية السلام في السودان، حيث اعتبرها ضرورة استراتيجية لا تتأثر بتغيير الأفراد والمناصب، وذلك لارتباط اقتصاد جوبا بالنفط الذي يتدفق عبر الشمال، والذي أشار إليه جون بأنه المصدر الاقتصادي الرئيسي للجنوب.

وبحسب مصادر سياسية تحدثت إلى “التغيير”، فإن التغيرات في مسألة الوساطة التي تقوم بها جوبا في سلام السودان ستكون إيجابية بعد إقالة توت، الذي كان مرتبطًا بالنظام الإسلامي في السودان، مما أثر على موقفه من النزاع في السودان.

أكدت المصادر أن القيادات الجديدة التي تم تعيينها في رأس المنظومة الأمنية تتبنى موقفاً موحداً تجاه الحرب في السودان، حيث تظل على الحياد وتعمل من أجل تحقيق السلام.

 

عن مصدر الخبر

موقع التغيير

تعليق