أكد خبراء أن العقوبات الأمريكية المفروضة على قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، ستجعل حلفاءه من جماعة الإخوان المسلمين يسعون للتخلص منه، حتى لا يشكل عبئاً على المؤسسة العسكرية التي يعتمدون عليها لتحقيق مشروعهم السياسي في السودان.
وأشار الخبراء، في تصريحات لموقع “إرم نيوز”، إلى أن جماعة الإخوان، التي تتحكم في قرارات الحرب اليوم، قد تكرر مع البرهان السيناريو الذي اتبعته مع الرئيس السابق عمر البشير؛ حيث أدخلته في العقوبات قبل التخلص منه عبر عناصرها في الجيش.
وجاء ذلك بعد أن أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، يوم الخميس، فرض عقوبات على البرهان كونه أحد المسؤولين عن زعزعة استقرار السودان وتقويض مساعي الانتقال الديمقراطي.
ولفتت الوزارة إلى أن الجيش السوداني، بقيادة البرهان، قد ارتكب هجمات مميتة ضد المدنيين، بما في ذلك الغارات الجوية التي استهدفت البنية التحتية، المدارس، الأسواق، والمستشفيات، مشيرة إلى أن الجيش يتحمل مسؤولية الحرمان المتعمد من وصول المساعدات الإنسانية، مستخدماً التجويع كسلاح.
وأكد مستشار قائد قوات الدعم السريع، أيوب نهار، أن البرهان يسير في مسار متزايد نحو ما فعله المعزول عمر البشير، مضيفاً أن الأخير قد قام بتحدي المجتمع الدولي بصورة أكبر رغم تغير خياراته، خاصة أن السودان بعد الحرب لم يعد كما كان في عهد البشير.
وأوضح نهار لـ”إرم نيوز” أن تأخر فرض العقوبات الأمريكية قد شجع الحركة الإسلامية على ارتكاب مزيد من الجرائم بشكل وحشي، قائلاً: “من المؤكد أن العقوبات جاءت متأخرة للغاية”.
وأشار إلى أن العقوبات على البرهان جاءت متأخرة رغم أن الأبعاد التي استند إليها القرار تشمل استهداف المدنيين، تدمير البنية التحتية، منع وصول المساعدات الإنسانية، ورفض السلام.
وأضاف مستشار قائد قوات الدعم السريع أن “هذه الجرائم بدأت منذ اندلاع الحرب وما زالت تتزايد بشكل مستمر، لكن فظاعة جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبها الجيش في مدينتي مدني وكنابي الجزيرة، والتي تم توثيقها على نطاق واسع، جعلت الإدارة الأمريكية أمام مسؤولية أخلاقية تحتم عليها التحرك السريع؛ مما دفعها إلى فرض هذه العقوبات”.
كبش فداء
توقع المحلل السياسي داؤود خاطر أن تؤثر العقوبات الأمريكية المفروضة على البرهان في تحالفه مع الحركة الإسلامية الموالية للإخوان المسلمين. وذكر خاطر لـ”إرم نيوز” أن هذه العقوبات، رغم كونها مخففة، تمثل إدانة معنوية وأخلاقية وقانونية للجيش وللحركة الإسلامية التي تستتر وراءه، مشيراً إلى أن العقوبات تؤكد ارتكاب الجيش لجرائم حرب، بما في ذلك القصف الجوي على المدنيين وتجويع السودانيين عبر استخدام الغذاء كسلاح.
وأضاف أن “هذه العقوبات سيكون لها تأثير كبير على تحالف البرهان مع جماعة الإخوان المسلمين؛ حيث ستبدأ الجماعة بشكل تلقائي في التنصل منه وتقديمه كبش فداء، من أجل حماية المؤسسة العسكرية من المزيد من العقوبات”.
وأوضح خاطر أن الإخوان يعتمدون على الجيش السوداني في تنفيذ مشروعهم السياسي، مما يدفعهم لتكرار ما فعلوه مع عمر البشير. وأشار إلى أنه عندما تضاعفت العقوبات الدولية على عمر البشير، تخلت جماعة الإخوان عنه وقدّمته كبش فداء من خلال أذرعها داخل الجيش، الذي أعلن بشكل ظاهري دعمه للمحتجين في محاولة لإعادة تشكيل نظامهم بشكل جديد.
وقال: “الآن، سيقوم الإخوان بفعل الشيء نفسه مع البرهان، حيث سيتخلصون منه ويقدمون شخصية جديدة من داخل المؤسسة العسكرية”.
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد ذكرت في بيان لها أن “البرهان، منذ انقلابه على الحكومة الانتقالية التي كانت تحت قيادة مدنية في أكتوبر 2021، قد عارض العودة إلى الحكم المدني في السودان، كما رفض المشاركة في المحادثات الدولية للسلام لإنهاء القتال، واختار الحرب بدل المفاوضات”.
وقالت الوزارة إن البرهان قام بالقصف العشوائي للبنية التحتية المدنية، وشنّ هجمات على المدارس والأسواق والمستشفيات، كما نفذ إعدامات خارج نطاق القضاء.
دمار السودان
من جانبه، أكد المحلل السياسي صلاح حسن جمعة أن قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، سيجد نفسه محاطاً بعزلة دولية بعد هذه العقوبات، مما يقطع الطريق أمام حلمه في حكم السودان. وأوضح جمعة لـ”إرم نيوز” أنه بعد هذه الانتهاكات والعقوبات الأمريكية المفروضة عليه، تبخرت أحلامه، وسيظل ملاحقاً بالعزلة إذا أصر على حكم السودان.
وأشار إلى أن أفعال البرهان خلال هذه الحرب هي التي جلبت له العقوبات، موضحاً أنه تسبب في دمار السودان برفضه السلام واستمراره في الحرب، كما أن استخدامه للعنف ضد السودانيين سيؤدي إلى المزيد من العقوبات والملاحقات الجنائية.
ونوّه جمعة إلى أن العقوبات الأمريكية فرضت على البرهان بوصفه قائد الجيش وليس رئيساً لمجلس السيادة، مما يعني أنه غير معترف به في قيادة السلطة السودانية.
مصير مجهول
من جهته، قال المفكر السوداني النور حمد إن البرهان “وقع في شر أعماله”. وأضاف عبر حسابه في “فيسبوك” أن “البرهان اعتقد أنه سيستخدم الإسلاميين لتثبيت حكمه، لكنهم يعرفون نواياه، فأحاطوا به وأخافوه بالمسيرات مجهولة المصدر”.
وتابع: “البرهان أصبح أسيراً لدى مجموعة الإسلاميين، يتخبط في قراراته، حتى أصبح اليوم مهدداً بالعقوبات، وغداً سيصبح طريداً بلا سلطة، مثل سلفه عمر البشير”.