بعد مرور أكثر من 20 شهرًا من الصراع المسلح، يعتقد بايتون نوف، الدبلوماسي الأمريكي السابق، أن الحل لأزمة السودان يتطلب تدخلاً إقليميًا ودوليًا لإنهاء الصراع وتحقيق الاستقرار، مع ضرورة استبعاد الأطراف المشاركة في النزاع.
أكد نوف، الذي عمل كنائب للمبعوث الأمريكي السابق لمنطقة القرن الإفريقي، أن الحرب المستمرة في السودان لن تؤدي إلى فوز عسكري لأي طرف من أطراف النزاع. وأشار إلى أن الحل يتطلب توافق دولي وإقليمي لاستعادة الاستقرار وإنهاء المعاناة الإنسانية.
في مقال نُشر في صحيفة الفايننشال تايمز، أوضح نوف أن السودان يواجه حالياً أسوأ أزمة نزوح جماعي في العالم، بتأثر العاصمة الخرطوم ومدن وقرى أخرى بشكل كامل.
وأشار إلى أن الدولة تواجه خطر مجاعة قد تكون الأسوأ التي شهدتها إفريقيا في القرن الأخير، معتبرًا الحالة مشابهة لـ”غزة على ضفاف النيل”.
أشار نوف إلى أن الدول الأكثر تأثيرًا في المنطقة، مثل إسرائيل وقطر والسعودية وتركيا والإمارات، لديها الأدوات الضرورية لحل أزمة السودان، ولديها اختيار بين الاستمرار في استغلال السودان كميدان للصراعات الجيوسياسية أو التعاون مع دول الجوار، مثل مصر وإثيوبيا وجنوب السودان وتشاد، للتوصل إلى اتفاق يعيد السلام.
وصف نوف الصراع في السودان بأنه “حرب ضعف متساوٍ”، حيث لا يمكن للقوات المسلحة السودانية ولا لقوات الدعم السريع تحقيق فوز عسكري أو سياسي. وأوضح أن القوات المسلحة تعتمد على دعم إيران وروسيا ومصر، بينما تواجه قوات الدعم السريع اتهامات عالمية بدعم الإمارات لها وتورطها في ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
حذر الكاتب من أن الجيش السوداني يتحمل المسؤولية الكبرى عن الأزمة الإنسانية بسبب منعه وصول المساعدات، في حين أن فقدان قوات الدعم السريع شرعيتها جاء نتيجة ارتكابها لانتهاكات.
ودعا نوف إلى استبعاد قيادات القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع وحزب المؤتمر الوطني من أي ترتيبات سياسية مستقبلية.
كما أكد على أهمية الحفاظ على وحدة السودان وسلامته الترابية، مع ضرورة استعادة السلطة لحكومة شرعية تُدار من خلال مؤسسات سيادية يقودها خبراء مستقلون.
وشدد نوف على أن الدول الإقليمية الداعمة لأطراف النزاع يمكنها، من خلال مصالحها الذاتية، إنهاء الحرب وتحقيق الاستقرار في السودان إذا ما أدركت خطورة استمرار الصراع على استقرار المنطقة ككل.
بايتون نوف هو دبلوماسي أمريكي ومستشار بارز متخصص في القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية في منطقة القرن الإفريقي والبحر الأحمر. يشغل حاليًا منصب مستشار بارز لبرنامج إفريقيا في معهد السلام الأمريكي ومستشارًا للمعهد الأوروبي للسلام، ويُعرف بخبرته العميقة في إدارة النزاعات وتعزيز السلام في المناطق المتأثرة بالصراعات.
سبق لنوف أن عمل كنائب للمبعوث الخاص لإدارة بايدن إلى القرن الإفريقي، حيث شارك بشكل كبير في حل النزاعات الكبرى مثل أزمة تيغراي في إثيوبيا. كما قاد فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة في جنوب السودان بين عامي 2015 و2017، وقدّم استشارات للعديد من المؤسسات الدولية المتخصصة في إدارة الأزمات.
منذ أكثر من عشرين شهراً، شهد السودان صراعاً مدمراً بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. جرى تدمير الخرطوم ومدن وقرى أخرى، مما جعل السودان يواجه أكبر أزمة نزوح عالمية في الوقت الحالي. تواجه البلاد أسوأ أزمة إنسانية ممكن حدوثها، مع احتمال وقوع مجاعة تكون الأسوأ في إفريقيا خلال القرن الأخير. يُشبه هذا الموقف البعض بـ “غزة على النيل”.