يواجه المتطوعون في مراكز الإيواء بمدينة الدمازين تحديات كبيرة نتيجة الظروف الصعبة التي يعملون فيها، حيث تتعرض جهودهم لمضايقات أمنية واعتقالات متكررة. بالإضافة إلى ذلك، يعاني هؤلاء المتطوعون من نقص حاد في الدعم المقدم من “مفوضية العون الإنساني”، مما أدى إلى توقف الخدمات الطبية ونقص الأدوية الضرورية. هذه الظروف تجعل من الصعب على المشرفين والمتطوعين تقديم الرعاية اللازمة للنازحين، حيث يتعرضون لضغوطات كبيرة نتيجة تقاعس الدعم الخارجي واستيلاء بعض الأفراد أو الجهات الحكومية على المساعدات.
في سياق متصل، تلقت مراكز الإيواء في حي الزهور بالدمازين دعماً من الوكالة الأمريكية للتنمية، إلا أن هذا الدعم لم يصل بشكل كامل إلى المشرفين الذين يديرون مشاريع المركز. هذا الأمر يثير القلق حول فعالية المساعدات الدولية ومدى وصولها إلى المستفيدين الفعليين، حيث يبدو أن هناك فجوة كبيرة بين الدعم المقدم والواقع الذي يعيشه المتطوعون والمشرفون في الميدان.
وأشار أحد المشرفين، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، إلى أن الوضع السياسي في المنطقة له تأثير سلبي على مراكز الإيواء. حيث أكد أن بعض مدراء الوحدات الإدارية التابعة للحركة الشعبية يقومون بالاستيلاء على المساعدات المخصصة للنازحين. وذكر أن أحد هؤلاء المدراء قام بتخزين المساعدات في منزله، مما يتيح له توزيعها بشكل انتقائي لأغراض سياسية، مما يزيد من معاناة المستفيدين ويعكس الفساد المستشري في إدارة المساعدات الإنسانية.
وتابع قائلاً: هناك مساعدات مخصصة لمراكز الإيواء، ولكن حاكم إقليم النيل الأزرق، ممثل الحكومة، يمنع وصولها للنازحين.
وفقاً لمشرف آخر، فإن هناك خلافات وصراعات في العمل بين مشرفي مراكز الإيواء وموظفي مفوضية العمل الإنساني.
وأشار المشرف لـ”التغيير” إلى أنهم لا يجدون قبولاً من موظفي المفوضية أو من منسوبي الرعاية الاجتماعية.
كما أضاف: إن الباحث الاجتماعي لا يقوم بدوره بشكل صحيح، بل يعمل كمراقب لرصد المساعدات الإنسانية التي تصل إلى المراكز.
وأوضح أن من التحديات التي تواجه المتطوعين في مراكز الإيواء أن هناك دعماً نقدياً من مانحين عبر دولة يوغندا لا يصل إليهم، حيث أن بعض المتطوعين من الدمازين متواجدون في كمبالا، ويقومون بتحويل الدعم لمعارفهم في الدمازين، وللأسف ليس لهؤلاء أي تواجد في مراكز الإيواء.
وكشف أن الدعم المقدم للأسر خصم منه المفوضية نسبة 10% بحجة أنها مخصصة لسداد مرتبات موظفيها.
وفقًا لمصادر التغيير في مراكز الإيواء، تُحول أموال إلى الدور، إلا أن بعض الأفراد يستولون عليها، ولا تصل غالبًا للنازحين، أو تصل بشكل ناقص.
وكانت الأجهزة الأمنية في ولاية النيل الأزرق قد أغلقت جميع غرف الطوارئ ومنعتها من العمل، واشترطت على المتطوعين عدم التواصل مع الجهات الخارجية والمانحين لجذب الدعم الإنساني.
وكشف مصدر من أحد مراكز الإيواء عن أن السلطات حذرتهم من التعامل مع تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) لأي سبب كان.
ويتعرض الشباب المتطوعون للاعتقال حال تواصلهم مع جهات خارجية، ويمتنع الكثير من المتطوعين عن الظهور علنًا في ظل الظروف الأمنية الصعبة، ويفضلون العمل خلف الكواليس بسبب المضايقات الأمنية والاعتقالات.
ومنذ سقوط مدينة ود مدني في ديسمبر الماضي، تزايد تدفق النازحين إلى ولاية النيل الأزرق، مما دفع المتطوعين في مراكز الإيواء والمطابخ الخيرية إلى بذل جهود لاستقبال النازحين وفتح المزيد من المدارس وتجهيزها، معتمدين على جمع التبرعات من المجتمع.
وتسبب الوضع الأمني والمضايقات في تراجع مشاركة الشباب وتركهم للعمل الطوعي، مما أدى إلى تقليص عدد المبادرات والجمعيات الخيرية.
ومع هجوم الدعم السريع على المنطقة الغربية من ولاية النيل الأزرق، تزايد عدد النازحين في مراكز إيواء الدمازين.
وتعاني المراكز من أوضاع صحية خطيرة بعد توقف المجلس النرويجي للاجئين عن تقديم الأدوية منذ شهرين.
ويجبر النازحون المرضى على الذهاب إلى المستشفى للعلاج أو الموت في مركز الإيواء لعدم توفر المال الكافي للكشف والعلاج.
وقد أظهر التعداد الكامل للنازحين في الدمازين نزوح حوالي 9756 شخصًا تقريبًا إلى المنطقة.
ويعيش في مراكز إيواء الدمازين 3567 نازحًا، من بينهم 2905 من النساء والأطفال، في حين بلغ عدد كبار السن 503، وقدرت أعداد الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة بـ 407 أشخاص.